الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو ) خلق منسد الفرجين بأن لم يخرج منهما شيء نقض خارجه من أي محل كان ، ولو الفم أو أحدهما نقض [ ص: 133 ] المناسب له أو لهما سواء أكان انسداده بالتحام أم لا خلافا لشيخنا وصرح الماوردي بأنه لا يثبت للأصلي أحكامه حينئذ وفيه نظر لبقاء صورته فلينقض مسه ، ويجب الغسل والحد بإيلاجه والإيلاج فيه وغير ذلك ثم رأيت صاحب البيان صحح الانتقاض بمسه وعلله بأنه يقع عليه اسم الذكر وهو صريح فيما ذكرته فعلم أنه لا يثبت للمنفتح حينئذ إلا النقض خلافا لما قد يوهمه كلام الماوردي المذكور أو غير منسده ، وإنما طرأ له ( إن انسد مخرجه ) المعتاد أي صار بحيث لا يخرج منه شيء ( وانفتح ) مخرج ( تحت معدته ) فخرج المعتاد خروجه ، وهي بفتح فكسر في الأفصح وبفتح أو كسر فسكون وبكسر أوليه هنا سرته وحقيقتها مستقر الطعام من المنخسف تحت الصدر إلى السرة ( فخرج المعتاد ) خروجه ( نقض ) إذ لا بد للإنسان من مخرج يخرج منه حدثه [ ص: 134 ] ( وكذا نادر كدود ) ومنه الدم وكذا الريح هنا ، وإن كان مطلقه معتادا ( في الأظهر ) كالمعتاد ( أو ) انفتح ( فوقها ) أي المعدة أو فيها أو محاذيا لها ( وهو ) أي الأصلي ( منسد ) انسدادا طارئا ( أو ) انفتح ( تحتها وهو منفتح فلا ) ينقض خارجه المعتاد والنادر ( في الأظهر ) ؛ لأنه من فوقها وفيها ومحاذيها بالقيء أشبه ومن تحتها عنه غني وحيث نقض المنفتح لم يثبت له من أحكام الأصلي غير ذلك وفي المجموع لو نام ممكنه من الأرض أي مثلا لم ينتقض وضوءه ( تنبيه )

                                                                                                                              ظاهر المتن هنا مشكل ؛ لأنه جعل انسداد الأصلي مقسما ثم فصل بين انسداده وانفتاحه وقد يجاب بأن قوله أو فوقها معطوف على تحت لا بقيد ما قبله ونحو ذلك قد يقع في كلامهم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولو الفم ) هل ينقض حينئذ خروج ريقه ونفسه منه ؛ لأن خروج الريح ناقض والنقض بذلك في غاية الإشكال والمعتمد عند شيخنا الشهاب الرملي خلاف ذلك واختصاص هذا الحكم بما يطرأ انفتاحه دون المنفتح أصالة ( مسألة )

                                                                                                                              لو خلق إنسان بلا دبر بالكلية ولم ينفتح له مخرج وقلنا بما اعتمده شيخنا الشهاب الرملي من أن المنفتح أصالة كالفم لا يقوم مقام الأصلي فهل ينتقض هذا بالنوم الغير الممكن أخذا بإطلاقهم إذ النوم الغير الممكن ناقض فيه نظر يحتمل أن يقال بعدم النقض ؛ لأن علته أن النوم الغير الممكن مظنة خروج شيء من الدبر إذ لا دبر له ويحتمل النقض أخذا بإطلاقهم واكتفاء بأن النوم مظنة الخروج في الجملة أي بالنظر لغير مثل هذا الشخص ولعل الأقرب الأول لا يقال يؤيد الثاني أنه يحتمل الخروج من القبل ؛ لأنه [ ص: 133 ] لا أثر لاحتمال الخروج منه لندرته كما صرحوا به إلا أن يقال تستثنى هذه الحالة فيقام فيها القبل مقام الدبر حتى في خروج الريح وفيه نظر فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله المناسب له ) ينبغي وغير المناسب لهما بناء على النقض بالنادر ( قوله : خلافا لما قد يوهمه كلام الماوردي ) المعتمد عند شيخنا الشهاب الرملي ما اقتضاه كلام الماوردي فيثبت للمنفتح جميع أحكام الفرج حتى يجب ستره إذا كان فوق السرة وهل له حريم يحرم التمتع به كما حرم بما بين السرة والركبة ؛ لأنه حريم الفرج فيه نظر والقياس حرمة التمتع به من الحائض ، وأنه لا حريم له ، وأن ما بين السرة والركبة عورة بحاله ، وإذا وجب ستره هل يجب كشفه عند السجود أو لا بل يسجد عليه مستورا الظاهر الثاني ؛ لأن في ذلك جمعا بين حصول السجود والستر ؛ لأن السجود مع الحائل جائز للعذر كما في عصابة جراحة شق إزالتها ويفارق ما لو احتاج لستر بعض عورته بيده فإن الظاهر أنه يسجد على يده ، وإن فات ستر ذلك المحل بأن بعض البدن لم يوضع للستر .

                                                                                                                              ( قوله : إن انسد مخرجه ) ظاهر كلام الجمهور أنه يكفي انسداد أحد المخرجين وصرح الصيمري باشتراط انسدادهما ، وأنه لو انسد أحدهما فالحكم للثاني لا غير وبسط الشارح الكلام على ذلك في [ ص: 134 ] شرح الإرشاد وذكر أن اشتراط الصيمري ضعيف قال كما صرح به الأذرعي وغيره ( قوله : وكذا نادر ) ينبغي أن يكون المراد بالنادر غير المعتاد فيشمل ما لم يعهد له خروج أصلا ولا مرة ( قوله : أو فوقها إلخ ) بقي ما لو انفتح واحد من تحتها وآخر فوقها والوجه أن العبرة بما تحتها ولو انفتح اثنان تحتها ، وهو منسد فهل ينقض خارج كل منهما مطلقا أو لا أو إلا أن يكون أحدهما أسفل من الآخر أو أقرب إلى الأصلي من الآخر فهو المعتبر فيه نظر .

                                                                                                                              ( قوله : لم يثبت له إلخ ) قال المحلي أما الأصلي فأحكامه باقية وفي الجواهر أنه لا يثبت له شيء من أحكام الفرج إلا وطء الزوجة ( قوله : وقد يجاب إلخ ) يجاب أيضا بأن قوله أو فوقها غير معطوف على تحت بل معمول لمحذوف أي انفتح وجملة المحذوف معطوفة على جملة قوله ولو انسد مخرجه إلخ لكن يرد على هذا أن مثل هذا العطف من خصائص الواو كما قال في الألفية ، وهي أي الواو انفردت بعطف عامل مزال قد بقي معموله إلا [ ص: 135 ] أن تجعل أو مجازا عن الواو ويكتفى بذلك في هذا الحكم أو يخص ذلك الحكم بحيث لا يشمل ما نحن فيه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : بأن لم يخرج منهما شيء ) أي ، وإن لم يلتحما نهاية ، ويأتي في الشارح مثله ( قوله ولو الفم ) هل ينقض حينئذ خروج ريقه ونفسه منه ؛ لأن خروج الريح ناقض والنقض بذلك في غاية الإشكال والمعتمد عند شيخنا الشهاب الرملي خلاف ذلك واختصاص هذا الحكم بما يطرأ انفتاحه دون المنفتح أصالة سم على حج ا هـ ع ش عبارة الكردي وعند الشهاب الرملي والجمال الرملي والخطيب والطبلاوي وغيرهم لا ينقض ما خرج من المنافذ المفتوحة كالفم والأذن بخلاف ما إذا انفتح له مخرج آخر فإن خارجه ينقض من أي موضع كان ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو أحدهما ) عطف على الفرجين [ ص: 133 ] قوله : المناسب له إلخ ) ينبغي وغير المناسب لهما بناء على النقض بالنادر سم ( قوله سواء أكان إلخ ) راجع إلى قوله وفيه نظر إلخ ( قوله : فلينقض مسه ) أي الأصلي مفرع عليه ( قوله : ويجب إلخ ) بالجزم عطفا على ينقض مسه ( قوله : بإيلاجه إلخ ) أي الأصلي ( قوله خلافا لشيخنا ) أقول يحتمل أن يكون مراد شيخ الإسلام ما يكون مع ذهاب الصورة بالكلية فيجامع كلام الشارح ويحتمل أن يبقى على عمومه ، وهو الأقرب ومجرد بقاء الصورة لا نظر إليه وإلا لنقض كل من قبلي الخنثى ؛ لأنه إما أصلي أو بصورته بصري .

                                                                                                                              وقوله : وهو الأقرب أي الموافق للنهاية والمغني ( قوله : فلينقض إلخ ) خلافا للنهاية والمغني كما يأتي ( قوله : مسه إلخ ) أي الأصلي ( قوله : إلا النقض ) أي بخروج الخارج منه كردي ( قوله : حينئذ ) أي حين إذ كان الانسداد أصليا وكذا الحكم عند الشارح إذا كان عارضيا كما يأتي وأما الرملي ومن نحا نحوه فالحكم كذلك عندهم في الانسداد العارض .

                                                                                                                              وأما الخلقي فينعكس الحكم فيه عندهم فتنتقل الأحكام كلها فيه إلى المنفتح وتنسلب عن الأصلي كردي ( قوله : خلافا لما قد يوهمه كلام الماوردي إلخ ) المعتمد عند شيخنا الشهاب الرملي ما اقتضاه كلام الماوردي فيثبت للمنفتح جميع أحكام الفرج حتى يجب ستره إذا كان فوق السرة وهل له حريم يحرم التمتع به كما حرم ما بين السرة والركبة ؛ لأنه حريم الفرج فيه نظر والقياس حرمة التمتع به من الحائض ، وأنه لا حريم له ، وأن ما بين السرة والركبة عورة بحاله ، وإذا وجب ستره هل يجب كشفه عند السجود أو لا بل يسجد عليه مستورا الظاهر م ر هو الثاني ؛ لأن في ذلك جمعا بين حصول السجود والستر ؛ لأن السجود مع الحائل جائز للعذر كما في عصابة جراحة شق إزالتها سم .

                                                                                                                              قال ع ش فرع لو خلقت السرة في محل أعلى من محلها الغالب كصدره أو الركبة أسفل من محلها الغالب فالوجه اعتبارهما دون محلهما الغالب فيحرم الاستمتاع بما بينهما ، وإن زاد على ما بينهما من محلهما الغالب ولو لم يخلق له سرة أو ركبة قدر باعتبار الغالب سم على البهجة ( قوله : أو غير منسده ) أي أو خلق غير منسد المخرج فالضمير راجع إلى واحد من الفرجين أو إليهما باعتبار المخرج قاله الكردي والأولى إرجاعه لجنس المخرج الصادق بهما وبأحدهما كما يأتي عن ع ش قول المتن ( انسد مخرجه ) أي جنسه فيصدق بما لو انسد أحد مخرجيه ثم انفتحت له ثقبة ع ش عبارة سم ظاهر كلام الجمهور أنه يكفي انسداد أحد المخرجين وصرح الصيمري باشتراط انسدادهما ، وأنه لو انسد أحدهما فالحكم للثاني لا غير .

                                                                                                                              وبسط الشارح الكلام على ذلك في شرح الإرشاد وذكر أن اشتراط الصيمري ضعيف قال كما صرح به الأذرعي وغيره ا هـ ، ويأتي آنفا عن المغني ما يوافقه ( قوله : المعتاد إلخ ) عبارة النهاية الأصلي قبلا كان أو دبرا بأن لم يخرج منه شيء ، وإن لم ينسد بلحمة ا هـ زاد المغني وما تقرر من الاكتفاء بأحد المخرجين هو ظاهر كلام الجمهور ، وهو المعتمد ، وإن صرح الصيمري باشتراط انسدادهما وقال لو انسد أحدهما فالحكم للباقي لا غير ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وهي ) أي المعدة أي المراد بها ( قوله : سرته ) فمرادهم بتحت المعدة ما تحت السرة نهاية قال ع ش قوله : ما تحت السرة أي مما يقرب منها فلا عبرة بانفتاحه في الساق والقدم ، وإن كان إطلاق المصنف يشمل ذلك [ ص: 134 ] فليراجع ا هـ قول المتن ( وكذا نادر ) ينبغي أن يكون المراد بالنادر غير المعتاد فيشمل ما لم يعهد له خروج أصلا ولا مرة سم ( قوله : وكذا الريح إلخ ) هذا ما نقله في أصل الروضة ثم استدرك عليه في زيادتها فقال والمذهب أن الريح من المعتاد وقال الأذرعي إنه الصواب انتهى ا هـ بصري قول المتن ( أو فوقها ) بقي ما لو انفتح واحد تحتها وآخر فوقها والوجه أن العبرة بما تحتها ولو انفتح اثنان تحتها وهو منسد فهل ينقض خارج كل منهما مطلقا أو إلا أن يكون أحدهما أسفل من الآخر أو أقرب إلى الأصلي من الآخر فهو المعتبر فيه نظر سم على حج أقول ولا يبعد أن يقال ينقض الخارج من كل منهما تنزيلا لهما منزلة الأصليين وهو مقتضى قول سم على شرح البهجة لو تعدد هذا الثقب وكان يخرج الخارج من كل من ذلك المتعدد فينبغي النقض بخروج الخارج من كل سواء أحصل انفتاحه معا أو مرتبا ؛ لأنه بمنزلة أصليين م ر ، ويجوز للحليل الوطء في هذا الثقب ، وإن لم يكن للحليلة دبر م ر ا هـ بحروفه فإنه أطلق في الثقب فيشمل المتحاذية وما بعضها فوق بعض ع ش ( قوله أي المعدة إلخ ) عبارة المغني والنهاية أي المعدة والمراد فوق تحتها كما في بعض النسخ أو فوقه أي فوق تحت المعدة حتى تدخل هي بأن انفتح في السرة أو محاذيها أو فيما فوق ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بالقيء أشبه ) إذ ما تحيله الطبيعة تلقيه إلى الأسفل نهاية ومغني ( قوله : عنه غني ) أي لا ضرورة إلى جعل الحادث مخرجا مع انفتاح الأصلي مغني ونهاية ( قوله : لم يثبت له إلخ ) هذا في العارض أما الخلقي فمنفتحه كالأصلي في سائر الأحكام كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى والمنسد حينئذ كعضو زائد لا وضوء بمسه ولا غسل بإيلاجه ولا بالإيلاج فيه قاله الماوردي ، وهو المعتمد ، وإن قال في المجموع لم أر لغيره تصريحا بموافقته أو مخالفته ويؤخذ من التعبير بالانفتاح أنه لو خرج من نحو فمه لا ينقض لانفتاحه أصالة نهاية زاد المغني ، وإن استبعده بعض المتأخرين ومما يرد الاستبعاد أن الإنسان لو خلق له ذكر فوق سرته يبول منه ويجامع به ولا ذكر له سواه ألا ترى أنا ندير الأحكام عليه ولا ينبغي أن يقال إنا نجعل له حكم النقض فقط ولا حكم له غير ذلك ا هـ وقوله بعض المتأخرين يعني به الشارح .

                                                                                                                              ( قوله لو نام ممكنه ) أي المنفتح الناقض نهاية ومغني أي سواء كان الانفتاح أصليا أو عارضيا ع ش ( قوله : لم ينتقض وضوءه ) وفاقا للنهاية والمغني ( قوله : ؛ لأنه جعل إلخ ) هذا بقطع النظر عن حل الشارح فإنه حمل المتن على الانسداد الطارئ وذكر حكم الانسداد الأصلي قبله على خلاف ما سلكه النهاية والمغني ( قوله : ثم فصل إلخ ) أي بقوله ، وهو منسد إلخ وقوله ، وهو منفتح إلخ ( قوله : وقد يجاب بأن قوله إلخ ) ويجاب أيضا بأن قوله أو فوقها غير معطوف على تحت بل معمول لمحذوف أي انفتح وجملة المحذوف معطوفة على جملة قوله ولو انسد مخرجه لكن يرد على هذا أن مثل هذا العطف من خصائص الواو كما في الألفية ، وهو أي الواو انفردت بعطف عامل مزال قد بقي معموله إلا أن يجعل أو مجازا عن الواو ويكتفى بذلك في هذا الحكم أو يخص ذلك الحكم بحيث لا يشمل ما نحن فيه سم وقد يدعى أن هذا الجواب تفصيل جواب الشارح .

                                                                                                                              ( قوله : لا بقي بقيد ما قبله ) يعني الانسداد الأصلي بل الأصلي




                                                                                                                              الخدمات العلمية