الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك أي: ذلك التثبيت المؤدي إلى ظهور حقيقة الحال ليعلم أي: العزيز أني لم أخنه في حرمته - كما زعمه - لا علما مطلقا، فإن ذلك لا يستدعي تقديم التفتيش على الخروج من السجن، بل قبل ما ذكر من نقض ما أبرمه، ولعله لمراعاة حقوق السيادة؛ لأن المباشرة للخروج من حبسه قبل ظهور بطلان ما جعله سببا له - وإن كان ذلك بأمر الملك - مما يوهم الافتيات على رأيه، وأما أن يكون ذلك لئلا يتمكن من تقبيح أمره عند الملك تمحلا لإمضاء ما قضاه فلا يليق بشأنه - عليه السلام - في الوثوق بأمره والتوكل على ربه جل جلاله.

                                                                                                                                                                                                                                      بالغيب أي: بظهر الغيب، وهو حال من الفاعل أو المفعول أي: لم أخنه وأنا غائب عنه، أو وهو غائب عنه، أو وهو غائب عني، أو ظرف أي: بمكان الغيب وراء الأستار والأبواب المغلقة، وأيا ما كان فالمقصود بيان كمال نزاهته عن الخيانة وغاية اجتنابه عنها عند تعاضد أسبابها وأن الله أي: وليعلم أنه تعالى لا يهدي كيد الخائنين أي: لا ينفذه ولا يسدده، بل يبطله ويزهقه، أو لا يهديهم في كيدهم إيقاعا للفعل على الكيد مبالغة، كما في قوله تعالى: يضاهئون قول الذين كفروا أي: يضاهئونهم في قولهم، وفيه تعريض بامرأته في خيانتها أمانته، وبه في خيانته أمانة الله تعالى حين ساعدها على حبسه بعدما رأوا آيات نزاهته - عليه السلام - ويجوز أن يكون ذلك لتأكيد أمانته، وأنه لو كان خائنا لما هدى الله - عز وجل - أمره وأحسن عاقبته.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية