الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما . النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ادعوهم لآبائهم قال ابن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، حتى نزلت ادعوهم لآبائهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 352 ] قوله تعالى: هو أقسط أي: أعدل، فإن لم تعلموا آباءهم أي: إن لم تعرفوا آباءهم فإخوانكم أي: فهم إخوانكم، فليقل أحدكم: يا أخي، ومواليكم قال الزجاج: أي: بنو عمكم ويجوز أن يكون ( مواليكم ) أولياءكم في الدين .

                                                                                                                                                                                                                                      وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به فيه ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: فيما أخطأتم به قبل النهي، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: في دعائكم من تدعونه إلى غير أبيه وأنتم ترونه كذلك، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : فيما سهوتم فيه، قاله حبيب بن أبي ثابت .

                                                                                                                                                                                                                                      فعلى الأول يكون معنى قوله: ولكن ما تعمدت قلوبكم أي: بعد النهي . وعلى الثاني والثالث : ما تعمدت في دعاء الرجل إلى غير أبيه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم أي: أحق، فله أن يحكم فيهم بما يشاء، قال ابن عباس: إذا دعاهم إلى شيء، ودعتهم أنفسهم إلى شيء، كانت طاعته أولى من طاعة أنفسهم; وهذا صحيح، فإن أنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم، والرسول يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 353 ] قوله تعالى: وأزواجه أمهاتهم أي: في تحريم نكاحهن على التأبيد، ووجوب إجلالهن وتعظيمهن; ولا تجري عليهن أحكام الأمهات في كل شيء، إذ لو كان كذلك لما جاز لأحد أن يتزوج بناتهن، ولورثن المسلمين، ولجازت الخلوة بهن . وقد روى مسروق عن عائشة أن امرأة قالت: يا أماه، فقالت: لست لك بأم; إنما أنا أم رجالكم; فبان بهذا الحديث أن معنى الأمومة تحريم نكاحهن فقط . وقال مجاهد " وأزواجه أمهاتهم " وهو أب لهم . وما بعد هذا مفسر [ ص: 354 ] في آخر (الأنفال) إلى قوله تعالى: من المؤمنين والمهاجرين والمعنى أن ذوي القرابات بعضهم أولى بميراث بعض من أن يرثوا بالإيمان والهجرة كما كانوا يفعلون قبل النسخ إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا [وهذا استثناء ليس من الأول، والمعنى: لكن فعلكم إلى أوليائكم معروفا] جائز، وذلك أن الله تعالى لما نسخ التوارث بالحلف والهجرة، أباح الوصية للمعاقدين، فللإنسان أن يوصي لمن يتولاه بما أحب من ثلثه . فالمعروف ها هنا: الوصية .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: كان ذلك يعني نسخ الميراث بالهجرة ورده إلى ذوي الأرحام في الكتاب يعني اللوح المحفوظ مسطورا أي: مكتوبا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية