الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا بني أقم الصلاة تكميلا لنفسك، ويروى أنه قال له: يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء صلها، واسترح منها، فإنها دين، وصل في جماعة، ولو على رأس زج، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر تكميلا لغيرك، والظاهر أنه ليس المراد معروفا ومنكرا معينين.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن جبير أنه قال: وأمر بالمعروف يعني التوحيد، وانه عن المنكر يعني الشرك، واصبر على ما أصابك من الشدائد والمحن، لا سيما فيما أمرت به من إقامة الصلاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واحتياج الأخيرين للصبر على ما ذكر ظاهر، والأول لأن إتمام الصلاة والمحافظة عليها قد يشق، ولذا قال تعالى: وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين [البقرة: 45]، وقال ابن جبير : واصبر على ما أصابك في أمر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول: إذا أمرت بمعروف أو نهيت عن منكر، وأصابك في ذلك أذى وشدة فاصبر عليه إن ذلك أي الصبر على ما أصابك عند ابن جبير ، وهو يناسب إفراد اسم الإشارة، وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد منزلته في الفضل، أو الإشارة إلى الصبر، وإلى سائر ما أمر به، والإفراد للتأويل بما ذكر وأمر البعد على ما سمعت، من عزم الأمور أي مما عزمه الله تعالى، وقطعه قطع إيجاب، وروي ذلك عن [ ص: 90 ] ابن جريج، والعزم بهذا المعنى مما ينسب إلى الله تعالى، ومنه ما ورد من عزمات الله عز وجل.

                                                                                                                                                                                                                                      والمراد به هنا المعزوم إطلاقا للمصدر على المفعول، والإضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي الأمور المعزومة.

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز أن يكون العزم بمعنى الفاعل، أي عازم الأمور من عزم الأمر، أي جد فعزم الأمور من باب الإسناد المجازي كمكر الليل لا من باب الإضافة على معنى في، وإن صح، وقيل: يريد من مكارم الأخلاق وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة، واستظهر أبو حيان : إنه أراد من لازمات الأمور الواجبة، ونقل عن بعضهم أن العزم هو الحزم بلغة هذيل، والحزم والعزم أصلان، وما قاله المبرد من أن العين قلبت حاء ليس بشيء لاطراد تصاريف كل من اللفظين، فليس أحدهما أصلا للآخر، والجملة تعليل لوجوب الامتثال بما سبق وفيه اعتناء بشأنه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية