الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله عز وجل:

ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين

قالت جماعة من أهل التأويل: هذه المقالة هي من يوسف عليه السلام، أي: ذلك ليعلم العزيز سيدي أني لم أخنه في أهله وهو غائب، وليعلم أيضا أن الله تعالى لا يهدي كيد خائن ولا يرشد سعيه.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله:

والهدى للكيد مستعار، بمعنى: لا يكلمه ولا يمضيه على طريق إصابة، ورب كيد مهدي إذا كان من تقي في مصلحة.

واختلفت هذه الجماعة فقال ابن جريج : هذه المقالة من يوسف عليه السلام هي متصلة بقوله للرسول: إن ربي بكيدهن عليم وفي الكلام تقديم وتأخير؛ فالإشارة بقوله: "ذلك" -على هذا التأويل- هي إلى بقائه في السجن والتماسه البراءة، أي: هذا ليعلم سيدي أني لم أخنه، وقال بعضهم: إنما قال يوسف هذه المقالة حين قالت امرأة العزيز كلامها إلى قولها: وإنه لمن الصادقين ، فالإشارة -على هذا- إلى إقرارها وصنيع الله تعالى فيه. وهذا يضعف؛ لأنه يقتضي حضوره مع النسوة عند الملك، وبعد هذا يقول الملك: ائتوني به .

[ ص: 105 ] وقالت فرقة من أهل التأويل: هذه الآية من قول امرأة العزيز، وكلامها متصل، أي: قولي هذا وإقراري ليعلم يوسف أني لم أخنه في غيبته، بأن أكذب عليه أو أرميه بذنب هو بريء منه، والتقدير -على هذا التأويل-: توبتي وإقراري ليعلم أني لم أخنه وأن الله لا يهدي ... وعلى أن الكلام من يوسف يجيء التقدير: وليعلم أن الله لا يهدي كيد الخائنين.

التالي السابق


الخدمات العلمية