nindex.php?page=treesubj&link=28662_31755_32412_32438_34126_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة بإسكان الشمس في وسط السماء مثلا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه استراحة من متاعب الأشغال
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أفلا تبصرون الشواهد المنصوبة الدالة على القدرة الكاملة لتقفوا على أن غير الله تعالى لا قدرة له على ذلك، ويعلم مما ذكرنا أن كلا من جملتي أفلا تسمعون وأفلا تبصرون تذييل للتوبيخ الذي يعطيه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أرأيتم إن جعل الله عليكم إلخ قبله، وأفاد
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن ظاهر التقابل يقتضي ذكر النهار والتصرف فيه إلا أن العدول عن ذلك إلى الضياء وهو ضوء الشمس للدلالة على أنه يتضمن منافع كثيرة منها التصرف فلو أتى بالنهار لاستدعى القصر على تلك المنفعة من ضرورة التقابل ولأن المنافع للضياء لا للنهار على أن النهار أيضا من منافعه، ثم استشعر أن يقال: فلم لم يؤت بالظلام بدل الليل في الآية الثانية لتتم المقابلة من هذا الوجه؟ وأجاب بأنه ليس بتلك المنزلة فلا هو مقصود في ذاته كالضياء ولا أن المنافع من روادفه مع ما فيهما من الاستئناس والاشمئزاز، بل لو تأمل حق التأمل وجد حكم بأن الليل من منافع الضياء أيضا والظلام من ضرورات كون الشمس المضيئة تحت الأرض وإلقاء ظل الليل، ثم أفاد أن التفصلة وهو التذييل المذكور فيها إرشاد إلى هذه النكتة فإن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=71أفلا تسمعون يدل على أن التوبيخ بعدم التأمل في الضياء أكثر من حيث إن مدرك السمع أكثر. والمراد ما يدركه العقل بواسطة السمع فلا يرد أن مدركه الأصوات وحدها ومدرك البصر أكثر من ذلك، وذلك أن ما لا يدرك بحس أصلا يدرك بواسطة السمع إذا عبر عنه المعبر بعبارة مفهمة، وأما ما يدرك بالبصر فمن مشاهدة المبصرات وهي قليلة، وأما المطالعة من الكتب فإنها أضيق مجالا من السمع وقرعه كذا في الكشف، والعلامة
الطيبي قرر عبارة الكشاف بما قرر ثم قال: الأبعد من التكلف أن يجعل أفلا تسمعون تذييلا للتوبيخ المستفاد من أرأيتم إلخ قبله وكذا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أفلا تبصرون على ما في المعالم أفلا تسمعون سماع فهم وقبول أفلا تبصرون ما أنتم عليه من الخطأ ليجتمع لهم الصمم والعمى من الإعراض عن سماع البراهين والإغماض عن رؤية الشواهد.
ولما كانت استدامة الليل أشق من استدامة النهار لأن النوم الذي هو أجل الغرض فيه شبيه الموت، والابتغاء من فضل الله تعالى الذي هو بعض فوائد النهار شبيه بالحياة قيل في الأول أفلا تسمعون أي سماع فهم وفي الثاني أفلا تبصرون أي ما أنتم عليه من الخطأ ليطابق كل من التذييلين الكلام السابق من التشديد والتوبيخ، وذكر في حاصل المعنى ما ذكرناه أولا ثم قال: وفيه أن دلالة النص أولى وأقدم من العقل، وصاحب الكشف قرر
[ ص: 108 ] العبارة بما سمعت وذكر أن ذلك لا ينافي ما في المعالم بل يؤكده ويبين فائدة التوبيخين، ونقل
الطيبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب في غرة التنزيل أنه قال: إن نسخ الليل بالنير الأعظم أبلغ في المنافع وأضمن للمصالح من نسخ النهار بالليل، ألا ترى أن الجنة نهارها دائم لا ليل معه لاستغناء أهلها عن الاستراحة فتقديم ذكر الليل لانكشافه عن النهار الذي هو أجدى من تفاريق العصا ومنافع ضوء شمسه أكثر من أن تحصى أحق وأولى، ومعنى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=71أفلا تسمعون أفلا تسمعون سماع من يتدبر المسموع ليستدرك منه قصد القائل ويحيط بأكثر ما جعل الله تعالى في النهار من المنافع فإن عقيب السماع استدراك المراد بالمسموع إذا كان هناك تدبر وتفكر فيه ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أفلا تبصرون أتستدركون من ذلك ما يجب استدراكه انتهى.
وفي الكشف أنه مؤيد لما ذكره صاحب الكشاف، وربما يقال ذكر سبحانه أولا فرضية جعل الليل سرمدا وثانيا فرضية جعل النهار كذلك لأن الليل كما قالوا مقدم على النهار شرعا وعرفا وأيضا ذلك أوفق بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=69وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون [القصص: 69] ففي المثل الليل أخفى للويل وكذا بقوله تعالى سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=70له الحمد في الأولى والآخرة ففي الأثر كان الخلق في ظلمة فرش الله تعالى عليهم من نوره، ولعله لاعتبار الأولية والآخرية ذيلت الآية الأولى بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=71أفلا تسمعون بناء على أن المعنى أفلا تسمعون ممن سلف من آبائكم أو مما سلف منا أن آلهتكم لا تقدر على مثل ذلك والثانية بقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أفلا تبصرون بناء على أن المعنى أفلا تبصرون أنتم عجزها عن مثل ذلك وجيء بالضياء غير موصوف في الآية الأولى وبالليل موصوفا في الثانية لما أفاده
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وقيل في وجه تذييل الآية الأولى بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=71أفلا تسمعون دون قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أفلا تبصرون أن المفروض لو تحقق بقي معه السمع دون الإبصار إذ ظلمة الليل لا تحجب السمع وتحجب البصر، وفي وجه تذييل الثانية بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أفلا تبصرون دون
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=71أفلا تسمعون أن تحقق المفروض وعدمه سيان في أمر السمع دون الإبصار إذ لضياء النهار مدخل في الإبصار وليس له مدخل في السمع أصلا وهو كما ترى (واعلم أن هاهنا إشكالا وهو أن جعل الليل سرمدا إلى يوم القيامة إن تحقق لم يتصور الإتيان بضياء أصلا وكذا جعل النهار سرمدا إلى يوم القيامة إن تحقق لم يتصور الإتيان بليل كذلك، أما من غيره تعالى فظاهر لأنه معدن العجز عن كل شيء، وأما منه عز وجل فلاستلزامه اجتماع الليل والنهار إذ لو لم يجتمعا لم يتحقق الليل مستمرا إلى يوم القيامة وكذا جعل النهار كذلك وهو خلاف المفروض واجتماعهما محال والمحال لا صلاحية له لتعلق القدرة فلا يراد.
وأجيب بأن المراد إن أراد سبحانه ذلك فمن إله غيره تعالى يأتيكم بخلاف مراده سبحانه بأن يقطع الاستمرار فيأتي بنهار بعد ليل وليل بعد نهار، واعترض بأنه يفهم من الآية حينئذ أنه جل وعلا هو الذي إن أراد ذلك يأتيهم بخلاف مراده تعالى فيقطع الاستمرار وهو مشكل أيضا لأن إتيانه تعالى بخلاف مراده جل وعلا مستلزم لتخلف المراد عن الإرادة وهو محال فإذا أراد الله تبارك وتعالى شيئا على وجه إرادة لا تعليق فيها لا يمكن أن يريده على خلاف ذلك الوجه، وأجيب بأنه يجوز أن يكون المراد إن أراد الله تعالى ذلك غير معلق له على إرادته عز شأنه خلافه لا يأتيكم بخلافه غيره عز وجل ولم يصرح بالقيد لدلالة العقل الصريح على أن الإرادة غير المعلقة لا يمكن الإتيان بخلاف موجبها أصلا، ومن الناس من ذهب إلى أنه سبحانه لا يبت إرادته فجميع ما يريده جل شأنه معلق، وقيل: الأولى أن يقال: ليس المراد سوى أن آلهتهم لا يقدرون على الإتيان بنهار
[ ص: 109 ] بعد ليل وليل بعد نهار إذا أراد الله تعالى شأنه استمرار أحدهما، وإنما القادر على الإتيان بذلك هو الله سبحانه وحده من غير نظر إلى كون ذلك الإتيان مقيدا بتلك الإرادة فتدبر
nindex.php?page=treesubj&link=28662_31755_32412_32438_34126_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِإِسْكَانِ الشَّمْسِ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ مَثَلًا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ اسْتِرَاحَةً مِنْ مَتَاعِبِ الْأَشْغَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أَفَلا تُبْصِرُونَ الشَّوَاهِدَ الْمَنْصُوبَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْقُدْرَةِ الْكَامِلَةِ لِتَقِفُوا عَلَى أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ كُلًّا مِنْ جُمْلَتَيْ أَفَلَا تَسْمَعُونَ وَأَفَلَا تُبْصِرُونَ تَذْيِيلٌ لِلتَّوْبِيخِ الَّذِي يُعْطِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ إِلَخْ قَبْلَهُ، وَأَفَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ ظَاهِرَ التَّقَابُلِ يَقْتَضِي ذِكْرَ النَّهَارِ وَالتَّصَرُّفَ فِيهِ إِلَّا أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى الضِّيَاءِ وَهُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ مَنَافِعَ كَثِيرَةً مِنْهَا التَّصَرُّفُ فَلَوْ أَتَى بِالنَّهَارِ لَاسْتَدْعَى الْقَصْرَ عَلَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ ضَرُورَةِ التَّقَابُلِ وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ لِلضِّيَاءِ لَا لِلنَّهَارِ عَلَى أَنَّ النَّهَارَ أَيْضًا مِنْ مَنَافِعِهِ، ثُمَّ اسْتَشْعَرَ أَنْ يُقَالَ: فَلِمَ لَمْ يُؤْتِ بِالظَّلَامِ بَدَلَ اللَّيْلِ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ لِتَتِمَّ الْمُقَابَلَةُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ؟ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ فَلَا هُوَ مَقْصُودٌ فِي ذَاتِهِ كَالضِّيَاءِ وَلَا أَنَّ الْمَنَافِعَ مِنْ رَوَادِفِهِ مَعَ مَا فِيهِمَا مِنَ الِاسْتِئْنَاسِ وَالِاشْمِئْزَازِ، بَلْ لَوْ تَأَمَّلَ حَقَّ التَّأَمُّلِ وَجَدَّ حَكَمَ بِأَنَّ اللَّيْلَ مِنْ مَنَافِعِ الضِّيَاءِ أَيْضًا وَالظَّلَامَ مِنْ ضَرُورَاتِ كَوْنِ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ تَحْتَ الْأَرْضِ وَإِلْقَاءِ ظَلِّ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ التَّفْصِلَةَ وَهُوَ التَّذْيِيلُ الْمَذْكُورُ فِيهَا إِرْشَادٌ إِلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=71أَفَلا تَسْمَعُونَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّوْبِيخَ بِعَدَمِ التَّأَمُّلِ فِي الضِّيَاءِ أَكْثَرُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ مُدْرِكَ السَّمْعِ أَكْثَرُ. وَالْمُرَادُ مَا يُدْرِكُهُ الْعَقْلُ بِوَاسِطَةِ السَّمْعِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ مُدْرِكَهُ الْأَصْوَاتُ وَحْدَهَا وَمُدْرِكَ الْبَصَرِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَا لَا يُدْرَكُ بِحِسٍّ أَصْلًا يُدْرَكُ بِوَاسِطَةِ السَّمْعِ إِذَا عَبَّرَ عَنْهُ الْمُعَبِّرُ بِعِبَارَةٍ مُفْهِمَةٍ، وَأَمَّا مَا يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ فَمِنْ مُشَاهَدَةِ الْمُبْصِرَاتِ وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَأَمَّا الْمُطَالَعَةُ مِنَ الْكُتُبِ فَإِنَّهَا أَضْيَقُ مَجَالًا مِنَ السَّمْعِ وَقَرَعَهُ كَذَا فِي الْكَشْفِ، وَالْعَلَّامَةُ
الطَّيِّبِيُّ قَرَّرَ عِبَارَةَ الْكَشَّافِ بِمَا قَرَّرَ ثُمَّ قَالَ: الْأَبْعَدُ مِنَ التَّكَلُّفِ أَنْ يَجْعَلَ أَفَلَا تَسْمَعُونَ تَذْيِيلًا لِلتَّوْبِيخِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ أَرَأَيْتُمْ إِلَخْ قَبْلَهُ وَكَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أَفَلا تُبْصِرُونَ عَلَى مَا فِي الْمَعَالِمِ أَفَلَا تَسْمَعُونَ سَمَاعَ فَهْمٍ وَقَبُولٍ أَفَلَا تُبْصِرُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَأِ لِيَجْتَمِعَ لَهُمُ الصَّمَمُ وَالْعَمَى مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنْ سَمَاعِ الْبَرَاهِينِ وَالْإِغْمَاضِ عَنْ رُؤْيَةِ الشَّوَاهِدِ.
وَلَمَّا كَانَتِ اسْتِدَامَةُ اللَّيْلِ أَشَقَّ مِنِ اسْتِدَامَةِ النَّهَارِ لِأَنَّ النَّوْمَ الَّذِي هُوَ أَجَلُّ الْغَرَضِ فِيهِ شَبِيهُ الْمَوْتِ، وَالِابْتِغَاءَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ بَعْضُ فَوَائِدِ النَّهَارِ شَبِيهٌ بِالْحَيَاةِ قِيلَ فِي الْأَوَّلِ أَفَلَا تَسْمَعُونَ أَيْ سَمَاعَ فَهِمٍ وَفِي الثَّانِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَيْ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَأِ لِيُطَابِقَ كُلٌّ مِنَ التَّذْيِيلَيْنِ الْكَلَامَ السَّابِقَ مِنِ التَّشْدِيدِ وَالتَّوْبِيخِ، وَذَكَرَ فِي حَاصِلِ الْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ أَنَّ دَلَالَةَ النَّصِّ أُولَى وَأَقْدَمُ مِنَ الْعَقْلِ، وَصَاحِبُ الْكَشْفِ قَرَّرَ
[ ص: 108 ] الْعِبَارَةَ بِمَا سَمِعْتَ وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي مَا فِي الْمَعَالِمِ بَلْ يُؤَكِّدُهُ وَيُبَيِّنُ فَائِدَةَ التَّوْبِيخَيْنِ، وَنَقَلَ
الطَّيِّبِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبِ فِي غُرَّةِ التَّنْزِيلِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ نَسْخَ اللَّيْلِ بِالنَّيِّرِ الْأَعْظَمِ أَبْلَغُ فِي الْمَنَافِعِ وَأَضْمَنُ لِلْمَصَالِحِ مِنْ نَسْخِ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَنَّةَ نَهَارُهَا دَائِمٌ لَا لَيْلَ مَعَهُ لِاسْتِغْنَاءِ أَهْلِهَا عَنِ الِاسْتِرَاحَةِ فَتَقْدِيمُ ذِكْرِ اللَّيْلِ لِانْكِشَافِهِ عَنِ النَّهَارِ الَّذِي هُوَ أَجْدَى مِنْ تَفَارِيقِ الْعَصَا وَمَنَافِعُ ضَوْءِ شَمْسِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى أَحَقُّ وَأَوْلَى، وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=71أَفَلا تَسْمَعُونَ أَفَلَا تَسْمَعُونَ سَمَاعَ مَنْ يَتَدَبَّرُ الْمَسْمُوعَ لِيَسْتَدْرِكَ مِنْهُ قَصْدَ الْقَائِلِ وَيُحِيطَ بِأَكْثَرَ مَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي النَّهَارِ مِنَ الْمَنَافِعِ فَإِنَّ عَقِيبَ السَّمَاعِ اسْتِدْرَاكُ الْمُرَادِ بِالْمَسْمُوعِ إِذَا كَانَ هُنَاكَ تَدَبُّرٌ وَتَفَكُّرٌ فِيهِ وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أَفَلا تُبْصِرُونَ أَتَسْتَدْرِكُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ اسْتِدْرَاكُهُ انْتَهَى.
وَفِي الْكَشْفِ أَنَّهُ مُؤَيِّدٌ لِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ، وَرُبَّمَا يُقَالُ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَوَّلًا فَرْضِيَّةَ جَعْلِ اللَّيْلِ سَرْمَدًا وَثَانِيًا فَرْضِيَّةَ جَعْلِ النَّهَارِ كَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّيْلَ كَمَا قَالُوا مُقَدَّمٌ عَلَى النَّهَارِ شَرْعًا وَعُرْفًا وَأَيْضًا ذَلِكَ أَوْفَقُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=69وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ [الْقَصَصِ: 69] فَفِي الْمَثَلِ اللَّيْلُ أَخْفَى لِلْوَيْلِ وَكَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=70لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ فَفِي الْأَثَرِ كَانَ الْخَلْقُ فِي ظُلْمَةِ فَرْشِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، وَلَعَلَّهُ لِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْآخِرِيَّةِ ذُيِّلَتِ الْآيَةُ الْأَوْلَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=71أَفَلا تَسْمَعُونَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى أَفَلَا تَسْمَعُونَ مِمَّنْ سَلَفَ مِنْ آبَائِكُمْ أَوْ مِمَّا سَلَفَ مِنَّا أَنَّ آلِهَتَكُمْ لَا تَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَالثَّانِيَةُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أَفَلا تُبْصِرُونَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَنْتُمْ عَجْزَهَا عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ وَجِيءَ بِالضِّيَاءِ غَيْرَ مَوْصُوفٍ فِي الْآيَةِ الْأُولَى وَبِاللَّيْلِ مَوْصُوفًا فِي الثَّانِيَةِ لِمَا أَفَادَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَقِيلَ فِي وَجْهِ تَذْيِيلِ الْآيَةِ الْأَوْلَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=71أَفَلا تَسْمَعُونَ دُونَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أَفَلا تُبْصِرُونَ أَنَّ الْمَفْرُوضَ لَوْ تَحَقَّقَ بَقِيَ مَعَهُ السَّمْعُ دُونَ الْإِبْصَارِ إِذْ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ لَا تَحْجُبُ السَّمْعَ وَتَحْجُبُ الْبَصَرَ، وَفِي وَجْهِ تَذْيِيلِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=72أَفَلا تُبْصِرُونَ دُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=71أَفَلا تَسْمَعُونَ أَنَّ تَحَقُّقَ الْمَفْرُوضِ وَعَدَمَهُ سِيَّانِ فِي أَمْرِ السَّمْعِ دُونَ الْإِبْصَارِ إِذْ لِضِيَاءِ النَّهَارِ مَدْخَلٌ فِي الْإِبْصَارِ وَلَيْسَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي السَّمْعِ أَصْلًا وَهُوَ كَمَا تَرَى (وَاعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا إِشْكَالًا وَهُوَ أَنَّ جَعْلَ اللَّيْلِ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنْ تَحَقَّقَ لَمْ يُتَصَوَّرِ الْإِتْيَانُ بِضِيَاءٍ أَصْلًا وَكَذَا جَعْلُ النَّهَارِ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنْ تَحَقَّقَ لَمْ يُتَصَوَّرِ الْإِتْيَانُ بِلَيْلٍ كَذَلِكَ، أَمَّا مِنْ غَيْرِهِ تَعَالَى فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مَعْدِنُ الْعَجْزِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَمَّا مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلِاسْتِلْزَامِهِ اجْتِمَاعَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ لَوْ لَمْ يَجْتَمِعَا لَمْ يَتَحَقَّقِ اللَّيْلُ مُسْتَمِرًّا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَكَذَا جَعْلُ النَّهَارِ كَذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْرُوضِ وَاجْتِمَاعُهُمَا مُحَالٌ وَالْمُحَالُ لَا صَلَاحِيَةَ لَهُ لِتَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ فَلَا يُرَادُ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ إِنْ أَرَادَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ فَمَنْ إِلَهٌ غَيْرُهُ تَعَالَى يَأْتِيكُمْ بِخِلَافِ مُرَادِهِ سُبْحَانَهُ بِأَنْ يَقْطَعَ الِاسْتِمْرَارَ فَيَأْتِيَ بِنَهَارٍ بَعْدَ لَيْلٍ وَلَيْلٍ بَعْدَ نَهَارٍ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنَ الْآيَةِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا هُوَ الَّذِي إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ يَأْتِيهِمْ بِخِلَافِ مُرَادِهِ تَعَالَى فَيَقْطَعُ الِاسْتِمْرَارَ وَهُوَ مُشْكِلٌ أَيْضًا لِأَنَّ إِتْيَانَهُ تَعَالَى بِخِلَافِ مُرَادِهِ جَلَّ وَعَلَا مُسْتَلْزِمٌ لِتَخَلُّفِ الْمُرَادِ عَنِ الْإِرَادَةِ وَهُوَ مُحَالٌ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شَيْئًا عَلَى وَجْهِ إِرَادَةٍ لَا تَعْلِيقٍ فِيهَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ غَيْرَ مُعَلِّقٍ لَهُ عَلَى إِرَادَتِهِ عَزَّ شَأْنُهُ خِلَافَهُ لَا يَأْتِيكُمْ بِخِلَافِهِ غَيْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْقَيْدِ لِدَلَالَةِ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ عَلَى أَنَّ الْإِرَادَةَ غَيْرَ الْمُعَلَّقَةِ لَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ بِخِلَافِ مُوجِبِهَا أَصْلًا، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَبُتُّ إِرَادَتَهُ فَجَمِيعُ مَا يُرِيدُهُ جَلَّ شَأْنُهُ مُعَلَّقٌ، وَقِيلَ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ الْمُرَادُ سِوَى أَنَّ آلِهَتَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِنَهَارٍ
[ ص: 109 ] بَعْدَ لَيْلٍ وَلَيْلٍ بَعْدَ نَهَارٍ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى شَأْنُهُ اسْتِمْرَارَ أَحَدِهِمَا، وَإِنَّمَا الْقَادِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى كَوْنِ ذَلِكَ الْإِتْيَانِ مُقَيَّدًا بِتِلْكَ الْإِرَادَةِ فَتَدَبَّرْ