الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا تكفي مماثلة ) المتولد من الحب نحو ( الدقيق والسويق ) وهو دقيق الشعير والنشا ( والخبز ) فلا يباع شيء منها بمثله ولا بأصله لتفاوت نعومة الدقيق وتأثير نار الخبز بخلافه بنخالته لأنها ليست ربوية كمسوس لم يبق فيه لب أصلا ( بل تعتبر المماثلة في الحبوب ) المتناهي جفافها المنقاة من نحو تبن [ ص: 282 ] وزؤان ( حبا ) لتحققها فيها حينئذ ( و ) تعتبر ( في حبوب الدهن كالسمسم ) بكسر سينيه ( حبا أو دهنا ) أو كسبا خالصا من نحو ملح ودهن فله حالات كمال فيباع كل بمثله لا سمسم بشيرج وطحينة بطحينة وكسب به دهن بمثله أو بطحينة أو شيرج لأنه من قاعدة مد عجوة ( و ) تعتبر ( في العنب زبيبا أو خل عنب وكذا العصير ) من نحو رطب وعنب ورمان وغيرها ( في الأصح ) لأن ما ذكر حالات كمال فيجوز بيع بعض كل منها ببعضه إلا نحو خل التمر أو الزبيب لأن فيه ما يمنع العلم بالمماثلة كما مر قال السبكي ومما أجزم به وإن لم أره امتناع بيع الزبيب بخل العنب وإن كانا كاملين ا هـ وهو بعد تسليمه وإلا فتجويز الشيخين بيع عصير العنب بخله متفاضلا لأنهما جنسان لإفراط التفاوت في الاسم والصفة والمقصود يرده عجيب فإن هذا معلوم من قولهم لا يباع الشيء بما اتخذ منه الشامل للكامل وغيره والعنب والزبيب جنس واحد فالمتخذ من أحدهما كالمتخذ من الآخر .

                                                                                                                              [ ص: 283 ] ( تنبيه ) يؤخذ من كلامهما المذكور أن محل امتناع بيع الشيء بما اتخذ منه ما لم يكونا كاملين أو يفرط التفاوت بينهما فيما ذكر ( و ) تعتبر ( في اللبن ) أي في ماهية هذا الجنس المشتمل على لبن وغيره ( لبنا أو سمنا أو مخيضا ) بشرط أن يكون كل منها ( صافيا ) من الماء مثلا فيجوز بيع بعض أنواع اللبن الذي لم يغل بالنار ببعض كيلا بعد سكون رغوته وإن كان الخاثر أثقل وزنا أما ما فيه ماء فلا يباع بمثله ولا بخالص وقيده السبكي وغيره بغير ماء يسير ويظهر حمله على يسير لا يؤثر في الكيل .

                                                                                                                              قال ويعتبر في المخيض الخالي من الماء أن لا يكون فيه زبد وإلا لم يبع بمثله ولا زبد ولا بسمن لأنه من قاعدة مد عجوة لا لعدم كماله ا هـ [ ص: 284 ] وفيه نظر إذ المخيض اسم لما نزع زبده فلا يحتاج لما ذكره على أن كمون الزبد في اللبن باللبن لا يعتبر ككمون الشيرج في السمسم بالسمسم ثم جعل المتن له قسيما للبن مع أنه قسم منه المراد أنه باعتبار ما حدث له من المخض صار كأنه قسيم وإن كان في الحقيقة قسما فاندفع اعتراض جمع من الشراح بذلك ( ولا تكفي المماثلة في سائر ) أي باقي ( أحواله كالجبن والأقط ) والمصل والزبد [ ص: 285 ] لمخالطة الإنفحة أو الملح أو الدقيق أو المخيض فلا يجوز بيع كل منها بمثله ولا بخالص للجهل بالمماثلة ولا بيع زبد بسمن ولا لبن بما اتخذ منه كسمن ومخيض .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : المتناهي جفافها ) انظر اعتبار [ ص: 282 ] التناهي في الحبوب كالحنطة مع قوله السابق قيل وقد يعتبر الكمال أولا بخلاف نحو الثمر إلخ وفي شرح المنهج كغيره ما نصه ولا يعتبر في الثمر والحب تناهي جفافهما بخلاف اللحم لأنه موزون يظهر أثره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وكسب به دهن ) خرج ما لا دهن فيه فينبغي جواز بيعه بالشيرج دون السمسم والطحينة لاشتمال كل منهما عليه وفي شرح العباب وفي الجواهر لا يباع طحين أو سمسم بطحين أو كسب وكذا كسب الجوز بكسب الجوز أي إن كان فيه خليط وإلا جاز قياسا على كسب السمسم والكلام في كسب يأكله الآدميون ككسب نحو السمسم بخلاف كسب نحو القرطم فإنه غير ربوي ا هـ .

                                                                                                                              وفي الروض والسمسم بالشيرج وبالكسب باطل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وهو ) خبره عجيب وقوله : فتجويز خبره يرده الآتي .

                                                                                                                              ( قوله : كالمتخذ من الآخر ) لا يخفى ما في هذا من التكلف والاستناد إليه في التعجب مما قاله السبكي من أنه لم يره مما يتعجب منه ومما يقطع بالتكلف المذكور تجويز الشيخين المذكور إذ لو كان المتخذ من أحد المتجانسين كالمتخذ من الآخر بحيث يكون معه جنسا واحدا ما ساغ لهما جعل خل العنب مع عصيره جنسا آخر مع اتخاذه من نفسه فتأمله على أن دعواه أن تجويز الشيخين المذكور يرد ما قاله السبكي عجيب بل لعله غفلة عن رد السبكي تجويز الشيخين المذكور كما في شرح الروض [ ص: 283 ] قال إنهما تبعا ما رجحه الإمام وأن قضية كلام ابن الصباغ أنهما جنس واحد وأن هذا هو الأصح قال ولا يلزم من كونهما بحالة الكمال أن يكونا جنسين وقد صرح الروياني بعدم جواز بيع التمر بعصير الرطب وكذا بخله ا هـ فكيف يرد على السبكي تجويز الشيخين مع رده له وتصحيحه خلافه فتأمل ولا يخفى أن تجويز الشيخين المذكور قياسه تجويز بيع التمر بعصير الرطب وخله خلافا للروياني بل قد يقال قياسه أيضا تجويز بيع التمر بخله والزبيب بخله فليراجع ( قوله : كاملين ) قضيته أنه مع جواز بيع عصير العنب بخله يمتنع بيع العنب بخله مع أنه أبعد عن خله من عصيره عن خله .

                                                                                                                              ( قوله : بمثله ولا بخالص ) قد يشعر بصحة بيعه بنقد مع أن اللبن المشوب بالماء يمتنع بيعه فراجعه ( قوله : فيه زبد ) أي متميز لا كامن فاندفع قول الشارح الآتي على أن كمون إلخ فليتأمل ( قوله : ولا بزبد ولا بسمن ) مفهومه أن المخيض إذا لم يكن فيه زبد جاز بيعه بالزبد وبالسمن وهو ظاهر [ ص: 284 ] في الثاني وقد صرح في الروض بأن السمن والمخيض جنسان دون الأول لأن الزبد لا يخلو عن المخيض فيكون من قاعدة مد عجوة ثم رأيته في شرح العباب بعد أن علل امتناع بيع الزبد بالزبد وبالسمن وباللبن وبسائر ما يتخذ منه بقوله لأن الزبد لا يخلو عن قليل مخيض وهو يمنع العلم بالمماثلة قال وبه يعلم ضعف قول الإمام يجوز اتفاقا بيع الزبد بالمخيض متفاضلا ا هـ نعم إن نزع ما في المخيض من الزبد جاز بيعه بسمن ولو متفاضلا لأن أحدهما ليس أصلا للآخر ولا مشتملا على بعضه بخلاف بيعه بالزبد لاشتمال الزبد على بعض المخيض هذا هو الذي يتجه فراجعه وفي شرح العباب أيضا ما نصه مع متنه ويباع مخيضه بمخيضه ومخيضه بحليبه ورائبه وحامضه إن لم يغل أحدهما بالنار ولم يختلط بأحدهما في الأولى وبالمخيض في الثانية ماء ا هـ باختصار فإن كان الفرض أن الزبد كامن في المخيض لم يتميز ولم ينزع فجميع ما ذكره واضح ثم قال رأيته يعني الأذرعي قال بعد ذلك كالسبكي لا يباع مخيض بزبد بمثله ولا بزبد ولا بسمن لأنه يصير من قاعدة مد عجوة ا هـ وقياس امتناع المخيض بزبده بمثله لكونه من قاعدة مد عجوة امتناع المخيض بزبده باللبن لأن امتناعه بمثله ليس إلا لتميز سمنه وتمير أحد الجنسين في أحد الجانبين كاف في قاعدة مد عجوة لكن ما تقدم من جواز بيع المخيض بمثله وبالحليب وغيره يخالف هذا الذي نقله عن الأذرعي إن كان مفروضا في مخيض بزبده فإن كان مفروضا في منزوع الزبد خالف بالنسبة لبيعه باللبن قول شيخ الإسلام في شرح المنهج كغيره ولا اللبن بما يتخذ منه كسمن ومخيض ا هـ وسيأتي هذا في كلامه هنا إلا أن يكون مفروضا في مخيض بزبده لكن لم يتميز زبده بل هو كامن فيه .

                                                                                                                              ( قوله : صار كأنه قسيم ) وأيضا فالمراد باللبن القسيم الباقي بحاله وبالمقسم الأعم ( قوله : [ ص: 285 ] ومخيض ) أفاد امتناع بيع اللبن بالمخيض ويخالفه ما مر عن شرح العباب إلا أن يحمل هذا على مخيض نزع زبده وذاك على ما زبده كامن فيه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وهو دقيق الشعير ) أي أو الحنطة عبارة المصباح والسويق ما يعمل من الحنطة والشعير معروف ا هـ وفي قوله يعمل إشعار بأنه ليس عبارة عن الدقيق بمجرده ا هـ ع ش والمعروف أنه دقيق المقلي من الشعير أو الحنطة كما قاله السيد عمر ( قوله : والنشا ) بالقصر عطف على الدقيق ( قوله : نعومة الدقيق ) أي ونحوه ( قوله : نار الخبز ) أي ونحوه ( قوله : بخلافه ) أي الدقيق ا هـ كردي ويجوز كون مرجع الضمير قوله شيء منها كما في شرح المنهج أو الحب كما في النهاية والمغني عبارتهما ولا تباع حنطة مقلية بحنطة مطلقا لاختلاف تأثير النار فيها ولا حنطة بما يتخذ منها ولا بما فيه شيء مما يتخذ منها ويجوز بيع الحب بالنخالة والحب المسوس إذا لم يبق فيه لب أصلا لأنهما غير ربويين ا هـ قال ع ش قوله : م ر مما يتخذ منها ظاهره وإن قل جدا وعليه فما جرت به العادة من خلط اللبن أو العسل بالنشا ليعمل على الوجه المخصوص المسمى بالحلوى أو الهيطلية فبيعه بالحنطة باطل لتأثير النار فيه ثم رأيت سم على منهج قال ما نصه ولا يصح بيع الحب بشيء مما يتخذ منه كالدقيق بما يتخذ منه كالحلوى المعمولة بالنشا والعسل انتهى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بنخالته ) أي التي لم يبق فيه شيء من الدقيق ا هـ سيد عمر أي كما يفيده قول الشارح كمسوس إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : كمسوس ) بكسر الواو ولأن فعله لازم ( قوله : المتناهي جفافها ) قد يشكل اعتبار التناهي هنا بقوله قبيل وقد يعتبر الكمال إلخ بخلاف نحو التمر أي فإنه لا يشترط فيه تناهي الجفاف لأنه مكيل [ ص: 282 ] وقد يجاب بأن مراده بنحو التمر المشمش ونحوه مما لا يتناهى جفافه عادة بخلاف نحو البر لكن يشكل على هذا الجواب ما مر له أيضا من أنه لا يضر التفاوت وزنا بعد الاستواء في الكيل كالبر الصلب بالرخو وقد يقال أيضا المراد بتناهي الجفاف في الحب وصوله إلى حالة يتأتى فيها ادخاره عادة هذا وعبارة المنهج ولا يعتبر في التمر والحب تناهي جفافهما انتهى وهي ظاهرة في المخالفة لما ذكره الشارح وكتب سم عليه ما نصه ينبغي أن ضابط جفافهما أن لا يظهر بزوال الرطوبة الباقية أثر في المكيال انتهى وهو صريح فيما قلناه ا هـ ع ش أي في قوله وقد يقال أيضا إلخ ( قوله : وزؤان ) كذا في النهاية والتي في أصل الشارح زاون بتقديم الألف فليحرر وما في النهاية هو ما في الروضة وغيرها وضبطه السيد السمهودي بضم الزاي والهمز ا هـ بصري عبارة شيخنا قوله : وزوان ككتاب وغراب وسحاب بالواو وبالهمزة ويسمى الشينم عند الشوام وهو حب يشبه الدحريج أو الكمون إذا طحن مع البر يجعله مرا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لتحققها ) أي المماثلة ( وقوله : حينئذ ) أي حين الجفاف والنقاء ( قوله : بكسر سينه ) إلى قوله قال إلخ في النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله : أو كسبا ) بضم فسكون ( قوله : فله ) أي للسمسم ( قوله : وكسب به دهن ) خرج ما لا دهن فيه فينبغي جواز بيعه بالشيرج دون السمسم والطحينة لاشتمال كل منهما عليه ففي شرح العباب وفي الجواهر لا يباع طحين أو سمسم بطحين أو كسب وكذا كسب الجوز بكسب الجوز أي إن كان فيه خليط وإلا جاز قياسا على كسب السمسم والكلام في كسب يأكله الآدميون ككسب نحو السمسم بخلاف كسب نحو القرطم فإنه غير ربوي وفي الروض والسمسم بالشيرج وبالكسب باطل ا هـ سم عبارة المغني أما كسب غير السمسم واللوز الذي لا يأكله إلا البهائم ككسب القرطم أو أكل البهائم له أكثر فليس بربوي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : به دهن ) أي يمكن فصله ا هـ ع ش قول المتن ( وكذا العصير ) فيجوز بيع العصير بمثله وكذا بيع عصيره أي نحو العنب والرطب بخله متماثلا على الأصح مغني وأسنى وهو مخالف لما سيذكره الشارح عن الشيخين ( قوله : إلا نحو خل ) إلخ استثناء منقطع ا هـ بصري ( قوله : إلا نحو خل التمر إلخ ) وحاصل مسألة الخلول أن يقال إن كان فيهما ماء امتنع بيع أحدهما بالآخر مطلقا أي سواء كان من جنسه أم لا وإن كان في أحدهما فإن كان الآخر من جنسه امتنع وإلا فلا فعلى هذا يباع خل عنب بمثله وخل رطب بمثله وخل عنب بخل رطب وخل زبيب بخل رطب وخل تمر بخل عنب ويمتنع بيع خل عنب بخل زبيب وخل تمر بخل رطب وخل زبيب بخل تمر وخل تمر بمثله وخل زبيب بمثله زيادي ا هـ ع ش ( قوله : كما مر ) أي في شرح وأدقة الأصول إلخ ( قوله : وهو ) خبره ( عجيب ) ( وقوله : فتجويز إلخ ) خبره ( يرده ) ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : كالمتخذ من الآخر ) قال سم لا يخفى ما في هذا من التكلف والاستناد إليه في التعجب مما قاله السبكي من أنه لم يرده مما يتعجب منه ثم قال بعد أن أطال في بيان التكلف ما نصه على أن دعواه أن تجويز الشيخين المذكور يرد ما قاله السبكي عجيب بل لعله [ ص: 283 ] غفلة عن رد السبكي تجويز الشيخين المذكور كما في شرح الروض قال إنهما تبعا ما رجحه الإمام وإن قضية كلام ابن الصباغ أنهما جنس واحد وأن هذا هو الأصح ا هـ فكيف يرد على السبكي تجويز الشيخين مع رده له وتصحيحه خلافه فتأمل ولا يخفى أن تجويز الشيخين المذكور قياسه تجويز بيع التمر بعصير الرطب وبخله خلافا للروياني بل قد يقال قياسه أيضا تجويز بيع التمر بخله والزبيب بخله فليراجع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كاملين ) قضيته أنه مع جواز بيع عصير العنب بخله يمتنع بيع العنب بخله مع أنه أبعد عن خله من عصيره عن خله ا هـ سم ( قوله : أي في ماهية ) إلى قول المتن وإذا جمعت في النهاية إلا قوله على أن كمون إلى ثم جعل ( قوله : أي في ماهية هذا إلخ ) إنما فسر به ليناسب قوله بعد لبنا أو سمنا إلخ قول المتن ( لبنا ) هو وما بعده حالان بتأويل الأول بباقيا على حاله والثاني بصائرا سمنا أو مخيضا .

                                                                                                                              ( قوله : من الماء مثلا ) عبارة المغني لبنا خالصا غير مشوب بماء أو إنفحة أو ملح وغير مغلي بالنار أو سمنا خالصا مصفى بشمس أو نار فإنه لا يتأثر بالنار تأثير انعقاد ونقصان أو مخيضا صافيا أي خالصا عن الماء والمخيض ما نزع زبده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : الذي لم يغل بالنار ) أي فيباع اللبن الذي لم ينزع زبده بمثله ولا يباع بالسمن ولا بالزبد ولا بالمخيض لأنه حينئذ من قاعدة مد عجوة لأن اللبن يشتمل على المخيض والسمن والقياس أنه لا يباع الزبد بالمخيض لاشتمال الزبد على سمن ومخيض لكن نقل سم على منهج عن الخادم عن الإمام جوازه وتوقف فيه وجزم الزيادي بما قاله الإمام ا هـ ع ش وسيأتي عن سم توجيه عدم بيع المخيض بالزبد ( قوله : وإن كان الخاثر أثقل ) هو بالمثلثة ما بين الحليب والرائب ولا يضر في ذلك تفاوت الحموضة في أحدهما وينبغي أن يكون محل عدم الضرر في الخاثر إذا كان ذلك بعدم انضمام شيء إليه بأن ضر بنفسه وإلا يصح بيع بعضه ببعض أخذا مما يأتي في قوله لمخالطة الإنفحة إلخ حيث جعل ذلك علة للبطلان ا هـ ع ش وقوله : وينبغي إلخ قد مر عن المغني ما يوافقه ( قوله : أما ما فيه ماء ) أي مثلا فيدخل فيه ما لو خلط بالسمن غيره مما لا يقصد للبيع مع السمن كالدقيق فلا يصح بيع المخلوط به لا بمثله ولا بدراهم على ما مر له بعد قول المصنف أو نقدان .

                                                                                                                              ( فائدة ) وقع السؤال في الدرس عن بيع الدقيق المشتمل على النخالة بالدراهم هل يصح أم لا لاشتماله على النخالة ويمكن الجواب عنه بأن الظاهر الصحة لأن النخالة قد تقصد أيضا للدواب ونحوها ويمكن تمييزها من الدقيق بخلاف اللبن المخلوط بالماء فإن ما في اللبن من الماء لا يقصد الانتفاع به وحده ألبتة لتعذر تمييزه ا هـ ع ش ( قوله : بمثله ولا بخالص ) قد يشعر بصحة بيعه بنقد مع أن اللبن المشوب بالماء يمتنع بيعه فراجعه ا هـسم عبارة الرشيدي و ع ش قوله : فلا يباع بمثله ولا بخالص أي ولا بغير ذلك كالدراهم كما مر في كلامه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : على يسير لا يؤثر إلخ ) أي أو على شيء قصد به حموضته لأنه من مصالحه على ما مر عن العراقي ا هـ ع ش ( قوله : قال ) أي السبكي ( قوله : فيه زبد ) أي متميز لا كامن فاندفع قول الشارح الآتي على أن كمون إلخ فليتأمل ا هـ سم ويأتي عن البصري مثله وعن ع ش جواب آخر .

                                                                                                                              ( قوله : ولا بزبد ولا بسمن لأنه إلخ ) مفهومه أن المخيض إذا لم يكن فيه زبد جاز بيعه بالزبد وبالسمن وهو ظاهر في الثاني وقد صرح في الروض بأن السمن والمخيض جنسان دون الأول لأن الزبد لا يخلو عن المخيض فيكون من قاعدة مد عجوة ثم رأيته في شرح العباب بعد أن علل امتناع بيع الزبد بالزبد وبالسمن وباللبن وبسائر ما يتخذه منه بقوله لأن الزبد لا يخلو [ ص: 284 ] عن قليل مخيض وهو يمنع العلم بالمماثلة قال وبه يعلم ضعف قول الإمام يجوز اتفاقا بيع الزبد بالمخيض متفاضلا انتهى نعم إن نزع ما في المخيض من الزبد جاز بيعه بسمن ولو متفاضلا لأن أحدهما ليس أصلا للآخر ولا مشتملا على بعضه بخلاف بيعه بالزبد لاشتمال الزبد على بعض المخيض هذا هو الذي يتجه فراجعه ا هـسم عبارة ع ش نصها ولعله إنما لم يصح بيع المخيض بمثله إلخ حيث لم يخل من الزبد لأن مخضه وإخراج الزبد منه أورث عدم العلم بمقدار ما بقي من الزبد في المخيض وصير الزبد الكامن فيه كالمنفصل فأثر ا هـ وبه يندفع قول الشارح الآتي على أن كمون إلخ ( قوله : وفيه نظر إذ المخيض إلخ ) لك أن تقول المخيض ما مخض حتى يتميز زبده عن بقية أجزائه ثم قد ينزع الزبد عنه ويفصل بالفعل وقد لا وبفرض اعتبار النزع في مفهوم المخيض فقد تبقى من الزبد أجزاء يسيرة إذا لم يبالغ في تصفيته بنحو خرقة فيكون ذلك محمل كلام السبكي نعم ينبغي أن ينظر فيما لو قلت تلك الأجزاء الباقية جدا فهل يغتفر كيسير الماء أو يفرق محل تأمل والأول أقرب ويؤيده ما يأتي في التحفة في بيع بر بشعير وبكل منهما حبات من الآخر يسيرة وما يأتي في الحاشية عن شرح العباب في بيع خبز البر بخبز الشعير ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله : لما ذكره ) أي لأن ما فيه زبد لا يسمى مخيضا وعليه فالمنازعة في مجرد ذكره لا في الحكم وإلا فمعلوم أنه لا يجوز وقد يقال ذكره لئلا يتوهم أن المراد معظم الزبد بحيث يسمى المشتمل على القليل منه مخيضا ا هـ ع ش ( قوله : على أن كمون الزبد إلخ ) محل تأمل لأنه حالة كمون الزبد فيه وعدم تميزه عن بقية الأجزاء رائب لا مخيض وأما بعد مخضه فقد تميز الزبد وخرج عن الكمون فصار كشيرج مختلط بكسب لم يفصل عنه لا كشيرج كامن في سمسم فتأمل ا هـ سيد عمر ( قوله : جعل المتن ) أي المخيض كردي و ع ش ( قوله : صار كأنه قسيم ) وأيضا فالمراد باللبن القسيم الباقي بحاله وبالقسم الأعم ا هـ سم وهو أحسن من جواب الشارح ( قوله : هذا ) محله قبيل ما يأتي قوله : كالدبس ( ومخيض ) فإذ امتناع بيع اللبن بالمخيض ويخالفه ما في شرح العباب ويباع مخيضه بمخيضه ومخيضه بحليبه ورائبه وحامضه إن لم يغل أحدهما بالنار ولم يختلط بأحدهما في الأولى وبالمخيض في الثانية ماء انتهى إلا أن يحمل ما هنا على مخيض نزع زبده وذاك على ما زبده كامن فيه ا هـ سم قول المتن ( كالجبن ) بإسكان الباء مع تخفيف النون وبضمها مع تشديد النون وبدونه نهاية ومغني ( قوله : والمصل ) إلى قول المتن وإذا جمعت في المغني .

                                                                                                                              ( قوله : والمصل ) المصل والمصالة ما سال من الأقط إذا طبخ ثم عصر زيادي ا هـ ع ش زاد الكردي والخاثر اللبن [ ص: 285 ] الغليظ والمخيض اللبن الذي أخذ زبده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لمخالطة الإنفحة إلخ ) نشر على ترتيب اللف والإنفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء ويقال منفحة بكسر الميم مع فتح الفاء شيء يؤخذ من كرش الجدي مثلا أصفر ما دام يرضع فيوضع على اللبن فيجمد ( قوله : أو الدقيق ) كأن مراده به فتات لطيف يحصل من اللبن عند جعله في الحصير وإرادة جعله جبنا وقال شيخنا العزيزي المراد دقيق البر لأن الأقط لبن يضاف إليه دقيق فيجمد فإذا وضع على الحصير التي يعصر عليها سال منه المصل مخلوطا بالدقيق ا هـ بجيرمي ( قوله : ولا بخالص ) أي بلبن خالص ( وقوله : ولا بيع زبد بسمن ) أي ولا بيع سمن بجبن ا هـ ع ش قال البجيرمي واعتمد البابلي صحة بيع الزبد بالدراهم تبعا لشيخه بعد إفتائه بالمنع ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية