الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وينفع الميت صدقة ) عنه ومنها وقف لمصحف وغيره وحفر بئر وغرس شجر منه في حياته أو من غيره عنه بعد موته ( ودعاء ) له ( من وارث وأجنبي ) إجماعا وصح في الخبر { : إن الله تعالى يرفع درجة العبد في الجنة باستغفار ولده له } وهما مخصصان وقيل ناسخان لقوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } إن أريد ظاهره وإلا فقد أكثروا في تأويله ، ومنه أنه محمول على الكافر أو أن معناه لا حق له إلا فيما سعى ، وأما ما فعل عنه فهو محض فضل لا حق له فيه ، وظاهر مما هو مقرر في محله أن المراد بالحق هنا نوع تعلق ونسبة إذ لا يستحق أحد على الله ثوابا مطلقا خلافا للمعتزلة ومعنى نفعه بالصدقة أنه يصير كأنه تصدق ، واستبعاد الإمام له بأنه لم يأمر به ثم تأويله أنه يقع عن المصدق وينال الميت بركته رده ابن عبد السلام بأن ما ذكروه من وقوع الصدقة نفسها عن الميت حتى يكتب له ثوابها هو ظاهر السنة قال الشافعي رضي الله عنه وواسع فضل الله أن يثيب المصدق أيضا .

                                                                                                                              ومن ثم قال أصحابنا يسن له نية الصدقة عن أبويه مثلا [ ص: 73 ] فإنه تعالى يثيبهما ولا ينقص من أجره شيئا وقول الزركشي ما ذكر في الوقف يلزمه تقدير دخوله في ملكه ، وتمليكه الغير ولا نظير له . ويرد بأن هذا يلزم في الصدقة أيضا ، وإنما لم ينظروا له ؛ لأن جعله كالمتصدق محض فضل فلا يضر خروجه عن القواعد لو احتيج لذلك التقدير على أنه لا يحتاج إليه بل يصح نحو الوقف عن الميت وللفاعل ثواب البر وللميت ثواب الصدقة المترتبة عليه ، ومعنى نفعه بالدعاء حصول المدعو به له إذا استجيب واستجابته محض فضل من الله تعالى لا تسمى ثوابا عرفا أما نفس الدعاء وثوابه فهو للداعي ؛ لأنه شفاعة أجرها للشافع ومقصودها للمشفوع له وبه فارق ما مر في الصدقة نعم دعاء الولد يحصل ثوابه نفسه للوالد الميت ؛ لأن عمل ولده لتسببه في وجوده من جملة عمله كما صرح به خبر { ينقطع عمل ابن آدم إلا من ثلاث ثم قال أو ولد صالح أي مسلم يدعو له } جعل دعاءه من عمل الوالد ، وإنما يكون منه ويستثنى من انقطاع العمل إن أريد نفس الدعاء لا المدعو به وأفهم المتن أنه لا ينفعه غير ذينك من سائر العبادات ولو القراءة نعم ينفعه نحو ركعتي الطواف تبعا للحج والصوم عنه السابق في بابه .

                                                                                                                              وفارق كالحج القراءة لاحتياجه فيهما لبراءة ذمته مع أن للمال فيهما دخلا ومن ثم لو مات وعليه قراءة منذورة احتمل كما قاله السبكي جوازها عنه وفي القراءة وجه وهو مذهب الأئمة الثلاثة على اختلاف فيه عن مالك بوصول ثوابها للميت بمجرد قصده بها ولو بعدها ، واختاره كثيرون من أئمتنا قيل فينبغي نيتها عنه لاحتمال أن هذا القول هو الحق في نفس الأمر أي فينوي تقليده لئلا يتلبس بعبادة فاسدة في ظنه ولا ينافيه في رعاية احتمال كونه الحق منازعة السبكي في بعض ماصدقاته حيث قال لم يصرح أحد بأن مجرد النية بعدها يكفي قال ومن عزاه للشالوسي من أصحابنا فقد وهم ؛ لأنه إنما يقول بإفادة الجعل والظاهر أنه لا يشترط الدعاء [ ص: 74 ] وعليه فهو ليس من الإيثار بالقرب المختلف في حرمته ؛ لأن الذي منه أن يقرأ عنه أو له ؛ لأن جعله عبادته نفسها لغيره يخرجه عن كونه متقربا بها لربه ، وإنما الذي فيه تصرفه في الثواب وهو غير القربة بجعله لغيره ولم يقل به ؛ لأن الشرع لم يجعل له تصرفا فيه قبل حصوله ولا بعده بنية ولا جعل لكنه خالف ذلك فقال كابن الرفعة الذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت نفعه إذ قد ثبت أن { القارئ لما قصد بقراءته نفع الملدوغ نفعته ، وأقر ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله وما يدريك أنها رقية } وإذا نفعت الحي بالقصد كان نفع الميت بها أولى ا هـ .

                                                                                                                              ولك رده بأن الكلام ليس في مطلق النفع بل في حصول ثوابها له ، وهذا لا يدل عليه حديث الملدوغ لما قرره هو أن الشرع لم يجعل له تصرفا فيه بنية ولا بجعل نعم حمل جمع عدم الوصول الذي قال عنه المصنف في شرح مسلم : إنه مشهور المذهب على ما إذا قرأ لا بحضرة الميت ولم ينو القارئ ثواب قراءته له أو نواه ولم يدع له أما الحاضر ففيه خلاف منشؤه الخلاف في أن الاستئجار للقراءة على القبر يحمل على ماذا فالذي اختاره في الروضة أنه كالحاضر في شمول الرحمة النازلة عند القراءة له ، وقيل محملها أن يعقبها بالدعاء له ، وقيل أن يجعل أجره الحاصل بقراءته للميت وحمل الرافعي على هذا الأخير الذي دل عليه عمل الناس وفي الأذكار أنه الاختيار قول الشالوسي إن قرأ ثم جعل الثواب للميت لحقه وأنت خبير أن هذا كالثاني صريح في أن مجرد نية وصول الثواب للميت لا يفيد ولو في الحاضر ، ولا ينافيه ما ذكره الأول ؛ لأن كونه مثله فيما ذكر إنما يفيده مجرد نفع لا حصول ثواب القراءة الذي الكلام فيه ، وقد نص الشافعي والأصحاب على ندب قراءة ما تيسر عند الميت والدعاء عقبها أي ؛ لأنه حينئذ أرجى للإجابة ، ولأن الميت يناله بركة القراءة كالحي الحاضر [ ص: 75 ] لا المستمع ؛ لأن الاستماع يستلزم القصد فهو عمل وهو منقطع بالموت وسماع الموتى هو الحق وإن قيل لا يلزم من السلام عليهم سماعهم ؛ لأن القصد به الدعاء بالسلامة لهم من الآفات كما في السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين قال ابن الصلاح وينبغي الجزم بنفع اللهم أوصل ثواب ما قرأناه أي مثله فهو المراد ، وإن لم يصرح به لفلان ؛ لأنه إذا نفعه الدعاء بما ليس للداعي فما له أولى ، ويجري هذا في سائر الأعمال وبما ذكره في أوصل ثواب ما قرأناه إلى آخره يندفع إنكار البرهان الفزاري قولهم اللهم أوصل ثواب ما تلوته إلى فلان خاصة وإلى المسلمين عامة ؛ لأن ما اختص بشخص لا يتصور التعميم فيه ا هـ .

                                                                                                                              ثم رأيت الزركشي قال الظاهر خلاف ما قاله فإن الثواب يتفاوت فأعلاه ما خصه وأدناه ما عمه وغيره والله تعالى يتصرف فيما يعطيه من الثواب بما يشاء [ ص: 76 ] ومنع التاج الفزاري من إهداء القرب لنبينا صلى الله عليه وسلم معللا له بأنه لا يتجرأ على جنابه الرفيع بما لم يؤذن فيه شيء انفرد به ومن ثم خالفه غيره واختاره السبكي رحمه الله ، ومر في الإجارة ما له تعلق بذلك ولو أوصى بكذا لمن يقرأ على قبره كل يوم جزء قرآن ، ولم يعين المدة صح ثم من قرأ على قبره مدة حياته استحق الوصية وإلا فلا كذا أفتى به بعضهم وفي فتاوى الأصبحي لو أوصى بوقف أرض على من يقرأ على قبره حكم العرف في غلة كل سنة بسنتها فمن قرأ بعضها استحق بالقسط أو كلها استحق غلة السنة كلها أو بنفس الأرض فإن عين مدة لم يستحق الأرض إلا من قرأ جميع المدة ، وإن لم يعين مدة فالاستحقاق تعلق بشرط مجهول لا آخر لوقته فيشبه مسألة الدينار المجهولة ا هـ ومراده بمسألة الدينار ما مر في الفرع قبل قوله وتصح بحج تطوع واعترض بأنه لا يشبهها أي لإمكان حمل هذا على أنه شرط لاستحقاق الوصية قراءته على قبره جميع حياته فليحمل عليه تصحيحا للفظ ما أمكن ومر في الوقف ما له تعلق بذلك فراجعه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فينوي تقليده [ ص: 74 ] إلخ ) فيه كالذي علل به نظر تأمل ( قوله نعم حمل جمع إلخ ) اعتمد م ر قول الجمع وزاد هذا الاكتفاء بنية جعل الثواب له وإن لم يدع فالحاصل أنه إذا نوى ثواب قراءة له أو دعا عقبها بحصول ثوابها له أو قرأ عند قبره حصل له مثل ثواب قراءته وحصل للقارئ أيضا الثواب فلو سقط ثواب القارئ لمسقط كأن غلب الباعث الدنيوي كقراءته بأجرة فينبغي أن لا يسقط مثله بالنسبة للميت ولو استؤجر للقراءة للميت ولم ينوه بها ولا دعا له بعدها ولا قرأ عند قبره لم يبرأ من واجب الإجارة وهل تكفي نية القراءة في أولها وإن تخلل فيها سكوت ينبغي نعم إذا عدما بعد الأول من توابعه م ر ( قوله نعم حمل جمع إلخ ) صريح هذا الحمل أنه إذا نوى ثواب القراءة للميت ودعا حصل له ثوابها لكن هل المراد أنه يحصل له مثل ثوابها فيحصل للقارئ ثواب قراءته وللميت مثله أو المراد أنه لا يحصل للقارئ حينئذ ثواب وإنما يحصل للميت فقط فيه نظر والقلب للأول أميل وهو الموافق لما يشعر به كلام ابن الصلاح المذكور ( قوله أو نواه ولم يدع ) قضيته أنه لا بد من النية والدعاء ولا يغني الدعاء عن النية [ ص: 75 ] ؛ لأن النية حال القراءة والدعاء بعد القراءة فليتأمل ( فرع )

                                                                                                                              قال في القوت فصل في مسائل مهمة نختم بها الباب . الأولى رأيت بخط الكمال إسحاق أحد شيوخ المصنف تلميذ ابن الصلاح في مسائل منثورة نقلها عن الأصحاب أنه لو قال أعطوا زيدا ما يبقى من ثلثي ولم يكن قد أوصى بشيء يعطى الثلث كاملا انتهى وفي النفس منه شيء ثم قال الرابعة قال الصيمري : لو قال إن رزقت ولدا أو سلمت من سفري أو مات فلان أو وجدت كذا فقد أوصيت بثلث مالي جاز ذلك وعمل بالشرط قلت وهذا نذر في المعنى فينظر في قوله أو مات فلان وما أشبهها من القصد الصالح بذلك وغيره ثم قال السادسة إذا ادعى صرف الثلث إلى الفقراء صدق سواء صدقه الفقراء أم لا ، وكذا لو قال تصدقت به على فلان وفلان وكذبوه ، ويفارق ما لو أوصى لفلان الفقير وفلان بكذا لم يصدق الوصي عليهما ؛ لأن الحق هاهنا لمعين وهناك لغيره فالوصي نائب عن المساكين قاله القفال وقد يخرج منه أن فقراء البلد المحصورين كالمعينين . السابعة قال القفال في الفتاوى ولو ادعى أن أباكم أوصى لي بألف لم تسمع الدعوى ما لم يقل وقبلت الوصية ، وهذا مشكل انتهى وكان الاستشكال لجامع الفتاوى من أصحابه ، ورأيت في أدب القضاء للزبيلي أنه إذا ادعى أن أباه أوصى بشيء لا قوام على يده لم تسمع دعواه ؛ لأنه لا يدعي لنفسه ولو ادعى قوم أن أباه أوصى لهم بمال حلف أنه لا يعلم أن أباه أوصى لهم بذلك فإن نكل والقوم معينون حلفوا واستحقوا وإن لم يكونوا معينين قال أبو سعيد على وجهين أحدهما يحكم على الوارث والثاني يحبس حتى يحلف انتهى ، ولم يتعرض لاشتراط القبول في صحة الدعوى من المعين ولكنه ظاهر ؛ لأن من شرط الدعوى كونها ملزمة ، وليست قبل القبول ملزمة ، وقد يقال إن الدعوى والطلب يتضمن القبول وفيه وقفة الثامنة لو أوصى أن يبنى على قبره مسجد أو قبة أو نحو ذلك لغت وصيته كما سبق في الجنائز انتهى ، ثم شنع على من يفعل ذلك ومن ينفذه من القضاة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله عنه ) أي سواء كان المتصدق هو أو غيره فقوله منه في حياته أو من غيره عنه إلخ راجع لهذا وما بعده ا هـ رشيدي ولعل هذا مبني على عطف وحفر بئر إلخ على صدقة ، ويظهر أنه عطف على وقف فرجوعه لصدقة مغن عن رجوعه لما بعدها ( قوله ومنها وقف ) إلى قوله وفارق كالحج في النهاية ( قوله وغرس شجر ) أي وإن لم يثمر ا هـ ع ش ( قوله بعد موته ) يظهر أنه ليس بقيد كما يؤيده ما يأتي عن باقشير وع ش في ادعاء الولد ( قوله إجماعا ) إلى قوله وإلا فقد في المغني ( قوله باستغفار ولده ) كأن يقول أستغفر الله لوالدي أو اللهم اغفر له ا هـ ع ش ( قوله وهما مخصصان ) أي الإجماع والخبر لقوله تعالى إلخ أي لمفهومه وهو أنه ليس له شيء في سعي غيره فيخص بغير الصدقة والدعاء للميت ا هـ بجيرمي ( قوله فقد أكثروا ) أي العلماء ( قوله فهو ) يعني الإثابة على ما فعل عنه ( قوله مطلقا ) أي في مقابله ما فعله هو أو غيره عنه ( قوله ومعنى نفعه ) أي انتفاعه .

                                                                                                                              ( قوله واستبعاد الإمام ) مبتدأ خبره قوله رده إلخ ( قوله له ) أي للمعنى المذكور ( قوله عن المصدق ) اسم فاعل من باب التفعل ( قوله وواسع ) خبر مقدم لقوله فضل الله ، ويحتمل أنه مبتدأ على ما جوزه الأخفش من ابتداء الصفة بلا اعتماد على نفي الاستفهام وما بعده فاعله الساد مسد خبره ( قوله يسن له ) إلى قوله وقول الزركشي في المغني ( قوله مثلا ) أي أو عن مشايخه ( قوله [ ص: 73 ] في الوقف ) أي عن الميت ( قوله تقدير دخوله ) أي نفع الموقوف وقوله في ملكه وتمليكه أي الميت وقوله الغير أي الموقوف عليه ( قوله ولا نظير له ) أي ليس في باب من الفقه أن يدخل الشيء في ملك الميت وهو يملكه الغير ا هـ كردي ( قوله وللفاعل ثواب البر إلخ ) قد يقال هذا لا يلائم ما نقله آنفا عن الأصحاب من قولهم لا ينقص من أجره شيئا ا هـ سيد عمر ( قوله ما مر في الصدقة ) يعني قوله ومعنى نفعه بالصدقة إلخ .

                                                                                                                              ( قوله يحصل ثوابه نفسه إلخ ) صريح في أن عين الثواب المترتب على الدعاء يكون للوالد السبب البعيد لا للولد السبب القريب الذي هو الفاعل حقيقة ، وهو بعيد كل البعد وليس فيما ذكره ما يدل له فالأولى أن يقال إن ثواب الدعاء المترتب عليه شرعا للولد ، وأن الوالد يحصل له ثواب في الجملة ؛ لأنه سبب لصدور هذا العمل في الجملة ا هـ سيد عمر ( قوله للوالد الميت ) ومثله الحي للعلة المذكورة ا هـ ع ش عبارة عبد الله باقشير قوله الميت أي مثلا وإلا فالحي كذلك وكأنه قيد به ؛ لأن الحديث المستدل به في قوله الآتي إذا مات إلخ في الميت ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإنما يكون ) أي دعاء الولد وكذا ضمير ويستثنى ( قوله منه ) أي من عمل الوالد ( قوله لا المدعو به ) أي ؛ لأنه يحصل للميت سواء صدر من الولد أو غيره ا هـ كردي ( قوله غير ذينك ) أي الصدقة والدعاء عبارة النهاية والمغني سوى ذلك ا هـ قال الرشيدي يعني الحج وما بعده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نحو ركعتي الطواف ) انظر ما المراد بنحوهما عبارة الروض والمغني ولا يصلى عنه إلا ركعتا الطواف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وفارق ) أي الصوم ( قوله لاحتياجه فيهما إلخ ) فيه نظر لجواز نفل الحج عنه وقوله مع أن إلخ فيه نظر أيضا بالنسبة للصوم ؛ لأنهم فرقوا بين جواز صوم الصبي بغير إذن وليه وعدم جواز حجه بغير إذنه باحتياجه للمال دون الصوم ا هـ سيد عمر ( قوله وفي القراءة وجه ) إلى قوله قيل في النهاية والمغني إلا قوله على اختلاف فيه عن مالك وقوله ولو بعدها ( قوله بوصول إلخ ) نعت لوجه أي وجه قائل بوصول إلخ ( قوله واختاره ) أي ذلك ( قوله كثيرون من أئمتنا ) منهم ابن الصلاح والمحب الطبري وابن أبي الدم وصاحب الذخائر وابن عصرون وعليه عمل الناس وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ا هـ .

                                                                                                                              مغني ( قوله لاحتمال أن هذا القول ) إشارة إلى الوجه لكن عبر عنه بالقول نظرا إلى أنه مذهب الأئمة الثلاثة ا هـ كردي ( قوله هو الحق إلخ ) قال ابن عبد السلام في بعض فتاويه لا يجوز أن يجعل ثواب القراءة للميت ؛ لأنه تصرف في الثواب من غير إذن الشارع ، وحكى القرطبي في التذكرة أنه رئي في المنام بعد وفاته فسئل عن ذلك وقال كنت أقول ذلك في الدنيا والآن بان لي أن ثواب القراءة يصل إلى الميت كمذهب الأئمة الثلاثة ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله فينوي تقليده إلخ ) فيه كالذي علل به نظر ا هـ سم لعل وجه النظر في التعليل المنع إذ اقتران القراءة بهذه النية لا تفسدها ، وإنما محل الخلاف هل تجدي هذه النية في وصول الثواب أو لا ووجه النظر في المعلل ما أشار إليه الفاضل في شرح أبي شجاع في مبحث تجرد الجناية عن الحدث الأصغر بما حاصله أنه لا يلزم عند النظر إلى الخلاف أن يقلد القائل به إذ ليس من الخروج من الخلاف بل أن يعمل به ا هـ سيد عمر ( قوله احتمال كونه ) أي ذلك القول الذي عبر عنه أولا بالوجه وقوله في بعض ماصدقاته أي أجزائه وهو قوله ولو بعدها .

                                                                                                                              ( قوله بأن مجرد النية إلخ ) أي بدون دعاء وجعل ( قوله قال ) أي السبكي ومن عزاه أي القول بكفاية مجرد النية بعدها ( قوله ؛ لأنه إنما يقول ) أي الشالوسي ( قوله والظاهر ) أي ظاهر كلام الشالوسي أنه إلخ عبارته كما في الكبير إن نوى القارئ بقراءته أن يكون ثوابها للميت لم يلحقه لكن لو قرأها ، ثم جعل ما حصل من الأجر له فهذا دعاء بحصول ذلك الأجر للميت فينفع الميت ا هـ فالشالوسي لا يشترط الدعاء بل ما يتضمن [ ص: 74 ] الدعاء وهو جعل الأجر له ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله وعليه ) أي على ذلك القول الذي عبر عنه أولا بالوجه ، وقال الكردي أي قوله يكفي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فهو ليس ) أي مجرد النية قاله الكردي ويجوز إرجاع الضمير والجعل الذي قال الشالوسي بإفادته ( قوله ؛ لأن الذي إلخ ) متعلق بقوله ليس إلخ وقوله منه أي الإيثار وقوله : لأن جعله إلخ تعليل ( قوله وإنما الذي فيه ) أي في مجرد النية بعدها قاله الكردي وظاهر سياق الشارح أن الضمير لمجرد النية وللجعل الذي اختاره الشالوسي بتأويل ما ذكر لقوله إن الذي منه إلخ وقوله يخرجه أي ذلك الجاعل .

                                                                                                                              ( قوله وهو ) أي الثواب وقوله يجعله أي الثواب متعلق بقوله تصرفه ( قوله ولم يقل ) بضم الياء وفتح القاف ا هـ كردي ( قوله لكنه إلخ ) أي السبكي يعني أن السبكي قرر مراد الشالوسي ثم خالفه فقال كما قال ابن الرفعة إلخ ا هـ كردي ( قوله فقال ) إلى قوله ولك رده في المغني إلا قوله كابن الرفعة ( قوله نفع الميت ) وتخفيف ما هو فيه ا هـ مغني ( قوله بقراءته ) أي الفاتحة .

                                                                                                                              ( قوله انتهى ) أي كلام السبكي ( قوله نعم ) إلى قوله أما الحاضر في النهاية ( قوله حمل جمع إلخ ) اعتمد م ر قول هذا الجمع وزاد الاكتفاء بنية جعل الثواب له وإن لم يدع فالحاصل أنه إذا نوى ثواب قراءة له أو دعا عقبها بحصول ثوابها له أو قرأ عند قبره حصل له مثل ثواب قراءته وحصل للقارئ أيضا الثواب فلو سقط ثواب القارئ لمسقط كأن غلب الباعث الدنيوي لقراءته بأجرة فينبغي أن لا يسقط مثله بالنسبة للميت ، ولو استؤجر للقراءة للميت ولم ينوه بها ولا دعا له بعدها ولا قرأ عند قبره لم يبرأ من واجب الإجارة ، وهل تكفي نية القراءة في أولها وإن تخلل فيها سكوت ينبغي نعم إذا عد ما بعد الأول من توابعه م ر سم على حج ا هـ ع ش ورشيدي ( قوله قال عنه ) أي في عدم الوصول ( قوله على ما إذا إلخ ) متعلق بقوله حمل إلخ ( قوله أو نواه ولم يدع ) ضعيف أخذا من كلام سم المذكور ا هـ ع ش ( قوله أما الحاضر ) أي الميت الحاضر عند القراءة ( قوله أنه ) أي القبر أي أهله المقروء عنده وقوله كالحاضر أي الحي الحاضر .

                                                                                                                              ( قوله عند القراءة له ) أي الحي والجار متعلق بشمول إلخ ( قوله محملها ) أي الإجارة للقراءة على القبر ( قوله للميت ) متعلق بيجعل ( قوله على هذا الأخير إلخ ) أي قوله وقيل أن يجعل إلخ وقوله أنه أي الأخير ( قوله قول الشالوسي ) مفعول حمل ( قوله أن هذا ) أي الأخير كالثاني أي قوله وقيل محملها إلخ ( قوله إن مجرد نية إلخ ) قد مر ما فيه ( قوله ما ذكره الأول ) أي الذي اختاره في الروضة ( قوله ؛ لأن كونه ) أي الميت الحاضر ( قوله مثله ) أي الحي الحاضر وقوله فيما ذكر أي في شمول الرحمة النازلة عند القراءة له ( قوله إنما يفيده إلخ ) الأنسب إنما يفيد حصول مجرد نفع ( قوله وقد نص إلخ ) وتعليل لقوله أن مجرد نية وصول الثواب للميت إلخ ( قوله أي ؛ لأنه ) أي الدعاء حينئذ أي حين كونه عقب القراءة ( قوله ولأن الميت [ ص: 75 ] إلخ ) عطف على قوله ؛ لأنه حينئذ إلخ ( قوله فهو ) أي الاستماع .

                                                                                                                              ( قوله لا المستمع ) أي لا كالحي المستمع ( قوله وهو ) أي العمل ( قوله وإن قيل إلخ ) غاية ( قوله عليهم ) أي الأموات ( قوله قال ابن الصلاح ) إلى قوله ومر في الإجارة في النهاية وكذا في المغني إلا قوله أي مثله إلى ؛ لأنه إذا ( قوله بنفع اللهم إلخ ) ولا يختلف في ذلك القريب والبعيد ا هـ مغني ( قوله أي مثله إلخ ) يخدش هذا التقدير تعليله فإن الذي له ثواب القراءة لا مثل ثوابها فتأمل ا هـ سيد عمر عبارة سم فيما كتبه على قول الشارح المار حمل جمع إلخ نصه صريح هذا الحمل أنه إذا نوى ثواب القراءة للميت ودعا حصل له ثوابها لكن هل المراد أنه يحصل له مثل ثوابها فيحصل للقارئ ثواب قراءته وللميت مثله أو المراد أنه لا يحصل للقارئ حينئذ ثواب ، وإنما يحصل للميت فقط فيه نظر والقلب للأول أميل وهو الموافق لما يشعر به كلام ابن الصلاح المذكور ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإن لم يصرح به ) أي بالمثل ( قوله ؛ لأنه إلخ ) تعليل لقوله وينبغي الجزم إلخ .

                                                                                                                              ( قوله فهو ) أي المثل ( قوله إذا نفعه الدعاء بما ليس إلخ ) عبارة المغني إذا نفع الدعاء وجاز بما ليس للداعي فلأن يجوز بماله أولى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فما له أولى ) قد يخدش فيه أن المثل ليس له سيد عمر ولا يخدش في طلبه من الله تعالى ا هـ عبد الله باقشير ويخدش حينئذ في دعوى الأولوية ( قوله ويجري هذا إلخ ) ظاهره أن الإشارة راجعة لقول ابن الصلاح ، وينبغي الجزم إلخ بل يحتمل أنه من كلام ابن الصلاح أيضا وحينئذ فهو صريح في أن الإنسان إذا صلى أو صام مثلا ، وقال اللهم أوصل ثواب هذا لفلان يصل إليه ثواب ما فعله من الصلاة أو الصوم مثلا فتنبه وراجع ا هـ رشيدي أقول بل ظاهر صنيع الشارح والنهاية والمغني أنه من كلام ابن الصلاح وعلى فرض أنه ليس منه فاتفاق الشروح الثلاث على الجريان المذكور كاف في اعتماده وجواز العمل بذلك عبارة القدير للكردي الحج عنه صلى الله عليه وسلم لا يصح وجعل ثواب الحج له صلى الله عليه وسلم بعده على جهة الدعاء صحيح ولا يصح بيع ثواب حج التطوع ولا غيره من العبادات ا هـ ويأتي آنفا في الشارح كالنهاية والمغني جواز إهداء ثواب القرب لنبينا صلى الله عليه وسلم ( قوله يندفع إنكار البرهان إلخ ) لا يخفى أن كلام البرهان مع قطع النظر عن تقدير المثل كما يصرح به تعليله ، وهو حينئذ حقيق بالاعتماد وكذا يقال لو لوحظ المثل غير متعدد اللزوم المحذور ، وأما إذا لوحظ متعدد فواضح الصحة [ ص: 76 ] ولا يخالف فيه البرهان فيما يظهر كما يؤخذ من تعليله ا هو سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله ومنع التاج ) مبتدأ خبره قوله شيء انفرد به ( قوله بما لم يؤذن فيه ) ولم يؤذن إلا في الصلاة عليه وسؤاله الوسيلة ا هـ مغني ( قوله واختاره ) أي الجواز السبكي واحتج بأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يعتمر عن النبي صلى الله عليه وسلم عمرا بعد موته من غير وصية ، وحكى الغزالي في الإحياء عن علي بن الموفق وكان من طبقة الجنيد أنه حج عن النبي صلى الله عليه وسلم حججا وعدها القضاعي ستين حجة وعن محمد بن إسحاق السراج النيسابوري أنه ختم عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة آلاف ختمة وضحى عنه مثل ذلك انتهى ، ولكن هؤلاء أئمة مجتهدون فإن مذهب الشافعي أن التضحية عن الغير بغير إذنه لا يجوز كما صرح به المصنف في باب الأضحية ا هـ مغني ( قوله وإلا فلا ) ظاهره أن من ترك القراءة في بعض الأيام لا يستحق شيئا ، ولو كان الترك لعذر وقضاه بعد وفيه وقفة ، ولعل لذلك عقبه بما في فتاوى الأصبحي فإن قياسه الاستحقاق بالقسط هنا فليراجع ( قوله بسنتها ) أي الغلة بباء فسين فنون ولعله من تحريف النساخين ، والأصل بنسبتها بباء فنون فسين فباء فالضمير للسنة أو القراءة ( قوله أو بنفس الأرض ) عطف عن قوله بوقف أرض إلخ ( قوله ومراده ) أي الأصبحي ( قوله قبل قوله ) أي المصنف ( قوله بأنه ) أي الإيصاء بنفس الأرض بلا تعيين مدة وكذا الإشارة بقوله هذا الآتي ( قوله لإمكان حمل هذا إلخ ) أي نظير ما مر آنفا في الوصية لمن يقرأ على قبره كل يوم جزء قرآن .

                                                                                                                              ( قوله فراجعه ) فرع في القوت فصل في مسائل مهمة نختم بها الباب الأولى رأيت بخط الكمال إسحاق نقلا عن الأصحاب أنه لو قال أعطوا زيدا ما يبقى من ثلثي ، ولم يكن قد أوصى بشيء يعطى الثلث كاملا انتهى وفي النفس منه شيء ثم قال الرابعة قال الصيمري لو قال إن رزقت ولدا أو سلمت من سفري هذا أو مات فلان أو وجدت كذا فقد أوصيت بثلث مالي جاز ذلك وعمل بالشرط قلت وهذا نذر في المعنى فينظر في قوله أو مات فلان وما أشبهه من القصد الصالح بذلك وغيره ، ثم قال السادسة إذا ادعى الوصي صرف الثلث إلى الفقراء صدق سواء صدقه الفقراء أم لا ، وكذا لو قال تصدقت به على فلان وفلان وفلان فكذبوه ويفارق ما لو أوصى لفلان الفقير وفلان بكذا لم يصدق عليهما ؛ لأن الحق هاهنا لمعين وهناك لغيره ، فالوصي نائب عن المساكين قاله القفال وقد يخرج منه أن فقراء البلد المحصورين كالمعينين السابعة قال القفال ولو ادعى أن أباكم أوصى لي بألف لم تسمع الدعوى ما لم يقل وقبلت الوصية ، وهذا مشكل انتهى ورأيت في أدب القضاء للزبيلي أنه إذا ادعى أن أباه أوصى بشيء لا قوام على يده لم تسمع دعواه ؛ لأنه لا يدعي لنفسه ولو ادعى قوم أن أباه أوصى لهم بمال حلف أنه لا يعلم أن أباه أوصى لهم بذلك فإن نكل والقوم معينون حلفوا واستحقوا ، وإن لم يكونوا معينين قال أبو سعيد على وجهين أحدهما يحكم على الوارث والثاني يحبس حتى يحلف انتهى ، ولم يتعرض لاشتراط القبول في صحة الدعوى ، ولكنه أي الاشتراط ظاهر ؛ لأن من شروط الدعوى كونها ملزمة ، وليست قبل القبول ملزمة ثم قال الثامنة لو أوصى بأن يبنى على قبره مسجد أو قبة ونحو ذلك لغت وصيته انتهى ، ثم شنع على من يفعل ذلك ومن ينفذه من القضاة ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية