الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : ذلك ومن يعظم شعائر الله فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : فروض الله .

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني : معالم دينه ، ومنه قول الكميت


                                                                                                                                                                                                                                        نقتلهم جيلا فجيلا نراهم شعائر قربان بهم يتقرب



                                                                                                                                                                                                                                        وفيها ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنها مناسك الحج ، وتعظيمها إشعارها ، وهو مأثور عن جماعة .

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني : أنها البدن المشعرة ، وتعظيمها استسمانها واستحسانها ، وهو قول مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        والثالث : أنها دين الله كله ، وتعظيمها التزامها ، وهو قول الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        فإنها من تقوى القلوب قال الكلبي والسدي : من إخلاص القلوب .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل عندي وجها آخر أنه قصد الثواب .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 24 ] ويحتمل وجها آخر أيضا : أنه ما أرضى الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : لكم فيها منافع إلى أجل مسمى فيه ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أن المنافع التجارة ، وهذا قول من تأول الشعائر بأنها مناسك الحج ، والأجل المسمى العود .

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني : أن المنافع الأجر ، والأجل المسمى القيامة ، وهذا تأويل من تأولها بأنها الدين .

                                                                                                                                                                                                                                        والثالث : أن المنافع الركوب والدر والنسل ، وهذا قول من تأولها بأنها الهدي فعلى هذا في الأجل المسمى وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن المنافع قبل الإيجاب وبعده ، والأجل المسمى هو النحر ، وهذا قول عطاء .

                                                                                                                                                                                                                                        ثم محلها إلى البيت العتيق إن قيل إن الشعائر هي مناسك الحج ففي تأويل قوله : ثم محلها إلى البيت العتيق وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : مكة ، وهو قول عطاء .

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني : الحرم كله محل لها ، وهو قول الشافعي .

                                                                                                                                                                                                                                        وإن قيل إن الشعائر هي الدين كله فيحتمل تأويل قوله : ثم محلها إلى البيت العتيق أن محل ما اختص منها بالأجر له ، هو البيت العتيق .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية