الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا ) تجوز ولا تقع أضحية ( عن ميت إن لم يوص بها ) لما مر ويفرق بينهما وبين الصدقة بأنها تشبه الفداء عن النفس فتوقفت على الإذن بخلاف الصدقة ومن ثم لم يفعلها وارث ولا أجنبي وإن وجبت بخلاف نحو حج وزكاة وكفارة ؛ لأن هذه لا فداء فيها فأشبهت الديون ولا كذلك التضحية وألحق العتق بغيرها مع أنه فداء أيضا لتشوف الشارع إليه أما إذا أوصى بها فتصح لما صح عن { علي كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يضحي عنه كل سنة } وكأنهم لم ينظروا لضعف سنده لانجباره ويجب على مضح عن ميت بإذنه سواء وارثه وغيره من مال عينه سواء ماله ومال مأذونه فيما يظهر فإن لم يعين له مالا يضحي منه احتمل صحة تبرع الوصي عنه بالذبح من مال نفسه واحتمل أن يقال إنها في ثلثه حتى يستوفيه التصدق بجميعها لأنه نائبه في التفرقة لا على نفسه وممونه لاتحاد القابض والمقبض ويؤخذ من قولهم : إنه نائبه في التفرقة أنه لا تصرف هنا للوارث غير الوصي في شيء منها ويفرق بين هذا [ ص: 369 ] وما مر عن السبكي بأن المورث عزله هنا بتفويض ذلك لغيره بخلافه ثم ويتجه أخذا من هذا أن للوصي إطعام الوارث منها ومر أن للولي الأب فالجد التضحية عن موليه وعليه فلا يقدر انتقال الملك فيها للمولي كما هو ظاهر وإن اقتضى التقدير نظائر لذلك أما أولا فلأن أقرب النظائر إليها العقيقة عنه وهي لا تقدير فيها كما يصرح به كلامهم وأما ثانيا فلأنه يلزم عليه منع المقصود منها من الأكل والتصدق كسائر أموال المحجور وحينئذ فهل للولي إطعام المولي الظاهر نعم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ويجب على مضح عن ميت بإذنه إلخ ) قال في شرح الروض ومحل ذلك أي استحباب الأكل من أضحية التطوع إذا ضحى عن نفسه فلو ضحى عن غيره بإذنه كميت أوصى بذلك فليس له ولا لغيره من الأغنياء الأكل منها وبه صرح القفال في الميتة وعلله بأن الأضحية وقعت عنه فلا يحل الأكل منها إلا بإذنه فقد تعذر فيجب التصدق به عنه ا هـ . ( قوله أيضا ويجب على مضح عن ميت بإذنه إلخ ) فرع ما يقع في الأوقاف أن الواقف يشترط أن تشتري ضحية وتذبح وتفرق على أيتام الكتاب أو على المستحقين ينبغي صحة ذلك ووجوب العمل به وإعطاؤها حكم الأضحية من حيث وجوب ذبحها في وقتها ويجب تفرقتها كما شرط فلو فات وقت الأضحية قبل ذبحها فهل يجب ذبحها قضاء فيه نظر ويتجه أن يجب إلا أن يدل كلامه على اشتراط ذبحها بوقت الأضحية فتؤخر لوقتها من العام الآخر ( قوله : التصدق بجميعها ) فاعل يجب [ ص: 369 ] قوله : وما مر عن السبكي ) أي في شرح أو ينتفع به ( قوله : وأما ثانيا فلأنه يلزم عليه ) قد يمنع اللزوم لأنه لا ضرر على المولي



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لما مر ) إلى قوله ومن ثم في النهاية ( قوله لما مر ) أي عقب قول المصنف بغير إذنه ( قوله بينها ) أي الأضحية وكذا ضمير لم يفعلها وضمير بغيرها ( قوله أما إذا أوصى إلخ ) وقيل تصح التضحية عن الميت وإن لم يوص لأنه ضرب من الصدقة وهي تصح عن الميت وتنفعه وتقدم في الوصايا أن محمد بن إسحاق السراج النيسابوري أحد أشياخ البخاري ختم عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة آلاف ختمة وضحى عنه بمثل ذلك ا هـ مغني ( قوله لما صح إلخ ) عبارة المغني فإن أوصى بها جاز ففي سنن أبي داود والبيهقي والحاكم أن { علي بن أبي طالب كان يضحي بكبشين عن نفسه وكبشين عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أضحي عنه فأنا أضحي عنه أبدا } لكنه من شريك القاضي وهو ضعيف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويجب ) إلى قوله لأنه نائبه في النهاية والمغني إلا قوله سواء وارثه إلى التصدق ( قوله على مضح عن ميت إلخ ) عبارة مغني والأسنى والنهاية وخرج بذلك أي بقول المصنف وله الأكل من أضحية تطوع من ضحى عن غيره كميت بشرطه الآتي فليس له ولا لغيره من الأغنياء الأكل منها وبه صرح القفال وعلله بأن الأضحية وقعت عنه فلا يحل الأكل منها إلا بإذنه وقد تعذر فيجب التصدق بها عنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله من مال عينه ) أي من حيث كونه من مال نفسه أو مال مأذونه وقياس ما قدمه في التضحية عن الحي بإذنه أنه لو لم يبين قدر المال يحمل على أقل مجزئ فليراجع ( قوله في ثلثه ) أي الميت ( قوله التصدق بجميعها ) فاعل يجب .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              ما يقع في الأوقاف أن الواقف يشترط أن تشترى ضحية وتذبح وتفرق على أيتام الكتاب أو على المستحقين ينبغي صحة ذلك ووجوب العمل به وإعطاؤها حكم الأضحية من [ ص: 369 ] حيث وجوب ذبحها في وقتها وتجب تفرقتها كما شرط فلو فات وقت الأضحية قبل ذبحها فهل يجب ذبحها قضاء ؟ فيه نظر ويتجه أن يجب إلا أن يدل كلامه على اشتراط ذبحها بوقت الأضحية فتؤخر لوقتها من العام الآخر ا هـ سم ( قوله وما مر عن السبكي ) أي في شرح أو ينتفع به ا هـ سم ( قوله عزله ) أي الوارث غير الوصي ( قوله من هذا ) أي الفرق ( قوله ومر ) أي آنفا في شرح بغير إذنه ( قوله فلا يقدر إلخ ) تقدم خلافه عن ع ش بل تعليله السابق في عدم جواز تضحية غير الأب والجد مفيد للتقدير ( قوله أما أولا ) أي أما وجه عدم التقدير أولا ( قوله عنه ) أي الولي ( قوله وأما ثانيا فلأنه يلزم إلخ ) قد يمنع اللزوم إذ لا ضرر على المولي ا هـ سم ( قوله وحينئذ ) أي حين عدم تقدير الانتقال ( قوله الظاهر نعم ) وفاقا للنهاية




                                                                                                                              الخدمات العلمية