الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( الثالث عشر ترتيب الأركان إجماعا ) لكن لا مطلقا بل ( كما ذكرنا ) في عدها [ ص: 95 ] المشتمل على قرن النية بالتكبير في القيام والقراءة به والتشهد والصلاة والسلام بقعودها فعده ركنا بمعنى الجزء فيه تغليب وبمعنى الفرض صحيح ومن ثم صحح في التنقيح أنه شرط ودعوى أن بين ما ذكر ترتيبه باعتبار الابتداء إذ لا بد من تقدم القيام على النية والتكبير والقراءة والجلوس على التشهد واستحضار النية على التكبير وهو ترتيب حسي وشرعي لا تفيد لما مر مما يعلم منه أن ذلك التقديم شرط لحسبان ذلك لا ركن على أن في بعض ما ذكره نظرا ويتعين الترتيب لحسبان كثير من السنن كالافتتاح ثم التعوذ والتشهد الأول ثم الصلاة فيه وكون السورة بعد الفاتحة وكون الدعاء آخر الصلاة بعد التشهد والصلاة وفي الروضة وأصلها أن الموالاة ركن وفي التنقيح أنها شرط وهو المشهور وهي عدم تطويل الركن القصير أو عدم طول الفصل إذا سلم في غير محله ناسيا أو عدم طوله أو عدم مضي ركن إذا شك في النية وإلا وجب الاستئناف ( فإن تركه ) أي الترتيب ( عمدا ) بتقديم ركن قولي هو السلام أو فعلي [ ص: 96 ] ( بأن سجد قبل ركوعه ) مثلا ( بطلت صلاته ) إجماعا لتلاعبه أما تقديم القولي غير السلام على فعلي كتشهد على سجود أو قولي كصلاة على تشهد أخير فلا تبطل الصلاة لكنه يمنع حسبان ما قدمه ( وإن سها ) بتركه الترتيب ( فما ) أتى به ( بعد المتروك لغو ) لوقوعه في غير محله .

                                                                                                                              ( فإن تذكر ) غير المأموم المتروك ( قبل بلوغ ) فعل ( مثله ) من ركعة أخرى ( فعله ) بمجرد التذكر وإلا بطلت صلاته والشك كالتذكر فلو شك راكعا هل قرأ الفاتحة أو ساجدا هل ركع أو اعتدل قام فورا وجوبا ولا يكفيه في الثانية أن يقوم راكعا ، وكذا في التذكر كما مر فما اقتضاه كلامه من الاقتصار على فعل المتروك محله في غير هذه الصورة أو قائما هل قرأ لم تلزمه القراءة فورا لأنه لم ينتقل عن محلها ( وإلا ) يتذكر حتى بلغ مثله في ركعة أخرى ( تمت به ) أي بالمثل المفعول ( ركعته ) إن كان آخرها كسجدتها الثانية فإن كان وسطها أو أولها كالقيام أو القراءة أو الركوع حسب له عن المتروك وأتى بما بعده ( وتدارك الباقي ) من صلاته لأنه ألغى ما بينهما هذا إن كان المثل من الصلاة وإلا كسجدة تلاوة لم تجزئه [ ص: 97 ] وعرف عين المتروك ومحله وإلا أخذ باليقين وأتى بالباقي نعم متى جوز أن المتروك النية أو تكبيرة الإحرام بطلت صلاته ولم يشترط هنا طول ولا مضي ركن لأن هنا تيقن ترك الضم لتجويز ما ذكر وهو أقوى من مجرد الشك في ذلك وفي تلك الأحوال كلها ما عدا المبطل منها يسجد للسهو نعم إن كان المتروك السلام أتى به ولو بعد طول الفصل ولا سجود للسهو لفوات محله بالسلام المأتي به .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله الثالث عشر ) قال الدماميني في مثله في عبارة المغني هو بفتح الثاء على أنه مركب مع عشر ، وكذا الرابع عشر ونحوه ولا يجوز فيه الضم على [ ص: 95 ] الإعراب وأطال في بيانه ( قوله فيه تغليب ) أقول في كلام الأئمة أن صورة المركب جزء منه فما المانع أن يكون الترتيب بمعنى الحاصل بالمصدر إشارة إلى صورة الصلاة وأنها جزء لها حقيقة فلا تغليب فتأمل ( قوله نظرا ) لعل منه منع اشتراط تقديم القيام على النية والتكبير بل تكفي مقارنته لهما ، وكذا يقال في الجلوس والتشهد وفي استحضار النية والتكبير فليتأمل ( قوله لحسبان كثير من السنن ) لكن الحسبان مختلف فإن تقديم التعوذ على الافتتاح معتبر للاعتداد بهما حتى لو قدم المؤخر وهو التعوذ اعتد به وفات الافتتاح بخلاف بقية المسائل المذكورة فإنه إذا قدم فيها المؤخر لم يعتد به ولم يفت المقدم بل يأتي به ثم يأتي بما بعده مثلا إذا قدم الصلاة على التشهد الأول لم يعتد بها ولم يفت التشهد بل يأتي بالتشهد ثم بها بعده فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله وهي عدم إلخ ) فإن قلت هل يصدق على هذا العدم حد الشرط بأنه ما قارن كل معتبر ، سواء قلت نعم لأن هذا العدم متحقق من أول الصلاة إلخ فتأمله بلطف ففيه دقة دقيقة ( قوله أو عدم ) كان ينبغي التعبير بالواو في [ ص: 96 ] هذا وما بعده ( قوله أما تقديم القولي غير السلام إلخ ) هذا وقد يرد على المصنف لأن عبارته شاملة لذلك ( قوله كتشهد إلخ ) ينبغي إلا أن يطول ( قوله غير المأموم ) هذا القيد مستفاد من قول المصنف في كتاب الجماعة ولو علم المأموم في ركوعه أنه ترك الفاتحة لم يعد إليها إلخ فذاك مخصص لما هنا ( قوله ولا يكفيه في الثانية إلخ ) أي لما تقدم بيانه في شرح قول المصنف فلو هوى لتلاوة فجعله ركوعا لم يكف ( قوله كما مر ) أي في شرح فلو هوى لتلاوة إلخ ( قوله محله ) يمكن أن يستغنى عن ذلك لأن من جملة المتروك في هذه الصورة الهوي للركوع لأن الهوي السابق صرفه للسجود فلم يعتد به ومن لازم الإتيان بالهوي القيام ( قوله حسب له ) [ ص: 97 ] قد يكون هذا معنى التمام فلا حاجة للتقييد ( قوله وإلا أخذ باليقين وأتى بالباقي ) أي كما يعلم من قول المصنف ، وكذا إن شك فيها وقوله وإن علم في آخر رباعية إلخ ( قوله ولم يشترط هنا طول ) هذا يفيد البطلان وإن تذكر في الحال أن المتروك غيرهما فلتراجع المسألة فإن الظاهر أن هذا ممنوع بل يشترط هنا الطول أو مضي ركن أيضا وقد ذكرت ما قاله ل م ر فأنكره ( قوله ولو بعد طول الفصل ) قال في شرح الروض فيما يظهر لأن غايته أنه سكوت طويل وتعمد طول السكوت لا يضر كما مر ا هـ . .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( الثالث عشر ) بفتح الجزأين لأنه مركب تركيبا عدديا ، وكذا الرابع عشر ونحوه شيخنا وسم ( قوله كما ذكرنا في عدها ) أي على الوجه الذي ذكرناه في عد الأركان شيخنا ( قوله في عدها ) إلى قوله ومن ثم في المغني وإلى المتن في النهاية إلا قوله [ ص: 95 ] أو عدم مضي ركن ( قوله المشتمل على قرن النية إلخ ) أي فالترتيب عند من أطلقه مراد فيما عدا ذلك ومنه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإنها بعد التشهد مغني ونهاية ( قوله في القيام والقراءة به ) عبارة النهاية والمغني وجعلهما من القراءة في القيام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فعده إلخ ) لا يظهر وجه التفريع ولذا عبر النهاية والمغني وشرح المنهج بالواو ثم كان المناسب تأخيره عن الدعوى وردها الآتيين كما في النهاية ( قوله فيه تغليب ) أي لأن الترتيب ليس جزءا إذ الجزء أمر وجودي والترتيب ليس كذلك وبحث فيه سم بما نصه أقول في كلام الأئمة أن صورة المركب جزءا منه فما المانع أن يكون الترتيب بمعنى الحاصل بالمصدر إشارة إلى صورة الصلاة وأنها جزء لها حقيقة فلا تغليب فتأمل انتهى وزاد عليه البصري ما لفظه ولا حاجة إلى اعتبار الحاصل بالمصدر لأن النية من الأركان مع أنها لا وجود لها في الحس وإنما هي عمل قلبي ا هـ . وبهذه الزيادة يندفع جواب ع ش عن بحث سم بما نصه أقول لكن حج كشيخه والمحلي إنما بنوا ذلك على الظاهر من كونه أي الركن جزءا محسوسا في الظاهر فاحتاجوا للجواب بما ذكر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبمعنى الفرض صحيح ) أي على وجه الحقيقة من غير احتياج إلى تغليب وإلا فالصحة ثابتة على تقدير كونه بمعنى الجزء أيضا ع ش ورشيدي ( قوله ومن ثم ) أي من أجل الاحتياج إلى التغليب على الأول ( قوله صحح في التنقيح أنه شرط ) والمشهور عند الترتيب ركنا مغني ( قوله والجلوس إلخ ) و ( قوله واستحضار النية إلخ ) أي لا بد من تقديمها على ما ذكر ( قوله وهو ) أي التقديم المذكور ( قوله لا تفيد إلخ ) خبر قوله ودعوى إلخ ( قوله لما مر ) أي في مباحث ما ذكر ( قوله على أن في بعض ما ذكره نظر ) لعل منه منع اشتراط تقديم القيام على النية والتكبير بل يكفي مقارنته لهما ، وكذا يقال في الجلوس والتشهد وفي استحضار النية والتكبير فليتأمل قاله سم وعليه يكون لفظ بعض مستدركا فالظاهر ما قاله البصري مما نصه كأنه تقديم استحضار النية على التكبير لما تقدم أن ذلك مقالة ضعيفة والمعتمد أن التقديم المذكور مندوب لا غير ا هـ . ( قوله ويتعين ) إلى المتن في المغني ( قوله الحسبان كثير إلخ ) لكن الحسبان مختلف فإن تقديم التعوذ على الافتتاح معتبر للاعتداد بهما حتى لو قدم المؤخر وهو التعوذ اعتد به وفات الافتتاح بخلاف بقية المسائل المذكورة فإنه إذا قدم فيها المؤخر لم يعتد به ولم يفت المقدم بل يأتي بما بعده مثلا إذا قدم الصلاة على التشهد الأول لم يعتد بها ولم يفت التشهد بل يأتي بالتشهد ثم بها بعده فليتأمل سم ( قوله وهو المشهور ) إذ هو بالترك أشبه نهاية ( قوله وهي عدم إلخ ) ويصدق على هذا العدم حد الشرط بأنه ما قارن كل معتبر سواه لأن هذا العدم متحقق من أول الصلاة إلخ فتأمله بلطف ففيه دقة دقيقة سم ( قوله أو عدم طوله إلخ ) كان ينبغي التعبير بالواو في هذا وما بعده سم وبصري وقد يقال إن أو هنا لاختلاف الأقوال كما نسب النهاية والمغني التصوير الأول للرافعي تبعا للإمام والثاني لابن الصلاح والثالث لبعضهم ( قوله أو عدم مضي ركن ) أي قولي ولا فعلي مغني وكان الأولى إبدال أو بالواو ( قوله أي الترتيب ) إلى قول المتن فلو تيقن في المغني إلا قوله غير المأموم وقوله كما مر وقوله ولم يشترط إلى وفي تلك الأحوال ، وكذا في النهاية إلا قوله إن كان آخرها إلى المتن ( قوله مثلا ) أشار به إلى أن الباء [ ص: 96 ] في كلام المصنف بمعنى الكاف ع ش قول المتن ( بأن سجد قبل ركوعه ) أو ركع قبل قراءته وكثيرا يعبر المصنف ببأن غير مريد بها الحصر بل بمعنى كأن نهاية ومغني ( قوله كتشهد إلخ ) ينبغي إلا أن يطول سم أي التشهد في الاعتدال أو الجلوس بين السجدتين ( قوله لكنه يمنع إلخ ) فعليه إعادته في محله نهاية ومغني ( قوله غير المأموم ) هذا القيد مستفاد من قول المصنف في كتاب الجماعة ، ولو علم المأموم في ركوعه أنه ترك الفاتحة أو شك لم يعد إليها إلخ فذاك مخصص لما هنا سم ( قوله غير المأموم ) قضيته أنه متى انتقل عنه إلى ركن آخر امتنع عليه العود لما فيه من مخالفة الإمام وعليه فلو تذكر في السجدة الثانية أنه ترك الطمأنينة في الجلوس بين السجدتين لم يعد له بل يأتي بركعة بعد سلام إمامه وقضيته أنه لو انتقل معه إلى التشهد قبل الطمأنينة في السجدة الثانية لم يعد لها لكن سيأتي ما يقتضي أنه يسجد ويلحق إمامه وأيضا قضية قوله في صلاة الجماعة أن محل امتناع العود إذا فحشت المخالفة أنه يعود للجلوس بين السجدتين إذا تذكر في السجدة الثانية ترك الطمأنينة فيه ع ش ( قوله وإلا ) أي بأن مكث قليلا ليتذكر نهاية ومغني ( قوله بطلت صلاته ) ظاهره م ر وإن قل التأخر وسيأتي في فصل المتابعة ما يوافقه ع ش أقول بل هو صريح ما مر آنفا عن النهاية والمغني ( قوله ولا يكفيه إلخ ) أي لما تقدم بيانه في شرح فلو هوى لتلاوة فجعله ركوعا لم يكف سم ( قوله في الثانية ) أي فيما لو شك ساجدا هل ركع ( قوله وكذا في التذكر إلخ ) عبارة النهاية والمغني ويستثنى من قوله فعله ما لو تذكر في سجوده أنه ترك الركوع فإنه يرجع إلى القيام ليركع منه ولا يكفيه أن يقوم راكعا لأن الانحناء أي الهوي غير معتد به ففي هذه الصورة زيادة على المتروك ا هـ قال ع ش قوله م ر فإنه يرجع إلى القيام إلخ أي ومع ذلك لا يجب عليه الركوع فورا ومثله ما لو قرأ الفاتحة ثم هوى ليسجد فتذكر ترك الركوع فعاد للقيام فلا يجب الركوع فورا لأنه بتذكره عاد لما كان فيه ، وهذا ظاهر وإن أوهم قول المصنف فإن تذكره قبل بلوغ إلخ خلافه ا هـ . ( قوله كما مر ) أي في شرح فلو هوى لتلاوة إلخ سم ( قوله محله في غير هذه إلخ ) يمكن أن يستغني عن ذلك لأن من جملة المتروك في هذه الصورة الهوي للركوع لأن الهوي السابق صرفه للسجود فلم يعتد به ومن لازم الإتيان بالهوي القيام ابن قاسم أي فلو فرض أنه لم يشك في الهوي لتذكره أنه قصد بهويه الركوع وإنما شكه في الركوع للشك في نحو طمأنينته فلا حاجة إلى الاستثناء أيضا لأنه في هذه يكفيه العود إلى الركوع فقط بصري ( قوله حتى بلغ مثله ) أي ولو لمحض المتابعة كما لو أحرم منفردا وصلى ركعة ونسي منها سجدة ثم قام فوجد مصليا في السجود أو الاعتدال فاقتدى به وسجد معه للمتابعة فيجزئه ذلك وتكمل به ركعته كما نقل عن شيخنا الشمس الشوبري ومنازعة شيخنا الشبراملسي فيه بأن نية الصلاة لم تشمله مدفوعة بما نقله هو قبل هذا عن الشهاب ابن حجر من قوله ومعنى الشمول أن يكون ذلك النفل أي ومثله الفرض بالأولى داخلا كالفرض في مسمى مطلق الصلاة بخلاف السجود والتلاوة انتهى إذ لا خفاء في شمول نية الصلاة لما ذكر بهذا المعنى رشيدي ( قوله إن كان إلخ ) أي المثل ( قوله كالقيام إلخ ) نشر مشوش ( قوله حسب له إلخ ) قد يكون هذا معنى التمام فلا حاجة للتقييد سم ( قوله هذا إلخ ) أي قول المصنف تمت به ركعته ع ش ( قوله كسجدة تلاوة ) أي ولو لقراءة آية بدلا عن الفاتحة فيما يظهر خلافا للزركشي سم عن المنهج عن حج ا هـ ع ش ( قوله لم تجزئه ) الأولى [ ص: 97 ] التذكير ( قوله وعرف إلخ ) عطف على قوله كان المثل إلخ ( قوله والأخذ باليقين إلخ ) أي كما يعلم من قول المصنف ، وكذا إن شك فيها وقوله وإن علم في آخر رباعية إلخ ( قوله ولم يشترط هنا طول إلخ ) هذا يفيد البطلان وإن تذكر في الحال أن المتروك غيرهما فلتراجع المسألة فإن الظاهر أن هذا ممنوع بل يشترط هنا الطول أو مضي ركن أيضا وقد ذكرت ما قاله ل م ر فأنكره سم على حج أقول وما قاله م ر هو مقتضى إطلاقهم ع ش ( قوله في ذلك ) أي في النية أو تكبيرة التحرم ( قوله أتى به ولو بعد طول الفصل ) أي حيث لم يأت بما يبطل الصلاة كفعل كثير ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية