الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام

                                                                                                                                                                                                                                        إذ يغشيكم النعاس بدل ثان من (إذ يعدكم) لإظهار نعمة ثالثة أو متعلق بالنصر أو بما في عند الله من معنى الفعل ، أو بجعل أو بإضمار اذكر . وقرأ نافع بالتخفيف من أغشيته الشيء إذا غشيته إياه والفاعل على القراءتين هو الله تعالى وقرأ ابن كثير وأبو عمرو « يغشاكم النعاس » بالرفع . أمنة منه أمنا من الله ، وهو مفعول له باعتبار المعنى فإن قوله يغشيكم النعاس متضمن معنى تنعسون ، و « يغشاكم » بمعناه ، والـ أمنة فعل لفاعله ويجوز أن يراد بها الإيمان فيكون فعل المغشي ، وأن تجعل على القراءة الأخيرة فعل النعاس على المجاز لأنها لأصحابه ، أو لأنه كان من حقه أن لا يغشاهم لشدة الخوف فلما غشيهم فكأنه حصلت له أمنة من الله لولاها لم يغشهم كقوله :

                                                                                                                                                                                                                                        بهاب النوم أن يغشى عيونا . . . تهابك فهو نفار شرود

                                                                                                                                                                                                                                        وقرئ « أمنة » كرحمة وهي لغة . وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به من الحدث والجنابة .

                                                                                                                                                                                                                                        ويذهب عنكم رجز الشيطان يعني الجنابة لأنها من تخييله ، أو وسوسته وتخويفه إياهم من العطش .

                                                                                                                                                                                                                                        روي أنهم نزلوا في كثيب أغفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء وناموا فاحتلم أكثرهم وقد غلب المشركون على الماء ، فوسوس إليهم الشيطان وقال : كيف تنصرون ، وقد غلبتم على الماء وأنتم تصلون محدثين مجنبين وتزعمون أنكم أولياء الله ، وفيكم رسوله فأشفقوا فأنزل الله المطر ، فمطروا ليلا حتى جرى الوادي واتخذوا الحياض على عدوته وسقوا الركاب واغتسلوا وتوضؤوا ، وتلبد الرمل الذي بينهم وبين العدو حتى ثبتت عليه الأقدام وزالت الوسوسة .

                                                                                                                                                                                                                                        وليربط على قلوبكم بالوثوق على لطف الله بهم . ويثبت به الأقدام أي بالمطر حتى لا تسوخ في الرمل ، أو بالربط على القلوب حتى تثبت في المعركة .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية