الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وما كسب بمخامرة نجس كحجامة وكنس مكروه ) للحر وإن كسبه قن للنهي الصحيح عن كسب الحجام ولم يحرم لأنه { صلى الله عليه وسلم أعطى حاجمه أجرته } رواه البخاري ولو حرم لم يعطه لأنه حيث حرم الأخذ حرم الإعطاء كأجرة النائحة إلا لضرورة كإعطاء شاعر أو ظالم أو قاض خوفا منه فيحرم الأخذ فقط وأما خبر مسلم { كسب الحاجم خبيث } فأوله الجمهور بأنه المراد به الدنيء على حد { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } وعلة خبثه مباشرة النجاسة ومن ثم ألحقوا به كل كسب حصل من مباشرتها كزبال ودباغ وقصاب نعم صحح في أصل الروضة أنه لا يكره كسب الفصاد لقلة مباشرته لها وقيل دناءة الحرفة وانتصر له البلقيني [ ص: 389 ] فيكره كسب كل ذي حرفة دنيئة كحلاق وحارس وحائك وصباغ وصواغ وصحح في الروضة أنه لا يكره كسب حائك

                                                                                                                              وحكى وجهين في الصباغين والصواغين لكثرة إخلافهم الوعد والوقوع في الربا والذي في المجموع وجزم به في الأنوار وغيره أنه لا يكره لحر وغيره مكسوب بحرفة دنيئة وفي خبر لأبي داود الطيالسي { أكذب الناس الصباغون والصواغون } وحرم الحسن كسب الماشطة لأنه لا يخلو غالبا عن حرام أو تغيير لخلق الله

                                                                                                                              ( ويسن ) للحر ( أن لا يأكله ) بل يكره له أكله وهو مثال إذ سائر وجوه الإنفاق حتى التصدق به كذلك كما بحثه الأذرعي والزركشي ( و ) أن ( يطعمه رقيقه وناضحه ) أي بعيره الذي يستقي عليه لنهيه صلى الله عليه وسلم من استأذنه في أجرة الحجام عنها فلا زال يسأله حتى قال له اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك وآثر لفظ الرقيق والناضح مع لفظ الإطعام تبركا بلفظ الخبر والمراد ويمون به ما يملكه من قن وغيره ولدناءة القن لاق به الكسب الدنيء بخلاف الحر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولو حرم لم يعطه ) قال في شرح الروض وفيه نظر لاحتمال أنه [ ص: 389 ] أعطاه له ليطعمه رقيقة وناضحه ا هـ . وقد يجاب بأنه لو حرم بينه له إلا أن يقال لعله كان معلوما ( قوله : والذي في المجموع وجزم به في الأنوار وغيره أنه لا يكره ) كتب عليه م ر ( قوله بحرفة دنيئة ) ومنه حرفة الماشطة ( قوله حتى التصدق به ) هل ولو لنحو أكل رقيق أو دابة أو لا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن وكنس ) أي النجس كزبل مغني وشرح منهج ( قول المتن مكروه ) أي تناوله ا هـ شرح المنهج ( قوله : للحر ) إلى قوله وقيل في النهاية وإلى قوله فيكره في المغني إلا قوله أو قاض وقوله وأما خبر إلى وعلة خبثه ( قوله : وإن كسبه قن ) فيه إشارة إلى ، أن ما في المتن موصولة وفسر المغني قول المصنف ما كسب بالكسب ثم قال وقد علم بما قررت به كلام المصنف ، أن ما في كلامه مصدرية لا موصولة وإلا لكان المعنى ، إن المكسوب بذلك مكروه ونفس المكسوب لا يوصف بكراهة ولا غيرها وإنما تتعلق الكراهة بالكسب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أعطى إلخ ) هذا الدليل ، إنما يأتي على القول بنجاسة فضلاته صلى الله عليه وسلم ا هـ رشيدي أي المرجوح ( قوله : ولو حرم لم يعطه إلخ ) فإن قيل يحتمل ، أنه صلى الله عليه وسلم ، إنما أعطاه ذلك ليطعمه رقيقه وناضحه أجيب بأنه لو كان كذلك لبينه له صلى الله عليه وسلم ا هـ مغني زاد سم بعد ذكر مثل ذلك عن الأسنى إلا أن يقال لعله كان معلوما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كإعطاء شاعر ) لئلا يهجوه مغني وأسنى ومقتضاه ، أن إعطاءه ليظهر الثناء عليه لا يحرم كما مال إليه ع ش آخرا ( قوله : أو ظالم ) أي لئلا يمنعه حقه أو لئلا يأخذ منه شيئا أكثر مما أعطاه مغني وأسنى ( قوله : فيحرم الأخذ فقط ) أي ولا يحرم الإعطاء لما تندفع به الضرورة ا هـ ع ش ( قوله : وعلة خبثه ) أي كسب الحاجم وكذا ضمير به ( قوله نعم صحح إلخ ) عبارة النهاية لإفصاد على الأصح لقلة مباشرته لها وكذا حلاق وحارس وحائك وصباغ وصواغ وماشطة إذ لا مباشرة للنجاسة فيها ا هـ قال ع ش ومثل الماشطة القابلة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وقيل دناءة الحرفة إلخ ) عبارة [ ص: 389 ] المغني ولو كانت الصنعة دنيئة بلا مخامرة نجاسة كفصد وحياكة لم تكره إذ ليس فيها مخامرة نجاسة وهي العلة الصحيحة لكراهة ما مر عند الجمهور وقيل إلخ ( قوله : فيكره إلخ ) مفرع على كون العلة دناءة الحرفة ( قوله : لكثرة إخلافهم إلخ ) راجع لكل من الصابغين والصواغين وقوله والوقوع إلخ راجع للصواغين فقط ( قوله : والوقوع في الربا ) لبيعهم المصوغ بأكثر من وزنه ا هـ مغني ( قوله والذي في المجموع إلخ ) اعتمده شيخ الإسلام وكذا النهاية والمغني كما مر ( قوله بحرفة دنيئة ) ومنها حرفة الماشطة ا هـ سم ( قوله : وفي خبر إلخ ) الأنسب تقديمه على قوله والذي في المجموع .

                                                                                                                              ( قوله : بل يكره ) إلى قول المتن ويحل في النهاية وكذا في المغني إلا قوله وآثر إلى والمراد وما سأنبه عليه يفهم جواز أن يشتري به ملبوسا أو نحوه ولا كراهة في ذلك والظاهر كما قال الأذرعي التعميم بوجوه الإنفاق حتى التصدق به ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بل يكره له إلخ ) ولا يكره للرقيق وإن كسبه حر ا هـ مغني ( قوله : وهو مثال إلخ ) عبارة المغني .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              قوله : أن لا يأكله ( قوله حتى التصدق به ) هل ولو لنحو أكل رقيق أو دابة أو لا ا هـ سم ويظهر الثاني أخذا من قولهم الآتي ولدناءة القن ( قوله : عنها ) أي أجرة الحجام والجار متعلق بالنهي ( قوله : وآثر ) أي المصنف ( قوله : ولدناءة إلخ ) متعلق بقوله لاق إلخ




                                                                                                                              الخدمات العلمية