الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن عجز ) بفتح الجيم أفصح من كسرها عن النطق بالتكبير بالعربية ولم يمكنه التعلم في الوقت ( ترجم ) عنه وجوبا بأي لغة شاء ولا يعدل لذكر آخر ( ووجب التعلم إن قدر ) عليه ولو بسفر لكن إن وجد المؤن المعتبرة في الحج [ ص: 17 ] فيما يظهر وإن أمكن الفرق بأن هذا فوري لأنه لا ضابط يظهر هنا إلا ما قالوه ثم نعم لو قيل هنا يجب المشي على من قدر عليه وإن طال كمن لزمه الحج فورا لم يبعد وذلك لأن ما لا يتم الواجب إلا به واجب وإنما لم يلزمه السفر لتحصيل ماء الطهر لأنه لا يدوم نفعه بخلاف التعلم ومن ثم لو قدر عليه آخر الوقت لم تجز الصلاة بالترجمة أوله بخلافها بالتيمم كما مر ويجب قضاء ما صلاه بالترجمة إن ترك التعلم مع إمكانه ووقته من الإسلام فيمن طرأ عليه وفي غيره من التمييز على الأوجه ويجري ذلك في كل واجب قولي وعلى أخرس يحسن تحريك لسانه على مخارج الحروف كما بحثه الأذرعي ومن تبعه فتحريك لسانه وشفتيه ولهاته قدر إمكانه لأن الميسور لا يسقط بالمعسور فإن عجز عن ذلك نواه بقلبه نظير ما يأتي فيمن عجز عن كل الأركان أما من لا يحسن ذلك فلا يلزمه تحريكه لأنه عبث ، وفارق الأول بأنه كناطق انقطع صوته فإنه يتكلم بالقوة وإن لم يسمع صوته بخلاف هذا فإنه كعاجز عن الفاتحة وبدلها فيقف بقدرها ولا يلزمه تحريك ، فعلم من هذا ما يصرح به كلام المجموع أن التحريك ليس بدلا عن القراءة فإن قلت اكتفى في الجنب بتحريك لسانه على رأي ولم يذكر شفة ولا لهاة وبالإشارة على رأي وكل منهما ينافي ما تقرر وقلت يفرق بأن المدار هنا على أن الميسور لا يسقط بالمعسور كما تقرر وثم على القراءة وهي في كل من الناطق والأخرس بحسبه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ووجب التعلم إن قدر ) قال في العباب ويؤخر الصلاة أي وجوبا عن أول الوقت للتعلم فإن ضاق عنه أي عن التعلم ترجم عنه أي التكبير بأي لغة شاء ثم إن قصر في التعلم أعاد وإلا فلا ا هـ وقوله عن أول [ ص: 17 ] الوقت للتعلم قال في شرحه إن أمكنه فيه انتهى ( قوله من التمييز على الأوجه ) الأوجه أنه من البلوغ ( قوله وعلى أخرس إلخ ) قال في شرح العباب قال الأذرعي وتبعه الزركشي وهو ظاهر فيمن طرأ خرسه أو عقل الإشارة إلى الحركة لأنه حينئذ يحسن التحريك على مخارج الحروف فهو كناطق انقطع صوته فيتكلم بالقوة ولا يسمع صوته أما غيره فالظاهر أنه لا يلزمه وإلا لأوجبوا تحريكه على ناطق لا يحفظ شيئا إذ لا يتقاعد عن الأخرس خلقة ثم قال ولا أحسب أحدا يوجب على أخرس لا يعقل الحركة أن يحرك لسانه بل تحريكه حينئذ نوع من اللعب فيشبه أن يكون مبطلا ا هـ ما في شرح العباب وقد يقال قياس قوله أو عقل الإشارة إلى الحركة أن الناطق الذي لا يحفظ شيئا إذ عقل الإشارة إلى الحركة لزمه ثم بحثت مع م ر فمال للفرق بين الأخرس والناطق المذكور وإلى تخصيص الوجوب على الأخرس بمن طرأ خرسه ( قوله نظير ما يأتي فيمن عجز ) قضيته أن هذا العاجز لا يلزمه تحريك لسانه وشفتيه ولهاته اللهم إلا أن يرجع هذا لما قيل فإن أيضا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ومن عجز إلخ ) وانفرد أبو حنيفة بجواز الترجمة للقادر مغني قال ع ش وفي طبقات التاج السبكي في ترجمة الغزالي فقال يعني أبا حنيفة المقصود من كلمة التكبير الثناء على الله بالكبرياء فلا فرق بينه وبين ترجمته بكل لسان وبين قول الله أعظم فقال الشافعي وبم علمت أنه لا فرق في صفات الله تعالى بين العظمة والكبرياء مع { أنه تعالى يقول العظمة إزاري والكبرياء ردائي } والرداء أشرف من الإزار إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بأي لغة شاء ) أي من فارسية وسريانية وعبرانية وغيرها فيأتي بمدلول التكبير بتلك اللغة إذ لا إعجاز فيه بخلاف الفاتحة نهاية عبارة المغني وقيل إن عرف السريانية أو العبرانية تعينت لشرفهما بإنزال بعض كتب الله تعالى بهما وبعدهما الفارسية أولى من التركية والهندية

                                                                                                                              ( فائدة ) ترجمة التكبير بالفارسية خداي بزركتر فلا يكفي خداي بزرك لترك التفضيل كالله كبير ا هـ . قال الكردي وفي الإيعاب أخذا من الخلاف المذكور الأولى تقديم السريانية والعبرانية ثم الفارسية والأولى أولى فيما يظهر لشرفها بإنزال التوراة والإنجيل بها بخلاف الثانية فإنه قيل أنه أنزل بها كتاب لكن نظر فيه الزركشي ا هـ وقد يعكر عليه ما في صحيح البخاري عن أبي هريرة { كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها } إلخ إلا أن تكون قراءتهم التوراة بغير اللسان الذي أنزل به ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولا يعدل إلخ ) فلو عجز عن الترجمة هل ينتقل إلى ذكر آخر أو يسقط التكبير بالكلية فيه نظر والأقرب الثاني لكن كلامه م ر الآتي في شرح قلت الأصح المنصوص جواز التفرقة إلخ يقتضي خلافه ع ش قول المتن ( وجب التعلم إلخ ) ويجب على السيد تعليم غلامه العربية لأجل التكبير ونحوه أو تخليته ليكتسب أجرة معلمه فإن لم يعلمه واستكسبه عصى بذلك نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر لأجل التكبير ونحوه يؤخذ منه أنه يخلص من الإثم بتعليمه من العربية ما يتمكن به من ذلك وقوله م ر فإن لم يعلمه إلخ أي فحيث لم يستكسبه فلا عصيان لإمكان أن يتعلم ولو بإيجار نفسه ولا يقال العبد لا يؤجر نفسه لأنا نقول الشرع جعل له الولاية فيما يضطر إليه وهذا منه لأن الشرع ألجأه لذلك ا هـ وقال الرشيدي قوله م ر واستكسبه الظاهر أنه ليس بقيد في العصيان بل العصيان ثابت إذا لم يعلمه ولم يخله ليكتسب أجرة المعلم كأن حبسه كما علم مما قدمه قبل هذا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إن قدر عليه إلخ ) وفي العباب ويؤخر الصلاة أي وجوبا عن أول الوقت للتعلم أي إن أمكنه فيه فإن ضاق عنه أي التعلم ترجم عنه أي عن التكبير بأي لغة شاء ثم إن قصر في التعلم أعاد وإلا فلا ا هـ بزيادة عن شرحه ا هـ سم وفي الشارح والنهاية والمغني ما يفيده ( قوله ولو بسفر ) [ ص: 17 ] أي إلى بلد آخر مغني وعبارة النهاية سواء في ذلك التكبير والفاتحة والتشهد وما بعده ولو بسفر أطاقه وإن طال كما اقتضاه كلامهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيما يظهر ) اعتمده ع ش ( قوله نعم لو قيل هنا إلخ ) اعتمده ع ش ( قوله وذلك ) إلى قوله أما من لا يحسن في النهاية ما يوافقه إلا في قوله على الأوجه ( قوله وذلك ) يرجع إلى ما في المتن ( قوله ولو قدر ) إلى قوله أما من لا يحسن في المغني إلا قوله ووقته إلى ويجري ( قوله ويجب إلخ ) عبارة النهاية ويجب عليه تأخير الصلاة لأجل التعلم إلا أن يضيق وقتها فلا تجوز الصلاة للقادر عليه ما دام الوقت متسعا فإن ضاق الوقت صلى لحرمته وأعاد ككل صلاة ترك التعلم لها مع إمكانه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وفي غيره من التمييز إلخ ) قاله الإسنوي وغيره والأوجه خلافا لما فيه من مؤاخذته بما مضى في زمن صباه نهاية أي فيكون من البلوغ ع ش عبارة سم قوله من التمييز على الأوجه الأوجه أنه من البلوغ ا هـ وعبارة البصري وقد يقال إن كان مراد القائل بوجوب التعلم من التمييز الوجوب على الولي فظاهر أو على الصبي فالظاهر خلافه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويجري ذلك ) أي قوله ولو بسفر إلى هنا ( قوله وعلى أخرس إلخ ) قال بعضهم إن كان مراد الشافعي والأصحاب بذلك من طرأ خرسه أو خبل لسانه بعد معرفته القراءة وغيرها من الذكر الواجب فهو واضح لأنه حينئذ يحرك لسانه وشفتيه ولهواته بالقراءة على مخارج الحروف ويكون كناطق انقطع صوته فيتكلم بالقوة ولا يسمع صوته وإن أرادوا أعم من ذلك أي بأن أرادوا ما يشمل الخرس الطارئ والأصلي فهو بعيد والظاهر أن مرادهم الأول أي من طرأ خرسه وإلا لأوجبوا تحريكه على الناطق الذي لا يحسن شيئا إذ لا يتقاعد حاله عن الأخرس خلقة نهاية وفي سم بعد ذكر ما يوافقه عن الإيعاب ما نصه وقد يقال قياس قوله أو عقل الإشارة إلى الحركة إلخ أن الناطق الذي لا يحفظ شيئا إذا عقل الإشارة إلى الحركة لزمه أي التحريك ثم بحثت مع م ر فمال للفرق بين الأخرس والناطق المذكور وإلى تخصيص الوجوب على الأخرس بمن طرأ خرسه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نظير ما يأتي فيمن عجز إلخ ) قضيته أن هذا العاجز لا يلزمه تحريك لسانه وشفتيه ولهاته اللهم إلا أن يرجع هذا لما قبل فإن أيضا ا هـ سم ( قوله لأنه عبث ) فيشبه أن يكون مبطلا سم على حج وقد يتوقف فيه ويقال بعدم البطلان كما لو حرك أصابعه في حك أو غيره لأن هذه حركات خفيفة وهي لا تبطل وإن كثرت ع ش ( قوله وفارق الأول ) أي فارق من لا يحسن ذلك من يحسنه ( قوله ما تقرر ) أي من إيجاب تحريك الشفة واللهاة




                                                                                                                              الخدمات العلمية