الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويحرم استعمال آلة من شعار الشربة كطنبور ) بضم أوله ( وعود ) ورباب وجنك وسنطير وكمنجة ( وصنج ) بفتح أوله وهو صفر يجعل عليه أو نار يضرب بها أو قطعتان من صفر تضرب إحداهما بالأخرى وكلاهما حرام ( ومزمار عراقي ) وسائر أنواع الأوتار والمزامير ( واستماعها ) ؛ لأن اللذة الحاصلة منها تدعو إلى فساد كشرب الخمر لا سيما من قرب عهده بها ؛ ولأنها شعار الفسقة ، والتشبه بهم حرام وخرج باستماعها سماعها من غير قصد فلا يحرم ، وحكاية وجه بحل العود ؛ لأنه ينفع من بعض الأمراض مردودة بأن هذا لم يثبت عن أحد ممن يعتد به على أنه إن أريد حله لمن به ذلك المرض ولم ينفعه غيره [ ص: 220 ] بقول طبيبين عدلين فليس وجها بل هو المذهب كالتداوي بنجس غير الخمر وعلى هذا يحمل قول الحليمي يباح استماع آلة اللهو إذا نفعت من مرض أي : لمن به ذلك المرض وتعين الشفاء في سماعه وحكاية ابن طاهر عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي أنه كان يسمع العود من جملة كذبه وتهوره كما بينته ، ثم ( لا يراع ) وهو الشبابة سميت بذلك لخلو جوفها ومن ثم قالوا لمن لا قلب له رجل يراع فلا يحرم ( في الأصح ) لخبر فيها ( قلت الأصح تحريمه والله أعلم ) ؛ لأنه مطرب بانفراده بل قال بعض أهل الموسيقى إنه آلة كاملة جامعة لجميع النغمات إلا يسيرا فحرم كسائر المزامير ، والخبر المروي في شبابة الراعي منكر كما قاله أبو داود وبتقدير صحته كما قاله ابن حبان فهو دليل للتحريم ؛ لأن ابن عمر سد أذنيه عن سماعها ناقلا له عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم استخبر من نافع هل يسمعها فيستديم سد أذنيه فلما لم يسمعها أخبره فترك سدهما فهو لم يأمره بالإصغاء إليها بدليل قوله له أتسمع ؟ ولم يقل استمع ولقد أطنب خطيب الشام الدولعي وهو ممن نقل عنه في الروضة وأثنى عليه في تحريمها وتقرير أدلته ونسب من قال بحلها إلى الغلط وأنه ليس معدودا من المذهب ونقلت كلامه برمته وكلام غيره ثم فراجعه ، ونقل ابن الصلاح أنها إذا جمعت مع الدف حرما بإجماع من يعتد به ورده التاج السبكي وغيره ويوافقه ما مر عن الإمام في الشطرنج مع القمار وعن الزركشي في الغناء مع الآلة وما حكي عن ابن عبد السلام وابن دقيق العيد من أنهما كانا يسمعان ذلك فكذب كما بينته ثم فاحذره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 218 - 220 ] قوله : لأن ابن عمر سد أذنيه إلخ ) قد يعارض ذلك بأن تركه الإنكار على الراعي دليل الجواز وإلا لأنكر [ ص: 221 ] لأن إنكار المنكر واجب إلا أن يقال شرط وجوب الإنكار كونه مجمعا عليه أو يعتقد الفاعل التحريم وإن كان مختلفا فيه ويحتمل أن الراعي كان يعتقد حله باجتهاد منه أو بتقليد لمن أفتاه بحله من المجتهدين ، أو أنه قام مانع من الإنكار فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ويحرم استعمال آلة إلخ ) أي وكذا يحرم اتخاذها ، واستعمالها هو الضرب بها مغني وأسنى ( قول المتن من شعار الشربة ) جمع شارب وهم القوم المجتمعون على الشراب الحرام مغني وفي الخلاصة وشاع نحو كامل وكملة . ا هـ .

                                                                                                                              . ( قوله : بضم أوله ) إلى قول المتن لا الرقص في النهاية إلا قوله : كما بينته ثم في موضعين وقوله وتضعيفالترمذي له مردود وقوله ويشهد أيضا إلى ويباح . ( قوله : وهو صفر ) أي نحاس أصفر ع ش ( قوله : أو قطعتان إلخ ) كالنحاستين اللتين تضرب إحداهما على الأخرى يوم خروج المحمل ، ومثلهما قطعتان من صيني أو خشبة تضرب إحداهما على الأخرى ، وأما التصفيق باليدين فمكروه كراهة تنزيه حلبي . ( قوله : بضرب إحداهما إلخ ) وهو ما يستعمله الفقراء المشهورون في زمننا المسمى في عرف العامة بالكاسات ع ش وحلبي ( قول المتن ومزمار عراقي ) بكسر الميم وهو ما يضرب به مع الأوتار مغني وشيخ الإسلام . ( قوله : وسائر أنواع الأوتار والمزامير ) وكلها صغائر شرح المنهج . ( قوله : من قرب عهده بها ) أي : بالخمر وشربها . ( قوله : بأن هذا إلخ ) عبارة النهاية نعم لو أخبر طبيبان عدلان بأن المريض لا ينفعه لمرضه إلا العود عمل بخبرهما وحل له استماعه كالتداوي بنجس فيه الخمر وعلى هذا يحمل إلخ وعبارة المغني وبحث جواز استماع المريض إذا شهد عدلان [ ص: 220 ] من أهل الطب بأن ذلك ينجع في مرضه وحكى ابن عبد السلام خلافا للعلماء في السماع بالملاهي وبالدف والشبابة وقال السبكي : السماع على الصورة المعهودة منكر وضلالة وهو من أفعال الجهلة والشياطين ومن زعم أن ذلك قربة فقد كذب وافترى على الله ، ومن قال أنه يزيد في الذوق فهو جاهل أو شيطان ، ومن نسب السماع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤدب أدبا شديدا ويدخل في زمرة الكاذبين عليه صلى الله عليه وسلم ومن كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وليس هذا طريقة أولياء الله تعالى وحزبه وأتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم بل طريقة أهل اللهو واللعب والباطل وينكر على هذا باللسان واليد والقلب ومن قال من العلماء بإباحة السماع فذاك حيث لا يجتمع فيه دف وشبابة ولا رجال ونساء ولا من يحرم النظر إليه . ا هـ .

                                                                                                                              . ( قوله : بقول طبيبين إلخ ) ينبغي أو معرفة نفسه إن كان عارفا بالطب ويتردد النظر في إخبار الواحد ولو فاسقا إذا وقع في القلب صدقه سيد عمر . ( قوله : بل هو للمذهب إلخ ) أي حل استماعه انظر هل يحل لنحو الطبيب استعماله حينئذ المتوقف عليه استماع المريض المتوقف عليه شفاؤه رشيدي أي والظاهر الحل . ( قوله : كما بينته ثم ) أي في كف الرعاع إلخ . ( قوله : وهو الشبابة ) وهي المسماة الآن بالغاب ع ش ( قوله : لخلو جوفها ) وفي البجيرمي عن القليوبي والشبابة هي ما ليس له بوق ومنها الصفارة ونحوها . ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن قلت الأصح تحريمه ) أي كما صححه كلام البغوي وهو مقتضى كلام الجمهور وترجيح الأول تبع فيه الرافعي الغزالي ومال البلقيني وغيره إليه لعدم ثبوت دليل معتبر بتحريمه مغني وشرح المنهج . ( قوله : ؛ لأن ابن عمر سد أذنيه إلخ ) قد يعارض ذلك بأن تركه الإنكار على الراعي دليل الجواز وإلا لأنكر ؛ لأن إنكار المنكر واجب إلا أن يقال شرط وجوب الإنكار كونه مجمعا عليه أو يعتقد الفاعل التحريم واليراع مختلف فيه ويحتمل أن الراعي كان يعتقد حله باجتهاد منه أو بتقليد لمن أفتاه بحله من المجتهدين أو أنه قام مانع من الإنكار فليتأمل سم . ( قوله : سد أذنيه ) أي ورعا وإلا فقد مر أن مجرد السماع لا يحرم وبه يندفع إشكال تقريره لسماع نافع رشيدي . ( قوله : ممن نقل ) أي المصنف . ( قوله : في تحريمها ) متعلق بأطنب . ( قوله : وأنه ليس إلخ ) أي وإلى أنه إلخ يعني قال أن القول بحلها أو القائل به ليس إلخ . ( قوله : ورده التاج السبكي وغيره ويوافقه ما مر عن الإمام إلخ ) عبارة النهاية وفيه ما مر عن الإمام إلخ . ( قوله : ما مر إلخ ) مر ما فيه




                                                                                                                              الخدمات العلمية