الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وقالوا اتخذ الله ولدا .

                                                                                                                                                                                                                                      اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنها نزلت في اليهود إذ جعلوا عزيرا ابن الله ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنها نزلت في نصارى نجران حيث قالوا: عيسى ابن الله ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أنها في النصارى ومشركي العرب ، لأن النصارى قالت: عيسى ابن الله ، والمشركين قالوا: الملائكة بنات الله ، ذكره إبراهيم بن السري .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: أنها في اليهود والنصارى ومشركي العرب ، ذكره الثعلبي .

                                                                                                                                                                                                                                      فأما القنوت; فقال الزجاج: هو في اللغة بمعنيين . أحدهما: القيام . والثاني: الطاعة . والمشهور في اللغة والاستعمال أن القنوت: الدعاء في القيام ، فالقانت: القائم بأمر الله . ويجوز أن يقع في جميع الطاعات ، لأنه إن لم يكن قيام على الرجلين; فهو قيام بالنية ، وقال ابن قتيبة: لا أرى أصل القنوت [ ص: 136 ] إلا الطاعة ، لأن جميع الخلال من الصلاة ، والقيام فيها والدعاء وغير ذلك يكون عنها .

                                                                                                                                                                                                                                      وللمفسرين في المراد بالقنوت هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها: أنه الطاعة ، قاله ابن عباس ، وابن جبير ، ومجاهد ، وقتادة . والثاني: أنه الإقرار بالعبادة ، قاله عكرمة ، والسدي . والثالث: القيام ، قاله الحسن ، والربيع .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي معنى القيام قولان . أحدهما: أنه القيام له بالشهادة بالعبودية . والثاني: أنه القيام بين يديه يوم القيامة . فإن قيل: كيف عم بهذا القول وكثير من الخلق ليس له بمطيع؟ فعنه ثلاثة أجوبة . أحدها: أن يكون ظاهرها ظاهر العموم ، ومعناها معنى الخصوص . والمعنى: كل أهل الطاعة له قانتون . والثاني: أن الكفار تسجد ظلالهم لله بالغدوات والعشيات ، فنسب القنوت إليهم بذلك . والثالث: أن كل مخلوق قانت هل بأثر صنعه فيه ، وجري أحكامه عليه ، فذلك دليل على ذله للرب . ذكرهن ابن الأنباري .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية