الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تتمة )

                                                                                                                              لا يستحق مبتدئ بنحو صبحك الله بالخير أو قواك الله جوابا ، ودعاؤه له في نظيره حسن إلا أن يقصد بإهماله تأديبه ؛ لتركه سنة السلام وحني الظهر مكروه ، وقال كثيرون : حرام ؛ للحديث الحسن أنه صلى الله عليه وسلم نهى عنه وعن التزام الغير وتقبيله ، وأمر بمصافحته .

                                                                                                                              وأفتى المصنف بكراهة الانحناء بالرأس وتقبيل نحو رأس أو يد أو رجل لا سيما لنحو غني ؛ لحديث { : من تواضع لغني ذهب ثلثا دينه . } ويندب ذلك لنحو صلاح أو علم أو شرف ؛ لأن أبا عبيدة قبل يد عمر رضي الله عنهما ، ويسن القيام لمن فيه فضيلة ظاهرة من نحو صلاح أو علم أو ولادة أو نسب أو ولاية مصحوبة بصيانة ، قال ابن عبد السلام : أو لمن يرجى خيره أو يخشى من شره ولو كافرا خشي منه ضررا عظيما أي لا يحتمل عادة ، فيما يظهر ويكون على جهة البر والإكرام لا الرياء والإعظام ، ويحرم على الداخل أن يحب قيامهم له ؛ للحديث الحسن { : من أحب أن يتمثل الناس له قياما فليتبوأ مقعده من النار . } ذكره في الروضة وحمله بعضهم على ما إذا أحب قيامهم واستمراره وهو جالس أو طلبا للتكبر على غيره ، وهذا أخف تحريما من الأول إذ هو التمثيل في الخبر كما أشار إليه البيهقي ، أما من أحبه جودا منهم عليه لما أنه صار شعارا للمودة فلا حرمة فيه . ولا بأس بتقبيل وجه طفل رحمة ومودة ؛ لخبر البخاري { : أنه صلى الله عليه وسلم قبل ابنه إبراهيم وقد قبل الحسن } { وقال لمن قال لي عشرة من الأولاد ما قبلتهم : من لا يرحم لا يرحم } [ ص: 230 ]

                                                                                                                              ومحرم كذلك ؛ لأن أبا بكر قبل خد عائشة لحمى أصابتها رواه أبو داود ، ويسن تقبيل قادم من سفر ومعانقته للاتباع الصحيح في جعفر رضي الله عنه ، لما قدم من الحبشة ، ويحرم نحو تقبيل الأمرد الحسن غير نحو المحرم ومس شيء من بدنه بلا حائل كما مر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ويندب ذلك ) دخل فيه تقبيل الرجل وهو كذلك . ( قوله : ولا بأس بتقبيل وجه طفل رحمة إلخ ) عبارة الروض [ ص: 230 ] وتقبيل خد طفل ولو لغيره لا يشتهى وأطراف شفته مستحب . ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لا يستحق مبتدئ ) إلى قوله وقوله : إن لم يشمت في النهاية إلا قوله : وقال إلى وأفتى ، وقوله لا سيما إلى ويندب ، وقوله ؛ لأن إلى ويسن ، وقوله لخبر البخاري إلى ويسن وقوله : للاتباع إلى ويحرم وقوله : بمهملة إلى إذا حمد ، وقوله : للحديث الحسن إلى وإجابة مشمته ( قوله ولا يستحقه مبتدئ بنحو صبحك الله إلخ ) وأما التحية بالطلبقة وهي أطال الله بقاءك فقيل : بكراهتها ، والأوجه أن يقال كما قال الأذرعي إنه إن كان من أهل الدين أو العلم ، أو من ولاة العدل فالدعاء بذلك قربة وإلا فمكروه ا هـ مغني زاد الأسنى بل حرام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله جوابا ) أي : بحسب أصل الشرع حتى لا ينافي ما لو غلب على ظنه وقوع ضرر إن لم يجبه فإنه لا يبعد وجوب الجواب حينئذ لكنه لعارض ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله إلا أن يقصد بإهماله إلخ ) أي : فترك الدعاء له أحسن أسنى ومغني ( قوله وحني الظهر مكروه ) ولا يغتر بكثرة من يفعله ممن ينسب إلى علم أو صلاح أو غيرهما أسنى ومغني . ( قوله لا سيما لنحو غنى ) كشوكة ووجاهة فشديد الكراهة ا هـ مغني ( قوله ويندب ذلك ) دخل فيه تقبيل الرجل وهو كذلك ا هـ سم ( قوله لنحو صلاح ) أي : من الأمور الدينية ككبر سن وزهد ا هـ مغني عبارة ع ش من النحو المعلم المسلم ا هـ .

                                                                                                                              وقوله أو ولاية أي : ولاية حكم كالقاضي رشيدي و ع ش ( قوله مصحوبة إلخ ) صفة ولاية ( قوله بصيانة ) أي : عن خلاف الشرع ويظهر أن صيانة كل زمن بحسبه ( قوله قال ابن عبد السلام إلخ ) عبارة الأسنى قال الأذرعي بل يظهر وجوبه في هذا الزمان دفعا للعداوة والتقاطع كما أشار إليه ابن عبد السلام فيكون من باب دفع المفاسد ا هـ ( قوله أو لمن يرجى خيره ) لعل المراد الخير الأخروي كالمعلم حتى لا ينافي الحديث المار سيد عمر ، وينبغي أن من الخير الأخروي نحو الإنفاق بالنسبة إلى المحتاج ( قوله ويكون ) أي : هذا القيام ا هـ أسنى .

                                                                                                                              ( قوله ويكون على جهة البر إلخ ) أي : وجوبا ا هـ ع ش ( قوله والإعظام ) انظر ما المراد به رشيدي ( قوله ذكره ) أي : قوله ويحرم وكذا ضمير حمله ( قوله وحمله ) إلى قوله : أما من أحبه عبارة الأسنى ، والمراد بتمثلهم له قياما أن يقعد ويستمروا قياما كعادة الجبابرة كما أشار إليه البيهقي ، ومثله حب القيام له تفاخرا وتطاولا على الأقران ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله واستمراره ) أي : قيامهم ( قوله أو طلبا ) لعله معطوف على قوله واستمراره وهو جالس باعتبار المعنى ( قوله وهذا ) أي : قوله : أو طلبا إلخ قوله : من الأول أي : قوله : واستمراره إلخ ( قوله : إذ هو ) أي : الأول ( قوله : لا بأس إلخ ) عبارة الروض أي : والمغني وتقبيل خد طفل لا يشتهى ولو لغيره ، وأطراف شفته مستحب ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : وجه طفل ) بل أي محل فيه ولو في الفم وقوله طفل أي : لا يشتهى ذكرا أو أنثى [ ص: 230 ] ا هـ ع ش ( قوله : ومحرم إلخ ) عطف على طفل ( قوله : ويسن تقبيل إلخ ) وتندب المصافحة مع بشاشة الوجه والدعاء بالمغفرة وغيرها للتلاقي ، ولا أصل للمصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر ولكن لا بأس بها فإنها من جملة المصافحة ، وقد حث الشارع عليها وإن قصد بابا لغيره مغلقا يندب أن يسلم على أهله ثم يستأذن ، فإن لم يجب أعاده إلى ثلاث مرات فإن أجيب فذاك وإلا رجع ، فإن قيل له بعد استئذانه : من أنت ندب أن يقول : فلان بن فلان ، أو نحوه مما يحصل به التعريف التام ، ولا بأس أن يكني نفسه أو يقول : القاضي فلان أو الشيخ فلان أو نحوه إذا لم يعرفه المخاطب إلا به ، ويكره اقتصاره على قوله أنا أو الخادم ، وتندب زيارة الصالحين والجيران غير الأشرار والإخوان والأقارب وإكرامهم بحيث لا يشق عليه ولا عليهم فتختلف زيارتهم باختلاف أحوالهم ومراتبهم وفراغهم ، ويسن أن يطلبه منهم أن يزوروه وأن يكثروا زيارته بحيث لا يشق ، وتندب عيادة المرضى مغني وروض مع شرحه ( قوله : تقبيل قادم ) أي : وجهه صالحا أم لا ا هـ أسنى ( قوله : من سفر ) أي : أو نحوه ا هـ أسنى .

                                                                                                                              ( قوله : ومعانقته ) ويكره ذلك أي : التقبيل والمعانقة لغير القادم من سفر أو نحوه ، ولا فرق في هذا بين أن يكون المقبل والمقبل صالحين أم فاسقين أم أحدهما صالحا والآخر فاسقا ذكر ذلك في الأذكار ا هـ روض مع شرحه .

                                                                                                                              ( قوله : غير نحو المحرم ) كالملك أي : من غير شهوة كما هو ظاهر ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية