الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويعفى عن محل استجماره ) بالحجر ونحوه المجزئ في الاستنجاء في حق نفسه وإن انتشر بعرق ما لم يجاوز الصفحة أو الحشفة وأخذ من هذا أنه لو مس رأس الذكر موضعا مبتلا من بدنه لم ينجسه وفيه نظر لما مر أن محل النجو متى طرأ عليه رطب أو جاف ، وهو رطب تعين الماء ( ولو حمل ) ميتة لا دم لها سائل [ ص: 129 ] في بدنه أو ثوبه وإن لم يقصد كقمل قتله فتعلق جلده بظفره أو ثوبه فمن أطلق أنه لا بأس بقتله في الصلاة يتعين أن مراده ما لم يحمل جلده وكالذباب ولو بمكة زمن الابتلاء به عقب الموسم كما شمله كلامهم وصرح به جمع متأخرون وإن أشار بعضهم للعفو لأن ما يختص الابتلاء به بزمن قليل مع إمكان الاحتراز عنه ليس في معنى ما سامحوا به والعفو عن نجاسة المطاف أيام الموسم لأن صحته مقصورة على محل واحد فالاضطرار إليه أكثر أو ( مستجمرا ) أو حامله أو بيضا مذرا بأن أيس من مجيء فرخ منه أو حيوانا بمنفذه نجس ولو معفوا عنه وإن ختمت عليه بنحو رصاص في جزء من صلاته ( بطلت في الأصح ) إذ لا حاجة لحمل ذلك فيها ومنه يؤخذ أن ما يتخلل خياطة الثوب من نحو الصئبان ، وهو بيض القمل يعفى عنه وإن فرضت حياته ثم موته ، وهو ظاهر لعموم الابتلاء به مع مشقة فتق الخياطة لإخراجه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ويعفى عن محل استجماره ) في الروض فصل يعفى عن أثر الاستنجاء ولو عرق لا إن لاقى رطبا آخر ا هـ قال في شرحه لندرة الحاجة إلى ملاقاة ذلك ا هـ ، وقد يؤخذ منه استثناء ما يحاذي المحل من الثوب لعموم الابتلاء بالملاقاة بذلك إلا أن يقال العموم لملاقاة ذلك في الجملة لا مع الرطوبة ( قوله ما لم يجاوز إلخ ) يتجه استثناء المحاذي لمحل الاستنجاء من الثوب لعسر الاحتراز عن ذلك ( قوله وأخذ من هذا إلخ ) [ ص: 129 ] قد يخالف هذا المأخوذ قول الروض لا إن لاقى أي أثر الاستنجاء رطبا آخر أي فلا يعفى عنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ما لم يحمل جلده ) أي أو تطل مماسته له ( قوله مستجمرا ) قال في الروض أو من عليه نجاسة معفو عنها قال في [ ص: 130 ] شرحه كثوب فيه دم براغيث معفو عنه ، وقد يؤخذ منه أن حمل من جبر عظمه بنجس حيث لم يجب نزعه ولم يستتر بلحم وجلد ظاهر كذلك ؛ لأنه نجس معفو عنه كذلك إلا أن يفرق بأن هذا صار في حكم الجزء فلا يضر الحمل معه ويؤخذ مما مر في قبض طرف شيء متنجس فيها أنه لو أمسك المستجمر المصلي أو ملبوسه أنه يضر ، وهو ظاهر ولو سقط طائر على منفذه نجاسة في نحو مائع لم ينجسه لعسر صونه عنه بخلاف نحو المستجمر فإنه ينجسه ويحرم عليه ذلك لتضمخه بالنجاسة ويؤخذ منه حرمة مجامعة زوجته قبل استنجائه بالماء وأنها لا يلزمها حينئذ تمكينه وبه أفتى شيخنا الشهاب الرملي .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويعفى عن محل استجماره ) أي عن أثره نهاية ومغني أي ولو كان الاستنجاء في شاطئ البحر ع ش ( قوله بالحجر ) إلى قوله وأخذ في النهاية والمغني ( قوله في حق نفسه ) أي لعسر تجنبه نهاية قضية التعليل أنه لو لم يعسر تجنبه كالكم والذيل مثلا لا يعفى عما لاقاه من ذلك ، وهو كذلك كما هو ظاهر ع ش ( قوله ما لم يجاوز إلخ ) فإن جاوزه وجب غسله قطعا مغني ونهاية ( قوله ما لم يجاوز الصفحة إلخ ) يتجه استثناء المحل المحاذي بمحل الاستنجاء من الثوب لعسر الاحتراز عن ذلك سم ورشيدي وتقدم عن ع ش ما يفيده ( قوله وأخذ إلخ ) قد يخالف هذا المأخوذ قول الروض أي والمغني لا إن لاقى أي أثر الاستنجاء رطبا آخر أي فلا يعفى عنه سم ( قوله لما مر ) أي في فصل الاستنجاء كردي [ ص: 129 ] قوله في بدنه أو ثوبه إلخ ) والقياس بطلانها أي أيضا بحمله ماء قليلا أو مائعا فيه ميتة لا نفس لها سائلة وقلنا لا ينجس كما هو الأصح وإن لم يصرحوا به نهاية ( قوله ما لم يحمل جلده ) أي أو تطل مماسته لهسم ( قوله وكالذباب إلخ ) عطف على قوله كقمل إلخ ( قوله مع إمكان الاحتراز إلخ ) محل تأمل إذ الفرض عسر الاحتراز بصري ( قوله : لأن صحته مقصورة إلخ ) محل تأمل بل يصح بباقي المسجد ومع ذلك فكلامهم صريح في أنه لا يكلف الخروج إليه ، والحاصل أن القول بالعفو أي عن الذباب المذكور وجيه بصري .

                                                                                                                              ( قوله أو مستجمرا ) أي أو من عليه نجاسة معفو عنها كثوب به دم براغيث على تفصيل يأتي ويؤخذ مما مر في قبض طرف شيء متنجس فيها أي الصلاة أنه لو أمسك المصلي بدن مستجمر أو ثوبه أو أمسك المستجمر المصلي أو ملبوسه أنه يضر ، وهو ظاهر ولو سقط طائر على منفذه نجاسة في نحو مائع لم ينجسه لعسر صونه عنه بخلاف نحو المستجمر فإنه ينجسه ويحرم عليه ذلك لتضمخه بالنجاسة ويؤخذ منه حرمة مجامعة زوجته قبل استنجائه بالماء وأنه لا يلزمها حينئذ تمكينه كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى نهاية ، وكذا في المغني إلا قوله كما أفتى إلخ وقال الرشيدي قوله م ر إنه لو أمسك المصلي إلخ وفي حاشية الشيخ ع ش أن مثله ما لو أمسك المستنجي بالماء مصليا مستجمرا بالأحجار فتبطل صلاة المصلي المستجمر بالأحجار أخذا مما مر أن من اتصل بطاهر متصل بنجس غير معفو عنه تبطل صلاته أي وقد صدق على هذا المستنجي بالماء الممسك للمصلي أنه طاهر متصل بنجس غير معفو عنه ، وهو بدن المصلي المذكور ؛ لأن العفو إنما هو بالنسبة إليه وقد اتصل بالمصلي ، وهو في غاية السقوط كما لا يخفى إذ هو مغالطة إذ لا خفاء أن معنى كون الطاهر المتصل بالمصلي متصلا بنجس غير معفو عنه أنه غير معفو عنه بالنسبة للمصلي وهذا النجس معفو عنه بالنسبة إليه فلا نظر لكونه غير معفو عنه بالنسبة للممسك الذي هو منشأ التوهم ولأنا إذا عفونا عن محل الاستجمار بالنسبة لهذا المصلي فلا فرق بين أن يتصل به بالواسطة أو بغير الواسطة وعدم العفو إنما هو بالنسبة لخصوص الغير بل هو بالواسطة أولى بالعفو منه بعدمها الذي هو محل وفاق كما هو ظاهر ويلزم على ما قاله أن تبطل صلاته بحمله لثيابه التي لا يحتاج إلى حملها لصدق ما مر عليها ولا أحسب أحدا يوافق عليه ا هـ .

                                                                                                                              وقال ع ش قوله أو أمسك المستجمر إلخ أي ولم ينحه حالا وقوله طائر أي أو غيره من الحيوانات وقوله على منفذه أي أو منقاره أو رجله وقوله نجاسة أي محققة وقوله قبل استنجائه أي أو استنجائها وقوله وأنه لا يلزمها إلخ أي بل يحرم عليها ذلك وظاهر أن محل هذا ما لم يخش الزنا وإلا فيجوز كما في وطء الحائض ا هـ . ( قوله أو حامله ) إلى المتن في النهاية والمغني ( قوله أو حامله إلخ ) هل يلحق بذلك من وصل عظمه بنجس معذور فيه أم لا ؟ فيه نظر والأقرب عدم الضرر سم على حج ع ش ( قوله بمنفذه إلخ ) أي مثلا ع ش ( قوله أو ميتا طاهرا إلخ ) عبارة المغني والنهاية أو حيوانا مذبوحا وإن غسل الدم عن مذبحه أو آدميا أو سمكا أو جرادا ميتا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو قارورة إلخ ) أي أو عنبا استحال خمرا مغني ونهاية ( قوله في جزء من صلاته ) ظرف ولو حل إلخ قول المتن ( بطلت ) أي حالا في الصورة المذكورة ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية