الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( السادس عشر ) قال في المدونة : ومن دخل مسجدا قد صلى أهله فليبتدئ الإقامة لنفسه انتهى . ونقلها سند بلفظ ، قال مالك : لا تجزئه إقامتهم ، قال وقوله : " لا تجزئه إقامتهم " يقتضي أنها متأكدة في حقه ، وقال في المبسوط : يقيم لنفسه أحب إلي من أن يصلي بغير إقامة فجعله مستحبا ، وهو موافق لما قاله في الواضحة في الفذ فإن أقام فحسن ، ووجه الأول أن الإقامة شرعت أهبة للصلاة المكتوبة حتى شرعت في الفوائت فوجب ملازمتها لها ووجه الثاني أن الإقامة في حكم الدعاء للصلاة ، وهو إنما يكون دعاء للغير واعتبارا بالأذان انتهى .

                                                                                                                            ونحوه لابن ناجي ، وقال المازري في شرح التلقين : اختلف [ ص: 468 ] الناس في إقامة المنفرد ، ومذهب مالك أنه يخاطب بها ، وفي المبسوط : أن الإقامة للمنفرد إنما هي لجواز من يؤتم به ، وهذه إشارة لمذهب المخالف أن المنفرد لا يفتقر إليها لمعنى يختص به انتهى . وقال ابن عرفة : وفيها من دخل مسجدا صلى أهله لم تجزه إقامتهم ، ولمالك في المبسوط : يقيم أحب إلي . اللخمي استحبه ولم يره سنة ولابن مسلمة إنما الإقامة لمن يؤم يقيم لنفسه ولمن يأتي بعده فمن دخل بعده كان أقام له .

                                                                                                                            المازري هذا إشارة لقول المخالف أن المنفرد : لا يفتقر لها لمعنى يختص به انتهى . والله أعلم . وقال في النوادر : ومن دخل بتكبيرة في آخر جلوس الإمام فلا يقيم فإن لم يكبر أقام انتهى . وقال في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب من كتاب الصلاة فيمن أدرك الإمام ساجدا في الأخيرة من الجمعة : " يقيم لنفسه ولا يجزئه إقامة الناس " ، قالابن رشد ومعنى المسألة أنه لم يحرم مع الإمام ولو أحرم معه لبقي على إحرامه ، وأجزأته إقامة الناس ولم يصح له أن يقيم إلا أن يقطع الصلاة ، ثم يستأنفها ولو فعل ذلك لأخطأ إذ لا اختلاف أنه يصح له أن يبني على إحرام الإمام بخلاف الذي يجد الإمام ساجدا في الركعة الثانية ، فيحرم معه ، وهو يظن أنه في الركعة الأولى ، وقد مضى القول عليها في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) ذكر فيه عن مالك في كتاب ابن المواز أنه يبني على إحرامه أربعا ، واستحب أن يجدد إحراما آخر بعد سلام الإمام ، قال : ويأتي على قول أشهب ورواية ابن وهب فيمن رعف يوم الجمعة قبل عقد ركعة أنه لا يبني على إحرامه في هذه المسألة انتهى . وستأتي هذه المسألة في فصل الجمعة إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية