الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في شروط الصوم من حيث الفاعل والوقت وكثير من سننه ومكروهاته ( شرط ) صحة ( الصوم ) من حيث الزمن قابلية الوقت ومن حيث الفاعل ( الإسلام ) فلا يصح صوم كافر بأي كفر كان إجماعا ( والعقل ) [ ص: 414 ] أي التمييز ( والنقاء من الحيض والنفاس ) إجماعا ( جميع النهار ) قيد في الأربعة فلو طرأ في لحظة منه ضد واحد منها بطل صومه كما لو ولدت ولم تر دما ويحرم كما في الأنوار على حائض ونفساء الإمساك أي : بنية الصوم فلا يجب عليهما تعاطي مفطر وكذا في نحو العيد خلافا لمن أوجبه فيه وذلك اكتفاء بعدم النية ( ولا يضر النوم المستغرق ) لجميع النهار ( على الصحيح ) لبقاء أهلية الخطاب فيه وبه فارق المغمى عليه فإن استيقظ لحظة صح إجماعا .

                                                                                                                              ( والأظهر أن الإغماء لا يضر إذا أفاق ) يعني خلا عنه وإن لم توجد إفاقة منه ، كأن طلع الفجر ولا إغماء به وبعد لحظة طرأ الإغماء واستمر إلى الغروب فهذا خلا لا أفاق والحكم واحد كما هو واضح ( لحظة من نهاره ) اكتفاء بالنية مع الإفاقة في جزء وكالإغماء السكر وقول القفال لو نوى ليلا ثم استغرق سكره اليوم صح ؛ لأنه مخاطب ؛ إذ لا تلزمه الإعادة بخلاف المغمى عليه ضعيف ووهم من زعم حمل كلامه على غير المتعدي ؛ لأنه مصرح بأنه في المتعدي .

                                                                                                                              ( تنبيه ) وقع هنا عبارات متنافية فيمن شرب دواء ليلا فزال تمييزه نهارا وقد بينتها مع ما فيها في شرح العباب ثم قلت [ ص: 415 ] والحاصل أن شرب الدواء لحاجة أو غيرها والسكر ليلا والإغماء إن استغرقت النهار أثم في السكر والدواء لغير حاجة وبطل الصوم ووجب القضاء في الكل وإن وجد واحد منها في بعض النهار فإن كان متعديا به بطل الصوم وأثم أو غير متعد به فلا إثم ولا بطلان ، وقول المتولي وغيره المتداوي كالمجنون معناه أنه مثله في عدم الإثم لا في عدم القضاء ؛ لأن المجنون لا صنع له بخلاف المتداوي وفي المجموع زوال العقل بمحرم يوجب القضاء [ ص: 416 ] وإثم الترك وبمرض أو دواء لحاجة كالإغماء فيلزمه قضاء الصوم دون الصلاة ولا يأثم بالترك ا هـ وبه يعلم أن التشبيه في قول الرافعي شرب الدواء للتداوي كالجنون وسفها كالسكر إنما هو في صحة الصوم في الثاني إذا أفاق لحظة وإلا فلا ويلزمه القضاء وعدم صحته في الأول إن وجد في لحظة ولا قضاء ولا إثم وعلى هذا يحمل أيضا حاصل ما في المجموع عن البغوي أن شرب الدواء كالإغماء أي إن كان لحاجة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل في شروط الصوم من حيث الفاعل والوقت وكثير من سننه ومكروهاته ) .

                                                                                                                              ( قوله في المتن الإسلام ) في فتاوى السيوطي إذا ارتد الصائم ثم عاد إلى الإسلام في بقية يومه فهل يعتد بصومه أم لا ؟ الجواب ذكر صاحب البحر المسألة وحكى فيها وجهين مبنيين على أن نية الخروج من الصوم هل تبطله ومقتضاه تصحيح عدم البطلان [ ص: 414 ] فإنه الأصح في المسألة المبني عليها ا هـ وقضية إطلاقهم اشتراط الإسلام في جميع النهار وقوله في شرح الروض وغيره فلو ارتد في بعضه بطل صومه البطلان وإن عاد للإسلام ( قوله أي : التمييز ) قد يرد عليه ما يأتي من صحته مع استغراق النوم ووجود نحو الإغماء والسكر فيما عدا لحظة مع أنه لا تمييز في شيء من ذلك في جميع النهار فإن أراد الاحتراز عن الجنون فقط فلا حاجة للتفسير بالتمييز مع إيهامه فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله ضد واحد منها إلخ ) من الضد الردة وظاهره وإن عاد للإسلام في بقية النهار ( قوله كما لو ولدت ولم تر دما ) قال في شرح الروض كما صححه في المجموع ا هـ وقد يوجه البطلان هنا بأن الولادة مظنة الدم فأقيمت المظنة مقام المئنة ( قوله أي : بنية الصوم ) المتجه أنه لا يتوقف التحريم عليها على نية الصوم ليلا بل ينبغي تحريم الإمساك ولو بدون نية صوم مطلقا إذا كان على وجه اعتقاد كونه عبادة ( قوله ؛ لأنه مصرح بأنه في المتعدي ) أي : بدليل تعليله ولأن غير المتعدي لا يصح [ ص: 415 ] صومه مع استغراق سكره اليوم ( قوله والحاصل إن شرب ) أي : مع زوال التمييز ( قوله أثم في السكر ) قضيته أن الكلام في سكر تعدى به مع ظهور أن ما لم يتعد به كذلك في البطلان ووجوب القضاء كالإغماء فهلا قال وأثم في السكر إن تعدى به ليبقى ما لم يتعد به داخلا في عبارته وظاهر عبارته أن التسبب في الإغماء لغير حاجة لا إثم فيه .

                                                                                                                              ( قوله وإن وجد واحد منها إلخ ) شامل للإغماء وفيه نظر ظاهر ؛ إذ لا وجه للبطلان بوجوده في بعض النهار ولو متعديا بل ظاهر إطلاقهم عدم الإثم حينئذ أيضا وهو متجه حيث لم يكن مع التعدي ما يفوت صلاة حضرت أو يورث ضررا بل لا وجه أيضا للبطلان في شرب الدواء والمسكر ولو تعديا فيهما إذا لم يزل بهما العقل الحقيقي بل التمييز كما هو صريح عبارته ووجدا في بعض النهار فقط ؛ إذ الفرض أن تناولهما كان ليلا فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله وإن وجد واحد منها في بعض النهار ) إن كان الفرض إن شرب الدواء أو المسكر وقع في الليل فالوجه صحة الصوم حيث أفاق لحظة ولم يزل عقله وإن تعدى فلا يصح تفصيله في البطلان أو وقع في النهار فالوجه البطلان مطلقا كتناوله المفطر فلا يصح التفصيل المذكور أيضا فليتأمل ( قوله في بعض النهار ) أي : والفرض أن تناول الدواء أو المسكر كان ليلا كما هو صريح عبارته وإلا لم يصح قوله أو غير متعد به إلخ فتأمله .

                                                                                                                              ( قوله فإن كان متعديا به بطل الصوم إلخ ) هذا لا يأتي في شرب الدواء لحاجة ؛ لأن الحاجة تمنع التعدي ( قوله وفي المجموع زوال العقل ) أي : التمييز بدليل وبمرض إلخ ؛ إذ زوال العقل الحقيقي بالرض لا قضاء معه كما يأتي أنه لا قضاء على المجنون ( قوله [ ص: 416 ] وعدم صحته في الأول إن وجد في لحظة ) هذا ينافي ما قرره في الحاصل المذكور بقوله وإن وجد واحد منها في بعض النهار إلى قوله أو غير متعد به فلا إثم ولا بطلان فإن هذا راجع أيضا قطعا لشرب الدواء لحاجة فإنه أحد المذكورات بقوله وإن وجد واحد منها فتأمله ، ثم أقول ما المانع من حمل قول الرافعي المذكور على ما إذا زال العقل الحقيقي فإن كان الشرب للتداوي فلا قضاء كالجنون أي بغير سبب وإلا فهذا أيضا جنون وإن كان سفها وجب القضاء ؛ لأن الحاصل جنون متعدى به حينئذ كما يجب القضاء بالسكر المتعدى به المستغرق فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله أي : إن كان لحاجة ) الوجه أنه كالإغماء وإن لم يكن لحاجة في أنه إن استغرق ضر وإلا فلا بل يصح الصوم وما ذكره من هذا التقييد جار على ما ذكره بقوله السابق وإن وجد واحد منها في بعض النهار إلخ وقد تقدم فيه [ ص: 417 ] أنه لا وجه للبطلان حيث وجد في البعض فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في شروط الصوم من حيث الفاعل والوقت ) ( قوله من حيث الزمن ) إلى قوله وقول القفال في النهاية والمغني إلا قوله أي : بنية الصوم إلى المتن ( قوله وكثير من سننه إلخ ) أي وفي كثير إلخ ( قوله قابلية الوقت ) أي : ويأتي في قول المصنف ولا يصح صوم العيد إلخ قول المتن ( الإسلام ) قضية إطلاقهم اشتراط الإسلام في جميع النهار وقول شرح الروض وغيره فلو ارتد في بعضه بطل صومه بطلان الصوم بالارتداد وإن عاد للإسلام في بقية يومه خلاف ما يقتضيه كلام السيوطي في فتاويه سم بتصرف .

                                                                                                                              ( قوله بأي كفر كان إلخ ) أي : أصليا كان أو مرتدا ولو ناسيا للصوم قال الأذرعي تضمنت عبارة شرح المهذب أنه لو ارتد بقلبه ناسيا للصوم ثم أسلم في يومه أنه لا يفطر ولا أحسب الأصحاب يسمحون به ولا أنه أراده وإن شمله لفظه انتهت وقد علم من قولهم : إنه يشترط الإسلام جميع النهار أنه يفطر هنا نهاية ومر ويأتي في الشرح وعن سم ما يوافقه قول المتن ( والعقل ) [ ص: 414 ] أي : فلا يصح صوم المجنون والطفل لفقدان النية ويصح من صبي مميز مغني .

                                                                                                                              ( قوله أي : التمييز ) الأولى أن يفسر العقل هنا بالغريزة وإن فسر بالتمييز في نواقض الوضوء ع ش عبارة سم قد يرد عليه أي : التفسير بالتمييز ما يأتي من صحته مع استغراق النوم ووجود نحو الإغماء والسكر فيما عدا لحظة مع أنه لا تمييز في شيء من ذلك في جميع النهار فإن أراد الاحتراز عن الجنون فقط فلا حاجة للتفسير بالتمييز مع إيهامه فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ضد واحد منها ) أي : ردة أو جنون أو حيض أو نفاس نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر ردة أي ولو ناسيا كما تقدم ا هـ وقال سم ومن الضد الردة وظاهره وإن عاد للإسلام في بقية النهار ا هـ أقول بل يصرح بذلك قول الشارح في لحظة منه إلخ ( قوله كما لو ولدت إلخ ) أي : خلافا لما قد يفهمه صنيعه مغني ( قوله ولم تر دما ) أي : كما صححه في المجموع والتحقيق نهاية وأسنى زاد المغني ؛ لأنه لا يخلو عن بلل وإن قل ا هـ عبارة سم وقد يوجه البطلان بأن الولادة مظنة الدم فأقيمت المظنة مقام المئنة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أي بنية الصوم إلخ ) ينبغي أن يقال على قصد التعبد به وإن لم يقصد حقيقة الصوم الشرعي ؛ لأن الإمساك قد يشرع كما في تارك النية فقصده تلبس بعبادة فاسدة ثم رأيت الفاضل المحشي نبه على ذلك فقال ينبغي تحريم الإمساك ولو بدون نية مطلقا إذا كان على وجه كونه عبادة ا هـ ويحتمل بقاء عبارة الأنوار على إطلاقها ؛ لأن فيه منابذة للشرع حيث أمرهما بالإفطار لخشية الضرر ومزيد الضعف ثم رأيت بخط بعض الفضلاء نقلا عن المجموع ولو أمسكت لا بنية الصوم لم تأثم وإنما تأثم إذا نوته وإن كان لا ينعقد انتهى ا هـ بصري وينبغي حمل كلام المجموع على ما مر منه ومن سم .

                                                                                                                              ( قوله خلافا لمن أوجبه فيه ) أي : أوجب التعاطي في نحو يوم العيد ( قوله وذلك ) أي : عدم وجوب التعاطي ( قوله فإن استيقظ إلخ ) أي : النائم قول المتن ( لا يضر إذا أفاق إلخ ) أي : فإن لم يفق ضر مغني قول المتن ( إذا أفاق لحظة ) ظاهره ولو كان الإغماء بفعله وفي حج تقييد عدم الضرر ربما إذا لم يكن بفعله فإن كان بفعله بطل صومه ع ش وقوله بفعله أي : لغير حاجة ( قوله يعني خلا ) ثم ( قوله فهذا خلى ) كذا في أصله رحمه الله تعالى بخطه الأول بألف والثاني بباء فلينظر ما وجه ذلك بصري .

                                                                                                                              ( قوله وكالإغماء السكر ) فلو شرب مسكرا ليلا وبقي سكره جميع النهار لزمه القضاء وإن صحا في بعضه فهو كالإغماء في بعض النهار قاله في التتمة ويؤخذ مما مر أن عقله هنا لم يزل نهاية أي : بل تغطى فقط قال ع ش قوله م ر وبقي سكره إلخ ظاهره سواء تعدى بسكره أم لا وبه صرح سم على البهجة وصرح بمثله أيضا في الإغماء فليراجع ا هـ عبارة الرشيدي شمل ما إذا كان متعديا وبه صرح الشهاب سم في غير موضع خلافا للشهاب حج ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لو نوى إلخ ) أي : السكران و ( قوله صح ) أي : صومه إيعاب ولعل ثمرة الصحة مع لزوم الإعادة كما يأتي عدم إثم الترك وأن لا يجوز لغيره أن يطعمه .

                                                                                                                              ( قوله ؛ لأنه مصرح إلخ ) أي : بدليل تعليله بقوله ؛ لأنه مخاطب كردي زاد سم ولأن غير المتعدي لا يصح صومه مع استغراق سكره اليوم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقع هنا عبارات متنافية إلخ ) الذي يظهر في الجمع بين مقالتي البغوي والمتولي ما أشار إليه صاحب النهاية من أن كلام الأول مفروض في زوال العقل بشرب الدواء ومثل شرب الدواء حينئذ السكر ، والحاصل أن كلا من السكر وشرب الدواء إن أزال العقل ألحق بالجنون أو غمره ألحق بالإغماء ثم رأيت الفاضل المحشي نبه على ما في التنبيه من خلل وتناف فمن رام تحقيق [ ص: 415 ] ذلك فعليه بمراجعة الحاشية سم بصري وقوله الأول لعل صوابه الثاني وإلا فلا ينسجم مع الحاصل الآتي في كلامه وعبارة الكردي على بافضل عند قول شرحه ولا يضر الإغماء والسكر الذي لم يتعد به إن أفاق لحظة في النهار نصها أما إذا تعدى به فيأثم ويبطل صومه ويلزمه القضاء وإن كان في لحظة من النهار ، وكذا إن شرب دواء مزيلا للعقل ليلا تعديا فإن كان لحاجة فهو كالإغماء فإن استغرق النهار بطل صومه ولزمه القضاء ولا إثم وإن لم يستغرق زوال عقله النهار صح صومه ولا قضاء وأما الجنون من غير تسبب فيه فمتى طرأ في لحظة من النهار أو في جميعه بطل صومه ولا قضاء ولا إثم عليه هذا ملخص ما اعتمده الشارح أولا في التحفة ملخصا له من شرح العباب له ثم اضطرب كلامه اضطرابا عجيبا وتناقض تناقضا غريبا وقد بينت ذلك في الأصل وأوضحته بما لم أعلم من سبقني إليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إن شرب الدواء ) أي : ليلا مع زوال التمييز سم وكردي ( قوله والسكر وقوله والإغماء ) أي : مع التعدي في الأول وعدمه في الثاني كما يفيده كلامه الآتي آنفا وحملا لهما على ما هو الغالب فيهما ( قوله ليلا ) الأولى تأخيره عن الإغماء ليظهر رجوعه لكل من الثلاثة المذكورة .

                                                                                                                              ( قوله إن استغرقت ) أي : زوال التمييز بشرب الدواء والسكر والإغماء ( قوله أثم في السكر ) قضيته أن الكلام في سكر تعدى به مع ظهور أن ما لم يتعد به كذلك في البطلان ووجوب القضاء كالإغماء فهلا قال وأثم في السكر إن تعدى به ليبقى ما لم يتعد به داخلا في عبارته وظاهر عبارته أن التسبب في الإغماء لغير حاجة لا أثم فيه سم وقوله ظاهر عبارته إلخ فيه نظر فإن قول الشارح الآتي فإن كان متعديا بطل الصوم وأثم صريح في الإثم ( قوله في الكل ) أي : في شرب الدواء لحاجة أو غيرها والسكر والإغماء ( قوله وإن وجد واحد منها إلخ ) شامل للإغماء وفيه نظر ظاهر ؛ إذ لا وجه للبطلان بوجوده في بعض النهار ولو متعديا بل ظاهر إطلاقهم عدم الإثم حينئذ أيضا وهو متجه حيث لم يكن مع التعدي ما يفوت صلاة حضرت أو يورث ضررا بل لا وجه أيضا للبطلان في شرب الدواء والمسكر ولو تعديا فيهما إذا لم يزل بهما العقل الحقيقي بل التمييز كما هو صريح عبارته ووجدا في بعض النهار فقط ؛ إذ الفرض أن تناولهما كان ليلا سم وقوله وهو متجه إلخ فيه ما مر آنفا ثم رأيت ما يأتي عن الكردي في حاشية قول الشارح وعدم صحته في الأول .

                                                                                                                              ( قوله منها ) أي : زوال التمييز بالدواء والإغماء والسكر ( قوله فإن كان متعديا به بطل الصوم إلخ ) هذا لا يأتي في شرب الدواء لحاجة ؛ لأن الحاجة تمنع التعدي سم ولك دفعه بما هو الظاهر من حمل التعدي في شرب الدواء على ما كان لغير حاجة وغير التعدي فيه على ضده ( قوله وقول المتولي وغيره المتداوي إلخ ) أي فيما إذا استغرق زوال عقله جميع النهار كردي على بافضل .

                                                                                                                              ( قوله لا في عدم القضاء ) ليتأمل مع قوله الآتي ولا قضاء ولا إثم بصري ( قوله وفي المجموع زوال العقل إلخ ) أي : التمييز [ ص: 416 ] بدليل وبمرض ؛ إذ زوال العقل الحقيقي بالمرض لا قضاء معه لما يأتي أنه لا قضاء على المجنون سم ( قوله زوال العقل ) أي في جميع النهار ( قوله وإثم الترك ) أي : ترك الصوم بسبب زوال العقل كردي ( قوله فيلزمه قضاء الصوم ) أي فيما إذا استغرق الزوال جميع النهار بدليل قوله كالإغماء ؛ إذ لا يلزم القضاء فيه إلا حينئذ كردي على بافضل ( قوله وبه ) أي : بما مر عن المجموع وقال الكردي أي : بالحاصل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله يعلم أن التشبيه إلخ ) قد يقال إذا صح الصوم مع إفاقة لحظة في المتعدي بالاستعمال فينبغي الصحة في غيره إذا أفاق لحظة بالأولى وأيضا فهو مناف لما قدمه في قوله وإن وجد واحد منها في بعض النهار فإن كان متعديا به إلخ فليتأمل بصري ويأتي عن سم آنفا ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله وعدم صحته في الأول إلخ ) هذا ينافي ما قرره في الحاصل المذكور بقوله وإن وجد واحد منها إلى قوله أو غير متعد به فلا إثم ولا بطلان فإن هذا راجع أيضا قطعا لشرب الدواء لحاجة فتأمله ثم أقول ما المانع من حمل قول الرافعي المذكور على ما إذا زال العقل الحقيقي فإن كان الشرب للتداوي فلا قضاء كالجنون أي بغير سبب وإلا فهذا أيضا جنون وإن كان سفها وجب القضاء ؛ لأن الحاصل جنون متعدى به حينئذ كما يجب القضاء بالسكر المتعدي به المستغرق فليتأمل سم .

                                                                                                                              عبارة الكردي على بافضل وما ذكره في معنى كلام الرافعي ففيه نظر من وجوه منها أنه مناقض لما نقله عن حاصل ما في شرح العباب أما في الشق الثاني فقد قدم في ذلك الحاصل أنه عند التعدي في الدواء أو الإغماء أو السكر يبطل صومه وإن وجد أحد الثلاثة في بعض النهار وفي كلام الرافعي قد شرب الدواء سفها فما باله إذا أفاق لحظة صح صومه وأما في الشق الأول فقد قدم في ذلك الحاصل أنه إن لم يتعد في شرب الدواء أو الإغماء أو السكر ووجد ذلك في بعض النهار فلا إثم ولا بطلان فما باله هنا حكم بعدم صحة الصوم إن وجد في لحظة منه ومنها أنه في الشق الثاني من كلام المجموع قال إنه كالإغماء فيلزمه قضاء الصوم دون الصلاة ولا يأثم بالترك أي : بترك أداء الصوم أولا فما باله هنا صار كالمجنون وأنه لا قضاء .

                                                                                                                              ومنها أن قوله وبه يعلم أن التشبيه إلخ يقال له ماذا يعلم هذا المعنى وهو مناقض لجميع ما سبق فكيف يعلم منه والمعتمد أن الجنون بطروه في لحظة من النهار يبطل الصوم فعند استغراقه بالأولى كما صرحوا به في المتون فضلا عن غيرها وإطلاقهم يقتضي أنه لا فرق بين أن يكون ذلك بفعله أو لا وأما الإغماء والسكر فإن أفاق منهما لحظة في النهار صح صومه وإلا فلا وهذا أيضا قد صرحوا به ، وأما القضاء فيلزم في الإغماء والسكر إن استغرق النهار مطلقا ولا يلزم في الجنون حيث لم يتسبب فيه مطلقا وأما إن تسبب فيه فيظهر أنه يلحق بشرب الدواء بل هو قسم منه وسيأتي ما فيه وأما الإثم فظاهر وجوده حيث تسبب في شيء من ذلك بلا حاجة وإلا فلا وإذا علمت ذلك فاعلم أن شرب الدواء لحاجة فيه ثلاثة آراء متباينة مأخوذة من كلامهم تصريحا وتلويحا أحدها لزوم القضاء إن استغرق النهار فقط ، وثانيها لزومه مطلقا وثالثها عدم لزومه مطلقا وإن شربه سفها ففيه هذه الآراء الثلاثة أيضا إلا أن الأخير منها ضعيف والبقية قوية من حيث النقل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أي : إن كان لحاجة ) الوجه أنه كالإغماء وإن لم يكن لحاجة في أنه إن استغرق ضر وإلا فلا بل يصح الصوم وما ذكره من هذا التقييد جار على ما ذكره بقوله السابق وإن وجد واحد منها في بعض النهار إلخ وقد تقدم فيه أنه لا وجه للبطلان حيث وجد في البعض فليتأمل سم .

                                                                                                                              ( قوله لحاجة ) قياس كلامه المتقدم أن يقول لغير حاجة ثم راجعت أصله فرأيت بخطه رحمه الله تعالى لغير حاجة ثم ضرب على لغير وزيدت لام قبل [ ص: 417 ] حاجة فلعل هذا من إصلاح غيره بصري وقوله وقياس كلامه المتقدم إلخ لعله أراد به الحاصل المار ويظهر أن مأخذ الشارح في هذا التفسير ما قدمه عن المجموع وظاهر أن قياسه إسقاط لفظة غير .




                                                                                                                              الخدمات العلمية