الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والمكفى بنفقة قريب ) أصل ، أو فرع ( أو زوج ليس فقيرا ) ولا مسكينا ( في الأصح ) لاستغنائه وللمنفق وغيره الصرف إليه بغير الفقر والمسكنة نعم لا يعطي المنفق قريبه من سهم المؤلفة [ ص: 153 ] ما يغنيه عنه ؛ لأنه بذلك يسقط النفقة عن نفسه ولا ابن السبيل إلا ما زاد بسبب السفر وبأحدهما بالنسبة لكفاية نحو قن الآخذ ممن لا يلزم المزكي إنفاقه ولو سقطت نفقتها بنشوز لم تعط لقدرتها على النفقة حالا بالطاعة ، ومن ثم لو سافرت بلا إذن ، أو معه ومنعها أعطيت من سهم الفقراء ، أو المساكين حيث لم تقدر على العود حالا [ ص: 154 ] لعذرها وكذا من سهم ابن السبيل إذا تركت السفر وعزمت على الرجوع لانتهاء المعصية قيل : قول أصله لا يعطيان من سهم الفقراء أصوب ؛ لأن القريب فقير لصدق الحد عليه ؛ لكنه إنما لم يعط لكونه في معنى القادر بالكسب .

                                                                                                                              وأما المكفية بنفقة الزوج فغنية قطعا بما تملكه في ذمته . ا هـ ، وهو ممنوع بل الوجه ما سلكه المصنف ؛ لأن صنيع أصله يوهم أن الحد غير مانع بالنسبة للقريب لما قرره المعترض أنه فقير ولا يعطى ، وليس كذلك بل هو غير فقير ؛ لأن قدرة بعضه كقدرته لتنزيله منزلته فما سلكه المصنف فيه أدق وأصوب ، وأفهم قوله : المكفي أن الكلام في زوج موسر ، أما معسر لا يكفي فتأخذ تمام كفايتها بالفقر ، ويؤخذ منه أن من لا يكفيها ما وجب لها على الموسر لكونها أكولة تأخذ تمام كفايتها بالفقر ولو منه فيما يظهر ، وأن الغائب زوجها ، ولا مال له ثم تقدر على التوصل إليه ، وعجزت عن الاقتراض تأخذ ، وهو متجه ثم رأيت الغزالي والمصنف في فتاويه وغيرهما ذكروا ما يوافق ذلك من أن الزوج ، أو البعض لو أعسر ، أو غاب ولم يترك منفقا ولا مالا يمكن الوصول إليه أعطيت الزوجة والقريب بالفقر ، أو المسكنة والمعتدة التي لها النفقة كالتي في العصمة ويسن لها أن تعطي زوجها من زكاتها ولو بالفقر ، وإن أنفقها عليها خلافا للقاضي لحديث زينب زوجة ابن مسعود رضي الله عنهما في البخاري وغيره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : نعم لا يعطي المنفق قريبه ) أي : بخلاف زوجته كما صرحوا به ، ويؤخذ الفرق من قوله : لأنه بذلك يسقط النفقة عن نفسه إذ الزوجة لا تسقط [ ص: 153 ] نفقتها بذلك لوجوبها مع الغنى ، وفي الروض ، ويعطي أي : الزوج الزوجة من سهم المكاتب ، والغارم ، وكذا المؤلفة ومن سهم ابن السبيل لا إن سافرت معه ، أو وحدها بلا إذن كأنه راجعا لهما إلا في الرجوع إليه ، وإن سافرت ، وحدها بإذنه ، وأوجبنا نفقتها أعطيت من سهم ابن السبيل باقي كفايتها ، وإلا أعطيت كفايتها منه ، ومن سافرت بلا إذن تعطى هي ، والعاصي بالسفر من سهم الفقراء بخلاف الناشزة المقيمة فإنها قادرة على الغنى بالطاعة . ا هـ . قال في شرحه : والمسافرة لا تقدر على العود في الحال ، وقضيته أنها لو قدرت عليه لم تعط . ا هـ والسياق دال على أن المراد في هذه إعطاؤها من الزوج ، أو من أعم منه في الأخيرين ، ثم قوله : تعطى هي ، والعاصي بالسفر من سهم الفقراء لم يبين ما تعطاه ، فإن كانت تعطى كغيرها كفاية العمر الغالب أشكل ؛ لأنها إذا عادت ، وجبت نفقتها على الزوج ، ولا يبعد أنها تعطى كفايتها إلى عودها ، ووجوب نفقتها .

                                                                                                                              ( قوله : ولا ابن السبيل ) عطف على المؤلفة ، وقوله : وبأحدهما أي : الفقر ، والمسكنة عطف على قوله : بغير الفقر ، والمسكنة . ( قوله : بالنسبة لكفاية نحو قن الآخذ ممن لا يلزم الزكي إنفاقه ) قال في شرح العباب ، وبحث ابن الرفعة أن الابن لو كان له عيال جاز أن يعطيه أبوه من سهم المساكين ما يصرفه عليهم ؛ لأن نفقتهم لا تلزم الأب . ا هـ . ( قوله : ومن ثم لو سافرت بلا إذن إلخ ) قال في العباب وشرحه : بخلاف الناشزة المقيمة فإنها لا تعطى من سهم الفقراء ، ولا المساكين لقدرتها على الغنى بالطاعة فكانت كقادر على الكسب ، ومحله فيمن أثمت به بخلاف المعذورة بنحو صغر أو جنون ، فيجوز الصرف إليها ، ولو غاب الزوج ، وتوقف عودها على الطاعة ، وثبوت نفقتها على علمه بذلك ، ومضت مدة إمكان عودها جاز الصرف إليها قاله الإمام . ا هـ ، ولعله حيث لا مال له يمكن التوصل إليه . ( قوله : ومن ثم لو سافرت إلخ ) كذا شرح م ر . ( قوله : أعطيت من سهم الفقراء ، والمساكين ) أي : وإن كان المعطي هو الزوج كما هو ظاهر لعدم لزوم نفقتها له حينئذ .

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 154 ] لعذرها ) وعدم اشتراط عدم المعصية في الأخذ من ذلك السفر . ( قوله : لكونه في معنى القادر بالكسب ) قد يقال : هذا يقتضي أنه غير فقير ؛ لأنه يعتبر فيه عدم القدرة على الكسب ، وما في معنى القدرة عليه له حكمها . ( قوله : فغنيمة قطعا ) أي : فيخالف حكاية الخلاف . ( قوله : ويوهم إلخ ) يتأمل ذلك . ( قوله : ولو منه فيما يظهر ) في العباب ويعطي الرجل زوجته من زكاته لنفسها إن لم تكفها نفقتها ، ولمن يلزمها مؤنته . ا هـ . ( قوله : وهو متجه إلخ ) [ ص: 155 ] كذا شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن : والمكفي بنفقة قريب ، أو زوج إلخ ) محل الخلاف إذا كان يمكنه الأخذ من القريب والزوج ، ولو في عدة الطلاق الرجعي ، أو البائن ، وهي حامل كما قاله الماوردي ، وإلا فيجوز الأخذ بلا خلاف وخرج بذلك المكفي بنفقة متبرع ، فيجوز له الأخذ . ا هـ مغني . ( قوله : وللمنفق ) أي : قريبا ، أو زوجا ( قوله : نعم إلخ ) هو استدراك على قوله : وللمنفق وغيره إلخ . ا هـ رشيدي . ( قوله : قريبه ) أي : بخلاف زوجته كما صرحوا به ويؤخذ الفرق من قوله ؛ لأنه بذلك إلخ إذ الزوجة لا تسقط نفقتها بذلك لوجوبها - [ ص: 153 ] مع الغناء . ا هـ سم . ( قوله : ما يغنيه إلخ ) يقتضي أن له أن يعطيه منه ما لا يغنيه ، وقوله : لأنه إلخ يقتضي خلافه ؛ لأن فيما ذكر إسقاطا لبعض النفقة عن نفسه إذ لا يجب عليه حينئذ إلا تمام الكفاية فليتأمل . ا هـ سيد عمر ، وذلك أن تقول : إن المعنى ما يغنيه عنه كلا ، أو بعضا . ( قوله : ولا ابن السبيل ) عطف على المؤلفة . ا هـ سم . عبارة الكردي أي : ولا يعطي المنفق قريبه من سهم ابن السبيل إلا إلخ . ا هـ ، وعبارة السيد عمر مقتضى السياق تخصيصه بالقريب والحكم في الزوجة كذلك لكن في محله إن سافرت بإذنه ، ولم يكن معها . ا هـ ، وسيأتي عن المغني ما يوافقه لكن بقيد . ( قوله : وبأحدهما ) أي : الفقر والمسكنة عطف على قوله بغير الفقر إلخ . ا هـ سم أي : وقوله الآتي : الآخذ بصيغة الفاعل نعت لنحو قن عبارة الكردي : أي : وللمنفق الصرف إلى منفقه بواحد من الفقر والمسكنة . ا هـ . ( قوله : بالنسبة لكفاية نحو قن إلخ ) قال في شرح العباب : وبحث ابن الرفعة أن الابن لو كان له عيال جاز أن يعطيه أبوه من سهم المساكين ما يصرفه عليهم ؛ لأن نفقتهم لا تلزم الأب . ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : ممن لا يلزم إلخ ) بيان لنحو القن وضمير إنفاقه راجع إلى من . ( قوله : لم تعط إلخ ) محله فيمن أثمت به بخلاف المعذورة بنحو صغر ، أو جنون فيجوز الصرف إليها . ا هـ سم عن العباب وشرحه . ( قوله : ولو سقطت ) إلى قوله : قيل في المغني ( قوله : نفقتها ) أي : الزوجة المقيمة . ا هـ مغني وكذا في سم عن الروض والعباب وشرحهما . ( قوله : ومن ثم ) أي : من أجل تلك العلة . ( قوله : بلا إذن ) أي : وحدها . ا هـ سيد عمر عبارة المغني وفي سم عن الروض مثلها ، وإن سافرت وحدها بإذنه فإن وجبت نفقتها كأن سافرت لحاجته أعطيت من سهم ابن السبيل باقي كفايتها لحاجة السفر ، وإن لم تجب نفقتها كأن سافرت لحاجتها أعطيت كفايتها منه . ا هـ . ( قوله : أو معه إلخ ) أي : الزوج سيد عمر ورشيدي عبارة الكردي أي : أو سافرت مع الزوج ومنعها الزوج بأن قال لا تسافري معي فسافرت . ا هـ . ( قوله : أعطيت إلخ ) أي : وإن كان المعطي هو الزوج كما هو ظاهر لعدم لزوم نفقتها له حينئذ . ا هـ سم . ( قوله : من سهم الفقراء إلخ ) لم يبين ما تعطاه فإن كانت تعطى كغيرها كفاية العمر الغالب أشكل ؛ لأنها إذا عادت وجبت نفقتها على الزوج ، ولا يبعد أنها تعطى كفايتها إلى عودها ووجوب نفقتها سم على حج . ا هـ ع ش . ( قوله : حيث لم تقدر إلخ ) قضيته أنها لو قدرت عليه لم تعط . ا هـ سم عن شرح الروض [ ص: 154 ] قوله : لعذرها ) وعدم اشتراط عدم المعصية في الأخذ من ذلك السهم سم ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : قيل إلخ ) نقله المغني عن السبكي وأقره ( قوله : لأن القريب إلخ ) أي : المكفى بنفقة قريبه . ( قوله : لكونه في معنى القادر إلخ ) قد يقال : هذا يقتضي أنه غير فقير ؛ لأنه يعتبر فيه عدم القدرة على الكسب وما في معنى القدرة عليه له حكمها . ا هـ سم . ( قوله : فغنية قطعا ) أي : فيخالف حكاية الخلاف . ا هـ سم . ( قوله : بل الوجه ما سلكه إلخ ) ليس فيه تعريض لرد قول المعترض ، وأما المكفية إلخ فإن كان لتسليمه فهو كاف لإتمام قوله : إن قول أصله أصوب فليتأمل . ا هـ سيد عمر ( قوله : لأن صنيع أصله يوهم إلخ ) يتأمل ذلك سم ورشيدي . ( قوله : لأن قدرة بعضه ) الأولى قريبه . ( قوله : فيه ) لا حاجة إليه . ( قوله : في زوج إلخ ) أي : أو قريب . ( قوله : أما معسر إلخ ) صريح في أن من أعسر زوجها بنفقتها تأخذ من الزكاة ، وإن كانت متمكنة من الفسخ . ا هـ رشيدي ( قوله : فتأخذه إلخ ) أي : ولو من الزوج . ( قوله : ولو منه إلخ ) وفي العباب ويعطي الرجل زوجته من زكاته لنفسها إن لم تكفها نفقته ولمن يلزمها مؤنته . ا هـ سم . ( قوله : وأن الغائب زوجها ) أي : أو قريبه ومثل الغائب الحاضر الممتنع عدوانا ولم تقدر الزوجة مثلا على التوصل إلى حقها منه بنحو القاضي . ( قوله : أو غاب ) ويظهر أنه لو عاد كان للزوجة مطالبته بنفقتها بخلاف القريب ، فإن نفقته إنما تستقر في الذمة باقتراض القاضي بخلافها . ا هـ سيد عمر أقول : وفيما استظهره وقفة . ( قوله : والمعتدة ) إلى قوله : وإن أنفقها في المغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية