الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن ) النقد الذهب أو الفضة ( المحرم الإناء ) كميل ولو لامرأة إلا لجلاء عين توقف عليه وذكر هنا لضرورة التقسيم وبيان الزكاة فيه فلا تكرار ( والسوار ) بكسر السين أكثر من ضمها ( والخلخال ) بفتح الخاء وسائر حلي النساء ( للبس الرجل ) بأن قصد ذلك باتخاذهما فهما محرمان بالقصد فاللبس أولى وذلك ؛ لأن فيه خنوثة لا تليق بشهامة الرجل بخلاف اتخاذهما للبس امرأة أو صبي والخنثى كرجل في حلي النساء وكامرأة في حلي الرجال أخذا بالأسوأ ( فلواتخذ ) الرجل ( سوارا بلا قصد ) للبس أو غيره ( أو قصد إجارته لمن له استعماله ) بلا كراهة ( فلا زكاة ) فيه ( في الأصح ) [ ص: 273 ] ؛ لأنه في الأولى بالصياغة بطل تهيؤه للإخراج الملحق له بالناميات إذ القصد بها الاستعمال غالبا مع إفضائها إليه غالبا فلا ترد السبائك وفي الثانية يشبه ما مر في المواشي العوامل وقضية كلامهم أنه لا فرق بين أن ينوي بذلك التجارة وأن لا وحينئذ فيشكل عليه ما يأتي فيمن استأجر أرضا ليؤجرها بقصد التجارة إلا أن يفرق بما يأتي أن التجارة في النقد ضعيفة نادرة فلم يؤثر قصدها مع وجود صورة الحلي الجائز المنافي لها وخرج بقوله بلا قصد ما إذا قصد اتخاذه كنزا فيزكى وإن لم يحرم الاتخاذ في غير الإناء ولو قصد مباحا ثم غيره لمحرم أو عكسه تغير الحكم ولو قصد إعارته لمن له استعماله لم يجب جزما ( وكذا لو انكسر الحلي ) المباح فعلمه ( وقصد إصلاحه ) فلا زكاة فيه في الأصح وإن دام أحوالا لدوام صورة الحلي مع قصد إصلاحه هذا إن توقف استعماله على الإصلاح بنحو لحام ولم يحتج لصوغ جديد فإن لم يتوقف عليه فلا أثر للكسر قطعا وإن احتاج لصوغ جديد ومضى حول بعد علمه بتكسره زكي قطعا وانعقد الحول من حين الكسر وخرج بقصد إصلاحه [ ص: 274 ] ما إذا قصد كنزه أو جعله نحو تبر فيزكى قطعا وكذا إن لم يقصد شيئا كما في أصل الروضة والشرح الصغير ؛ لأنه الآن غير معد للاستعمال وصحح في الكبير في موضع عدم وجوبها وصوبه الإسنوي ويعتبر فيما صنعته محرمة وزنه دون قيمته الزائدة بسبب الصنعة ؛ لأنها مستحقة الإزالة فلا احترام لها وفيما صنعته مباحة كلاهما لتعلق الزكاة بعينه الغير المحترمة فوجب اعتبارها بهيئتها الموجودة حينئذ

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وكامرأة في حلي الرجال ) أي كآلة الحرب المحلاة ( قوله فلو اتخذ الرجل سوارا إلخ ) ولو اتخذه لاستعمال محرم فاستعمله في المباح في وقت وجبت فيه الزكاة وإن عكس ففي الوجوب احتمالان أوجههما عدمه نظرا لقصد الابتداء فإن طرأ على ذلك قصد محرم ابتدأ حولا من وقته ولو اتخذه لهما وجبت قطعا وفيه احتمال شرح م ر ( قوله بلا كراهة ) احترز عن المكروه كالضبة الكبيرة لحاجة أو الصغيرة لزينة [ ص: 273 ] قوله إذ القصد بها ) أي الصياغة الاستعمال أي والاستعمال صادق بالمباح كاستعمال النساء ولو اشترى إناء ليتخذه حليا مباحا فحبس واضطر إلى استعماله في طهره ولم يمكنه غيره فبقي حولا كذلك فهل تلزمه زكاته الأقرب كما قاله الأذرعي لا ؛ لأنه معد لاستعمال مباح شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله في المتن وقصد إصلاحه ) قال في شرح الروض عند علمه بانكساره ثم قال وشمل كلامه بتقريري له أنه لو لم يعلم بانكساره إلا بعد عام أو أكثر فقصد إصلاحه لا زكاة أيضا ؛ لأن القصد يبين أنه كان مرصدا له وبه صرح في الوسيط فلو علم انكساره ولم يقصد إصلاحه حتى مضى عام وجبت زكاته فإن قصد بعده إصلاحه فالظاهر أنه لا وجوب في المستقبل ا هـ ويؤيد أو يعين قوله فالظاهر كلام الروض بعد كما بيناه ( قوله ومضى حول بعد علمه ) مفهومه عدم الوجوب فيما مضى قبل علمه لكن لم يذكر هذا القيد في شرح الروض ولا في العباب وعبارته وإن احتاج للإصلاح بسبك وصوغ عاد زكويا وحوله من انكساره ا هـ .

                                                                                                                              وقضيته أنه لا فرق بين العلم وغيره وعبارة الروض وشرحه ولو انكسر الحلي المباح فإنه لا زكاة فيه وإن دارت عليه أحوال إن قصد عند علمه بانكساره إصلاحه إلخ قال الشارح وشمل كلامه بتقريري له أنه لو لم يعلم بانكساره إلا بعد عام أو أكثر فقصد إصلاحه لا زكاة أيضا ؛ لأن القصد يبين أنه كان مرصدا له وبه صرح في الوسيط فلو علم انكساره ولم يقصد إصلاحه حتى مضى عام وجبت زكاته فإن قصد بعده إصلاحه فالظاهر أنه لا وجوب في المستقبل ا هـ وقوله فالظاهر إلخ يؤيده قول الروض بعد وكلما قصد الموجب أي كأن قصد بالحلي استعمالا محرما أو مكروها ابتدأ الحول وكلما غيره إلى المسقط أي كأن غير قصد الاستعمال المحرم أو المكروه إلى المباح انقطع أي الحول ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله زكي قطعا ) أي وإن قصد صوغه كما صرح به شرح الروض



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله كميل ) إلى قوله وذكر في المغني وإلى المتن في النهاية ( قوله كميل إلخ ) وما تتخذ المرأة من تصاوير الذهب والفضة حرام تجب فيه الزكاة نهاية وإيعاب قال ع ش أي حيث كان على صورة حيوان يعيش بتلك الهيئة بخلاف الشجر وحيوان مقطوع الرأس مثلا فلا يحرم اتخاذه واستعماله ولكن ينبغي أن يكون مكروها فتجب زكاته كما مر في الضبة الكبيرة لحاجة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إلا لجلاء عين إلخ ) أي فهو مباح للضرورة ويجب كسره بعد زوالها ؛ لأن ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها شيخنا ولو قيل بجواز إمساكه لاحتمال طرو الاحتياج إليه بعد لم يبعد ؛ لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله توقف عليه ) أي ولم يقم غيره مقامه نهاية قال ع ش أي أما إذا قام غيره مقامه لم يجز وإن كان الذهب أصلح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وذكر هنا ) أي الإناء مع بيان حرمته أول الكتاب سم ( قوله بكسر السين ) إلى قول المتن فلا زكاة في النهاية والمغني ( قوله وكامرأة في حلي الرجال ) أي كآلة الحرب المحلاة سم ( قوله بالأسوأ ) أي الأحوط مغني قول المتن ( فلو اتخذ الرجل سوارا ) أي مثلا ولو اتخذه لاستعمال محرم فاستعمله في المباح في وقت وجبت فيه الزكاة وإن عكس ففي الوجوب احتمالان أوجههما عدمه نظرا لقصد الابتداء فإن طرأ على ذلك قصد محرم ابتدأ حولا من وقته ولو اتخذه لهما وجبت قطعا وفيه احتمال شرح م ر ا هـ سم ويأتي في الشرح ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله بلا كراهة ) احترز به عن المكروه كالضبة الكبيرة لحاجة والصغيرة لزينة سم ( قوله [ ص: 273 ] في الأولى ) هي قوله بلا قصد و ( قوله وفي الثانية ) هي قوله أو قصد إلخ ع ش ( قوله إذ القصد بها ) أي بالصياغة ( قوله بذلك ) أي الإجارة ( قوله المنافي لها ) أي للتجارة ( قوله وخرج ) إلى المتن في النهاية والمغني ( قوله بقوله بلا قصد ) أي إلى آخره ( قوله ما إذا قصد اتخاذه كنزا ) أي بأن اتخذه ليدخره ولا يستعمله لا في محرم ولا في غيره كما لو ادخره ليبيعه عند الاحتياج إلى ثمنه ولا فرق في هذه الصورة بين الرجل والمرأة ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ولو قصد إلخ ) عبارة الروض مع شرحه وكلما قصد المالك بالحلي المباح الاستعمال الموجب للزكاة بأن قصد به استعمالا محرما أو مكروها ابتدأ الحول من حين قصده وكلما غيره إلى المسقط لها بأن قصد به استعمالا محرما أو مكروها ثم غير قصده إلى مباح انقطع الحول ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لمن له استعماله ) أي بلا كراهة ( قوله المباح ) إلى قوله كما في أصل الروضة في النهاية والمغني والإيعاب وشرحي المنهج والروض إلا قوله ومضى حول بعد علمه ( قوله فعلمه إلخ ) عبارة النهاية والأسنى وشرح العباب وقصد إصلاحه عند علمه بانكساره ثم قالوا وشمل كلامه ما لو لم يعلم بانكساره إلا بعد حول أو أكثر فقصد إصلاحه فإنه لا زكاة فيه أيضا كما في الوسيط ؛ لأن القصد يبين أنه كان مرصدا له فلو علم انكساره ولم يقصد إصلاحه حتى مضى عام وجبت زكاته .

                                                                                                                              فإن قصد بعده إصلاحه فالظاهر عدم الوجوب في المستقبل ا هـ سم وقوله أي الأسنى فالظاهر إلخ يؤيده أو يعينه قول الروض بعد وكلما قصد الموجب ابتدأ الحول وكلما غيره إلى المسقط انقطع انتهى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فلا زكاة فيه إلخ ) أي وإن كان علمه بذلك بعد أحوال كما نقله شيخ الإسلام في شرحي البهجة والروض والرملي في نهايته والشارح في الإيعاب وغيرهم ا هـ كردي على بافضل أي خلافا لما يفيده صنيع الشارح ( قوله ومضى حول بعد علمه ) مفهومه عدم الوجوب فيما مضى قبل علمه لكن لم يذكر هذا القيد في شرح الروض ولا في العباب وعبارته وإن احتاج للإصلاح بسبك وصوغ عاد زكويا وحوله من انكساره ا هـ .

                                                                                                                              وقضيته أنه لا فرق بين العلم وغيره سم أقول : ويصرح بذلك المفهوم قول باعشن في شرح بافضل ما نصه أي فإن لم يعلم بانكساره فلا زكاة مطلقا ا هـ أي سواء احتاج إصلاحه إلى سبك وصوغ أم لا ويأتي عن الكردي على بافضل مثله ( قوله زكي قطعا ) أي وإن قصد صوغه كما صرح به شرح الروض سم ( قوله ما إذا قصد إلخ وقوله وكذا إن لم يقصد إلخ ) مفروضان فيما إذا توقف [ ص: 274 ] استعمال المنكسر إلى الإصلاح وإلا فلا زكاة كما مر في الشرح آنفا ( قوله ما إذا قصد كنزه إلخ ) أي ولو مع قصد الإصلاح نهاية وشرح بافضل ( قوله نحو تبر ) أي كالدراهم أسنى ونهاية .

                                                                                                                              ( قوله وكذا إن لم يقصد شيئا ) أي وقد علم بانكساره وإلا فلا زكاة مطلقا ا هـ كردي على بافضل ( قوله ويعتبر إلخ ) عبارة المغني وشيخنا تنبيه حيث أوجبنا الزكاة في الحلي واختلفت قيمته ووزنه فالعبرة بقيمته لا وزنه بخلاف المحرم لعينه كالأواني فالعبرة بوزنه لا قيمته فلو كان له حلي ووزنه مائتا درهم وقيمته ثلثمائة تخير بين أن يخرج ربع عشره مشاعا ثم يبيعه الساعي بغير جنسه ويفرق ثمنه على المستحقين أو يخرج خمسة مصوغة أي كخاتم قيمتها سبعة ونصف نقدا ولا يجوز كسره ليعطي منه خمسة مكسرة ؛ لأن فيه ضررا عليه وعلى المستحقين أو كان له إناء كذلك تخير بين أن يخرج خمسة من غيره أو يكسره ويخرج خمسة أو يخرج ربع عشره مشاعا ا هـ .

                                                                                                                              وزاد في الأسنى في الأول وظاهر أنه يجوز إخراج سبعة ونصف نقدا ا هـ واعتمده ع ش والكردي وفي العباب مثل ما مر عن المغني وقال الشارح في شرحه وأفهم كلامه أنه إذا أخرج خمسة دراهم جيدة تساوي لجودة سبكها ولينها سبعة دراهم ونصفا لم يجز وليس كذلك كما في المجموع ؛ لأنه بقدر الواجب عليه وبقيمته وقال ابن الرفعة وغيره لا يجوز أن يخرج سبعة دراهم ونصفا ؛ لأنه ربا بناء على أن الفقراء ملكوا قدر الفرض ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيما صنعته محرمة ) أي كالإناء والحلي الذي لا يحل لأحد كردي .

                                                                                                                              ( قوله وفيما صنعته مباحة ) أي كمكنوز ومكسور لم ينو إصلاحه عباب عبارة الكردي أي كالحلي الذي يحل لبعض الناس ا هـ .

                                                                                                                              ( تتمة )

                                                                                                                              قال في المجموع عن الأصحاب كل حلي حرم على الفريقين كإناء النقد يحل كسره ولا ضمان فيه بخلاف ما حل لأحدهما يحرم كسره ويضمن صنعته اتفاقا لإمكان الانتفاع به إيعاب وأسنى ومغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية