الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن بلغه مريدا ) للنسك ولو في العام القابل مثلا ، وإن أراد إقامة طويلة ببلد قبل مكة ( لم تجز مجاوزته ) إلى جهة الحرم غير ناو العود إليه أو إلى مثله ( بغير إحرام ) أي بالنسك الذي أراده على أحد وجهين في المجموع فيمن أحرم بعمرة من الميقات ثم بعد مجاوزته أدخل عليها حجا وقضية [ ص: 44 ] تعليله لكل منهما تفصيل في ذلك جرى عليه السبكي والأذرعي حاصله أنه متى كان قاصدا للإحرام بالحج عند المجاوزة فأحرم بالعمرة ثم أدخله عليها بعد لزمه الدم ، وإن لم يطرأ له قصده إلا بعد مجاوزته فلا .

                                                                                                                              ويقاس بذلك ما لو قصد الإحرام بالعمرة وحدها عند المجاوزة فأحرم بالحج وحده أو عكسه هذا كله إن أمكن ما قصده وإلا كأن نوى الحج في العام القابل تعينت العمرة ، وفي الأول أعني المريد ثم المدخل إشكال أجبت عنه في الحاشية حاصله أنه متى أخر ما نواه عند المجاوزة لعدم إمكانه كنية القران قبل أشهر الحج في صورتنا فلا دم بخلاف ما هنا ، فإن تأخيره له مع نيته وإمكانه تقصير أي تقصير فلم يكن يصلح الإدخال لرفعه وذلك للخبر السابق أما إذا جاوزه مريد العود إليه أو إلى مثل مسافته قبل التلبس بنسك في تلك السنة ، فإنه لا يأثم بالمجاوزة إن عاد ؛ لأن حكم الإساءة ارتفع بعوده وتوبته بخلاف ما إذا لم يعد وبهذا جمع الأذرعي بين قول جمع لا تحرم المجاوزة بنية العود وإطلاق الأصحاب حرمتها [ ص: 45 ] قول المحشي : لزوال إلخ ) لعله علة لشيء سقط من العبارة وتعليله بما ذكر فيه نظر ؛ لأنه بنية العود إليه بان أن لا إساءة أصلا .

                                                                                                                              ولعله مبني على أن العود فيما يأتي يرفع الإثم من أصله والذي يتجه خلافه أخذا مما مر أن دفن البصاق في المسجد المجعول كفارة له بالنص لا يرفع إثمه من أصله بل يقطع دوامه واستمراره ومما يؤيد التقييد قولهم يجوز الإحرام بالعمرة من مكة إذا أراد أن يخرج إلى أدنى الحل ، فإن قلت ينافي ما تقرر أن نيته العود لا تفيده رفع الإثم إلا إن عاد ، قولهم لو ذهب من الصف بنية التحرف أو التحين جاز ولا يلزمه تحقيق قصده بالعود قلت يفرق بأنه ثم بنية ذلك زال المعنى المحرم للانصراف من كسر قلوب أهل الصف أو خذلان المسلمين وأما هنا فالمعنى المحرم للمجاوزة ، وهو تأدي النسك بإحرام ناقص موجود ، وإن نوى العود فاشترط تحقيقه لما نواه بالعود حيث لا عذر وإلا فالإثم باق عليه .

                                                                                                                              وخرج بقولنا إلى جهة الحرم ما لو جاوزه يمنة أو يسرة فله أن يؤخر إحرامه ، لكن بشرط أن يحرم من محل مسافته إلى مكة مثل مسافة ذلك الميقات كما قاله الماوردي وجزم به غيره وبه يعلم أن الجائي من اليمن في البحر له أن يؤخر إحرامه من محاذاة يلملم إلى جدة ؛ لأن مسافتها إلى مكة كمسافة يلملم كما صرحوا به بخلاف الجائي فيه من مصر ليس له أن يؤخر إحرامه عن محاذاة الجحفة ؛ لأن كل محل من البحر بعد الجحفة أقرب إلى مكة منها فتنبه لذلك ، فإنه مهم وبه يعلم أيضا أن مثل مسافة الميقات يجزئ العود إليها ، وإن لم تكن ميقاتا [ ص: 46 ] لكن عبر جمع متقدمون بمثل مسافته من ميقات آخر وأخذ بمقتضاه غير واحد .

                                                                                                                              والذي يتجه هو الأول بدليل تعبير بعض الأصحاب بقوله من محل آخر ولم يعبر بالميقات ، وفي الخادم فيمن ميقاته على مرحلتين من مكة فسلك طريقا لا ميقات لها وجاوز مسيئا وقدر على العود إلى ميقات فهل يجزئه العود لمرحلتين لم أر فيه نصا والوجه الاكتفاء بأحدهما ا هـ .

                                                                                                                              وما ذكره واضح ؛ لأن ما عدل عنه غير مقصود عينه بخلاف ما لو عدل عن ميقات منصوص ، فإنه كان القياس أنه لا يجزئه وإلا لم يكن للتعيين معنى فإذا خولف هذا ؛ لأن رعاية المعين قد تعسر فلا أقل من رعاية مثل ذلك المعين ولا يحصل ذلك إلا بمثل مسافته من ميقات آخر هذا غاية ما يوجه به كلام هؤلاء ومع ذلك الأوجه مدركا إجزاء مثل المسافة مطلقا ولا نسلم أن التعيين لأجل تعين عينه ، وإنما هو لتعين مثل مسافته لا غير فتأمله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن لم يجز مجاوزته بغير إحرام ) عبارة الإيضاح ، فإن جاوزه غير محرم عصى ولزمه أن يعود إليه قال السيد في حاشيته [ ص: 44 ] مقتضاه العصيان ، وإن عاد قبل التلبس بنسك وفي شرح المهذب أن جمهور الأصحاب لزوال الإساءة بالعود وقال صاحب البيان وهل يكون مسيئا بالمجاوزة إذا عاد إلى الميقات حيث سقط الدم فيه وجهان حكاهما في الفروع قال والظاهر أنه لا يكون مسيئا ؛ لأنه حصل فيه محرما إلى أن قال السيد عن السبكي وينبغي أن يكون الأصح كونه مسيئا خلافا لما قال صاحب الفروع أنه الظاهر ويمكن أن يتأول القول بأنه لا يكون مسيئا على أن المراد أن حكم الإساءة ارتفع برجوعه وتوبته وحينئذ لا يبقى خلاف إلى أن قال السيد قلت يتعين اعتبار نية العود على القول بعدم الإساءة ، وهو حينئذ يتجه وإلا فهو مؤول بما أشار إليه السبكي إلى أن قال وقد استدل له الإسنوي بما صححوه من أن المكي يجوز له الإحرام بالعمرة من الحرم ثم يخرج إلى الحل بناء على سقوط الدم ولا يقال إن المكي لم يجاوز الميقات بخلاف هذا ؛ لأنا نقول قد انتهك المكي حرمة الميقات بعدم الخروج إلى الحل عند الإحرام كما انتهك ذلك بالمجاوزة واغتفر ذلك فاستويا ، فإنه صريح في إثم المكي إذا أحرم بالعمرة في الحرم بلا نية الخروج لأدنى الحل بعد ذلك ، وإن خرج إليه فتأمله .

                                                                                                                              ( قوله : مريد العود إليه ) أي محرما أو ليحرم [ ص: 45 ] منه كما يؤخذ الأول من قوله الآتي قولهم يجوز الإحرام بالعمرة من مكة إذا أراد أن يخرج إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : فيه نظر ؛ لأنه بنية العود إلخ ) هذا يدل على التنظير في كلام الأذرعي من حيث إنه دل على تحقق الإساءة ثم ارتفاع حكمها وأن هذا ممنوع ، بل بأن عدم تحققها وحينئذ فليتأمل وجه البناء في قوله ولعله مبني إلخ ، فإن كان وجهه إن رفع العود فيما يأتي تضمن تحقق الإساءة لكن يرتفع إثمها ورد عليه أن الرفع يتضمن ذلك سواء أريد الرفع من الأصل أو رفع الاستمرار ( قوله ، فإن قلت ينافي ما تقرر إلخ ) كلامه مصرح بأنه بعدم العود فيما ذكر يأثم بالمجاوزة ولا يبعد أن يمنع ذلك ويجعل الإثم بعدم العود .

                                                                                                                              ( قوله : زال المعنى المحرم للانصراف من كسر إلخ ) [ ص: 46 ] زوال ذلك غير لازم للنية



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وإن بلغه ) أي وصل إليه نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : للنسك ) إلى قول المتن بغير إحرام في النهاية والمغني إلا قوله ولو في العام إلى المتن .

                                                                                                                              ( قوله : للنسك ) أي : الحج أو العمرة شرح بافضل أي : أو المطلق .

                                                                                                                              ( قوله : ولو في العام القابل ) خلافا للنهاية والمغني ولشيخ الإسلام في شرحي المنهج والروض كما يأتي عبارة الونائي ومن بلغه مريدا للنسك مطلقا كما قاله حجر وقال م ر أي وشيخ الإسلام والخطيب مريدا للحج في عامه أو العمرة مطلقا ا هـ قال باعشن واعتمده ما قاله م ر الزيادي والحلبي وظاهر كلام السيد عمر يميل إليه واستظهره ابن الجمال في شرح نظم الدماء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإن أراد إقامة طويلة إلخ ) لعل محله فيمن أنشأ السفر بقصد مكة أو الحرم وإلا فهو مشكل لاقتضائه وجوب الإحرام على من مر بذي الحليفة للنسك مع إنشاء السفر إلى غير جهة الحرم كجدة والطائف ، وهو بعيد جدا وحرج تأباه محاسن الشريعة ثم رأيت في فتاوى الشهاب الرملي ما نصه سئل الشهاب الرملي عمن قصد النسك في العام القابل ودخل مكة بهذا القصد فهل يجب عليه أن يحرم بنسك للدخول أو لا فأجاب بأن الداخل إلى مكة بالقصد المذكور يستحب له أن يحرم بنسك على الأصح ويجب على مقابله انتهى هكذا رأيته أطلق النسك المقصود في القابل ولم يقيده بالحج فليتأمل بصري عبارة الكردي على بافضل وفي فتاوى الشهاب الرملي ما نصه سئل عمن خرج من بلده مريدا للنسك مع نية الإقامة ببندر جدة شهرا أو نحوه للبيع والشراء فهل تباح له مجاوزة الميقات من غير إحرام لتخلل نية الإقامة بجدة أم لا تباح له المجاوزة فأجاب من بلغ ميقاتا مريدا نسكا لم تجز له مجاوزته بغير إحرام ، وإن قصد الإقامة ببندر بعد الميقات شهرا مثلا للبيع ونحوه إلا أن يقصد الإقامة بالبندر المذكور قبل الإحرام ا هـ قال ابن الجمال في شرح الإيضاح وينبغي أن يقيد بما إذا لم يكن البندر في جهة الحرم وإلا فهو مشكل لاقتضائه أن من مر بذي الحليفة قاصدا الإحرام بالحج ناويا الإقامة ببندر الصفراء أو بدر أن له التأخير إلى ذلك وليس كذلك انتهت قال باعشن عن السيد أحمد جمل الليل في جواب سؤال في ذلك نعم يبقى الكلام في محل إنشاء الإحرام بعد ذلك فعلى ما ذهب إليه الجمهور يجب كونه من الميقات أو من مثل مسافته وعلى ما ذهب إليه الشهاب الرملي يجوز إنشاؤه من ذلك الموضع الذي أقام به شهرا أو نحوه ا هـ ولا يخفى أن ما مر عن ابن الجمال الموافق لما قاله الشارح فيه حرج شديد لا سيما فيما إذا نوى الإقامة في نحو الصفراء نحو سنة .

                                                                                                                              ( قوله : إلى جهة الحرم غيرنا وإلخ ) سيذكر محترزهما .

                                                                                                                              ( قوله : وقضية [ ص: 44 ] تعليله ) مبتدأ والضمير يرجع إلى المجموع و ( قوله : تفصيل إلخ ) خبره كردي .

                                                                                                                              ( قوله : تفصيل في ذلك ) الأولى أن في ذلك تفصيلا .

                                                                                                                              ( قوله : جرى عليه إلخ ) أي : التفصيل وكذا ضمير حاصله ( قوله أنه متى كان قاصدا إلخ ) عبارة الونائي يؤخذ من التحفة والفتاوى أن من مر بالميقات فأحرم بالعمرة ثم بعد مجاوزته أحرم بالحج ، فإن كان مريدا لهما على وجه القران ابتداء وكان ذلك في أشهر الحج وجب الدم للإساءة فيجب عليه العود فورا لسقوط دمها لا لسقوط دم القران ، فإن لم يعد إلا بعد دخول مكة وقبل النسك سقطا ، فإن لم يعد حتى تلبس بنسك غير عرفة سقط دم القران فقط ولو جاوز الميقات مريدا حج السنة الثانية وأقام بمكة وأحرم منها فيها وجب الدم بخلاف ما لو أحرم في الأولى بحج في وقته أو بعمرة في ميقاته بعدها مكة ولو أراد الحج في الأولى فحج الثانية فلا دم ولو أراد حج الأولى ومر بالميقات في أشهره فأحرم بعمرة وجب الدم إن لم يعد في إحرام الحج للميقات أو أراد العمرة فأحرم بحج وجب في إحرام العمرة بعد ذلك الحج الميقات ، فإن أحرم بها من أدنى الحل لزمه الدم ا هـ قال باعشن قوله وجب الدم للإساءة مر عن النشيلي أنه لا دم ؛ لأن المحذور مجاوزة الميقات غير محرم وهذا محرم وقوله ولو أراد حج الأولى ومر بالميقات في أشهر فأحرم بعمرة وجب الدم إلخ أي : ؛ لأنه لم يحرم بما أراده على الوجه الذي أراده وقد مر مخالفة عبد الرءوف والنشيلي في هذه والتي بعدها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : للإحرام بالحج ) يعني مع العمرة وبه يندفع قول سم قوله أو عكسه يتأمل ا هـ إلا أن يريد به أنه معلوم من المقيس عليه بالأولى .

                                                                                                                              ( قوله : عند المجاوزة ) أي : في أشهر الحج .

                                                                                                                              ( قوله : لزمه الدم ) أي : دم الإساءة بالمجاوزة بلا نية الحج .

                                                                                                                              ( قوله : بذلك ) أي : بالأول .

                                                                                                                              ( قوله : فأحرم بالحج ) أي : وحده .

                                                                                                                              ( قوله : أو عكسه ) ، وهو ما لو قصد عند المجاوزة الإحرام بالحج وحده فأحرم بالعمرة أي : وحدها .

                                                                                                                              ( قوله : هذا كله ) أي : من المقيس بصورته والمقيس عليه ومعلوم أن الصورة الثانية ممكنة دائما .

                                                                                                                              ( قوله : في العام القابل ) أي : أو في غير أشهر الحج ونائي .

                                                                                                                              ( قوله : أعني المريد ثم المدخل ) أي : بلا قيد إمكان ما أراده حين المجاوزة .

                                                                                                                              ( قوله : لعدم إلخ ) متعلق بقوله أخر .

                                                                                                                              ( قوله : في صورتنا ) أي : في المريد ثم المدخل بدون قيد الإمكان و ( قوله بخلاف ما هنا ) أي : المريد ثم المدخل مع الإمكان .

                                                                                                                              ( قوله : تقصير إلخ ) مر عن باعشن عن النشيلي خلافه ويوافقه إطلاق المتن وسكوت النهاية والمغني عن قول الشارح أي : بالنسك الذي أراده .

                                                                                                                              ( قوله : وذلك ) راجع لقول المتن لم تجز مجاوزته إلخ ( قوله للخبر السابق ) أي : في شرح ذات عرق واستدل النهاية والمغني بالإجماع .

                                                                                                                              ( قوله : مريدا العود إليه ) أي : محرما أو ليحرم منه سم .

                                                                                                                              ( قوله : قبل التلبس إلخ ) ظرف للعود .

                                                                                                                              ( قوله : في تلك السنة ) أي : التي أراد النسك فيها والجار متعلق بالعود أو بالتلبس .

                                                                                                                              ( قوله : إن عاد ) وفي النهاية والمغني نحوه وفي شرحي الإيضاح للجمال الرملي وابن علان أنه إذا نوى العود عند المجاوزة لا إثم مطلقا ثم إن عاد فلا دم أيضا وإلا لزمه الدم وإذا عصى وذبح الدم ، فإنما يقطع دوام الإثم لا أصله فلا بد فيه من التوبة انتهى ا هـ كردي على بافضل .

                                                                                                                              ( قوله : وبهذا جمع الأذرعي بين قول جمع لا تحرم إلخ ) الذي يتجه هذا القول على إطلاقه ثم إذا أحرم ولم يعد من غير عذر يأثم من حينئذ وقولهم الآتي يجوز الإحرام من مكة إلخ يؤيده فليتأمل بصري وتقدم عن شرحي الإيضاح للرملي وابن علان [ ص: 45 ] ويأتي عن سم والونائي ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله : وتعليله ) أي : تعليل قوله ، فإنه لا يأثم إلخ و ( قوله : بما ذكر ) أي : بقوله ؛ لأن حكم الإساءة إلخ كردي .

                                                                                                                              ( قوله : فيه نظر ؛ لأنه بنية العود إلخ ) هذا يدل على أن التنظير في كلام الأذرعي من حيث إنه دل على تحقق الإساءة ثم ارتفاع حكمها وأن هذا ممنوع بل بان عدم تحققها وحينئذ فليتأمل وجه البناء في قوله ولعله مبني إلخ ، فإن كان وجهه أن رفع العود فيما يأتي تضمن الإساءة لكن يرتفع إثمها ورد عليه أن الرفع يتضمن ذلك سواء أريد الرفع من الأصل أو رفع الاستمرار سم ( قوله ولعله ) أي : ذلك التعليل كردي .

                                                                                                                              ( قوله : فيما يأتي ) أي : في المتن .

                                                                                                                              ( قوله : ومما يؤيد التقييد إلخ ) حاصل قوله أما إذا جاوزه إلى هنا أن تقييد المتن بقوله غيرنا والعود إلخ صحيح لا غبار عليه لكن تعليل مفهوم القيد بما ذكر فيه فساد ؛ لأن مفهوم القيد أنه بالعود بعد نيته لا إساءة أصلا والتعليل يدل على أن الإساءة ثبتت ثم ارتفع حكمها بالعود ونيته وبينهما فرق ولو بني على ما يأتي وأريد منه رفع الإثم من أصله كان له وجه لكن المتجه فيما يأتي عدم رفع الإثم فاتضح أن التعليل فاسد ومفهوم القيد صحيح وبهذا المفهوم جمع الأذرعي بين قول الجمع وإطلاق الأصحاب كردي .

                                                                                                                              ( قوله : أن نية العود إلخ ) بيان لما تقرر .

                                                                                                                              ( قوله : فإن قلت ينافي ما تقرر إلخ ) كلامه مصرح بأنه بعدم العود فيما ذكر يأثم بالمجاوزة ولا يبعد أن يمنع ذلك ويجعل الإثم بعدم العود أي : بلا عذر سم وفي الونائي ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله : زال المعنى المحرم إلخ ) زوال ذلك غير لازم للنية سم .

                                                                                                                              ( قوله : أو خذ ؛ لأن إلخ ) أو لمنع الخلو .

                                                                                                                              ( قوله : وهو تأدي النسك إلخ ) قد يقال هذا موجب للدم فقط دون الإثم ، وإنما يوجبه التجاوز بلا نية العود ولذا يأثم به ولو لم يحرم أصلا . ( قوله : وخرج ) إلى قوله وبه يعلم في النهاية والمغني . ( قوله : مثل مسافة ذلك إلخ ) أي : أو أبعد منه نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : وبه يعلم أن الجائي من اليمن في البحر له أن يؤخر إلخ ) وممن قال بالجواز النشيلي مفتي مكة والفقيه أحمد بلحاج وابن زياد اليمني وغيرهم وممن قال بعدم الجواز عبد الله بن عمر بامخرمة ومحمد بن أبي بكر الأشخر وتلميذ الشارح عبد الرءوف قال ؛ لأن جدة أقل مسافة بنحو الربع كما هو مشاهد وقال ابن علان في شرح الإيضاح وليس هذا مما يرجع لنظر في المدارك حتى يعمل فيه بالترجيح بل هو أمر محسوس يمكن التوصل لمعرفته بذرع حبل طويل إلخ ا هـ كردي على بافضل عبارة الونائي فله أن يؤخر إحرامه من محاذاة يلملم إلى رأس المعروف قبل مرسى جدة ، وهو حال توجه السفينة إلى جهة الحرم وليس له أن يؤخره إلى جدة ؛ لأنها أقرب من يلملم بنحو الربع وقولهم إن جدة ويلملم مرحلتان مرادهم أن كلا لا ينقص عن مرحلتين ، وإن تفاوتت المسافتان كما حققه من سلك الطريقين وهم عدد كادوا أن يتواتروا فما في التحفة من جواز التأخير إلى جدة فهو لعدم معرفته المسافة فلا يغتر به كما نبه عليه تلميذه عبد الرءوف بن يحيى الزمزمي وقال محمد بن الحسن ولو أخبر الشيخ رحمه الله تعالى تحقيقه الأمر ما أفتى به .

                                                                                                                              وقال الشيخ علي بن الجمال وما في التحفة مبني على اتحاد المسافة الظاهر من كلامهم ، فإذا تحقق التفاوت فهو قائل بعدم الجواز قطعا بدليل صدر كلامه النص في ذلك انتهى . وأيضا كل محل من البحر بعد رأس العلم أقرب إلى مكة من يلملم وقد قال بذلك في الجحفة ونص عبارته بخلاف الجائي فيه من مصر ليس له أن يؤخر إحرامه من محاذاة الجحفة ؛ لأن كل محل من البحر بعد الجحفة أقرب إلى مكة منها ا هـ وعبارة باعشن ولا وجه لما في التحفة إلا إن قيل إن مبنى المواقيت على التقريب ، وهو الذي كان يعلل به الشيخ محمد صالح تبعا لشيخه إدريس الصعيدي جواز تأخير الإحرام إلى [ ص: 46 ] جدة ويفتى به أو يكون جبل يلملم ممتدا بعد السعدية بحيث يكون بين آخره وبين مكة مرحلتان .

                                                                                                                              وقد سمعت من بعض الثقات أن الشيخ محمد صالح المذكور كان يقول بذلك وقد علمت أن يلملم جبل محاذ للسعدية وسمعت أن بحذاء السعدية جبلين أحدهما بين طرفه المحاذي لمكة وبين مكة أكثر من مرحلتين والثاني ممتد لجهة مكة وبينه وبين مكة باعتبار طرفه الذي بجهتها مرحلتان فأقل ، فإن تحقق أنه الأخير فلا شك في جواز الإحرام من جدة فحرر جبل يلملم ، فإن تحقق وتحققت المفارقة التي يقولونها فلا وجه لما قاله في التحفة بل يشعر بذلك قول التحفة ؛ لأن مسافتها أي جدة كمسافة يلملم إلى مكة ا هـ .

                                                                                                                              فإذا تحقق التفاوت بطل المساواة وبطل ما بني عليها من جواز التأخير إلى جدة ، وهو واضح إلا إن ثبت واحد من الأمرين للذين سقناهما ا هـ أقول الأمر الأول ، وهو أن مبنى المواقيت على التقريب ، كلام التحفة والنهاية والمغني ، وغيرهم صريح في خلافه والأمر الثاني ، وهو كون جبل يلملم ممتدا بعد السعدية إلخ مبني على كونه الأخير من الجبلين اللذين بحذاء السعدية الذي بين طرفه وبين مكة مرحلتان فأقل وقد نص التحفة والنهاية والمغني وغيرهم على أنه لا ميقات أقل من مرحلتين فتبين أنه ليس جبل يلملم ، وإنما هو الأول من الجبلين المذكورين الذي بين طرفه وبين مكة أكثر من مرحلتين ( قوله عبر جمع متقدمون إلخ ) وتبعهم المغني وشرح المنهج .

                                                                                                                              ( قوله : والذي يتجه إلخ ) اعتمده النهاية وشرح بافضل والكردي عليه والونائي .

                                                                                                                              ( قوله : بأحدهما ) أي : بالعود إلى ميقات أو إلى مرحلتين .

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأن ما عدل عنه ) لعله أراد به ابتداء مرحلتين في طريقه التي سلكها .

                                                                                                                              ( قوله : أنه لا يجزئه ) أي : العود إلى مثل مسافته ( قوله كلام هؤلاء إلخ ) أي الجمع المتقدمين أولا .

                                                                                                                              ( قوله : إجزاء مثل المسافة إلخ ) اعتمده النهاية ع ش والونائي والكردي كما مر آنفا و ( قوله : مطلقا ) أي : من ميقات آخر أولا




                                                                                                                              الخدمات العلمية