الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ثم يقول ) مصل إماما كان أو غيره ( قائما مع قدرة ) على قيام ( لمكتوبة : الله أكبر ) لا تنعقد الصلاة بغيره نصا لحديث أبي حميد الساعدي { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة استقبل القبلة ، ورفع يديه وقال : الله أكبر } رواه ابن ماجه ، وصححه ابن حبان ، قال في شرحه : من غير دعاء قبل ذلك ، قيل لأحمد : قبل التكبير تقول شيئا قال : لا يعني ليس قبله دعاء مسنون ، إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله تعالى عنهم أجمعين ، ا هـ .

                                                                          وتقدم لك كلامه في آخر الأذان . ويكون التكبير ( مرتبا متواليا ) فلا يجزئ : أكبر الله ، ولا إن سكت بينهما [ ص: 184 ] ما يمكن فيه كلام ; لأنه لم ينقل ، وتسمى تكبيرة الإحرام ; لأنه يدخل بها في عبادة يحرم بها أمور ، والإحرام الدخول في حرمة لا تنتهك ، وحكمة افتتاح الصلاة بهذا اللفظ : استحضار المصلي عظمة من تهيأ لخدمته ، والوقوف بين يديه ليمتلئ هيبة فيحضر قلبه ويخشع ولا يغيب .

                                                                          ( فإن أتى به ) أي بتكبير الإحرام كله غير قائم ، بأن قال وهو قاعد أو راكع ونحوه : الله أكبر ( أو ابتدأه ) أي التكبير غير قائم ، كأن ابتدأه قاعدا وأتمه قائما ( أو أتمه غير قائم ) ، بأن ابتدأه قائما وأتمه راكعا مثلا ( صحت ) صلاته ( نفلا ) ; لأن ترك القيام يفسد الفرض فقط دون النفل فتنقلب به صلاته نفلا ( إن اتسع الوقت ) لإتمام النفل والفرض كله قبل خروجه ، وإلا استأنف الفرض قائما ( وتنعقد ) الصلاة ( إن مد اللام ) أي لام الجلالة ; لأنها ممدودة ، فغايته : زيادتها من غير إتيان بحرف زائد .

                                                                          و ( لا تنعقد إن مد همزة الله ، أو ) مد همزة ( أكبر ) ; لأنه يصير استفهاما فيختل المعنى ( أو قال : أكبار ) ; لأنه جمع كبر . بفتح الكاف . وهو الطبل ( أو ) قال الله ( الأكبر ) لحديث أبي حميد وغيره ، وكذا لو قال : الله الكبير أو الجليل ونحوه ، أو قال : أقبر ، أو الله فقط ، أو أكبر فقط ، وفي : الله الأكبر وجه تنعقد ; لأنه لا يغير المعنى ( ويلزم جاهلا ) بالتكبيرة ( تعلمها ) إن قدر عليه في مكانه وما قرب منه .

                                                                          وفي التلخيص : إن كان في البادية لزمه قصد البلد لتعلمه ، ولا تصح إن كبر بلغته ، مع قدرة على تعلم ; لأنه ذكر واجب في الصلاة لا تصح إلا به فلزمه تعلمه كالفاتحة ( فإن عجز ) عن تعلم التكبير ( أو ضاق الوقت عنه ، كبر بلغته ) لقوله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } والقراءة متعبد بها ( وإن عرف لغات فيها ) أي اللغات ( أفضل ) من غيره ( كبر به ) أي الأفضل

                                                                          قال في المنور على المحرر : يقدم السرياني ، ثم الفارسي ، ثم التركي ، وصححه في الإنصاف ( وإلا ) بأن لم يكن بعضها أفضل من بعض ، كالتركي والهندي ( ف ) إنه ( يخير ) فيكبر بما شاء منهما ( وكذا كل ذكر واجب ) كتسميع وتحميد وتسبيح وتشهد وسلام ، فيلزمه تعلمه إن قدر ، وإلا أتى به بلغته ، وإن عرف لغات ، فكما تقدم ، بخلاف القراءة .

                                                                          وتأتي ( وإن علم البعض ) من ذلك كله ، كلفظ : الله ، أو أكبر ، أو سبحان ، ونحوه ( أتى به ) لحديث [ ص: 185 ] { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } وترجم عن الباقي ( وإن ترجم عن ) ذكر ( مستحب بطلت ) صلاته ; لأنه كالكلام الأجنبي منها ، للاستغناء عنه . وإن زاد عارف بعربية على التكبير ، كقوله : الله أكبر كبيرا ، أو الله أكبر وأعلم ، أو أجل ونحوه كره .

                                                                          ( ويحرم أخرس ونحوه ) كعاجز عن نطق لمرض ومقطوع لسان ( بقلبه ) ولا يحرك لسانه ، قال الشيخ تقي الدين : ولو قيل ببطلان صلاته بذلك ، لكان أقرب . وكذا حكم القراءة ، وباقي الأذكار ، والتشهد والتسليم ، والتكبير من الصلاة . لحديث مسلم في الصلاة { إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن }

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية