الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            مني السلس .

                                                                                                                            ص ( وفي اعتبار الملازمة في وقت الصلاة أو مطلقا تردد )

                                                                                                                            ش : قال في التوضيح : قال ابن عبد السلام : معنى الملازمة هنا والله تعالى أعلم أن يأتيه مقدار ثلثي ساعة مثلا وينقطع عنه مقدار ثلثها ثم يأتي ثلثي ساعة وكذلك يعم سائر نهاره وليله وكان بعض من لقيناه يقول : إنما تعتبر الملازمة ومفارقته في أوقات الصلاة خاصة ; لأنه الزمن الذي يخاطب فيه بالوضوء وهذا وإن كان [ ص: 293 ] مناسبا لكنه من الفرض النادر وأيضا فإذا كان الأمر على ما قال فلا يخلو وقت من أوقات الصلاة من بول سواء لازم أكثر ذلك الوقت أو نصفه أو أقله فلا بد من وجوب النقض فتستوي مشقة الأقل والأكثر فيلزم استواء الحكم ، انتهى . قال ابن هارون : وهذا هو الظاهر ; لأن غير وقت الصلاة لا عبرة بمفارقته وملازمته إذ ليس هو مخاطبا حينئذ بالصلاة ، وهذا الذي كان يميل إليه شيخنا وكان يقول ما معناه : إنه لا تؤخذ مسألة على عمومها بل ينبغي أن تقيد بما إذا كان إتيان ذلك عليه مختلفا في الوقت فيقدر في ذهنه أيهما أكثر فيعمل عليه وأما إذا كان وقت إتيانه منضبطا يعمل عليه إن كان أول الوقت أخرها وإن كان آخر الوقت قدمها ، وهو كلام حسن فتأمله . وما رد به ابن عبد السلام من أنه فرض نادر ليس بظاهر إذ هذه المسائل كلها من الفروض النادرة ، انتهى كلام التوضيح .

                                                                                                                            واقتصر ابن فرحون على كلام الشيخ عبد الله المنوفي فقال : والملازمة والمفارقة إنما تعتبر في أوقات الصلاة خاصة فيقدر بذهنه أيهما أكثر فيعمل عليه إلى آخر ما تقدم . وقال ابن عرفة : وفي كون المعتبر فيه اللزوم وقت الصلاة أو الأيام قولا شيخي شيوخنا ابن جماعة والبوذري والأظهر عدد صلواته وفسر ابن عبد السلام الأكثر بإتيان البول ثلثي ساعة ليلا ونهارا وتعقبه الأول بأنه فرض نادر بناء على فهمه منه قصر وجود البول على أوقات الصلاة ، وهو وهم إنما مراد ابن جماعة قصر المعتبر منه على أوقات الصلاة وقوله أيضا : إن كان الأمر على ما قال لم يخل وقت صلاة من بول قل أو كثر فلا بد من ناقض فيستوي مشقة الأقل والأكثر ، يرد بأنه مشترك الإلزام لما اختار ، انتهى . وقال ابن ناجي في شرح المدونة واختلف التونسيون هل تعتبر الكثرة بأوقات الصلاة أم لا ؟ فقيل بذلك قاله ابن جماعة وقيل بالأيام قاله الشيخ البوذري ثم ذكر كلام ابن عرفة ورد ابن عرفة عليه ورد الشيخ خليل ، نقل ابن غازي كلام ابن عرفة بلفظ وفي كون المعتبر فيه اللزوم وقت الصلاة أو اليوم قولا شيخي شيوخنا إلى آخره ، والذي تحصل من هذا الكلام أربعة أقوال الأول قول ابن جماعة المعتبر ملازمته في وقت الصلاة فإذا كان يأتي في غالب وقت الصلاة سقط الوضوء ، وهذا الذي اختاره ابن هارون والشيخ المنوفي وابن فرحون الثاني تعتبر الكثرة بالأيام وهذا القول هو الثاني في كلام ابن عرفة الثالث اختيار ابن عبد السلام الرابع اختيار ابن عرفة .

                                                                                                                            ( تنبيه ) قال ابن جماعة في فرض العين : وأما السلس والاستحاضة فإن كان في أكثر النهار استحب له الوضوء انتهى فانظر هذا مع ما حكاه ابن عرفة ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية