الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم

                                                                                                                                                                                                                                        (127) أي: واذكر إبراهيم وإسماعيل، في حالة رفعهما القواعد من البيت الأساس ، واستمرارهما على هذا العمل العظيم، وكيف كانت حالهما من الخوف والرجاء، حتى إنهما مع هذا العمل دعوا الله أن يتقبل منهما عملهما، حتى يحصل فيه النفع العميم.

                                                                                                                                                                                                                                        (128) ودعوا لأنفسهما، وذريتهما بالإسلام، الذي حقيقته، خضوع القلب، وانقياده لربه المتضمن لانقياد الجوارح. وأرنا مناسكنا أي: علمناها على وجه الإراءة [ ص: 93 ] والمشاهدة، ليكون أبلغ، يحتمل أن يكون المراد بالمناسك: أعمال الحج كلها ، كما يدل عليه السياق والمقام، ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعم من ذلك وهو الدين كله، والعبادات كلها، كما يدل عليه عموم اللفظ، لأن النسك: التعبد، ولكن غلب على متعبدات الحج، تغليبا عرفيا، فيكون حاصل دعائهما، يرجع إلى التوفيق للعلم النافع، والعمل الصالح، ولما كان العبد - مهما كان - لا بد أن يعتريه التقصير، ويحتاج إلى التوبة قالا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .

                                                                                                                                                                                                                                        (129) ربنا وابعث فيهم أي: في ذريتنا رسولا منهم ليكون أرفع لدرجتهما، ولينقادوا له، وليعرفوه حقيقة المعرفة. يتلو عليهم آياتك لفظا، وحفظا، وتحفيظا ويعلمهم الكتاب والحكمة معنى، ويزكيهم بالتربية على الأعمال الصالحة والتبري من الأعمال الردية، التي لا تزكو النفوس معها. إنك أنت العزيز أي: القاهر لكل شيء، الذي لا يمتنع على قوته شيء. الحكيم الذي يضع الأشياء مواضعها، فبعزتك وحكمتك، ابعث فيهم هذا الرسول. فاستجاب الله لهما، فبعث الله هذا الرسول الكريم، الذي رحم الله به ذريتهما خاصة، وسائر الخلق عامة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: " أنا دعوة أبي إبراهيم ".

                                                                                                                                                                                                                                        ولما عظم الله إبراهيم هذا التعظيم، وأخبر عن صفاته الكاملة قال تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية