الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو غصب زيتا ونحوه ) من الأدهان ( وأغلاه فنقصت عينه دون قيمته ) بأن كان صاعا قيمته درهم فصار نصف صاع قيمته درهم ( رده ) لبقاء العين ( ولزمه مثل الذاهب في الأصح ) ؛ لأن له بدلا مقدرا وهو المثل فأوجبناه ، وإن زادت القيمة بالإغلاء كما لو خصى العبد فإنه يضمن قيمته ، وإن زادت أضعافها ( وإن نقصت القيمة فقط ) أي دون العين ( لزمه الأرش ) جبرا له ( وإن نقصتا ) أي العين والقيمة معا ( غرم الذاهب ورد الباقي ) مطلقا و ( مع أرشه إن كان نقص القيمة أكثر ) مما نقص بالعين كرطلين قيمتهما درهمان صارا بالإغلاء رطلا قيمته نصف درهم فيرد الباقي ويرد معه رطلا ونصف درهم أما إذا لم يكن نقص القيمة أكثر بأن لم يحصل في الباقي نقص كما لو صارا رطلا قيمته درهم أو أكثر فيغرم الذاهب فقط ويرد الباقي ، ولو غصب عصيرا وأغلاه فنقصت عينه دون قيمته لم يغرم مثل الذاهب ؛ لأنه مائية لا قيمة لها والذاهب من الدهن دهن متقوم فرع

                                                                                                                              غصب وثيقة بدين أو عين وأتلفها ضمن قيمة الكاغد مكتوبا ملاحظا أجرة الكتابة لا أنها تجب مع ذلك [ ص: 39 ] كما حملوا عليه عبارة الروضة الموهمة لإيجابها الذي لا يقوله أحد على ما قاله الزركشي ، وإن محاه ضمن قيمة ما نقص منه وإفتاء ابن الصلاح بأنه يلزمه قيمة ورقة فيها إثبات ذلك المال فيقال كم قيمة ورقة يتوصل بها إلى إثبات مثل هذا الملك ثم يوجب ما ينتهي إليه التقويم الضعيف ، وإن اعتمده الإسنوي وقال مقتضاه وجوب قيمة الكاغد أبيض وأجرة الوراق قال ولا بد من اعتبار أجرة الشهود وإن لم يكتبوا شهادتهم ا هـ وليس كما قال ثم رأيت الأذرعي بالغ في الرد عليه فقال : وهذا كلام رديء ساقط وأفتى أيضا بضمان شريك غور ماء عين ملك له ولشركائه فيبس ما كان يسقى بها من الشجر وبنحوه أفتى الفقيه إسماعيل الحضرمي ونظر فيه بعضهم وكأنه نظر لقولهم لو أخذ ثيابه مثلا فهلك برد لم يضمنه ، وإن علم أن ذلك مهلك له لكن مر أول الباب ما يرده فتأمله .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لم يغرم مثل الذاهب إلخ ) قال في شرح الروض وفارق نظيره في المفلس حيث يضمن مثل الذاهب للبائع كالزيت بأن ما زاد بالإغلاء ثم للمشتري فيه حصة فلو لم يضمن المشتري ذلك لأجحفنا بالبائع والزائد بالإغلاء هنا للمالك فانجبر به الذاهب . ا هـ .

                                                                                                                              وفي الروض ، وكذا الرطب يصير تمرا قال في شرحه [ ص: 39 ] قال في الأصل والعصير يصير خلا إذا نقصت عينه دون قيمته لا يضمن مثل الذاهب وأجراه الماوردي والروياني في اللبن إذا صار جبنا ونقص كذا قال ابن الرفعة وفيه نظر ؛ لأن الجبن لا يمكن كيله حتى يعرف نسبة نقصه من عين اللبن . ا هـ نعم تعرف النسبة بوزنهما ويؤخذ من التعليل بأن الذاهب مما ذكر مائية لا قيمة لها أنه لو نقص منه عينه وقيمته ضمن القيمة ويحتمل أنه يضمن مثل الذاهب كالدهن . ا هـ كلام شرح الروض وقوله ضمن القيمة كأن المراد نقص القيمة وقوله ويحتمل إلخ في شرح م ر هو الأوجه ( قوله لكن مر أول الباب ما يرده ) أي النظر ش قال هناك وليس منه أي من الاستيلاء منع المالك من سقي ماشيته أو غرسه حتى تلف فلا ضمان وإن قصد منعه عنه على المعتمد وفارق هذا هلاك ولد شاة ذبحها بأنه ثم أتلف غذاء الولد المتعين له بإتلاف أمه بخلافه هنا ، وبهذا الفرق يتأيد ما يأتي عن ابن الصلاح وغيره قبيل والأصح أن السمن إلخ أي فضمان ما كان يسقى بها ؛ لأنه أتلف ماءه المتعين له فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله قيمته درهم ) أي أو أكثر كما يأتي ( قوله فإنه يضمن قيمته ) أي يضمن جميع قيمته ؛ لأن الأنثيين فيهما القيمة فيلزمه رده لمالكه مع قيمته شيخنا العزيزي وظاهر أن المراد قيمته قبل الخصي . ا هـ بجيرمي ( قوله وإن زادت إلخ ) أي قيمته بعد الخصي أضعاف ما كانت عليه قبله . ا هـ ع ش ( قوله مطلقا ) أي سواء كان نقص القيمة أكثر من نقص العين أو لا . ا هـ ع ش ( قوله ، ولو غصب عصيرا فأغلاه ) ومثل إغلاء العصير ما لو صار العصير خلا أو الرطب تمرا ونقصت عينه دون قيمته لا يضمن مثل الذاهب وأجراه الماوردي والروياني في اللبن إذا صار جبنا ونقص كذلك وتعرف النسبة بوزنهما مغن ونهاية وشرح الروض ( قوله ؛ لأنه مائية إلخ ) يؤخذ من هذا التعليل أنه لو نقص منه عينه وقيمته ضمن القيمة لكن الأوجه أنه يضمن مثل الذاهب كالدهن . ا هـ نهاية قال الرشيدي والظاهر أنه يرجع في الذهاب وعدمه وفي مقدار الذاهب إلى أهل الخبرة وانظر ما المراد بالمثل الذي يضمنه ويحتمل أن يضمنه عصيرا بقول أهل الخبرة إنه مشتمل على عصير خالص من المائية بمقدار الذاهب أو يكلف إغلاء عصير حتى تذهب مائيته ويغرم منه بمقدار الذاهب فليراجع . ا هـ عبارة ع ش قوله م ر إنه يضمن مثل الذاهب أي مما ذكر من العصير والرطب والجبن وينبغي أن محل ذلك إذا كان الذاهب أجزاء متقومة فإن كان مائية فلا ( فرع )

                                                                                                                              وقع السؤال في الدرس عن شخص غصب من آخر عبدين ثم إن أحدهما جنى على الآخر واقتص السيد من الجاني في يد الغاصب هل يضمنهما ؛ لأنهما فاتا بجناية في يد الغاصب أو يضمن الجاني فقط ؟ والجواب عنه أن الظاهر الأول للعلة المذكورة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ملاحظا أجرة الكتابة ) معناه أنه يضمن قيمتها التي منشؤها الكتابة بالأجرة و ( قوله لا أنها تجب مع ذلك ) أي [ ص: 39 ] لا أن الأجرة تجب مع قيمة الكاغد مكتوبا . ا هـ كردي قوله منشؤها إلخ المناسب من منشئها إلخ بزيادة من التبعيضية وقوله مكتوبا ينبغي إسقاطه فالمراد أن الواجب قيمة الكاغد مكتوبا مع أجرة الكتابة وهي أقل من قيمة الكاغد أبيض مع أجرة الكتابة المنفي بقول الشارح لا أنها تجب إلخ عبارة ع ش فرع غصب وثيقة كالحجج والتذاكر لزمه إذا تلفت قيمة الورق وأجرة الكتابة وثوبا مطرزا لزمه قيمته مطرزا والفرق أن الكتابة تعيب الورق وتنقص قيمته فلو ألزمناه قيمة الوثيقة دون الأجرة لأجحفنا بالمالك ولا كذلك الطراز ؛ لأنه يزيد في قيمة الثوب فلا ضرر عليه سم على حجج . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله كما حملوا عليه ) أي وجوب الأجرة مع قيمة الكاغد مكتوبة ( قوله لإيجابها ) أي الأجرة . ا هـ كردي أي مع قيمة الكاغد أبيض ( قوله وإن محاه ) أي الوثيقة أي خطها على حذف المضاف والتذكير باعتبار الكاغد المكتوب ( قوله وإفتاء ابن الصلاح ) مبتدأ وخبره قوله ضعيف ( قوله بأنه يلزمه ) أي متلف الوثيقة ( قوله وأجرة الوراق ) أي الكاتب ( قوله أجرة الشهود ) أي أجرة إحضارها ( قوله كما قال ) أي الإسنوي ، وكذا ضمير عليه ( قوله وأفتى ) أي ابن الصلاح ( قوله عين ملك ) بإضافة العين إلى الملك . ا هـ كردي أقول ويجوز القطع أيضا على الوصفية أي هي ملك إلخ ( قوله ما كان يسقى إلخ ) فاعل يبس والضمير في الفعلين لما وقوله من الشجر بيان له ( قوله وبنحوه ) أي إفتاء ابن الصلاح والجار متعلق بقوله أفتى الفقيه إلخ ( قوله ونظر فيه ) أي في إفتاء ابن الصلاح ( قوله لكن مر أول الباب إلخ ) كأنه يشير إلى هلاك ولد شاة ذبحها فإنه يضمنه ؛ لأنه أتلف غذاءه المتعين له بإتلاف أمه أي وفيما نحن فيه أتلف ماءه المتعين . ا هـ سيد عمر عبارة سم قوله لكن مر أول الباب ما مر برده أي النظر ش قال هناك وليس منه أي من الاستيلاء منع المالك من سقي ماشيته أو غرسه حتى تلف فلا ضمان ، وإن قصد منعه عنه على المعتمد وفارق هذا هلاك ولد شاة ذبحها بأنه ثم أتلف غذاء الولد المتعين له بإتلاف أمه بخلافه هنا وبهذا الفرق يتأيد ما يأتي عن ابن الصلاح وغيره قبيل والأصح أن السمن إلخ أي فضمان ما كان يسقى بها ؛ لأنه أتلف ماءه المتعين له فليتأمل . ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية