الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( فالقود عينا )

                                                                                                                            ش : يعني إذا وقعت الجناية بالشروط المذكورة على النفس أو المال فالواجب في ذلك عند ابن القاسم إنما هو القود أي القصاص وليس لورثة المقتول أن يعفوا على الدية وكذلك ليس للمجني عليه في الجراح أن يعفو على الدية . وهو مذهب ابن القاسم خلافا لأشهب فإنه قال الواجب التخيير بين القصاص وبين الدية وهو اختيار جماعة من المتأخرين لما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال { من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يؤدي الدية وإما أن يقاد } وعلى قول أشهب بتخيير الأولياء بين القصاص وبين الدية فإن طلب الأولياء منه الدية فإنه يجبر على ذلك إن كان مليا قال ابن يونس قال مالك وقاتل العمد يطلب منه الأولياء الدية فيأبى إلا أن يقتلوه فليس لهم إلا القتل قال الله تعالى { كتب عليكم القصاص في القتلى } وقال أشهب ليس له أن يأبى ويجبر على ذلك إن كان مليا لأنه في قتل نفسه ليترك ماله لغيره مضار وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل للأولياء إن أحبوا أن يقتلوا فليقتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية وقاله ابن المسيب انتهى . قال في التوضيح قال جماعة والخلاف إنما هو في النفس وأما جراح العمد فيوافق أشهب المشهور ونقل عن ابن عبد الحكم التخيير في جراح العمد كالنفس وفرق الباجي بين الجرح والنفس على رواية أشهب بأن الجارح يريد استيفاء المال لنفسه والقاتل إنما يترك المال لغيره فهو مضار بامتناعه من الدية انتهى . وقد يكون بعض الناس وارثه أعز عنده من نفسه والله أعلم انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية