الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا

                                                                                                                                                                                                                                        قالوا يا ذا القرنين قال مترجمهم وفي مصحف ابن مسعود قال « الذين من دونهم » . إن يأجوج ومأجوج قبيلتان من ولد يافث بن نوح ، وقيل يأجوج من الترك ومأجوج من الجبل . وهما اسمان أعجميان بدليل منع الصرف . وقيل عربيان من أج الظليم إذا أسرع وأصلهما الهمز كما قرأ عاصم ومنع صرفهما للتعريف والتأنيث . مفسدون في الأرض أي في أرضنا بالقتل والتخريب وإتلاف الزرع . قيل كانوا يخرجون أيام الربيع فلا يتركون أخضر إلا أكلوه ولا يابسا إلا احتملوه ، وقيل كانوا يأكلون الناس . فهل نجعل لك خرجا جعلا نخرجه من أموالنا . وقرأ حمزة والكسائي « خراجا » وكلاهما واحد كالنول والنوال . وقيل الخراج على الأرض والذمة والخرج المصدر . على أن تجعل بيننا وبينهم سدا يحجز دون خروجهم علينا وقد ضمه من ضم السدين غير حمزة والكسائي .

                                                                                                                                                                                                                                        قال ما مكني فيه ربي خير ما جعلني فيه مكينا من المال والملك خير مما تبذلون لي من الخراج ولا حاجة بي إليه . وقرأ ابن كثير « مكنني » على الأصل . فأعينوني بقوة أي بقوة فعلة أو بما أتقوى به من الآلات . أجعل بينكم وبينهم ردما حاجزا حصينا وهو أكبر من السد من قولهم ثوب مردم إذا كان رقاعا فوق رقاع .

                                                                                                                                                                                                                                        آتوني زبر الحديد قطعه والزبرة القطعة الكبيرة ، وهو لا ينافي رد الخراج والاقتصار على المعونة لأن الإيتاء بمعنى المناولة ، ويدل عليه قراءة أبي بكر (ردما ائتوني) بكسر التنوين موصولة الهمزة على معنى جيئوني بزبر الحديد ، والباء محذوفة حذفها في (أمرتك الخير) ولأن إعطاء الآلة من الإعانة بالقوة دون الخراج على العمل . حتى إذا ساوى بين الصدفين بين جانبي الجبلين بتنضيدها . وقرأ ابن كثير وابن عامر والبصريان بضمتين ، وأبو بكر بضم الصاد وسكون الدال ، وقرئ فتح الصاد وضم الدال وكلها لغات من الصدف وهو الميل لأن كلا منهما منعزل عن الآخر ومنه التصادف للتقابل . قال انفخوا أي قال للعملة انفخوا في الأكوار والحديد . حتى إذا جعله جعل المنفوخ فيه . نارا كالنار بالإحماء . قال آتوني أفرغ عليه قطرا أي آتوني قطرا أي نحاسا مذابا أفرغ عليه قطرا ، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه . وبه تمسك البصريون على أن إعمال الثاني من العاملين المتوجهين نحو معمول واحد أولى ، إذ لو كان قطرا مفعول آتوني لأضمر مفعول أفرغ حذرا من الإلباس . وقرأ حمزة وأبو بكر (قال أتوني) موصولة الألف .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية