الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والتسمية أوله ) أي الوضوء للاتباع ولخبر { لا وضوء لمن لم يسم } وأخذ منه أحمد وجوبها ورده أصحابنا بضعفه أو حمله على الكامل لما يأتي في المضمضة وأقلها بسم الله وأكملها بسم الله الرحمن الرحيم ( فإن ترك ) ها ولو عمدا ( ففي أثنائه ) يأتي بها تداركا لها قائلا بسم الله [ ص: 225 ] أوله وآخره لا بعد فراغه وكذا في الأكل ونحوه كما يصرح به كلام الروضة وغيرها بخلاف نحو الجماع لكراهة الكلام عنده ، وهي هنا سنة عين وفي نحو الأكل سنة كفاية لما يأتي رابع أركان الصلاة ، ويتردد النظر في الجماع هل يكفي تسمية أحدهما والظاهر نعم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله والتسمية أوله ) قال في العباب وتكره أي التسمية لمحرم ومكروه قال في شرحه بعد أن بين نقل ذلك عن الجواهر ما نصه والظاهر أن المراد بهما المحرم أو المكروه لذاته فتسن في نحو الوضوء بماء مغصوب خلافا لما بحثه الأذرعي وغيره وبحث الأذرعي حرمتها عند المحرم ضعيف ، وإن نقله عن الحنفية كما علم مما مر عن العلماء ا هـ وأراد بما مر عن العلماء قوله قبل ذلك فرع في الجواهر وغيرها عن العلماء أن الأفعال ثلاث قسم تسن فيه التسمية وقسم لا تسن فيه وقسم تكره فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              وقع السؤال هل يقوم مقام التسمية في الوضوء الحمد لله أو ذكر الله كما في بداءة الأمور فأجاب م ر بالمنع ؛ لأن البداءة ورد فيها طلب البداءة بالبسملة وبالحمد لله وبذكر الله وهذه لم يرد فيها إلا طلب البسملة بقوله عليه الصلاة والسلام { توضئوا بسم الله } أي قائلين ذلك كما فسره به الأئمة وأقول لقائل أن يقول أن حديث { كل أمر ذي بال } شامل للوضوء ( قوله : فإن ترك ) إن بني للمفعول أشكل التذكير في الضمير ؛ لأن ضمير المؤنث [ ص: 225 ] ولو مجازي التأنيث يجب تأنيثه ويجاب بتأويل التسمية بذكر أي قول بسم الله أو ذكر اسم الله أو الإتيان به مثلا ( قوله : وكذا في الأكل ونحوه ) مشى شيخ الإسلام على سنية الإتيان بها بعد فراغ الأكل ونازعه الشارح في شرح الإرشاد ثم أيد ما قاله بحديث الطبراني



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( والتسمية أوله ) ويسن التعوذ قبلها وأن يزيد بعدها الحمد لله على الإسلام ونعمته والحمد لله الذي جعل الماء طهورا والإسلام نورا رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ويسن الإسرار بها شيخنا وفي النهاية والمغني مثله إلا قوله والإسلام نورا وقوله ويسن الإسرار بها ( قوله : أي الوضوء ) ولو بماء مغصوب ؛ لأنه قربة والعصيان لعارض وتسن لكل أمر ذي بال عبادة أو غيرها كغسل وتيمم وتلاوة ولو من أثناء سورة وجماع وذبح وخروج من منزل لا للصلاة والحج والأذكار وتكره لمكروه ، ويظهر كما قالهالأذرعي تحريمها لمحرم نهاية وفي المغني ما يوافقه إلا أنه قال بالكراهة لمحرم عبارة سم قال في العباب وتكره أي التسمية لمحرم أو مكروه قال في شرحه والظاهر أن المراد بهما المحرم أو المكروه لذاته فتسن في نحو الوضوء بمغصوب وبحث الأذرعي حرمتها عند المحرم ضعيف ا هـ ا هـ وعبارة ع ش قوله : م ر لمحرم أي لذاته كالزنا وشرب الخمر بقي المباحات التي لا شرف فيها كنقل متاع من مكان إلى آخر وقضية ما ذكر أنها مباحة فيه ا هـ وعبارة الرشيدي ولينظر لو أكل مغصوبا هل هو مثل الوضوء بماء مغصوب أو الحرمة فيه ذاتية والظاهر الأول وحينئذ فصورة المحرم الذي تحرم التسمية عنده أن يشرب خمرا أو يأكل ميتة لغير ضرورة والفرق بينه وبين أكل المغصوب أن الغصب أمر عارض على حل المأكول الذي هو الأصل بخلاف هذا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو حمله إلخ ) اقتصر عليه في شرح بافضل وقال الكردي عليه لم يقل أنه ضعيف كما قال به في التحفة والإيعاب لما بينته في الأصل من أن له طرقا يرتقي بها إلى رتبة الحسن فراجعه بل بعض طرقه حسن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لما يأتي إلخ ) راجع للمعطوف فقط ( قوله وأقلها ) إلى قوله كما يصرح به في النهاية والمغني ( قوله : وأقلها بسم الله ) فيحصل أصل السنة بذلك ولا يحصل بغيره من الأذكار لطلب التسمية بخصوصها شيخنا عبارة سم .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              هل يقوم مقام التسمية في الوضوء الحمد لله أو ذكر الله كما في بداءة الأمور فأجاب م ر بالمنع ؛ لأن البداءة ورد فيها طلب البداءة بالبسملة وبالحمدلة وبذكر الله وهذه لم يرد فيها إلا طلب البسملة بقوله عليه الصلاة والسلام توضئوا بسم الله أي قائلين ذلك كما فسره به الأئمة وأقول لقائل أن يقول أن حديث { كل أمر ذي بال } شامل للوضوء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وأكملها بسم الله الرحمن الرحيم ) ، ويأتي بذلك ولو جنبا وحائضا ونفساء كأن يتوضأ كل منهم لسنة الغسل لكن يقصد بها الذكر شيخنا قول المتن ( فإن ترك ) إن بني للمفعول فالتذكير بتأويل التسمية بمذكر أي قول بسم الله أو ذكر بسم الله أو الإتيان به مثلا سم ( قوله : قائلا بسم الله إلخ ) أو [ ص: 225 ] بسم الله الرحمن الرحيم شيخنا ( قوله : أوله وآخره ) أي الأكمل ذلك وإلا فالسنة تحصل بدونه رشيدي زاد ع ش والمراد بالأول ما قابل الآخر فيدخل الوسط ا هـ أي أو المراد بآخره ما عدا الأول ( قوله : لا بعد فراغه ) أي الوضوء أي الفراغ من أفعاله ولو بقي الدعاء بعده على أحد قولين ارتضاه الرملي ولكن نقل عن الزيادي والشبراملسي أن المراد ، فإن فرغ من توابعه حتى ذكر بعده بل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسورة إنا أنزلناه وهذا أقرب شيخنا .

                                                                                                                              ( قوله : كذا في الأكل ) قال شيخنا والظاهر أنه يأتي بها بعد فراغ الأكل ليتقيأ الشيطان ما أكله ، وينبغي أن يكون الشرب كالأكل مغني ونهاية قال ع ش قوله : م ر أنه يأتي بها إلخ ينبغي أن محله إذا قصر الفصل بحيث ينسب إليه عرفا ا هـ عبارة سم مشى شيخ الإسلام على سنية الإتيان بها بعد فراغ الأكل ونازعه الشارح في شرح الإرشاد ثم أيد ما قاله أي شيخ الإسلام بحديث للطبراني ا هـ .

                                                                                                                              ولفظه كما في الكردي { من نسي أن يذكر الله في أول طعامه فليذكر اسم الله في آخره } ( قوله ونحوه ) أي مما يشتمل على أفعال متعددة كالاكتحال والتأليف والشرب ا هـ كردي عن شرحي الإرشاد للشارح ( قوله : بخلاف نحو الجماع ) أقول وهل يأتي بها بقلبه والحالة هذه أو لا لم أر في ذلك شيئا ولعل الأول أقرب أخذا من قولهم إن العاطس في الخلاء يحمد الله بقلبه بصري وبرماوي ومال ع ش إلى الثاني ( قوله والظاهر نعم ) ويوجه بأن المقصود منها دفع الشيطان ، وهو حاصل بتسميتها ونقل عن الشارح م ر عدم الاكتفاء بها من المرأة ، وإنما تكفي من الزوج ؛ لأنه الفاعل ا هـ وفيه وقفة ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية