الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فصل شرط الصلاة طهارة حدث وخبث )

                                                                                                                            هذا الفصل يذكر في شروط الصلاة وهي على ثلاثة أقسام شرط في الوجوب والصحة وشرط في الوجوب فقط وشرط في الصحة فقط فأما شروط الوجوب والصحة فستة .

                                                                                                                            ( الأول ) بلوغ دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } ( الثاني ) دخول وقت الصلاة على ما قال بعضهم وجعل القرافي في دخول الوقت سببا للوجوب .

                                                                                                                            وسواء جعلناه سببا أو شرطا فلا تجب الصلاة قبل الوقت إجماعا ولا تصح أيضا إلا على ما سيأتي في باب الجمع ( الثالث ) العقل فلا تجب على مجنون ولا مغمى عليه . إلا إن أفاق في بقية من الوقت وإن خرج الوقت قبل إفاقتهما فلا قضاء عليهما بخلاف السكران فعليه القضاء لأنه عاص بإدخاله ذلك على عقله ولا تصح صلاة المجنون ولا السكران . إن كان عقله غائبا وفي صحة صلاته إذا كان في عقله ولكن الخمر في جوفه خلاف تقدم في أول فصل إزالة النجاسة وظاهر المدونة عدم الصحة ( الرابع ) ارتفاع دم الحيض والنفاس ولا تجب الصلاة على حائض ولا على نفساء ولا تصح منهما ولا يقضيان إلا ما طرأ في وقته كما تقدم في الأوقات ( الخامس ) وجود الماء المطلق أو الصعيد عند عدمه أو عدم القدرة على استعماله .

                                                                                                                            فمن عدمهما سقطت عنه الصلاة وقضاؤها على المشهور من الأقوال الأربعة وقد تقدمت في باب التيمم ( السادس ) عدم السهو والنوم فلا تجب الصلاة في حال الغفلة والنوم . لكن يجب القضاء عليهما عند زوال ذلك ( وأما ) شروط الوجوب دون الصحة فاثنان ( الأول ) البلوغ فلا تجب على من لم يبلغ لكن تصح منه الصلاة ويؤمر بها بالسبع ويضرب عليها العشر كما تقدم . وإن صلى الصبي ثم بلغ والوقت باق لزمه إعادة الصلاة لأن الأولى نافلة ولا يقضي ما خرج وقته في حال صباه . [ ص: 470 ] سواء صلاه أو لم يصله ( الثاني ) عدم الإكراه فلا تجب على من أكره على تركها لكن تصح منه إن فعلها وإن لم يصلها وجب عليه قضاؤها عند زوال الإكراه ( وأما ) شروط الصحة دون الوجوب فخمسة ( الأول ) الإسلام بناء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وهو المشهور فتجب الصلاة على الكافر ولا تصح منه بالإجماع لفقد الإسلام .

                                                                                                                            وقيل إنه شرط في الوجوب والصحة وإذا أسلم الكافر والمرتد لم يجب عليهما قضاء ما خرج وقته من الصلوات في حال الكفر ويجب عليهما أن يصليا ما أسلما في وقته ( الثاني ) طهارة الحدث الأكبر والأصغر ابتداء أي قبل الدخول في الصلاة ودواما أي بعد الدخول فيها فلا تصح صلاة المحدث قبل الدخول في الصلاة ولو دخل ناسيا ولا صلاة على من طرأ عليه الحدث في أثنائها ناسيا أو عامدا أو غلبة ويجب عليه قضاء الصلاة أبدا متى علم أنه صلاها وهو محدث أو أنه طرأ عليه فيها حدث أو أنه ترك عضوا من أعضاء وضوئه أو غسله أو لمعة من ذلك ولو علم بعد سنين كثيرة وهذا هو الذي أشار إليه المصنف بقوله شرط الصلاة طهارة حدث ونكر المصنف صلاة ليفيد أنه شرط في جميع الصلوات فريضة كانت أو نافلة فائتة أو وقتية ذات ركوع أو سجود أو صلاة جنازة أو سجود تلاوة ناسيا كان أو ذاكرا ونكر الطهارة ليشمل الطهارة بالماء أو بما هو بدل منه كالتيمم والمسح على الخفين والجبيرة ونكر الحدث ليعم الأصغر والأكبر وتقدم أول الطهارة أن الحدث له أربع معان الخارج المعتاد والخروج والوصف الذي يقدر قيامه بالأعضاء والمنع المترتب عليه والمراد هنا أحد المعنيين الأخيرين لأنهما متلازمان كما تقدم بيان ذلك في قول المصنف باب يرفع الحدث .

                                                                                                                            ( الثالث ) طهارة الخبث وهو النجس من البدن والثوب والمكان ابتداء ودواما لكن مع الذكر للنجاسة والقدرة على إزالتها كما تقدم ذلك في فصل إزالة النجاسة فأطلق المصنف هنا في وجوب طهارة الخبث اعتمادا على ما قدمه في كتاب الطهارة فما حكاه البساطي من الاعتراض بأنه مناف لما قاله هنا غير ظاهر فتأمله ، وإضافة الطهارة إلى الحدث والخبث من باب إضافة المسبب إلى السبب أو من إضافة المزيل إلى المزال والله أعلم .

                                                                                                                            ( الرابع ) ستر العورة ( الخامس ) استقبال القبلة وسيتكلم المصنف عليهما وعد ابن الحاجب في ذلك ترك الكلام وترك الأفعال الكثيرة قال في التوضيح ولا ينبغي عدهما في الشروط لأن ما طلب تركه إنما يعد في الموانع لكن المصنف يعني ابن الحاجب تابع لأهل المذهب ; لأن جماعة منهم عدوهما من الفرائض ثم قال : فإن قيل في هذا الاعتراض نظر ; لأن عدم المانع شرط إذ الحكم لا يوجد إلا إذا عدم المانع ، قيل الفرق بينهما أن الشك في الشرط أو السبب يمنع من وجود الحكم ، بخلاف الشك في المانع انتهى ، والفرق بين الشرط والفرض أن الشرط خارج عن الماهية والفرض ويعبر عنه بالركن داخل الماهية .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية