الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويلزم المجبر ) أي الأب والجد وإن لم يكن لهما الإجبار في بعض الصور الآتية ومثله الحاكم عند عدمه أي أصلا أو بأن لم يمكن الرجوع إليه نظير الخلاف السابق في التحكيم ( تزويج مجنونة ) أطبق جنونها ( بالغة ) ولو ثيبا محتاجة للوطء نظير ما يأتي أو للمهر والنفقة وحذفه لأن البلوغ مظنته غالبا فاكتفى عنه به ( ومجنون ) أطبق جنونه بالغ ( ظهرت حاجته ) بظهور أمارات توقانه بدورانه حول النساء أو بتوقع الشفاء بقول عدلي طب أو باحتياجه لمن يخدمه وليس له نحو محرم يخدمه [ ص: 267 ] ومؤن النكاح أخف من ثمن أمة ومؤنها ولا نظر إلى أن الزوجة لا يلزمها خدمته لاعتياد النساء لذلك ومسامحتهن به غالبا بل أكثرهن يعد تركه رعونة وحمقا وذلك للحاجة واكتفي بها فيها لا فيه بل اشترط ظهورها لأن تزويجها يفيدها المهر والمؤن وتزويجه يغرمه إياهما كذا قيل وفيه نظر بل المناط فيهما الحاجة لا غير كما يصرح به كلام الروضة وأصلها فإنهما قيدا فيهما بالحاجة بظهور أمارات التوقان لكن يلزم من ظهوره فيه ظهورها بخلافه فيها للحياء الذي جبلن عليه فمن ثم ذكر الظهور فيه دونها أما إذا تقطع جنونهما فلا يزوجان حتى يفيقا ويأذنا وتستمر إفاقتهما إلى تمام العقد كذا أطلقوه وهو بعيد إن عهدت ندرتها وتحققت الحاجة للنكاح فلا ينبغي انتظارها حينئذ ويؤيده ما مر في أقرب ندرت إفاقته وعلم مما مر أن هذا في غير البكر بالنسبة للمجبر ( لا صغيرة وصغير ) فلا يلزمه تزويجهما ولو مجنونين كما يأتي وإن ظهرت الغبطة في ذلك لعدم الحاجة حالا مع ما في النكاح من الأخطار أو المؤن وبه فارق وجوب بيع ماله عند الغبطة وسيذكر تزويجها للمصلحة بسائر أقسامها وهو غير ما هنا إذ هو في الوجوب وذاك في الجواز .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 266 ] قوله : ومثله ) أي المجبر ( قوله : وحذفه ) أي " محتاجة للوطء " ( قوله : لأن البلوغ إلخ ) انظر هذا بالنسبة لقوله أو للمهر والنفقة ( قوله : واكتفى بها ) أي بالحاجة أي بأصلها حيث لم يقيد بظهورها [ ص: 267 ] قوله : واكتفى بها فيها إلى قوله كذا قيل ) وقول الشارح والحكمة في المخالفة بينهما أن تزويجها يفيدها المهر والنفقة وتزويجه يغرمه أياهما بناء على حسب ما فهمه وليس كذلك بل وجود الحاجة كاف فيهما إذ المناط في كل الحاجة لا غير كما يصرح به كلام الروضة وأصلها إلخ شرح م ر وقيل إن ذلك من الاحتباك الذي هو من أنواع البديع وهو أن يحذف من الأول ما أثبت آخرا ، وعكسه فحذف ظهور الحاجة في المجنون وأثبت البلوغ فيها وحذف في المجنون البلوغ وذكر فيه الحاجة كما في قوله تعالى { فئة تقاتل في سبيل الله } أي مؤمنة { وأخرى كافرة } أي في سبيل الشيطان انتهى أي والحكمة في حذف ما حذف أو ذكره في أحد الجانبين دون الآخر ما قرره الشارح ( قوله : ظهوره ) أي ظهور التوقان وكان المراد بظهوره فيه وجوده فيه ( قوله : ظهورها ) أي الأمارات أو الحاجة ( قوله : أن هذا ) أي قوله : فلا يزوجان إلخ ( قوله في غير البكر إلخ ) أما البكر فللمجبر تزويجها بغير إذنها وإن لم يكن بها جنون مطلقا فمع الجنون المتقطع أولى ( قوله : إذ هو ) أي ما هنا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن : ويلزم المجبر ) بنصب المجبر مفعولا مقدما وقوله : تزويج إلخ بالرفع على أنه فاعل مؤخر مغني ونهاية ( قوله : في بعض الصور الآتية ) أي ككون المجنونة ثيبا ( قوله : ومثله ) أي المجبر ا هـ سم ( قوله : السابق في التحكيم ) أي في فصل " لا تزوج المرأة نفسها " ا هـ كردي ( قوله : أطبق جنونها ) إلى قول المتن لا صغيرة في المغني إلا قوله : كذا أطلقوه إلى وعلم مما مر ( قوله : نظير ما يأتي ) أي في المجنون ( قوله : وحذفه ) أي " محتاجة " ا هـ سم ( قوله : لأن البلوغ إلخ ) انظر هذا بالنسبة لقوله أو للمهر والنفقة ا هـ سم ( قوله : عنه ) أي عن قيد الاحتياج والتصريح به .

                                                                                                                              ( قول المتن : ومجنون ) أي من مال المجنون لا من مال نفسه ا هـ ع ش ( قوله : أو بتوقع إلخ ) عطف على بظهور إلخ ( قوله : بقول عدلي طب إلخ ) أي ولا يشترط لفظ الشهادة ولا كون الإخبار بذلك للقاضي بل يكفي في الوجوب على الأب مجرد إخبار العدل بالاحتياج ا هـ ع ش ( قوله : عدلي طب إلخ ) هل [ ص: 267 ] تقوم معرفة الولي مع إخبار عدل مقام إخبار العدلين لأنهم أقاموا معرفة الشخص نفسه مقام إخبار العدل الواحد حيث اكتفوا به في مسائل كثيرة ؟ محل نظر ا هـ سيد عمر أقول : الأقرب كفاية معرفته مع إخبار عدل في الوجوب وإنما التردد في كفاية معرفته فقط في الوجوب عبارة النهاية عدل طب وقال الرشيدي : المراد بعدل الجنس لما سيأتي في تزويج المحجور من اشتراط عدلين ا هـ .

                                                                                                                              وفي البجيرمي ما نصه عبارة شيخنا يعني م ر عدل والظاهر أن المراد عدل الرواية حلبي وقال الخطيب وغيره عدلين ا هـ وكذا عدل واحد على المعتمد ا هـ فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : ومؤن النكاح إلخ ) حال مقيدة ليخرج ما إذا كان ثمن السرية ومؤنها أخف كما صرح به الروضة ا هـ رشيدي ( قوله : وذلك ) راجع إلى ما في المتن ( قوله : واكتفى بها ) أي بالحاجة أي بأصلها حيث لم يقيد بظهورها ا هـ سم ( قوله : فيها ) أي المجنونة وقوله : لا فيه أي المجنون ( قوله : كما يصرح إلخ ) وقد عبر الشيخ في منهجه بما يفيد التسوية بينهما نهاية ومغني ( قوله : فيهما ) أي المجنون والمجنونة ا هـ ع ش ( قوله : من ظهوره ) أي التوقان وكان المراد بظهوره فيه وجوده فيه وقوله : ظهورها أي الأمارات أو الحاجة سم وسيد عمر ورشيدي ( قوله : الذي جبلن عليه ) أي في الأصل فربما استدامت الحالة التي ألفتها قبل الجنون من غير قصد فلا يقال هي بعد الجنون لا تمييز لها حتى تجتنب عما يستحى من فعله ا هـ ع ش ( قوله : ويأذنا ) فيه بالنسبة إلى المجنون توقف ظاهر فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : فلا ينبغي انتظارها إلخ ) اعتمده ع ش ( قوله : ما مر ) أي في أول الفصل وقوله : مما مر أي من قول المصنف وللأب تزويج البكر إلخ ا هـ كردي ( قوله : أن هذا ) أي قوله فلا يزوجان إلخ سم و ع ش وكردي ( قوله : في غير البكر ) أما البكر فللمجبر تزوجها بغير إذنها وإن لم يكن بها جنون مطلقا فمع الجنون أولى ا هـ سم ( قوله : قول المتن لا صغيرة ) المراد بها الصغيرة البكر فإن الصغيرة الثيب لا تزوج بحال ا هـ مغني ( قوله : فلا يلزمه تزويجهما ) بل لا يجوز في المجنون الصغير ويجوز في المجنونة إذا ظهرت مصلحة وكان المزوج الأب أو الجد كما يأتي ا هـ ع ش ( قوله : لعدم الحاجة إلخ ) هذا ظاهر في حاجة الوطء لكن تقدم أن من الحاجة في المجنونة الاحتياج للمهر والنفقة وفي المجنون توقع الشفاء والاحتياج للخدمة على ما مر فهلا لزم تزويج الصغيرة والصغير لذلك رشيدي وسيد عمر وقد يجاب بأن المناط هو الحاجة إلى الوطء فقط وذكر الحاجة إلى غيره لمجرد التقوية ( قوله : وبه ) أي بما في النكاح من الأخطار إلخ ( قوله : إذ هو ) أي ما هنا ا هـ سم ( قوله : وذاك ) أي ما سيذكره .




                                                                                                                              الخدمات العلمية