الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول أصل الخون النقص، كما أن أصل الوفاء التمام، واستعماله في ضد الأمانة لتضمنه إياه، أي: لا تخونوهما بتعطيل الفرائض والسنن، أو بأن تضمروا خلاف ما تظهرون، أو في الغلول في الغنائم.

                                                                                                                                                                                                                                      روي أنه - صلى الله عليه وسلم - حاصر بني قريظة إحدى وعشرين ليلة، فسألوا الصلح، كما صالح بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم بأذرعات وأريحاء من الشام، فأبى إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ - رضي الله عنه - فأبوا، وقالوا: أرسل إلينا أبا لبابة، وكان مناصحا لهم؛ لما أن ماله وعياله كانا في أيديهم فبعثه إليهم، فقالوا: ما ترى هل ننزل على حكم سعد، فأشار إلى حلقه: إنه الذبح، قال أبو لبابة: فما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله، فنزلت، فشد نفسه على سارية من سواري المسجد، وقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله علي، فمكث سبعة أيام حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه، فقيل له: قد تيب عليك، فحل نفسك، قال: لا والله، لا أحلها حتى يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يحلني، فجاءه - صلى الله عليه وسلم – فحله، فقال: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي، فقال صلى الله عليه وسلم: "يجزئك الثلث أن تتصدق به" .

                                                                                                                                                                                                                                      وتخونوا أماناتكم فيما بينكم، وهو مجزوم معطوف على الأول، أو منصوب على الجواب بالواو وأنتم تعلمون [ ص: 18 ] أنكم تخونون، أو أنتم علماء تميزون الحسن من القبيح.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية