الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 417 ] ( ولا ) يجوز ولا ( يصح ) صوم في رمضان عن غيره وإن أبيح له فطره لنحو سفر ؛ لأنه لا يقبل غيره بوجه ولا ( صوم العيد ) الفطر والأضحى اتفاقا رواه الشيخان ( وكذا التشريق ) ولو للمتمتع ( في الجديد ) وهي ثلاثة بعد يوم النحر للنهي الصحيح عن صيامها ( ولا يحل ) أي : ولا يجوز ( التطوع يوم الشك بلا سبب ) لما صح عن عمار رضي الله عنه { من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم } ولا تختص الحرمة به بل يحرم صوم ما بعد نصف شعبان ما لم يصله بما قبله أو يكن لسبب مما يأتي ولو أفطر بعد صومه المتصل بالنصف امتنع عليه الصوم بعده بلا سبب مما يأتي لزوال الاتصال المجوز لصومه .

                                                                                                                              ( فلو صامه لم يصح في الأصح ) كيوم العيد بجامع التحريم للذات أو لازمها ( وله ) من غير كراهة ( صفة عن القضاء ) ولو لنفل كأن شرع في نفل فأفسده ( والنذر ) كأن نذر صوم يوم كذا فوافق يوم الشك أما نذر صوم يوم الشك فلا ينعقد والكفارة مسارعة لبراءة ذمته ولأن له سببا فجاز كنظيره من الصلاة في الوقت المكروه [ ص: 418 ] ومن ثم يأتي في التحري هنا ما مر ثم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ولا يجوز ولا يصح صوم رمضان عن غيره إلخ ) تقدم في شرح ولو نوى ليلة الثلاثين من شعبان ما يغني عن ذلك ( قوله في المتن وله صومه عن القضاء والنذر إلخ ) وأفهم كلام المصنف أنه لا يجوز صومه احتياطا لرمضان ؛ إذ لا فائد له لعدم وقوعه عنه فلا احتياط شرح م ر أقول يتأمل فيه قال في الروض قال يعني الإسنوي فلو أخر صوما ليوقعه يوم الشك فقياس كلامهم في الأوقات المنهي عنها تحريمه ا هـ كلام شرح الروض فإن قلت هذا ظاهر في نحو القضاء دون نحو الكفارة ؛ لأنه أداء في هذا الوقت أعني يوم الشك أيضا فهو نظير العصر إذا قصد تأخيره للاصفرار فإنه ينعقد ؛ لأنه صاحب الوقت قلت يفرق بتوقت العصر بذلك الوقت بخصوصه ونحو الكفارة لم تؤقت بخصوص يوم الشك ، والحاصل أن العصر إنما انعقد وقت الاصفرار مع تحري تأخيره إليه ؛ لأنه من جملة ما عين له بخصوصه ونحو الكفارة لم يعين له وقت بخصوصه لا يوم الشك ولا غيره .

                                                                                                                              ( فرع ) عمت البلوى كثيرا بثبوت هلال ذي الحجة يوم الجمعة مثلا ثم يتحدث الناس برؤيته ليلة الخميس وظن صدقهم ولم يثبت فهل يندب صوم يوم السبت الذي هو التاسع من يوم الجمعة لكونه يوم عرفة على تقدير كمال ذي القعدة أم يحرم لاحتمال كونه يوم العيد ونقصان القعدة أفتى شيخنا الشهاب الرملي بالثاني ؛ لأن دفع مفسدة الحرام مقدمة على تحصيل مصلحة المندوب .

                                                                                                                              ( قوله كأن نذر صوم يوم كذا فوافق يوم الشك ) أي : أو نذر صوم يوم ثم أراد صوم يوم الشك عنه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ولا يجوز ولا يصح صوم في رمضان إلخ ) تقدم في شرح ولو نوى ليلة الثلاثين من شعبان ما يغني عن ذلك سم وقد يقال : إنما أعاده الشارح لاستيفائه أقسام الوقت الذي لا يقبل الصوم .

                                                                                                                              ( قوله ولا صوم العيد إلخ ) ولو عن واجب ولو نذر صومه لم ينعقد نذره مغني ونهاية ( قوله الفطر ) إلى قوله قال بعضهم في النهاية إلا قوله للذات أو لازمها وقوله كأن نذر إلى أما نذر وكذا في المغني إلا قوله ولو أفطر إلى المتن .

                                                                                                                              ( قوله اتفاقا رواه الشيخان ) في هذا التعبير قصور عبارة النهاية للنهي عنه في خبر الصحيحين زاد المغني وللإجماع ا هـ قول المتن ( في الجديد ) وفي القديم يجوز صومها للمتمتع إذا عدم الهدي عن الأيام الثلاثة الواجبة في الحج لخبر البخاري فيها نهاية زاد المغني واختاره المصنف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أي : لا يجوز ) أي يحرم ولا يصح مغني قول المتن ( بلا سبب ) أي يقتضي صومه وأفهم كلامه أنه لا يجوز صومه احتياطا لرمضان ؛ إذ لا فائدة له لعدم وقوعه عنه فلا احتياط نهاية زاد المغني فإن قيل هلا استحب صومه إن أطبق الغيم خروجا من خلاف الإمام أحمد حيث قال بوجوب صومه حينئذ أجيب بأنا لا نراعي الخلاف إذا خالف سنة صريحة وهي هنا خبر فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ا هـ وتقدم في الشرح أول الباب ما يوافق هذه الزيادة ( قوله ما لم يصله بما قبله ) يظهر أن محله بالنسبة إلى اليوم الأخير منه ما لم يكن يوم شك فإن كان حرم مطلقا ؛ لأن الاستثناء لم يرد فيه من حيث كونه يوم شك فتأمل بصري ويأتي عن سم عند قول الشارح احتياطا وعن ع ش قبيل قول المصنف ويسن تعجيل الفطر ما يصرح بخلافه .

                                                                                                                              ( قوله ولو أفطر بعد صومه إلخ ) أي فلو صام الخامس عشر وتاليه ثم أفطر السابع عشر حرم عليه الثامن عشر ؛ لأنه صوم يوم بعد النصف لم يوصل بما قبله نهاية قال ع ش أي : فشرط الجواز أن يصل الصوم إلى آخر الشهر فمتى أفطر يوما من النصف الثاني حرم عليه الصوم ولم ينعقد ما لم يوافق عادة له كما هو ظاهر وبقي ما لو صام شعبان بقصد أن لا يصوم اليوم الأخير أو النصف الأخير بهذا القصد ثم عند آخر الشهر عن له صيامه فهل يصح صومه نظرا لاتصال الصوم بما قبله أو لا يصح نظرا للقصد والأقرب الأول ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو لازمها ) أي : لازم ذات الصوم وهو الإعراض به عن ضيافة الله تعالى ( قوله كأن شرع إلخ ) أي : وكالنفل المؤقت كصوم عرفة وعاشوراء فإنه يستحب قضاؤه مطلقا رشيدي و ع ش .

                                                                                                                              ( قوله كأن نذر صوم يوم إلخ ) أي : أو نذر صوم يوم ثم أراد صوم يوم الشك عنه سم ونهاية ( قوله أما نذر صوم يوم الشك فلا ينعقد ) أي : كنذر أيام التشريق والعيدين ؛ لأنه معصية نهاية قال ع ش قوله م ر أما نذر صوم يوم الشك أي : ما يصدق عليه أنه يوم الشك وإن لم يعلم بذلك [ ص: 418 ] وقت النذر وعليه فلو نذر صوم يوم بعينه كالخميس الآتي مثلا ثم طرأ شك في ذلك اليوم تبين عدم انعقاد نذره فلا يصح صومه ا هـ وهذا مخالف لقول الشارح المار آنفا كأن نذر صوم يوم كذا إلخ ولعله لم يطلع عليه فليراجع ( قوله ومن ثم يأتي في التحري هنا إلخ ) قال الإسنوي فلو أخر صوما ليوقعه يوم الشك فقياس كلامهم في الأوقات المنهي عنها تحريمه نهاية وأسنى ومغني قالع ش قوله م ر فلو أخر صوما أي : ولو واجبا وقوله م ر فقياس كلامهم إلخ معتمد بل وقياس ذلك أيضا أنه لو تحرى تأخيره ليوقعه في النصف الثاني من شعبان حرم عليه أيضا ولم ينعقد ع ش وقال سم فإن قلت هذا أي : ما مر عن الأسنى ظاهر في نحو القضاء دون نحو الكفارة ؛ لأنه أداء في هذا الوقت أعني يوم الشك أيضا فهو نظير العصر إذا قصد تأخيره للاصفرار فإنه ينعقد ؛ لأنه صاحب الوقت قلت يفرق بتوقت العصر بذلك الوقت بخصوصه ونحو الكفارة لم توقت بخصوص يوم الشك ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية