الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ثم ذكر القسم الثاني وهو ما إذا أصابه الرعاف بعد أن دخل في الصلاة فتفصيله في هذا القسم يدل على أن الحكم في القسم الأول أنه يصلي على حالته من غير تأخير سواء أصابه قبل الدخول في الصلاة أو بعد الدخول فيها ، وقوله أومأ في صلاته كلها يدل على ذلك أيضا فتأمله .

                                                                                                                            وذكر الرجراجي نحو ما ذكره ابن رشد وقال ابن يونس : قال بعض أصحابنا ينبغي إذا رعف في وقت صلاة أو قبل وقتها فلم ينقطع عنه الدم أن يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها المفروض عساه أن ينقطع فإن لم ينقطع عنه صلى حينئذ انتهى ، ففهم الشارح من قوله : فإن لم ينقطع صلى حينئذ ما ذكره من التقييد والكلام محتمل له ولكن التقييد ظاهر وقد جزم به في الشامل الثاني لما ذكر الشارح القولين في اعتبار الوقت المختار أو الضروري وقال : ليس فيهما أرجحية عن أحد من الأصحاب فيما علمت وقد ذكرهما ابن رشد ولم يتعرض لتشهير ولا لغيره وتردد الشارح في كلام ابن يونس المتقدم هل المراد به الوقت المختار أو الضروري واستظهر أن المراد به الضروري .

                                                                                                                            قال : لأنه وقت مفروض لأرباب الضرورات قلت كلام ابن رشد صريح في ترجيح القول الذي مشى عليه المصنف ; لأنه صدر به وجعله المذهب وعطف الثاني بقيل ولذلك قال المصنف في التوضيح ظاهر كلام ابن رشد أن الأول هو المذهب لتصديره به وعطف عليه بقيل انتهى ، وهذا معلوم من كلام أهل المذهب وغيرهم إذا صدروا بقول وعطفوا عليه بقيل فالأول هو الراجح لا سيما إذا لم يعزوا الأول لأحد بل نقلوه على أنه المذهب وكلام ابن عرفة صريح في أنه صدر به وجعله المذهب ولم يعزه لأحد وعزا القول الثاني لنقل ابن رشد فقال : وغير الدائم يؤخر لكنه ما لم [ ص: 472 ] يخرج المختار ونقل ابن رشد الضروري .

                                                                                                                            وقال ابن ناجي في شرح المدونة وبعد أن نقل كلام ابن يونس المتقدم قلت والمعتبر في الوقت الاختياري وقيل باعتبار الضروري نقله ابن رشد ولا يقال هو بعيد للاتفاق على عدم اعتباره في التيمم إذ ليس ثم اتفاق بل حكى ابن رشد عن ابن حبيب ما يقتضي من الضروري في التيمم وقبله ابن هارون انتهى وقد صرح في الشامل بما مضى عليه المصنف ( الثالث ) قال البساطي في شرح قول المصنف أخر لآخر الاختياري يعني أنه يؤخر الصلاة لآخر الاختياري بحيث يقع آخر جزء منها في آخر جزء منه أو قريب .

                                                                                                                            وإن كان ظاهر عبارته أنه يؤخر الصلاة كلها إلا أنه متروك الظاهر لأن المشهور أن الصلاة تدرك بأقل من ركعة انتهى .

                                                                                                                            قلت ليس في كلام المصنف ما يدل على هذا التضييق وإنما المراد أنه يؤخر الصلاة حتى يخاف خروج الوقت الاختياري فيصلي حينئذ والله أعلم .

                                                                                                                            ( الرابع ) إذا قلنا : يصلي إيماء وصلى كذلك ثم انقطع عنه الدم في بقية من الوقت وقدر على الركوع والسجود لم يجب عليه إعادة ، قاله في المقدمات ونقله ابن عرفة وصاحب الشامل وقال في الطراز إذا صلى إيماء ثم انقطع دمه قبل خروج الوقت هل يعيد يختلف فيه وقال أشهب عن ابن سحنون يعيد ويتخرج فيه قول آخر أنه لا يعيد ويأتي بيان ذلك في باب صلاة المريض انتهى .

                                                                                                                            ولما تكلم في باب صلاة المريض قال : من صلى بالإيماء للعذر ثم صح في الوقت هل يستحب له أن يعيد اختلف فيه فقال أشهب عن ابن سحنون : يعيد وكذلك في العتبية في سماع أشهب في الغريق يصلي على لوح أنه لا إعادة عليهم إلا أن يخرجوا في الوقت قال في النوادر وقد قيل لا إعادة عليهم ثم وجه كلا من القولين فتأمله فإنه جعل القول بعدم الإعادة هنا تخريجيا ثم حكاه بعد ذلك بقيل ويجعله ابن رشد المذهب ولم يحك خلافه وتبعه ابن عرفة وصاحب الشامل فتأمله ص ( أو فيها وإن عيدا أو جنازة وظن دوامه له أتمها إن لم يلطخ فرش مسجد )

                                                                                                                            ش هذا هو القسم الثاني وهو قسيم قوله قبلها ويعني أنه إذا حصل الرعاف في الصلاة فلا يخلو إما أن يظن دوامه إلى آخر الوقت الاختياري أو لا يظن ذلك فإن ظن دوامه لآخر الوقت الاختياري أتم الصلاة على حالته التي هو عليها فالضمير في دوامه عائد على الرعاف وفي له للوقت الاختياري وفي أتمها للصلاة عبر ابن الحاجب بالعلم فقال : ولو رعف وعلم دوامه أتم الصلاة قال في التوضيح مراده بالعلم الظن وهو أحد التأويلين في قوله تعالى { فإن علمتموهن مؤمنات } وقيل أطلق الإيمان على الإسلام لما بينهما من الارتباط غالبا وموجب العلم هنا العادة وقال ابن عبد السلام : والدوام إلى آخر الوقت الضروري وفي الاختياري نظر قال في التوضيح : يحتمل أن يكون النظر مبنيا على أن أصحاب الأعذار إذا صلوا في الوقت الضروري هل يكونون مؤدين أو قاضين فعلى الأداء من غير عصيان يقطع وعلى القضاء لا يقطع ثم ذكر القولين اللذين تقدما في كلام ابن رشد ، ثم قال وأشار ابن هارون إلى أنه يمكن إجراء القولين هنا انتهى .

                                                                                                                            قلت وجزم المصنف هنا بأن الدوام يعتبر إلى آخر المختار كما في الفرع الأول فإما أن يكون رآه منصوصا أو رآه أولى فإنا إذا اعتبرنا في الفرع الأول الوقت المختار وذلك قبل الدخول والتلبس بحرمتها فاعتباره هنا أولى والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية