الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 346 ] ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين

                                                                                                                                                                                                البأساء ، والضراء : البؤس ، والضر ، وقيل : البأساء : القحط والجوع ، والضراء : المرض ، ونقصان الأموال والأنفس ، والمعنى : ولقد أرسلنا إليهم الرسل فكذبوهم فأخذناهم لعلهم يتضرعون : يتذللون ، ويتخشعون لربهم ، ويتوبون عن ذنوبهم فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا معناه : نفي التضرع ; كأنه قيل : فلم يتضرعوا إذ جاءهم بأسنا ، ولكنه جاء بـ “ لولا" ; ليفيد أنه لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا عنادهم ، وقسوة قلوبهم ، وإعجابهم بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم فلما نسوا ما ذكروا به : من البأساء والضراء ، أي : تركوا الاتعاظ به ، ولم ينفع فيهم ، ولم يزجرهم فتحنا عليهم أبواب كل شيء : من الصحة ، والسعة ، وصنوف النعمة ; ليزاوج عليهم بين نوبتي الضراء والسراء ، كما يفعل الأب المشفق بولده يخاشنه تارة ، ويلاطفه أخرى ; طلبا لصلاحه حتى إذا فرحوا بما أوتوا : من الخير والنعم ، لم يزيدوا على الفرح والبطر ، من غير انتداب لشكر ، ولا تصد لتوبة واعتذار أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون : واجمون ، متحسرون ، آيسون فقطع دابر القوم : آخرهم لم يترك منهم أحد ، قد استؤصلت شأفتهم والحمد لله رب العالمين : إيذان بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة ، وأنه من أجل النعم ، وأجزل القسم .

                                                                                                                                                                                                وقرئ : " فتحنا " بالتشديد .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية