الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويجب التعيين في الفرض ) بأن ينوي كل ليلة أنه صائم غدا عن رمضان أو الكفارة وإن لم يبين سببها فإن عين وأخطأ لم يجزئ أو النذر ؛ لأنه عبادة مضافة إلى وقت فوجب التعيين كالمكتوبة نعم لو تيقن أن عليه صوم يوم وشك أهو قضاء أو نذر أو كفارة أجزأه نية الصوم الواجب وإن كان مترددا للضرورة ولم يلزمه الكل كمن شك في واحدة من الخمس ؛ لأن الأصل بقاء وجوب كل منها ، وهنا الأصل براءة الذمة ومن ثم لو كانت الثلاثة عليه فأدى اثنين وشك في الثالث لزمه الكل ، أما النفل فيصح بنية مطلقة نعم بحث في المجموع اشتراط التعيين في الراتب كعرفة وما يتبعها مما يأتي كرواتب الصلاة فلا يحصل غيرها معها وإن نوى بل مقتضى القياس أن نيتهما مبطلة كما لو نوى الظهر وسنته أو سنة الظهر وسنة العصر وألحق به الإسنوي ما له سبب كصوم الاستسقاء إذا لم يأمر به الإمام كصلاته وهما واضحان إن كان الصوم في كل ذلك مقصودا لذاته ، أما إذا كان المقصود وجود صوم فيها وهو ما اعتمده غير واحد فيكون التعيين شرطا للكمال وحصول الثواب عليها بخصوصها لا لأصل الصحة نظير ما مر في تحية المسجد .

                                                                                                                              ( وكماله ) [ ص: 391 ] أي التعيين وعبارة الروضة وكمال النية في رمضان ( أن ينوي صوم غد ) هذا واجب لا بد منه ويكفي عنه عموم يشمله كنية أول ليلة من رمضان صوم رمضان فيصح لليوم الأول ، وأما قول شارح يؤخذ من قول الرافعي لفظ الغد اشتهر في تفسير التعيين وهو في الحقيقة ليس من حده وإنما وقع من نظرهم إلى التبييت أنه لا تجب نية الغد فإن أراد ما قلناه أي : لا تجب نيته بخصوصه بل تكفي عنه نية الشهر كله فصحيح ، أو أنه لا يجب هو ولا ما يقوم مقامه فهو فاسد على أن أصل هذا الأخذ من ذلك ممنوع فتأمله .

                                                                                                                              ( عن أداء فرض رمضان ) بالجر لإضافة رمضان لما بعده ( هذه السنة لله تعالى ) لصحة نيته اتفاقا حينئذ ولتتميز عن أضدادها كالقضاء والنفل ونحو النذر وسنة أخرى ولم يكف عنها الأداء ؛ لأنه قد يراد به مطلق الفعل واحتيج لإضافة رمضان إلى ما بعده ؛ لأن قطعه عنها يصير هذه السنة محتملا لكونه ظرفا لنويت فلا يبقى له معنى فتأمله فإنه مما يخفى .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن ويجب التعيين في الفرض إلخ ) ولو نوى صوم غد يوم الأحد مثلا وهو غيره فوجهان أوجههما كما قال الأذرعي الصحة من الغالط لا العامد لتلاعبه ولا يشكل عليه قول المتولي لو كان عليه يوم من رمضان من سنة معينة فنوى يوما من سنة أخرى غلطا لم يجزه كمن عليه كفارة قتل فأعتق بنية كفارة ظهار ؛ لأن ذكر الغد هنا أو نيته معين فلم يؤثر فيه الغلط بخلافه فيما ذكر فإن الصوم واقع عما في ذمته ولم يحصل تعيينه ولم يقع الصوم عنه شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله مضافة إلى وقت ) قد يشكل في الكفارة والنذر المطلق إلا أن يراد بالوقت يوم الصوم مطلقا ولا يخفى ما فيه ( قوله لزمه الكل ) يحتمل أن لا يلزمه هنا الكل أيضا ويفرق بأن ما هنا أوسع والتعلق أضعف لعدم وجوبه بأصل الشرع بخلاف الصلاة الأصلية ومما يؤيد الأوسعية عدم اشتراط تعيين السبب في الكفارة ( قوله وألحق به الإسنوي ما له سبب كصوم الاستسقاء إذا لم يأمر به الإمام كصلاته إلخ ) قياس ما اعتمده شيخنا الرملي في الاكتفاء في صوم الاستسقاء إذا أمر به الإمام بصوم نحو رمضان والنذر أنه لا يحتاج فيه إلى التعيين إذا لم يأمر به ؛ لأن المقصود وجود صوم فليتأمل ( قوله وحصول الثواب عليها بخصوصها ) ويقال قياس من يقول بحصول ثواب التحية إذا نوى غيرها حصول ثواب [ ص: 391 ] ما نحن فيه بخصوصه وإن لم يوجد تعيين فلا يكون التعيين شرطا لحصوله ( قوله على أن أصل هذا الأخذ من ذلك ممنوع ) هو كذلك كيف لا والتبييت الذي اقتضى النظر إليه نية الغد مما لا بد فيه منه ( قوله لنويت ) فيه بحث ؛ لأن الفعل المذكور في عبارة المصنف ليس نويت بل هو ينوي فإن أراد نويت في عبارة الناوي ففيه أن المدار في النية على القلب وإن حصلت نية صحيحة بالقلب كأن يعلق معنى هذه السنة بمعنى رمضان تعلق الظرفية مثلا كان لفظ الناوي محمولا على المعنى الذي نواه فيكون نصب هذه السنة للظرفية مثلا لرمضان ؛ لأن من أتى بلفظ ناويا به معنى صحيحا كان لفظه على حسب ما نوى فلا محذور في لفظه وإن لم تحصل نية صحيحة بالقلب كأن يعلق معنى هذه السنة بمعنى نويت تعلق الظرفية فسدت النية وإن تلفظ بإضافة رمضان لما بعده اللهم إلا أن يكون أراد بنويت حكاية ينوي وفيه ما فيه ، فتأمل فيه ويجاب بأن المراد أن القطع يوهم أن المصنف علق هذه السنة بفعل النية وذلك يقتضي اعتبار معنى ذلك في النية ( قوله فلا يبقى له معنى ) أي : صحيح .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويجب التعيين إلخ ) أي : ولو من الصبي كما في المنتقى عن المجموع بصري ويستثنى من وجوب التعيين ما قاله القفال إنه لو كان عليه قضاء رمضانين أو صوم نذر أو كفارة من جهات مختلفة فنوى صوم غد عن قضاء رمضان أو صوم نذر أو كفارة جاز وإن لم يعين عن قضاء أيهما في الأول ولا نوعه في الباقي ؛ لأنه كله جنس واحد أسنى ونهاية ومغني قول المتن ( في الفرض إلخ ) ولو نوى صوم غد يوم الأحد مثلا وهو غيره فوجهان أوجههما كما قال الأذرعي الصحة من الغالط لا العامد لتلاعبه شرح م ر ا هـ سم ( قوله بأن ينوي ) إلى قوله نعم بحث في المغني .

                                                                                                                              ( قوله أو النذر ) أي : وإن لم يعين نوعه نهاية ومغني كنذر تبرر أو لجاج شيخنا ( قوله مضافة إلى وقت ) قد يشكل في الكفارة والنذر المطلق إلا أن يراد بالوقت يوم الصوم مطلقا ولا يخفى ما فيه سم ( قوله كالمكتوبة ) أي كالصلوات الخمس فلو نوى الصوم عن فرضه أو عن فرض وقته لم يكف إيعاب ونهاية أي ؛ لأنه في الأولى يحتمل رمضان وغيره وفي الثانية يحتمل القضاء والأداء ع ش وقوله وفي الثانية إلخ يرد عليه أن الأصح عدم وجوب تعرض الأداء .

                                                                                                                              ( قوله نعم لو تيقن ) إلى قوله نعم بحث في النهاية إلا ما أنبه عليه ( قوله وإن كان مترددا إلخ ) أي ويعذر في عدم جزمه بالنية للضرورة كما ذكر في المجموع مغني ( قوله كمن شك إلخ ) راجع للمنفي ( قوله ؛ لأن الأصل إلخ ) أي : فيمن نسي واحدة من الخمس نهاية ومغني ( قوله لزمه الكل ) كذا قيل والأوجه إبقاء قولهم كفاه نية الصوم الواجب على عمومه ؛ لأنهم توسعوا هنا ما لم يتوسعوا ثم نهاية ومال إليه سم وقال البصري والحقيق بالاعتماد ما مشى عليه الشارح والمغني من لزوم الكل ا هـ أي : خلافا للنهاية .

                                                                                                                              ( قوله نعم بحث إلخ ) عبارة المغني والنهاية والأسنى فإن قيل قال في المجموع هكذا أطلقه الأصحاب وينبغياشتراط التعيين في الصوم الراتب كعرفة وعاشوراء وأيام البيض وستة من شوال كرواتب الصلاة أجيب بأن الصوم في الأيام المذكورة منصرف إليها بل لو نوى به غيرها حصل أيضا كتحية المسجد ؛ لأن المقصود وجود صوم فيها ا هـ زاد شيخنا وبهذا فارقت رواتب الصلوات ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فلا يحصل غيرها معها ) لعل حق المقام فلا تحصل مع غيرها ( قوله وإن نوى ) أي : غيرها معها ( قوله وألحق به ) أي : بالراتب ( قوله ما له سبب كصوم الاستسقاء إلخ ) قياس ما اعتمده شيخنا الشهاب الرملي في الاكتفاء إذا أمر به الإمام بصوم نحو رمضان والنذر أنه لا يحتاج فيه إلى التعيين إذا لم يؤمر به ؛ لأن المقصود وجود صوم فليتأمل سم ( قوله كصلاته ) أي الاستسقاء ( قوله وهما إلخ ) أي : البحث والإلحاق كردي ( قوله وهو ما اعتمده غير واحد ) ومنهم شيخ الإسلام والنهاية والمغني كما مر ( قوله وحصول الثواب عليها بخصوصها ) قد يقال قياس من يقول [ ص: 391 ] بحصول ثواب التحية إذا نوى غيرها حصول ثواب ما نحن فيه وإن لم يوجد تعيين فلا يكون التعيين شرطا لحصوله سم ( قوله أي التعيين ) إلى قوله وأما قول شارح في النهاية والمغني ( قوله وعبارة الروضة إلخ ) أي : وهي وإن كانت غير التعيين لكن المراد منهما واحد ع ش قول المتن ( صوم غد ) أي : اليوم الذي يلي الليلة التي ينوي فيها نهاية ( قوله هذا إلخ ) أي : تعرض الغد مغني ( قوله كنية أول إلخ ) بالإضافة وتركها و ( قوله صوم رمضان ) مفعوله ( قوله ليس في حده ) أي ليس جزءا من تعريف التعيين وتفسيره ( قوله وإنما وقع ) أي : ذلك المشتهر ( قوله أنه لا تجب نيه الغد ) نائب فاعل يؤخذ ( قوله فإن أراد إلخ ) أي : ذلك الشارح من قوله المذكور .

                                                                                                                              ( قوله أي : لا تجب نيته بخصوصه ) أي : لحصول التعيين بدونه نهاية أي كأن يقول الخميس مثلا عن رمضان ع ش وفيه توقف ؛ إذ الخميس متعدد في رمضان إلا أن يفرض كلامه في الخميس الأخير منه ( قوله بل يكفي عنه نية الشهر إلخ ) أي : فيحصل له اليوم الأول نهاية ومغني ( قوله على أن أصل هذا الأخذ من ذلك ممنوع ) هو كذلك كيف لا والتبييت الذي اقتضى النظر إليه نية الغد مما لا بد فيه منه سم ( قوله بالجر ) إلى قوله ورده في النهاية والمغني إلا قوله واحتيج إلى المتن ( قوله بالجر ) الأولى بالكسر ( قوله لتتميز ) أي : نية رمضان والمراد رمضان المنوي وكذا ضمير ( أضدادها ) يعني القيود المذكورة فيها ( قوله ولم يكن إلخ ) عبارة النهاية واحتيج لذكر الأداء مع هذه السنة وإن اتحد محترزهما ؛ إذ فرض غير هذه السنة لا يكون إلا قضاء ؛ لأن لفظ الأداء يطلق ويراد به الفعل وقياسه أن نية الأداء في الصلاة لا تغني عن ذكر اليوم وأنه يسن الجمع بينهما ا هـ قال الرشيدي صواب العبارة واحتيج لذكر السنة معه أي : الأداء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله عنها ) أي : عن هذه السنة .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه قد يراد به مطلق الفعل ) يقال عليه وحينئذ فما الداعي إليه مع ذكر هذه السنة رشيدي ويمكن أن يقال إنه من إغناء المتأخر عن المتقدم وهو ليس بمعيب ( قوله لنويت ) فيه بحث ؛ لأن الفعل الموجود في عبارة المصنف ينوي لا نويت فإن أراد نويت في عبارة الناوي ففيه أن المدار في النية على القلب فإن علق في القلب معنى هذه السنة بمعنى رمضان تعلق الظرفية كان لفظ الناوي محمولا على المعنى الذي نواه فيكون نصب هذه السنة للظرفية لرمضان ، وإن علق معنى هذه السنة بمعنى نويت تعلق الظرفية فسدت النية وإن تلفظ بإضافة رمضان لما بعده اللهم إلا أن يكون أراد بنويت حكاية ينوي وفيه ما فيه ويجاب بأن المراد أن القطع يوهم أن المصنف علق هذه السنة بفعل النية وذلك يقتضي اعتبار معنى ذلك في النية سم ( قوله فلا يبقى له معنى ) أي : صحيح سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية