الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              مر في الوقف الفرق بين الواقف والمستحقين في أن المدار فيه على التأبير وعدمه وفيهم على الموجود وعدمه وحينئذ فلو أوصى بنخله فهل المؤبر عند الموت تركة كما قلنا ، ثم إنه للواقف وغيره للموصى له وإن برز قبل الموت أو أن ما وجد عند الموت تركة تأبر أو لا وما حدث بعده للموصى له كل محتمل ، والأقرب هنا الثاني ، ويفرق بينه وبين الواقف بأن المملك ثم الصيغة وحدها فاعتبرنا حال الثمرة عندها كالبيع وهنا لا اعتبار بالصيغة ؛ لأن وقت القول والتمليك لم يدخل بها بل بالموت بشرط القبول فاعتبرناه واعتبرنا وجود الثمرة عنده فتكون تركة وبعده فتكون وصية ( ويطالب ) يصح بناؤه للفاعل فالضمير للعبد وللمفعول فهو لكل من صلحت منه المطالبة كالوارث أو وليه والوصي ( الموصى له بالنفقة إن توقف في قبوله ورده ) فإن لم يقبل ولم يرد خيره الحاكم بينهما فإن أبى حكم عليه بالإبطال كمتحجر امتنع من الإحياء ، وقضية المتن جريان ذلك على كل قول واستشكل جريانه على الثاني بأن الملك لغيره فكيف تطالب بالنفقة ، وقد يوجه بأن مطالبته بها وسيلة لفصل الأمر بالقبول أو الرد فجاز لذلك وبهذا يجاب أيضا عن ترجيح ابن الرفعة على قول الوقف وجوب النفقة عليهما كاثنين عقدا على امرأة وجهل السابق ، وفرق السبكي بأن كلا منهما معترف بوجوب النفقة عليه ، وليس متمكنا من دفع الآخر بخلافهما هنا .

                                                                                                                              ويرده ما مر في خيار البيع أنهما يطالبان على القول بالوقف مع فقد نظير ما ذكره من الاعتراف فعلم أنه ليس هو السبب في مطالبتهما ، والكلام في المطالبة حالا ما بالنسبة للاستقرار فهي على الموصى له إن قبل ، وإلا فعلى الوارث وفي وصية التملك أما لو أوصى بإعتاق قن معين بعد موته فالملك فيه للوارث إلى عتقه قطعا كما قالاه فالكسب وبدله لو قتل له ، والنفقة عليه كما اقتضاه كلامهما وصحح في البحر أن الكسب له ؛ لأنه استحق العتق استحقاقا مستقرا لا يسقط بوجه ، والأول أوجه ولو نظرنا لما علل به لما أوجبنا النفقة عليه ولا يقال هو مقصر بتأخير الإعتاق ؛ لأنه قد يفوض لغيره كالوصي ، ومثله ما لو أوصى بوقف شيء فتأخر وقفه فعلى الأول هو للوارث وبه أفتى جماعة واعتمده الأذرعي وغيره وعلى الثاني هو للموقوف عليهم وبه أفتى بعضهم وكلام الجواهر يميل إليه ورجحه بعض المحققين وبحث [ ص: 41 ] الزركشي أنه لو أوصى بشراء عقار بثلثه ووقفه على زيد وعمرو وثم على الفقراء فمات أحدهما قبل وقفه لم يبطل في نصف الميت بل ينتقل للفقراء وفارق الوقف على هذين ، ثم الفقراء فإن أحدهما إذا مات انتقل نصيبه للآخر بأنه هنا مات بعد الاستحقاق وثم قبله فكأنه لم يوجد ، ومن ثم لو وقف على زيد وعمرو فبان أحدهما ميتا كان الكل للآخر كما قاله الخفاف وغيره ( تنبيه )

                                                                                                                              الوجه في أوصيت له برقبته أنه ليس كما لو أوصى بإعتاقه لاقتضاء الأولى أنه ملكه رقبته كما مر بخلاف الثانية كما تقرر ، وحينئذ فلو كان غير متأهل للقبول في الأولى لسفه أو جنون وقف كسبه وإنفاقه إلى قبوله نظير ما مر في وصية التملك ولا ينظر لتضرر الورثة لكون إفاقة المجنون غير منتظرة ؛ لأن تعلق حق الوصية به أوجب الاحتياط له ، وهو لا يحصل إلا بالوقف فيستكسبه القاضي وينفق عليه إلى تأهله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وصحح في البحر أن الكسب إلخ ) وهو المعتمد شرح م ر والذي في شرح الروض ما نصه ، وقضية ذلك أن أكساب العبد الموصى بعتقه قبل عتقه للوارث لكن قال الروياني قيل إنها على الخلاف في الموصى له والأصح القطع بأنها للعبد لتقرر استحقاقه العتق بخلاف الموصى له فإنه مخير ، وبما قاله جزم الجرجاني وجرى عليه المصنف كأصله في كتاب العتق ا هـ فقد نقل ما صححه في البحر عن الروض وأصله في كتاب العتق وبه يعلم أن الشارح أخذ بمقتضى كلام الشيخين هنا وترك ما صرحا به في كتاب العتق فتأمله ( قوله فعلى الأول ) هو [ ص: 41 ] للوارث اعتمده م ر ( قوله وثم قبله ) أي قبل الاستحقاق هل المراد بما قبله قبل القبول أو قبل حصول منفعة الوقف ( قوله وثم قبله ) قضيته أنه لو مات ، ثم بعد الاستحقاق انتقل نصيبه للفقراء



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله بين الواقف إلخ ) يعني بالنسبة لثمرة الوقف ( قوله أن المدار فيه ) أي الواقف واستحقاقه وقوله فيهم أي المستحقين ( قوله وغيره ) عطف على المؤبر ( قوله بينه ) أي ما هنا من الوصية وقوله ثم أي في الوقف وقوله هنا في الوصية ( قوله وبعده ) أي الموت عطف على عنده ( قول المتن ويطالب ) أي على كل قول من الثلاثة ا هـ مغني ( قوله يصح بناؤه ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله والأول أوجه إلى ومثله وقوله وعلى الثاني إلى وبحث ( قوله فالضمير للعبد إلخ ) هذا على ما في نسخة الشارح كالنهاية من أن يطالب بالياء ، وقال المغني إنه بالنون أوله بخط المصنف ا هـ ( قوله للعبد ) أي الرقيق الموصى به ، ويجوز إرجاع الضمير لكل من صلحت منه المطالبة ( قوله فهو لكل إلخ ) يعني الطلب المفهوم من يطالب ا هـ رشيدي ( قوله كالوارث إلخ ) أي والرقيق الموصى به ( قول المتن بالنفقة ) أي وسائر المؤن ا هـ مغني ( قوله فإن لم يقبل ) إلى قوله وقد يوجه في المغني .

                                                                                                                              ( قوله بالإبطال ) أي البطلان ا هـ مغني ( قوله جريان ذلك ) أي قول المصنف ويطالب إلخ ا هـ مغني ( قوله على الثاني ) هو قول المصنف أم بقوله ا هـ ع ش ( قوله لغيره ) أي للوارث وقيل للميت ا هـ مغني ( قوله وبهذا يجاب أيضا عن ترجيح ابن الرفعة إلخ ) أي وإن كان ضعيفا ( قوله عليهما ) أي الموصى له والوارث ( قوله كلا منهما ) أي من العاقدين على امرأة ( قوله بخلافهما ) أي الموصى له والوارث ( قوله يرد إلخ ) خبر قوله وفرق السبكي إلخ ( قوله أنهما ) أي البائع والمشتري ( قوله بالوقف ) أي وقف ملك المبيع في زمن الخيار ( قوله أنه ليس هو ) أي الاعتراف ا هـ ع ش ( قوله حالا ) أي في زمن التوقف ( قوله وإلا ) أي وإن رد ا هـ مغني ( قوله وفي وصية التملك ) عطف على قوله في المطالبة إلخ ا هـ ع ش ( قوله فالملك فيه ) أي في القن بعد موت الموصي ( قوله وصحح في البحر إلخ ) وهو المعتمد نهاية ومغني وشرح الروض ( قوله أن الكسب ) أي كسب العبد الحاصل بعد موت الموصى له أي العبد ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله والأول أوجه ) خلافا للنهاية والمغني وشرح الروض كما مر آنفا ( قوله لما علل ) أي البحر ( قوله عليه ) أي الوارث ، وقوله لا يقال أي في الاستدلال لإيجاب النفقة ا هـ كردي ( قوله هو مقصر ) أي الوارث ( قوله ومثله ) أي ما لو أوصى بإعتاق قن معين إلخ ( قوله فتأخر وقفه ) أي بعد موته ، وحصل منه ريع ا هـ نهاية ( قوله فعلى الأول ) أي ما اقتضاه كلامهما ( قوله هو ) أي الريع للوارث اعتمده النهاية ( قوله وعلى الثاني ) أي ما في البحر ( قوله هو ) أي الريع للموقوف عليهم إلخ هذا ظاهر إن كان الوقف على جهة عامة فإنه لا يحتاج فيها لقبول أما إذا كان على معين محصور فكلام الأذرعي أظهر ؛ لأنه مخير بين القبول والرد ولو أوصى بأمته لزوجها فقبل الوصية تبين انفساخ النكاح من وقت الموت وإن رد [ ص: 41 ] استمر النكاح ، وإن أوصى بها لأجنبي ، والزوج وارث الموصي وقبل الأجنبي الوصية لم ينفسخ النكاح وإن رد انفسخ هذا إن خرجت من الثلث فإن لم تخرج منه أو أوصى بها الوارث آخر ، وأجاز الزوج الوصية فيها لم ينفسخ وإلا انفسخ ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله ووقفه ) بالجر عطفا على شراء إلخ ( قوله في نصف الميت ) أي في نصيبه ( قوله بل ينتقل إلخ ) أي نصف الميت ا هـ ع ش ( قوله بأنه هنا ) أي في الوقف على هذين إلخ ( قوله وثم ) أي فيما لو أوصى بشراء عقار إلخ ( قوله قبله ) أي قبل الاستحقاق هل المراد بقبله قبل القبول أو قبل حصول منفعة الوقف ا هـ سم .

                                                                                                                              أقول قضية السياق أن المراد قبل وجود الوقف بالكلية ( قوله وثم قبله ) قضيته أنه لو مات ثم بعد الاستحقاق انتقل نصيبه للفقراء ا هـ سم وقوله للفقراء لعل صوابه للآخر ( قوله ومن ثم لو وقف إلخ ) انظر ما وجه هذا الاستنتاج مع أن الظاهر أن الذي ينتجه ما مر من الفرق عدم الانتقال في هذا للآخر كالأول إذ هو هنا مات أيضا قبل الاستحقاق بل وقبل الوقف بالكلية ا هـ رشيدي ( قوله على زيد وعمرو ) أي ثم على الفقراء ( قوله كما مر ) أي في شرح اشتراط القبول ( قوله لكون إلخ ) علة للتضرر وقوله ؛ لأن إلخ علة لنفي النظر وقوله به أي القن الغير المتأهل




                                                                                                                              الخدمات العلمية