الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص [ ص: 395 ] وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله فيه ثلاثة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: يعني من أنصاري مع الله. والثاني: معناه من أنصاري في السبيل إلى الله ، وهذا قول الحسن . والثالث: معناه من ينصرني إلى نصر الله. وواحد الأنصار نصير. قال الحواريون نحن أنصار الله اختلف في تسميتهم بالحواريين على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم سموا بذلك لبياض ثيابهم ، وهذا قول سعيد بن جبير. والثاني: أنهم كانوا قصارين يبيضون الثياب ، وهذا قول ابن أبي نجيح. والثالث: أنهم خاصة الأنبياء ، سموا بذلك لنقاء قلوبهم ، وهذا قول قتادة ، والضحاك. وأصل الحواري: الحور وهو شدة البياض ، ومنه الحواري من الطعام لشدة بياضه ، والحور نقاء بياض العين. واختلفوا في سبب استنصار المسيح بالحواريين على ثلاثة أقاويل: [ ص: 396 ] أحدها: أنه استنصر بهم طلبا للحماية من الكفار الذين أرادوا قتله حين أظهر دعوته ، وهذا قول الحسن ، ومجاهد. والثاني: أنه استنصر بهم ليتمكن من إقامة الحجة وإظهار الحق. والثالث: لتمييز المؤمن الموافق من الكافر المخالف. قوله تعالى: فاكتبنا مع الشاهدين فيه قولان: أحدهما: يعني صل ما بيننا وبينهم بالإخلاص على التقوى. والثاني: أثبت أسماءنا مع أسمائهم لننال ما نالوا من الكرامة. قوله تعالى: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين فيه قولان: أحدهما: أنهم مكروا بالمسيح عليه السلام بالحيلة عليه في قتله ، ومكر الله في ردهم بالخيبة لإلقاء شبه المسيح على غيره ، وهو قول السدي. والثاني: مكروا بإضمار الكفر ، ومكر الله بمجازاتهم بالعقوبة ، وإنما جاز قوله: ومكر الله على مزاوجة الكلام وإن خرج عن حكمه ، نحو قوله: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم [البقرة: 194] وليس الثاني اعتداء ، وأصل المكر: الالتفاف ، ولذلك سمي الشجر الملتف مكرا ، والمكر هو الاحتيال على الإنسان لالتفاف المكروه به. والفرق بين المكر والحيلة أن الحيلة قد تكون لإظهار ما يعسر من غير قصد إلى الإضرار ، والمكر: التوصل إلى إيقاع المكروه به.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية