الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ويسن تكفين رجل في ثلاث لفائف بيض من قطن ) لحديث { عائشة قالت : كفن النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية جدد يمانية ليس فيها قميص ولا عمامة أدرج فيها إدراجا } متفق عليه ، زاد مسلم في رواية { وأما الحلة فاشتبه على الناس فيها أنها اشتريت ليكفن بها ، فتركت الحلة ، وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية } [ ص: 355 ]

                                                                          ( وكره ) تكفين رجل ( في أكثر ) من ثلاثة أثواب لأنه وضع للمال في غير وجهه .

                                                                          ( و ) كره ( تعميمه ) أي الميت لحديث عائشة ( تبسط ) أي الثلاث لفائف ( على بعضها واحدة فوق أخرى ) ليوضع الميت عليها مرة واحدة ( بعد تبخيرها ) بعود ونحوه ثلاثا .

                                                                          قاله في الكافي وغيره بعد رشها بنحو ماء ورد لتعلق رائحة البخور بها إن لم يكن الميت محرما ( وتجعل ) اللفافة ( الظاهرة ) وهي السفلى من الثلاث ( أحسنها ) لأن عادة الحي جعل الظاهر من ثيابه أفخرها ، فكذا الميت ( و ) يجعل ( الحنوط ، وهو أخلاط من طيب ) ولا يقال في غير طيب الميت ( فيما بينها ) أي يذر بين اللفائف ( ثم يوضع ) الميت ( عليها ) أي اللفائف مبسوطة ( مستلقيا ) لأنه أمكن لإدراجه فيها .

                                                                          ويجب ستره حال حمله بثوب ، ويوضع متوجها ندبا ( ويحط من قطن محنط ) أي فيه حنوط ( بين أليتيه ) أي الميت ( وتشد فوقه ) أي القطن ( خرقة مشقوقة الطرف ، كالتبان ) وهو السراويل بلا أكمام ( تجمع ) الخرقة ( أليتيه ومثانته ) أي الميت ، لرد الخارج وإخفاء ما ظهر من الروائح ( ويجعل الباقي ) من قطن محنط ( على منافذ وجهه ) كعينيه وفمه وأنفه وعلى أذنيه ( و ) يجعل منه على ( مواضع سجوده ) جبهته ويديه وركبتيه وأطراف قدميه تشريفا لها ،

                                                                          وكذا مغابنه كطي ركبتيه وتحت إبطيه وسرته ; لأن ابن عمر كان يتتبع مغابن الميت ومرافقه بالمسك ( وإن طيب ) الميت ( كله فحسن ) لأن أنسا طلى بالمسك ، وطلى ابن عمر ميتا بالمسك .

                                                                          وذكر السامري : يستحب تطييب جميع بدنه بالصندل والكافور ، ولدفع الهوام ( وكره ) تطيب ( داخل عينيه ) أيضا ، لأنه يفسدهما ( ك ) ما ( يكره ) تطييبه ( بورس وزعفران ) لأن العادة غير جارية بالتطييب به ، وإنما يستعمل لغذاء أو زينة .

                                                                          ( و ) كره ( طليه ) أي الميت ( بما يمسكه ، كصبر ) بكسر الموحدة وتسكن في ضرورة الشعر ( ما لم ينقل ) الميت لحاجة دعت إليه فيباح للحاجة .

                                                                          ( ثم يرد طرف ) اللفافة ( العليا من الجانب الأيسر ) للميت ( على شقه الأيمن ثم ) يرد ( طرفها ) أي اللفافة العليا ( الأيمن على ) شق الميت ( الأيسر ) كعادة الحي ( ثم ) يرد طرف اللفافة ( الثانية ) كذلك ( ثم ) يرد ( الثالثة كذلك ) فيدرجه فيه إدراجا ( ويجعل أكثر الفاضل ) من اللفائف عن الميت ( مما عند رأسه ) [ ص: 356 ] لشرفه على الرجلين ( ثم يعقدها ) لئلا تنتشر .

                                                                          ( وتحل ) العقد ( في القبر ) قال ابن مسعود : " إذا أدخلتم الميت للحد فحلوا العقد " رواه الأثرم لأمن انتشارها فإن نسي الملحد أن يحلها نبش ولو بعد تسوية التراب عليه قريبا ، وحلت لأنه سنة .

                                                                          ذكره أبو المعالي وغيره ( وكره تخريقها ) أي اللفائف لأنه إفساد وتقبيح للكفن مع الأمر بتحسينه .

                                                                          قال أبو الوفاء : ولو خيف نبشه وجوزه أبو المعالي مع خوف نبشه .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية