الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قالت لوليها زوجني بألف [ ص: 392 ] فنقص عنه بطل النكاح ) كما لو قالت له زوجني من زيد فزوج من عمرو ( فلو أطلقت ) له الإذن بأن لم تتعرض فيه لمهر ( فنقص عن مهر مثل بطل ) لأن الإذن المطلق محمول على مهر المثل فكأنها قيدت به وفي قول يصح بمهر المثل وكذا لو زوجها بلا مهر ( قلت الأظهر صحة النكاح في الصورتين ) صورة التقييد وصورة الإطلاق ( بمهر المثل والله أعلم ) كما في سائر الأسباب المفسدة للصداق ولأن البضع له مرد شرعي يرد إليه وبه فارق تزويجه من عمرو فيما ذكر وبحث الزركشي كالبلقيني أنها لو كانت سفيهة فسمى دون مأذونها لكنه زائد على مهر مثلها انعقد بالمسمى لئلا يضيع الزائد عليها وطرداه في الرشيدة وهو متجه في السفيهة لا لما نظرا إليه بل لأنه لا مدخل لإذنها في الأموال فكأنها لم تأذن في شيء فكما انعقد هنا المسمى الزائد فكذلك في مسألتنا لا في الرشيدة لأن إذنها معتبر في المال أيضا فاقتضت مخالفته ولو بما فيه مصلحة لها فساد المسمى ووجوب مهر المثل .

                                                                                                                              وخرج بنقص عنه ما لو زاد عليه فينعقد بالزائد كما في نظيره من وكيل البيع المأذون له فيه بقدر فزاد عليه فالإفتاء بأنه يجب مهر المثل وبأنه يجب ما سمته ويلغو الزائد لأنها قد تقصد المحاباة كلاهما فيه نظر نعم ينبغي أن يأتي هنا ما لو قالوه في وكيل عين له قدر مع تعيين المشتري أو النهي عن الزيادة فتمتنع الزيادة عليه فيهما فكذا هنا إذا عينت الزوج والقدر أو نهت عن الزيادة تمتنع الزيادة وحينئذ فيحتمل وجوب مهر المثل لفساد بعض المسمى ويحتمل وجوب ما سمته فقط لإلغاء تسمية الزائد من أصله والأول أقرب وهذا الإلغاء هو السبب في فساد المسمى فهو كما مر فيما لو نكح لموليه بفوق مهر المثل إذ إلغاء الزائد على مهر المثل هنا كإلغاء الزائد في مسألتنا وبهذا يرد على من ما قال في الإفتاء الأول أنه ليس بشيء كالثاني ثم رأيت بعضهم بحث ما ذكرته فيما إذا عين الزوج والقدر ( تنبيه ) قد يشكل على صحيح المحرر البطلان هنا عن الإطلاق قوله أو أنكح بنتا إلى آخره فتأمله وكما أن إذنها المطلق هنا لا ينصرف إلا لمهر المثل فكذلك إذن الشارع له في إجبارها إنما هو شرط كونه بمهر المثل بل هذا أولى بالبطلان لأن مخالفة إذن الشارع أفحش ولك أن تفوق [ ص: 393 ] بأن ولاية المجبر أقوى من ولاية غيره فآثرت المخالفة في هذه دون تلك

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن بطل النكاح ) وكذا قوله الآتي بطل البطلان فيهما موافق لما يأتي في الخلع في نظيره من مخالفة وكيل الزوج على ما مشى عليه المتن ثم وعبارته هناك فلو قال لوكيله خالعها بمائة لم ينقص عنها وإن أطلق لم ينقص عن مهر مثل فإن نقص عنها لن تطلق وفي قول يقع بمهر المثل ا هـ وقوله وفي قول يقع بمهر المثل قال الشارح هناك وهو المعتمد في حالة الإطلاق كما صححه في الروضة ا هـ وقد يشكل البطلان في الصورة الأولى على الصحة هنا بمهر المثل على تصحيح المصنف الآتي وقد يفرق بأن ثبوت المال بالنكاح أقوى وألزم من ثبوته بالطلاق بدليل أنه لو لم يذكر في عقد النكاح وجب مهر المثل ولو لم يذكر في التطليق لم يجب شيء فجاز أن لا يتأثر النكاح بالمخالفة بخلاف الطلاق وإن كان البضع مردا شرعيا على أنه قد يفرق بين تزويج الولي ومخالفة الوكيل لأن تصرف الولي بالنكاح أقوى من تصرف الوكيل بالخلع بدليل أن الولي قد يزوج بلا إذن ولا يتصور أن يخالع أحد عن أحد بلا إذن لكن قد يقتضي هذا الفرق أن المزوج هنا لو كان وكيلا لم يصح النكاح في الصورة الأولى فليراجع ( قوله وبحث الزركشي كالبلقيني إلخ ) ما بحثناه مردود بل الواجب مهر المثل شرح م ر وفي فتاوى القفال لو قالت لوليها زوجني من فلان إن رد علي ثيابي كان له تزويجها منه إن رد ثيابها عليها وإلا فلا وكذا لو قالت زوجني من فلان إن كان يتزوجني على ألف درهم فإن تزوجها عليها صح وإلا فلا ووجه أن إذنها مشروط بذلك فليس مفرعا على ما في المحرر شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله فكما انعقد هنا ) أي فيما إذا لم تأذن وقوله في مسألتنا أي إذا أذنت ( قوله فيتحتم وجوب مهر المثل إلخ ) لم يذكر احتمال فساد النكاح الذي هو نظير ما في البيع فإنه يبطل في الصورة المذكورة كأنه للفرق بأن البيع يتأثر بالمخالفة ما لا يتأثر نفس النكاح فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله إذ إلغاء الزائد على مهر المثل هنا كإلغاء الزائد في مسألتنا ) يفرق بين الإلغاءين بنفع الولي وفي مسألتنا بضره ( قوله وبهذا يرد إلخ ) أي لإمكان حمل الإفتاء الأول على ذلك [ ص: 393 ]

                                                                                                                              ( قوله بأن ولاية المجبر أقوى من ولاية غيره ) انظر من أين ثبت أن ما هنا يختص بغير المجبر وقد يقال الولاية على المحجور والبكر أقوى من الولاية على غيرهما فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ولو قالت ) أي الرشيدة لوليها أي غير المجبر لأنه الذي يحتاج إلى إذنها مغني ونهاية ( قول المتن زوجني بألف إلخ ) وفي فتاوى القفال لو قالت لوليها زوجني من فلان إن رد علي ثيابي مثلا كان له تزويجها منه إن رد ثيابها عليها وإلا فلا وكذا لو قالت زوجني من فلان إن كان يتزوجني [ ص: 392 ] على ألف درهم فإن تزوجها عليها صح وإلا فلا ووجهه أن إذنها مشروط بذلك فليس مفرعا على ما في المحرر نهاية ا هـ سم ( قول المتن فنقص عن مهر مثل بطل ) أفهم البطلان بطريق الأولى فيما إذا زوجها بلا مهر أو مطلقا بأن سكت عن المهر سواء أزوجها بنفسه أم بوكيله ا هـ مغني ( قوله كما لو قالت إلخ ) الكاف للقياس ( قوله فيما ذكر ) أي في قوله كما لو قالت إلخ ا هـ ع ش ( قوله وبحث الزركشي كالبلقيني إلخ ) ما بحثاه مردود بل الواجب مهر المثل نهاية ومغني وأقرهما سم ( قوله فسمى ) أي الولي ( قوله لكنه ) أي المسمى ( قوله وهو متجه إلخ ) خلافا للنهاية والمغني كما مر آنفا ( قوله فكما انعقد هنا ) أي فيما إذا لم تأذن وقوله في مسألتنا أي إذا أذنت ا هـ سم ( قوله ينقص عنه ) أي في صورتي التقييد والإطلاق .

                                                                                                                              ( قوله بأنه يجب مهر المثل ) أي لفساد بعض المسمى ( قوله أو النهي إلخ ) عطف على تعيين إلخ ( قوله فيهما ) أي صورتي تعيين المشتري والنهي عن الزيادة ( قوله الزوج والقدر ) الأولى قلب العطف ( قوله فحينئذ ) أي حين إذ زاد في الصورتين ( قوله فيحتمل إلخ ) لم يذكر احتمال فساد النكاح الذي هو نظير ما في البيع كأنه للفرق بأن البيع يتأثر بالمخالفة ما لا يتأثر نفس النكاح فليتأمل ا هـ سم ( قوله إذ إلغاء الزائد إلخ ) قد يفرق بين الإلغاءين بأنه هنا ينفع المولى وفي مسألتنا يضره ا هـ سم ( قوله هنا ) أي فيما لو نكح لموليه إلخ ( قوله وبهذا يرد إلخ ) أي لإمكان حمل الإفتاء الأول على ذلك ا هـ سم ( قوله البطلان ) أي بطلان النكاح ( قوله وكما أن إلخ ) تصوير للإشكال ( قوله بشرط كونه ) أي النكاح ( قوله بل هي ) أي مسألة الإجبار ( قوله [ ص: 393 ] بأن ولاية المجبر ) أي بأن تكون محجورة أو بكرا ( قوله في هذه ) أي مسألة الإطلاق دون تلك أي مسألة الإجبار




                                                                                                                              الخدمات العلمية