الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويشرع القنوت ) أي يسن قال بعضهم وليس المراد به هنا ما مر في الصبح لأنه لم يرد في النازلة وإنما الوارد الدعاء برفعها فهو المراد هنا قال ولا يجمع بينه وبين الدعاء برفعها لئلا يطول الاعتدال وهو مبطل ا هـ وظاهر المتن وغيره خلاف ذلك بل هو صريح إذ المعرفة إذا أعيدت بلفظها كانت عين الأولى غالبا وقوله وهو مبطل خلاف المنقول فقد قال القاضي لو طول القنوت المشروع زائدا على العادة كره وفي البطلان احتمالان وقطع المتولي وغيره بعدمه لأن المحل محل الذكر والدعاء وبه مع ما يأتي في القنوت لغير النازلة في فرض أو نفل يعلم أن تطويل اعتدال الركعة الأخيرة بذكر أو دعاء غير مبطل مطلقا لأنه لما عهد في هذا المحل ورود التطويل في الجملة استثنى من البطلان بتطويل القصير زائدا على قدر المشروع فيه بقدر الفاتحة ، إذا تقرر هذا فالذي يتجه أنه يأتي بقنوت الصبح ثم يختم بسؤال رفع تلك النازلة له فإن كانت جدبا دعا ببعض ما ورد في أدعية الاستسقاء ( في سائر ) أي باقي من السؤر وهو البقية ( المكتوبات للنازلة ) العامة أو الخاصة التي في معنى العامة لعود ضررها على المسلمين على الأوجه كوباء وطاعون وقحط وجراد ، وكذا مطر مضر بعمران أو زرع وفاقا لمن خصه بالثاني لأنه لم يرد في الأول إلا الدعاء وذلك لأن رفع وباء المدينة لم يرد فيه إلا الدعاء ومع ذلك جعلوه من النازلة وخوف عدو كأسر عالم أو شجاع للأحاديث الصحيحة { أنه صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو على قاتلي أصحابه القراء ببئر معونة لدفع تمردهم } لا لتدارك المقتولين لتعذره وقيس غير خوف العدو عليه .

                                                                                                                              [ ص: 69 ] ومحله اعتدال الأخيرة ويجهر به الإمام في السرية أيضا ( لا ) القنوت فيهن ( مطلقا ) أي لنازلة وغيرها فلا يسن لغيرها بل يكره ( على المشهور ) لعدم وروده لغير النازلة وفارقت الصبح غيرها بشرفها مع اختصاصها بالتأذين قبل الوقت وبالتثويب وبكونها أقصرهن فكانت بالزيادة أليق أما غير المكتوبات فالجنازة يكره فيها مطلقا لبنائها على التخفيف والمنذورة والنافلة التي تسن فيها الجماعة وغيرهما لا يسن فيها ثم إن قنت فيها لنازلة لم يكره وإلا كره وقول جمع يحرم وتبطل في النازلة ضعيف ، وكذا قول بعضهم تبطل إن أطال لإطلاقهم كراهة القنوت في الفرائض وغيرها لغير النازلة المقتضي أنه لا فرق بين طويلة وقصيرة ، وفي الأم ما يصرح بذلك ومن ثم لما ساقه بعضهم قال وفيه رد على الريمي وغيره في قولهم إن أطال القنوت في النافلة بطلت قطعا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله غير مبطل مطلقا ) منعه م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أي يسن ) أي بعد التحميد مغني عبارة النهاية مع ما مر أيضا ا هـ قال ع ش أي من الذكر المطلوب في الاعتدال من حيث هو وهو سمع الله لمن حمده إلخ كما صرح به المنهج ا هـ ( قوله فهو المراد إلخ ) أي الدعاء بالرفع ( قوله قال ) أي ذلك البعض ( قوله وهو إلخ ) أي تطويل الاعتدال ( قوله خلاف ذلك ) أي قول البعض وليس المراد إلخ ( قوله بل هو ) أي المتن ( صريح ) أي في خلاف ما قاله ذلك البعض ( قوله غالبا ) يعني عند عدم الصارف ولا صارف هنا وبه يجاب عن قول السيد البصري ما نصه تأمل الجمع بين قوله صريح وقوله كانت عين الأولى غالبا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقوله ) إلى قوله وقطع في النهاية والمغني ما يوافقه ( قوله بعدمه ) أي عدم البطلان بتطويله وهو كذلك كما أفاده الشيخ نهاية ( قوله وبه ) أي بما ذكر عن القاضي والمتولي وغيره من كراهة التطويل وعدم البطلان به ( قوله مع ما يأتي إلخ ) وهو قوله وإلا كره وقول جمع إلخ ( قوله أن تطويل ) إلى قوله إذا تقرر في النهاية ما يوافقه ظاهرا إلا قوله مطلقا ( قوله غير مبطل مطلقا ) منعه م ر ا هـ سم أي وخصه بوقت النازلة واعتمده ع ش بجيرمي ( قوله مطلقا ) أي في الفرض وغيره لنازلة وغيرها ( قوله في الجملة ) أي في الصبح مطلقا وفي بقية المكتوبات وقت النازلة ( قوله فالذي يتجه إلخ ) وهو حسن شيخنا ويأتي عن النهاية ما يوافقه ( قوله أنه يأتي بقنوت الصبح إلخ ) وفي حاشية السنباطي على المحلي سكتوا عن لفظ قنوت النازلة وهو مشعر بأنه لفظ قنوت الصبح ، وقال الحافظ ابن حجر في كتابه بذل الماعون الذي يظهر أنهم وكلوا الأمر في ذلك إلى المصلي فيدعو في كل نازلة بما يناسبها ا هـ . وفي فتاوى ابن زياد ما يقتضي موافقة ما نقل عن الحافظ ابن حجر من الاقتصار على رفع النازلة بصري ( قوله أي باقي ) إلى قوله وقول جمع في النهاية والمغني ( قوله أي باقي ) هذا التفسير يقتضي أنه لا يشرع في الصبح للنازلة وهو محل تأمل فالأولى أن يفسر سائر بجميع وكون القنوت مطلوبا فيها بالأصالة لا ينافي ما ذكر فيأتي به بقصد الأمرين معا ويزيد عليه الدعاء بما يخص تلك النازلة ، هذا ما ظهر لي ببادئ الرأي ولم أر فيه شيئا فليتأمل وليراجع ويؤيد التعميم قنت شهرا متتابعا في الخمس يدعو إلخ بصري ويصرح بالتعميم قول شيخنا ويستحب القنوت في كل صلاة في اعتدال الركعة الأخيرة منها النازلة لكن لا يسن السجود لتركه لأنه ليس من الأبعاض ا هـ .

                                                                                                                              ولعل تفسيرهم بالباقي إنما هو لأجل قول المصنف الآتي لا مطلقا قول المتن ( للنازلة ) أي لرفعها ولو لغير من نزلت به فيسن لأهل ناحية لم تنزل بهم فعل ذلك لمن نزلت به حلبي ونهاية ( قوله ووباء وطاعون ) على المعتمد لأن في مشروعيته عند هيجانه خلافا والأوجه طلبه وإن كان الموت به شهادة قياسا على ما لو نزل بنا كفار فإنه يشرع القنوت وإن كان الموت بقتالهم شهادة شيخنا ونهاية ( قوله وكذا مطر إلخ ) في النهاية والمغني ما يفيده ( قوله بالثاني ) أي الزرع و ( قوله وذلك ) أي ترجيح العموم بالعمران ( قوله وخوف عدو ) أي ولو مسلمين نهاية وشرح بافضل وهو معطوف على قوله وباء و ( قوله وكأسر عالم إلخ ) عطف على كوباء إلخ ومثال للخاصة ( قوله قنت شهرا ) متتابعا في الخمس في اعتدال الركعة الأخيرة يدعو إلخ ويؤمن من خلفه نهاية ( قوله يدعو على قاتلي إلخ ) قال في النهاية ويؤخذ منه استحباب التعرض للدعاء برفع تلك النازلة في هذا القنوت ا هـ [ ص: 69 ] ويؤخذ منه موافقته للشارح فيما أفاده بقوله والذي يتجه أنه يأتي بقنوت الصبح إلخ فتأمله بصري ( قوله ومحله ) أي قنوت النازلة ( ويجهر إلخ ) عبارة النهاية ويستحب مراجعة الإمام الأعظم أو نائبه بالنسبة للجوامع فإن أمر به وجب ويسن الجهر به مطلقا للإمام والمنفرد ولو سرية كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ا هـ . قال ع ش قوله م ر ويستحب مراجعة الإمام إلخ أي من أئمة المساجد وأما ما يطرأ من الجماعة بعد صلاة الإمام الراتب فلا يستحب مراجعته وقوله م ر ويسن الجهر إلخ ولعله إنما طلب الجهر من المنفرد هنا بخلاف قنوت الصبح لشدة الحاجة لرفع البلاء الحاصل فطلب الجهر إظهارا لتلك الشدة ا هـ . ( قوله وفارقت الصبح ) إلى قوله أما غير المكتوبات الأنسب تقديمه على قول المصنف ويشرع إلخ كما في النهاية ( قوله مطلقا ) أي سواء كان لنازلة أو لم يكن لها ، وهذا ما استظهره في الأسنى وتبعه المغني والنهاية وإلا فالمنقول عن نص الإمام التفصيل نظير ما يأتي في كلامه في المنذورة والنافلة التي يسن فيها الجماعة بصري ( قوله لا يسن فيها ) أي في المنذورة وقسمي النافلة ( قوله وكذا قول بعضهم إلخ ) أي ضعيف و ( قوله لإطلاقهم إلخ ) تعليل لما بعد ، وكذا ( قوله بذلك ) أي بعدم الفرق ( قوله ساقه ) أي كلام الأم




                                                                                                                              الخدمات العلمية