الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن غيره ) أي النجس الماء القلتين ولو يسيرا أو تقديرا كأن وقع فيه موافقة فغيره بالفرض والتقدير ، ثم إن وافقه في الصفات الثلاث قدرناه مخالفا أشد فيها [ ص: 85 ] كلون الحبر وريح المسك وطعم الخل أو في صفة قدرناه مخالفا فيها فقط ( فنجس ) إجماعا ولو بوصف واحد في الأولى أو بعضه فلكل حكمه فإن كثر غير المتغير بقي على طهارته وإلا فلا ، وإنما قدر الطاهر بالوسط لأنه أخف ولو وقع في متغير بما لا يضر قدر زواله فإن غير حينئذ ضر وإلا فلا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ثم إن وافقه إلخ ) فرع

                                                                                                                              وقعت نجاسة كنقطة بول في مائع يوافق الماء ثم ألقي ذلك المائع في ماء قلتين [ ص: 85 ] فهل الذي يفرض مخالفا أشد المائع مع ما وقع فيه من النجاسة أو ما وقع فيه فقط ؛ لأن المائع ليس نجسا حتى يقدر مخالفا الذي أفتى به شيخنا الشهاب الرملي الثاني وعليه لو كانت النجاسة الواقعة جامدة كعظم ميتة ثم أخرجت منه قبل إلقائه في الماء لم يفرض شيء هنا فليتأمل ، وسيأتي آخر الباب عن الشارح خلاف ما أفتى به شيخنا ( قوله وطعم الخل ) قد ينظر في أن طعم الخل أشد الطعوم ، وقد يدعي أن طعم نحو الصبر أشد وقد ينظر في الأخيرين بنحو ذلك ( قوله أو بعضه ) ضبب بينه وبين قوله قبل الماء القلتين وقوله قدر زواله أي زوال التغير بما لا يضر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( فإن غيره فنجس ) إطلاقه يشمل التغير بما لا نفس له سائلة ، وهو كذلك كما سيأتي قريبا في كلام الشارح عميرة ( قوله أي النجس ) إلى قوله أو في صفة في النهاية والمغني ( قوله ولو يسيرا إلخ ) أي سواء أكان التغير قليلا أم كثيرا وسواء المخالط والمجاور نهاية ( قوله : ثم إن وافقه إلخ ) .

                                                                                                                              فرع وقعت نجاسة كنقطة بول في مائع يوافق الماء ، ثم ألقي ذلك المائع في ماء قلتين فهل يفرض مخالفا أشد المائع مع ما وقع فيه من النجاسة أو ما وقع فقط ؛ لأن المائع ليس نجسا حتى يقدر مخالفا الذي أفتى به شيخنا الشهاب الرملي الثاني وعليه لو كان النجاسة الواقعة في المائع جامدة كعظم ميتة ، ثم أخرجت منه قبل إلقائه في الماء لم يفرض شيء هنا فليتأمل وسيأتي آخر الباب عن الشارح خلاف ما أفتى به شيخنا سم ( قوله في الصفات الثلاث ) كالبول المنقطع الرائحة واللون والطعم شيخنا ( قوله قدرناه إلخ ) قد مر عن البجيرمي وشيخنا أن التقدير مندوب لا واجب فإذا أعرض عن التقدير وهجم واستعمله كفى ( قوله مخالفا أشد فيها ) عبارة المغني مخالفا له في [ ص: 85 ] أغلظ الصفات ا هـ ( قوله كلون الحبر إلخ ) فلو كان الواقع قدر رطل من البول المذكور فنقول لو كان الواقع قدر رطل من الخل هل يغير طعم الماء أو لا فإن قالوا يغيره حكمنا بنجاسته ، وإن قالوا لا يغيره نقول لو كان الواقع قدر رطل من الحبر هل يغير لون الماء أو لا فإن قالوا يغيره حكمنا بنجاسته ، وإن قالوا لا يغيره نقول لو كان الواقع قدر رطل من المسك هل يغير ريحه أو لا فإن قالوا يغيره حكمنا بنجاسته ، وإن قالوا لا يغيره حكمنا بطهارته ومثله يجري في الطاهر على المعتمد شيخنا .

                                                                                                                              ( قوله أو في صفة إلخ ) أي أو في صفتين فرض مخالفا فيهما كما هو ظاهر و ( قوله ولو بوصف واحد ) أي ولو حصل التغير بفرضه فقط بعد فرض الآخرين فلم يتغير وقوله في الأولى وهي ما لو وافقه في الصفات الثلاث بصري ( قوله أو بعضه ) ضبب بينه وبين قوله الماء القلتين سم ( قوله فلكل حكمه إلخ ) عبارة النهاية ولو تغير بعضه فقط فالمتغير نجس ، وأما الباقي فإن كان كثيرا لم ينجس ، وإلا تنجس ولو بال في البحر مثلا فارتفعت منه رغوة فهي طاهرة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ؛ لأنها بعض الماء الكثير خلافا لما في العباب ، ويمكن حمل كلام القائل بنجاستها على تحقق كونها من البول ، وإن طرحت في البحر بعرة مثلا فوقعت منه قطرة بسبب سقوطها على شيء لم تنجسه ا هـ قال ع ش قوله م ر على تحقق كونها إلخ كانت برائحة البول أو طعمه أو لونه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله زواله ) أي التغير بما لا يضر ( قوله وإلا فلا ) فلو غرف دلوا من ماء قلتين فقط وفيه نجاسة جامدة لم تغيره ولم يغرفها مع الماء فباطن الدلو طاهر لانفصال ما فيه عن الباقي قبل أن ينقص عن قلتين لا ظاهرها لتنجسه بالباقي المتنجس بالنجاسة لقلته فإن دخلت مع الماء أو قبله في الدلو انعكس الحكم شيخنا ( قوله ولو وقع إلخ ) ، ويأتي عن النهاية ما قد يخالفه وعن عميرة ما يوافقه ( قوله بما لا يضر ) صادق بالمتغير بطول المكث ، وهل الحكم فيه كذلك أو لا محل تأمل بصري .




                                                                                                                              الخدمات العلمية