الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون

                                                                                                                                                                                                                                      اتل ما أوحي إليك من الكتاب تقربا إلى الله تعالى بقراءته، وتذكرا لما في تضاعيفه من المعاني، وتذكيرا للناس، وحملا لهم على العمل بما فيه من الأحكام، ومحاسن الآداب، ومكارم الأخلاق. وأقم الصلاة أي: داوم على إقامتها، وحيث كانت الصلاة منتظمة للصلوات المكتوبة المؤداة بالجماعة، وكان أمره عليه الصلاة والسلام بإقامتها متضمنا لأمر الأمة بها علل بقوله تعالى: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء [ ص: 42 ] والمنكر كأنه قيل: وصل بهم إن الصلاة تنهاهم عن الفحشاء والمنكر، ومعنى: "نهيها عنهما" أنها سبب للانتهاء عنهما لأنها مناجاة لله تعالى فلا بد أن تكون مع إقبال تام على طاعته، وإعراض كلي عن معاصيه. قال ابن مسعود، وابن عباس ، رضي الله تعالى عنهما: في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله تعالى، فمن لم تأمره صلاته بالمعروف، ولم تنهه عن المنكر لم يزدد بصلاته من الله تعالى إلا بعدا. وقال الحسن، وقتادة : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فصلاته وبال عليه. وروى أنس رضي الله عنه: إن فتى من الأنصار كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يدع شيئا من الفواحش إلا ركبه، فوصف له صلى الله عليه وسلم حاله فقال: إن صلاته ستنهاه فلم يلبث أن تاب وحسن حاله. ولذكر الله أكبر أي: وللصلاة أكبر من سائر الطاعات، وإنما عبر عنها به، كما في قوله تعالى: فاسعوا إلى ذكر الله للإيذان بأن ما فيها من ذكر الله تعالى هو العمدة في كونها مفضلة على الحسنات ناهية عن السيئات. وقيل: ولذكر الله تعالى عند الفحشاء والمنكر، وذكر نهيه عنهما، ووعيده عليهما أكبر في الزجر عنهما. وقيل: ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته. والله يعلم ما تصنعون منه، ومن سائر الطاعات فيجازيكم بها أحسن المجازاة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية