الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 105 ] فبدل الذين ظلموا ؛ بما أمروا به من التوبة؛ والاستغفار؛ بأن أعرضوا عنه؛ وأوردوا مكانه قولا آخر مما لا خير فيه؛ روي أنهم قالوا - مكان "حطة" - حنطة؛ وقيل: قالوا - بالنبطية -: حطا سمقاثا؛ يعنون: حنطة حمراء؛ استخفافا بأمر الله - عز وجل -؛ غير الذي قيل لهم : نعت لـ "قولا"؛ وإنما صرح به؛ مع استحالة تحقق التبديل بلا مغايرة؛ تحقيقا لمخالفتهم؛ وتنصيصا على المغايرة من كل وجه.

                                                                                                                                                                                                                                      فأنزلنا ؛ أي عقيب ذلك؛ على الذين ظلموا ؛ بما ذكر من التبديل؛ وإنما وضع الموصول موضع الضمير العائد إلى الموصول الأول للتعليل؛ والمبالغة في الذم؛ والتقريع؛ وللتصريح بأنهم بما فعلوا قد ظلموا أنفسهم بتعريضها لسخط الله (تعالى).

                                                                                                                                                                                                                                      رجزا من السماء ؛ أي: عذابا مقدرا منها؛ والتنوين للتهويل؛ والتفخيم؛ بما كانوا يفسقون : بسبب فسقهم المستمر؛ حسبما يفيده الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل؛ وتعليل إنزال الرجز به - بعد الإشعار بتعليله بظلمهم - للإيذان بأن ذلك فسق؛ وخروج عن الطاعة؛ وغلو في الظلم؛ وأن تعذيبهم بجميع ما ارتكبوه من القبائح؛ لا بعدم توبتهم فقط؛ كما يشعر به ترتيبه على ذلك بالفاء؛ والرجز في الأصل: ما يعاف عنه؛ وكذلك الرجس؛ وقرئ بالضم؛ وهو لغة فيه؛ والمراد به الطاعون؛ روي أنه مات به في ساعة واحدة أربعة وعشرون ألفا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية