الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            فإن تبين أن قيامه كان سهوا فواضح

                                                                                                                            ص ( وإن قال : قمت لموجب )

                                                                                                                            ش : بأن يقول أسقطت الفاتحة أو أسقطت سجدة من ركعة من الركعات أو نحو ذلك

                                                                                                                            ص ( صحت )

                                                                                                                            ش : الصلاة

                                                                                                                            ص ( لمن لزمه اتباعه )

                                                                                                                            ش : بأن يكون من أحد الأقسام الأربعة المتقدمة في قوله : وإلا تبعه

                                                                                                                            ص ( و )

                                                                                                                            ش : يشترط أن يكون

                                                                                                                            ص ( تبعه )

                                                                                                                            ش : يريد أو جلس سهوا كما تقدم ذلك ، وأنه يأتي بركعة وتصح الصلاة أيضا

                                                                                                                            ص ( لمقابله )

                                                                                                                            ش : أي مقابل القسم المتقدم ، وهو من تيقن انتفاء الموجب من صلاته وصلاة إمامه وجلس حتى سلم الإمام واستمر متيقنا انتفاء الموجب ، ولم يؤثر عنده قول الإمام قمت لموجب شيئا قال الهواري ، ولو أن الإمام لما سلم قال : إنما قمت لأن أسقطت ركنا من الأولى فمن أيقن بتمام صلاته وصلاة إمامه ، وأنه لم يسه وجلس ، ولم يتبعه أو اتبعه ساهيا أو متأولا صحت صلاته ، وقال ابن بشير ولابن يونس نحوه وسيأتي ، وقال ابن ناجي : وحيث تصح للجالس فلا بد من إتيانه بركعة إذا أخبره الإمام بالموجب وصدقه أو شك فيه ، وإن كذبه لم يلزمه شيء انتهى .

                                                                                                                            قال سحنون : وإنما تصح صلاته

                                                                                                                            ص ( إن سبح )

                                                                                                                            ش : وإن لم يسبح لم تصح قال في التوضيح : شرط سحنون في صحة صلاة الجالس التسبيح واستبعده أبو عمران ورأى ابن رشد أنه تفسير للمذهب انتهى .

                                                                                                                            واعتمد المصنف كلام ابن رشد وأشار المصنف بقوله ( كمتبع تأول وجوبه على المختار ) ش إلى أن من كان متيقنا انتقاء الموجب وكان حكمه أن يجلس فجهل ذلك وتأول أنه يجب عليه اتباع الإمام فتبعه في الخامسة فاختلف في صلاته هل تبطل أو تصح قال ابن بشير : وإن جهل وظن أنه يلزمه اتباعه ففي بطلان صلاته قولان ، وهما على الخلاف في الجاهل ، هل هو كالعامد أو كالناسي ؟ انتهى .

                                                                                                                            والجاري على المشهور إلحاق الجاهل بالعامد لكن مشى المؤلف هنا على اختيار اللخمي ، وهو القول بالصحة وسيأتي لفظه في المسألة التي بعد هذه ، وإذا لم تبطل صلاته فإن استمر على تيقنه لانتفاء الموجب بعد سلام الإمام ، ولم يؤثر عنده كلام الإمام شيئا فلا يلزمه شيء ، وإن زال يقينه بأن تبين له صدق قول الإمام أو شك في ذلك ، فهل يلزمه أن يأتي بركعة أو تكفيه الركعة التي صلاها مع الإمام قال الهواري إذا قلنا في الساهي : يقضي ركعة فالمتأول بذلك أولى ; لأنه إنما قام إليها ، وهو يعلم أنها زائدة ، وإذا قلنا في الساهي : لا يقضي فيجري في المتأول قولان انتهى .

                                                                                                                            ثم قال المصنف : ( لا لمن لزمه اتباعه في نفس الأمر ، ولم يتبع )

                                                                                                                            ش : يعني أن من كان متيقنا لانتفاء الموجب عند قيام الإمام إلى الخامسة لم يقم معه ; لأن حكمه الجلوس ثم لما سلم الإمام قال : قمت لموجب تيقن صحة قوله أو شك فيه فإن صلاته باطلة ; لأنه كان يلزمه أن يتبع الإمام في نفس الأمر ، ولم يتبعه لما كان في يقينه كما نقل في التوضيح عن ابن المواز ، وإن كان اللخمي اختار في هذا أيضا الصحة ، وقال الهواري : ومن كان [ ص: 59 ] جلس ، ولم يتبعه ثم لما أخبر الإمام بما أسقط تيقن صحة قوله أو شك فظاهر قول ابن المواز تبطل صلاته اللخمي : والصواب : أن يتم ; لأنه جلس متأولا انتهى .

                                                                                                                            وقال اللخمي : قال محمد : فإن قال بعد السلام كنت ساهيا عن سجدة بطلت صلاة من جلس وتمت صلاة من اتبعه سهوا أو عمدا ، أيريد إذا أسقطوها هم أيضا والصواب : أن تتم صلاة من جلس ، ولم يتبعه ; لأنه جلس متأولا وإلا فهو يرى أنه لا يجوز له اتباعه ، وهو أعذر من الناعس والغافل ، وتبطل صلاة من اتبعه عمدا إذا كان عالما أنه لا يجوز له اتباعه ، وإن كان جاهلا يظن أن ذلك عليه اتباعه صحت صلاته انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن ناجي في شرحه الكبير : قال ابن يونس : إنما تبطل في قول ابن المواز إذا لم يوقنوا بسلامتها فإن أيقنوا أنهم لم يتركوا شيئا فصلاتهم تامة انتهى .

                                                                                                                            قال ابن غازي وإنما لم يتبع المصنف اختيار اللخمي في هذه كما تبعه في التي قبلها ; لأن اختياره في الأولى وافق فيه منصوصا ، ولما كان في هذه رأيا له مخالف للمنصوص عدل عنه انتهى .

                                                                                                                            فيتحصل فيمن كان متيقنا لانتفاء الموجب عند قيام الإمام أن حكمه أن يجلس فإن قام عامدا بطلت صلاته ، وإن تبين له بعد ذلك أن الإمام قام لموجب على ما قال اللخمي أنه الصواب ، ونقله الهواري عنه ، ونقل قولا بعدم البطلان وأظنه عزاه لابن المواز ، وإن قام سهوا أو متأولا وجوب الاتباع فلا تبطل في السهو بلا خلاف فيما أعلم .

                                                                                                                            وفي المتأول على ما اختاره اللخمي ثم إذا سلم الإمام تارة يستمران على تيقن انتفاء الموجب فلا يلزمهما شيء وتارة يظهر لهما الموجب أو يظنانه أو يشكان فيه ، فهل يكتفيان بتلك الركعة أو يعيدانها ؟ قولان مشى المصنف أن الساهي يعيدها ، وقال الهواري : المتأول أحرى ، وإن لم يقم هذا الذي حكمه الجلوس حتى سلم الإمام ، وقال : قمت لموجب فتارة يستمر على يقينه لانتفاء الموجب ، فهذا صلاته صحيحة إن كان سبح كما قال المصنف ، ولمقابله إن سبح وتارة يزول عنه تيقن انتفاء الموجب ويحصل له أحد الأوجه الأربعة فهذا تبطل صلاته ، وهو الذي أشار إليه بقوله : لا لمن لزمه اتباعه في نفس الأمر ، ولم يتبع فأما من لم يتيقن انتفاء الموجب فيلزمه الاتباع فإن اتبعه فواضح أن حكمه حكم الساهي ، وإن خالف عمدا بطلت صلاته ، وإن خالف سهوا أتى بركعة كما تقدم فتأمله والمسألة مبسوطة في الهواري ويؤخذ أكثر وجوهها من التوضيح

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية