الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن اغتسل لجنابة ) أو حيض أو نفاس ( و ) نحو ( جمعة ) أو عيد بنيتهما ( حصلا ) أي غسلهما وإن كان الأكمل [ ص: 286 ] إفراد كل بغسل وإنما لم يصح الظهر وسنته وخطبة الجمعة والكسوف بنية ؛ لأن مبنى الطهارات على التداخل بخلاف الصلاة وما في معناها كالخطبة ( أو لأحدهما حصل فقط ) عملا بما نواه وإنما لم يندرج المسنون في الواجب ؛ لأنه مقصود ومن ثم تيمم للعجز عنه بخلاف التحية ومن ثم حصلت بغيرها وإن لم تنو على ما يأتي ؛ لأن القصد إشغال البقعة وأفهم المتن عدم صحة الواجب بنية النفل وكذا عكسه لكن يظهر أن محله إن تعمد وإلا فينبغي حصول السنة بذلك لعذره وأنه لو اغتسل لأحد واجبين أو أحد نفلين فأكثر بنيته فقط حصل الآخر وهو كذلك لما مر أن مبنى الطهارات على التداخل وظاهر أن المراد بحصول غير المنوي سقوط طلبه كما في التحية . ( قلت ولو أحدث ثم أجنب أو عكسه ) أو وجدا معا ( كفى الغسل ) وإن لم ينو معه الوضوء ولا رتب أعضاءه ( على المذهب والله أعلم ) لاندراج الأصغر في الأكبر ولا نظر لاختلاف الجنس مع حصول المقصود وأفهم قوله كفى أن الأصغر اضمحل ولم يبق له حكم وهو كذلك

                                                                                                                              .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو لأحدهما حصل ) إن كان لفظ المصنف إحداهما بتأنيث إحدى فقوله حصل أي غسل تلك الإحدى ( قوله وإلا فينبغي حصول السنة ) فعلى هذا لو نوى يوم الجمعة رفع الجنابة غلطا حصل غسل الجمعة ( قوله لأحد واجبين إلخ ) هذا ظاهر في واجبين عن حدث أما واجبان أحدهما عن حدث كجنابة والآخر عن نذر فالمتجه أنه لا يحصل أحدهما بنية الآخر ؛ لأن نية أحدهما لا تتضمن الآخر أما نية المنذور فليس فيها تعرض لرفع الحدث مطلقا ، وأما نية الآخر فلأن المنذور جنس آخر ليس من جنس ما على المحدث بل لو كانا عن نذرين اتجه عدم حصول أحدهما بنية الآخر أيضا فليتأمل ( قوله وأفهم قوله كفى ) في شرح م ر ، وقد نبه الرافعي على أن الغسل إنما يقع عن الجنابة وأن الأصغر يضمحل معه أي لا يبقى له حكم فلهذا عبر المصنف بقوله كفى ا هـ

                                                                                                                              .


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله إفراد كل بغسل ) عبارة المغني وعميرة أن يغتسل للجنابة ثم للجمعة كما نقله في البحر عن الأصحاب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وخطبة الجمعة إلخ ) بأن قدم الكسوف ثم خطب ونوى بخطبته خطبة الجمعة والكسوف مغني ( قوله بنية ) أي للظهر وسنته ولخطبة الجمعة وخطبة الكسوف .

                                                                                                                              ( قوله لأنه مقصود ) أي مع عدم مساواة المسنون الغير المنوي الواجب المنوي أي في المقصود فأشبه سنة الظهر مع فرضه كما أشار إليه النهاية والمغني وصرح بذلك الحلبي فاندفع بذلك ما أطال به السيد البصري هنا ( قوله ومن ثم تيمم إلخ ) عبارة النهاية والمغني وفارق ما لو نوى بصلاته الفرض دون التحية حيث تحصل وإن لم ينوها بأن المقصود ثم إشغال البقعة بصلاة وقد حصل وليس القصد هنا النظافة بدليل أنه يتيمم عند عجزه عن الماء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإن لم تنو ) أي بأن لم تتعرض أما لو نفيت فلا تحصل بخلاف الحدث الأصغر فإنه يرتفع وإن نفاه لاضمحلاله مع الجنابة ع ش ( قوله إشغال البقعة ) التعبير به لغة قليلة وكان الأولى أن يقول شغل البقعة وفي المختار شغل بسكون الغين وضمها وشغل بفتح الشين وسكون الغين وبفتحتين فصارت أربع لغات والجمع أشغال وشغله من باب قطع فهو شاغل ولا تقل أشغله ؛ لأنه لغة رديئة ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله وإلا فينبغي حصول السنة إلخ ) فعلى هذا لو نوى يوم الجمعة رفع الجنابة غلطا حصل غسل الجمعة سم .

                                                                                                                              ( قوله لأحد واجبين إلخ ) هذا ظاهر في واجبين عن حدث أما واجبان أحدهما عن حدث كجنابة والآخر عن نذر فالمتجه أي كما قاله م ر أنه لا يحصل أحدهما بنية الآخر ؛ لأن نية أحدهما لا يتضمن الآخر أما نية المنذور فليس فيها تعرض لرفع الحدث مطلقا وأما نية الآخر فلأن المنذور جنس آخر ليس من جنس ما عن الحدث بل لو كان عن نذرين اتجه عدم حصول أحدهما بنية الآخر أيضا فليتأمل سم على حج وذلك لأن كلا من النذرين أوجب فعلا مستقلا غير ما أوجبه الآخر من حيث الشخص والفرق بين هذا وبين ما لو كان على المرأة حيض ونفاس وجنابة حيث أجزأها نية واحدة منها أن المقصود من الثلاثة رفع مانع الصلاة وهو إذا ارتفع بالنسبة لأحدها ارتفع ضرورة بالنسبة لباقيها إذ المنع لا يتبعض ومن ثم لو نفى بعضها لم ينتف فكانت كلها كالشيء الواحد ع ش ( قوله أن مبنى الطهارات إلخ ) أي المشتركة في المقصود منها ( قوله وظاهر أن المراد إلخ ) هذا جار على ما جرى عليه شيخ الإسلام في تحية المسجد لكن الظاهر من قول الشارح م ر لو طلبت منه أغسال مستحبة كعيد وكسوف واستسقاء وجمعة ونوى أحدها حصل الجميع إلخ حصول ثواب الكل وهو قياس ما اعتمده في تحية المسجد إذا لم ينوها ع ش عبارة الشوبري المعتمد حصول الثواب أيضا خلافا لحج ومن سبقه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإن لم ينو معه الوضوء ) بل لو نفاه لم ينتف لما سيأتي من اضمحلال الأصغر مع الأكبر ع ش ( قوله وأفهم إلخ ) عبارة النهاية والمغني وقد نبه الرافعي على أن الغسل إنما يقع عن الجنابة وأن الأصغر يضمحل معه أي لا يبقى له حكم فلهذا عبر المصنف بقوله كفى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فلم يبق له حكم ) فالغسل عن الأكبر فقط لا عنه وعن الأصغر بصري .




                                                                                                                              الخدمات العلمية