الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وتكره القبلة ) في الفم وغيره وهي مثال ؛ إذ مثلها كل لمس لشيء من البدن بلا حائل ( لمن حركت شهوته ) حالا كما أفاده عدوله عن قول أصله تحرك ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رخص فيها للشيخ دون الشاب وعلل ذلك بأن الشيخ يملك إربه بخلاف الشاب فأفهم التعليل [ ص: 411 ] أن النهي دائر مع تحريك الشهوة الذي يخاف منه الإمناء أو الجماع وعدمه ( والأولى لغيره تركها ) حسما للباب ولأنها قد تحرك ولأن الصائم يسن له ترك الشهوات ولم تكره لضعف أدائها إلى الإنزال ( قلت هي كراهة تحريم ) إن كان الصوم فرضا ( في الأصح والله أعلم ) ؛ لأن فيها تعرضا قويا لإفساد العبادة .

                                                                                                                              وبقي من المفطرات الردة والموت وكذا قطع النية عند جماعة لكن الأصح عندهما خلافه ( ولا يفطر بالفصد ) بلا خلاف ( والحجامة عند ) أكثر العلماء لخبر البخاري عن ابن عباس { أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم واحتجم وهو محرم } وهو ناسخ للخبر المتواتر فطر الحاجم والمحجوم لتأخره عنه كما بينه الشافعي رضي الله عنه وصح في خبر عند الدارقطني ما يصرح بذلك نعم الأولى تركهما ؛ لأنهما يضعفانه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن وتكره القبلة لمن حركت شهوته ) قال الإسنوي والمراد بتحريكها أن يصير بحيث يخاف معها الجماع أو الإنزال كما قاله في التتمة ولهذا عبر في الروضة بقوله يكره لمن [ ص: 411 ] حركت شهوته ولا يأمن على نفسه قال أعني الإسنوي وقد علم من هذا أنها لا تحرم بمجرد التلذذ ونقل الإمام في الظهار عن بعضهم التحريم وخطأه فيه ا هـ بر . ولا يخفى أنه إذا لم تحرم القبلة بمجرد التلذذ لا يحرم النظر والفكر بمجرد ذلك بالأولى فحيث قيل بحرمة تكريرها بشهوة يتعين أن يراد بالشهوة خوف الوطء أو الإنزال فلا يحرمان بمجرد التلذذ بالأولى فتأمله قال م ر في شرحه وقول الشارح وعدل هنا وفي الروضة عن قول أصلهما تحرك إلى حركت لما لا يخفى ؛ لأن حركت ماض فيفهم منه أنه قد جرب نفسه وعلم منها ذلك بخلاف تحرك فلا يفهم منه ما ذكر لصلاحيته للحال والاستقبال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وكذا قطع النية ) أي : نهارا وإلا فقطعها ليلا يؤثر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وتكره القبلة إلخ ) قال الإسنوي والمراد بتحريكها أن يصير بحيث يخاف معها الجماع أو الإنزال كما قاله في التتمة وعلم من هذا أنها لا تحرم بمجرد التلذذ ا هـ برلسي ولا يخفى أنه إذا لم تحرم القبلة بمجرد التلذذ لا يحرم النظر والفكر بمجرد ذلك بالأولى فحيث قيل بحرمة تكريرها بشهوة يتعين أن يراد بالشهوة خوف الوطء أو الإنزال سم ( قوله في الفم ) إلى قول المتن والاحتياط في المغني إلا قوله ولم تكره إلى المتن وقوله وبقي إلى المتن ، وكذا في النهاية إلا قوله بلا خلاف ( قوله بلا حائل ) قضية ما يأتي من التعليل الإطلاق قول المتن ( إن حركت ) كذا في أصله رحمه الله تعالى والذي في نسخ المحلى والمغني والنهاية لمن حركت بصري أقول ويرجحها قول المصنف الآتي والأولى لغيره إلخ قول المتن ( إن حركت شهوته ) أي رجلا كان أو امرأة كما هو المتجه في المهمات بحيث يخاف معه الجماع أو الإنزال مغني ونهاية قال ع ش قوله م ر بحيث يخاف معه إلخ أي : فلا يضر انتصاب الذكر وإن خرج منه مذي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كما أفاده ) أي : التقييد بالحال ( قوله كما أفاده عدوله إلخ ) عبارة النهاية وقول الشارح وعدل هنا وفي الروضة عن قول أصليهما تحرك إلى حركت لما لا يخفى [ ص: 411 ] ا هـ ظاهر ؛ لأن حركت ماض فيفهم منه أنه قد جرب نفسه وعرف منها ذلك بخلاف تحرك فلا يفهم منه ما ذكر لصلاحيته للحال والاستقبال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن النهي ) أي وجودا وعدما .

                                                                                                                              ( قوله الذي يخاف إلخ ) هو ضابط تحريك الشهوة نهاية ( قوله وعدمه ) أي : عدم تحريك الشهوة قول المتن ( والأولى لغيره إلخ ) أي لمن لم تحرك شهوته ولو شابا مغني قول المتن ( هي كراهة تحريم إلخ ) والمعانقة والمباشرة باليد كالتقبيل نهاية ( قوله ترك الشهوات ) أي مطلقا نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله إن كان الصوم فرضا ) أي : وأما النفل فيجوز قطعه بما شاء نهاية ( قوله والموت ) فلو مات في أثناء النهار بطل صومه كما لو مات في أثناء صلاته وقيل لا كما لو مات في أثناء نسكه نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر بطل صومه أي فلا يعامل معاملة الصائمين في الغسل والتكفين بل يستعمل الطيب ونحوه في كفنه مما يكره استعماله للصائم وقوله م ر في أثناء صلاته أي : فلا يثاب على ما فعله منها ثواب الصلاة ولكن يثاب على مجرد الذكر فقط ولا حرمة عليه حيث أحرم وقد بقي من الوقت ما يسعها ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وكذا قطع النية ) أي نهارا وإلا فقطعها ليلا يؤثر سم أي : فيجب تجديدها ( قوله لتأخره عنه ) أي : بسنتين وزيادة مغني ( قوله بذلك ) أي : التأخر ( قوله نعم الأولى تركهما ) هذا في حق غيره صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه له فعله لبيان الجواز بل يثاب على فعله ثواب الواجب ع ش ( ؛ لأنهما يضعفانه ) هذا في المحجوم وأما الحاجم فربما أفطر بوصول شيء إلى جوفه بواسطة مس المحجمة وهذا هو المراد من الحديث شيخنا وهذا جواب آخر قول المتن .




                                                                                                                              الخدمات العلمية