الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين

                                                                                                                                                                                                قرئ : "الريح " ، و "الرياح " ، بالرفع والنصب فيهما ، فالرفع : على الابتداء ، والنصب على العطف على الجبال .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : وصفت هذه الرياح بالعصف تارة وبالرخاوة أخرى ، فما التوفيق بينهما ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : كانت في نفسها رخية طيبة كالنسيم ، فإذا مرت بكرسيه أبعدت به في مدة يسيرة ؛ على ما قال : غدوها شهر ورواحها شهر [سبأ : 12 ] ، فكان جمعها بين الأمرين أن تكون رخاء في نفسها وعاصفة في عملها ، مع طاعتها لسليمان وهبوبها على حسب ما يريد ويحتكم : آية إلى آية ، ومعجزة إلى معجزة ، وقيل : كانت في وقت رخاء ، وفي وقت [ ص: 160 ] عاصفا ؛ لهبوبها على حكم إرادته ، وقد أحاط علمنا بكل شيء فنجري الأشياء كلها على ما يقتضيه علمنا وحكمتنا .

                                                                                                                                                                                                أي : يغوصون له في البحار فيستخرجون الجواهر ، ويتجاوزون ذلك إلى الأعمال ، والمهن ، وبناء المدائن ، والقصور ، واختراع الصنائع العجيبة ؛ كما قال : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل [سبأ : 13 ] ، والله حافظهم أن يزيغوا عن أمره ، أو يبدلوا أو يغيروا ، أو يوجد منهم فساد في الجملة فيما هم مسخرون فيه .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية