الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم قال أبو بكر : لما كان الحرج الضيق ونفى الله عن نفسه إرادة الحرج بنا ، ساغ الاستدلال بظاهره في نفي الضيق وإثبات التوسعة في كل ما اختلف فيه من أحكام السمعيات ، فيكون القائل بما يوجب الحرج والضيق محجوجا بظاهر هذه الآية ، وهو نظير قوله تعالى : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقوله تعالى : ولكن يريد ليطهركم يحتمل معنيين : الطهارة من الذنوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا توضأ العبد فغسل وجهه خرجت ذنوبه من وجهه ، وإذا غسل يديه خرجت ذنوبه من يده إلى آخره ، كما قال تعالى : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا يحتمل التطهير من الذنوب ويحتمل التطهير من الأحداث والجنابة والنجاسة ، كقوله تعالى : وإن كنتم جنبا فاطهروا وقوله تعالى : وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان فانتظم لطهارة الجنابة والطهارة من النجاسة ، وقوله تعالى : وثيابك فطهر فلما احتمل المعنيين فالواجب حمله عليهما ، فيكون المراد حصول الطهارة على سقوط اعتبار الترتيب وإيجاب النية في الوضوء .

فإن قيل : لما ذكر ذلك عقيب التيمم فينبغي أن يدل على سقوط اعتبار النية في التيمم كما دل على سقوطها في الوضوء . قيل له : لما كان التيمم يقتضي إحضار النية في فحواه ومقتضاه علمنا أنه لم يرد به إسقاط ما انتظمه ، وأما الوضوء والغسل فلا يقتضيان النية فوجب اعتبار عمومه فيهما . وعلى أن قوله : ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم كلام مكتف بنفسه غير مفتقر إلى تضمينه بغيره ، فصح اعتبار عمومه في جميع ما انتظمه لفظه إلا ما قام دليل خصوصه .

التالي السابق


الخدمات العلمية